مجلة المقتبس/العدد 51/أصل الدروز
→ جبل الدروز وفتنتهم | مجلة المقتبس - العدد 51 أصل الدروز [[مؤلف:|]] |
السجل المعلق ← |
بتاريخ: 1 - 5 - 1910 |
ينسب الدروز إلى رجل يقال له محمد بن إسماعيل الدرزي كان أحد أصحاب دعوة الحكام بأمر الله العبيدي ويسمى في كتب هذه الطائفة نشتكين الدرزي والدرزي بالفتح معناه الخياط فارسي معرب والعامة تضم الدال ويقولون في الجمع الدروز والصواب الدرزة محركة. أما الحاكم هذا فإنه سادس خليفة من خلفاء الدولة العبيدية ويقال لهم الفاطميون ولقبه الحاكم بأمر الله وكنيته أبو علي واسمه المنصور بن العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن عبيد الله المهدي.
واختلف المؤرخون في صحة نسبهم فبعضهم صححه وجعله متصلاً بفاطمة الزهراء عليها السلام ونسب عبيد الله المهدي إلى محمد الحبيب بن جعفر المصدق بن محمد المكتوم ابن إسماعيل بن جعفر الصادق. وطعن أكثر العلماء والمؤرخين في هذه النسبة وجعلوا نسبهم متصلاً بالحسين بن محمد بن أحمد القداح وكان مجوسياً وقيل يهودياً فقالوا أن أمهم فاطمة بن عبيد اليهودي واسم المهدي هذا سعيد ولقبه عبيد الله وزوج أمه الحسين ابن محمد بن أحمد بن عبيد الله القداح بن ميمون بن ديصان وقيل هو سعيد بن أحمد بن عبد الله القداح بن ميمون وميمون هذا هو صاحب كتاب الميزان في نصرة الزندقة كان يظهر التشيع لآل البيت ونشأ لميمون عبد الله وكان يعالج العيون التي نزل إليها الماءُ بالقدح (هو إخراج الماء الفاسد منها) وتعلم عبد الله من أبيه ميمون الحيل وأطلعه أبوه على أسرار الدعوة آل البيت ثم سار القداح من نواحي كرج وأصفهان إلى الأهواز والبصرة ثم إلى سلمية من أعمال سورية يدعو إلى آل البيت.
ثم توفي القداح وقام ابنه أحمد مقامه وتوفي أحمد وقام مقامه ابنه محمد ثم قام بعده ابنه الحسين وكان ببغداد فسار إلى سلمية حيث كان له بها ودائع وأموال من ودائع جدع عبد الله القداح وكان يدعي أنه الوصي وصاحب الأمر والدعاة باليمن والمغرب يكاتبونه ويراسلونه واتفق أنه جرى بحضرته حديث النساء بسلمية فوصفوا له امرأة رجل يهودي حداد مات عنها زوجها وهي في غاية الحسن والجمال فتزوجها الحسين المذكور ولها ولد من اليهودي يماثلها في الجمال فأحبها وأحب ابنها وأدبه وعلمه العلم فتعلم وصارت له نفس عظيمة وهمة كبيرة ومات الحسين ولم يكن له ولد فعهد إلى ابن اليهودي الحداد وهو عبيد الله المهدي وعرفه أسرار الدعوة من قول وفعل وأعطاه الأموال والعلامات فدعا له الدعاة.
قال ابن خلدون: ولا يلتفت لإنكار هذا النسب لأن إغراء المعتضد لابن الأغلب بالقيروان وابن مدرار بسلجماسة بالقبض على عبيد الله لما سار إلى المغرب وشعر الشريف الرضي في قوله:
ما مقامي على الهوان وعندي ... مقول صارم وأنف حمي
ألبس الذل في بلادي الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي
من أبوه أبي ومولاه مولا ... ي إذا ضامني البعيد القصي
لفَّ عرقي بعرقه سيد الن ... اس جميعاً محمد وعلي
إن ذلي بذلك الجد عز ... وأمي بذلك الربع ري
شاتهد بصحة نسبهم وأما المحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر القداح في نسبهم وشهد فيه أعلام الأئمة فهي شهادة على السماع.
وبدأت دولة الفاطميين من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين إلى سنة سبع وستين وخمسمائة وفي أيامهم كثرت الرافضة واستحكم أمرهم ووضعت المكوس على الناس واقتدى بهم غيرهم وأفسدت عقائد طوائف من أهل الجبال الساكنين في ثغور الشام كالنصيرية والدرزية. والحشيشية من نوعهم.
وكانت أحوال الحاكم بأمر الله متناقضة فعنده شجاعة وجبن ومحبة للعلماء وانتقام منهم وميل إلى أهل الصلاح وقتلهم وسخاءٌ وبخل بالقليل. لقب نفسه الحاكم بأمر الله ولما زاد ظلمه عنَّ له أن يدعي الإلوهية اقتداءً بفرعون فأخذ يمهد لذلك المقدمات فلقب نفسه الحاكم بأمره وأمر الخطباءَ بأن يقرءوا بدل البسملة (باسم الحاكم المحيي المميت) وصار يدعي علم المغيبات باتفاق اعتمده من العجائز اللواتي يدخلن بيوت الأمراء وعنده من دعاته رجلان أعجميان من دعاة الباطنية أحدهما يقال له محمد بن إسماعيل الدرزي وثانيهما يقال له حمزة بن علي بن أحمد أما الأول فإنه قدم إلى مصر في أواخر سنة سبع وأربعمائة ودخل في خدمة الحاكم ووافقه على إثبات دعوته بالإلوهية وصنف له كتاباً كتب فيه أن روح آدم انتقلت إلى علي بن أبي طالب ومنه إلى أسلاف الحاكم متقمصة من واحد إلى آخر حتى انتهت إلى الحاكم وقرأ هذا الكتاب في الجامع الأزهر بالقاهرة فهجم الناس على مؤلفه ليقتلوه ففر منهم وحدث شغب عظيم في القاهرة ونهبوا بيت الدرزي وقتلوا كثيرين من أصحابه فأرسله الحاكم سراً إلى بر الشام فنزل بوادي التيم بالقرب من جبل الشيخ وهناك نادى بإلوهية الحاكم وكان الأمراء التنوخيون الذين أتوا من العراق إلى الشام من الباطنية ولذلك كانوا مستعدين لقبول دعوة الدرزي فانقادوا إليها ومن ذلك تسميتهم بالدروز. وقتل الدرزي المذكور في وقعة مع التتر سنة إحدى وعشرة وأربعمائة.
وثانيهما حمزة بن علي بن أحمد وكان وقع الخلاف بينه وبين الدرزي وبعده تقدم مكانه ودعا بإلوهية الحاكم فأجابه البعض واتخذ معبداً سرياً لعبادة الحاكم وجعل نفسه ثانياً له فهو مقدس ومحترم عند القائلين بإلوهية الحاكم يلقب عندهم بهادي المستجيبين وحجة القائم وغير ذلك. وهم يكرهون محمد الدرزي ويشتمونه ويكرهون التسمية باسمه لما أنه أراد أن يغتصب منصب حمزة ويتقدم عليه بما فعله كما يعلم من رسالة الغاية والنصيحة من كتبهم. ولما قتل الحاكم قرب حلوان زعم الدروز أنه خرج في ليلة منفرداً إلى البركة الزرقاء ومن هناك عرج إلى السماء متخفياً عن أعين الناس وكتب حمزة بعد وفاة الحاكم الرسالة المسماة بالسجل المعلق وعلقها على أبواب الجامع وفيها يقول أن الحاكم اختفى امتحاناً لإيمان المؤمنين وشرع حمزة يزرع في القلوب بذر الاعتقاد بإلوهية الحاكم وتوحيده وعبادته ويجتمع هو وأتباعه في المعبد السري يعبدون الحاكم حتى ثارت عليهم المسلمون وظفروا بهم وطردوهم ففروا من مصر ونزل بعضهم في الجبل الأعلى من الديار الحلبية وبعضهم في جهة حوران ثم تفرقوا من هناك فذهب بعضهم إلى جبل الشوف والآخر إلى وادي التيم ولم يزالوا في نمو وازدياد إلى هذا العصر.
للدروز عادات قديمة توارثوها منها أن لهم قضاة منهم يحكمون في المعاملات المدنية الجارية بينهم على مقتضى الشريعة غير أنهم يخالفونها في بعض المعاملات بحكم العادة الموروثة فلا يسوغ لأحدهم مثلاً أن يوصي بجميع ماله لأحد أولاده ويحرم الباقي من ميراثه إن كان هذا المال الموصى به من كسب يده وأما إذا كان متنقلاً غليه بطريق الإرث عن آبائه وأجداده فلا يسوغ له لأنه حينئذ يكون من حقوق الأسرة والأصول والفروع متساويان فيه فللورثة استحقاق في تقسيم هذا المال.
ومنها أن المرأة لا ترث شيئاً من دار أبيها حتى أن هذه العادة سرت إلى مجاوريهم في الجبل من بقية الطوائف. وكذا يخالفون في النكاح والطلاق إذ لهم في ذلك أصول خاصة لا يجوز عندهم الجمع بين امرأتين فإن لم يطلق التي عنده لا يمكنه التزوج بغيرها وتطلق المرأة بأدنى سبب ولا يجوز عندهم رد المطلقة ولو كان بعد زوج آخر.
ويخالفون في عقائدهم عقائد الفرق من أرباب الديانات لكنهم يستترون بين المسلمين بالإسلام ويتزيون بزي أهله والأحرى أن نقول أنهم يتظاهرون بالتبعية لمن يكونوا تبعاً له وأما في الباطن فإنهم ينكرون الأنبياء عليهم السلام وينسبونهم إلى الجهل وأنهم كانوا يشيرون إلى توحيد العدم وما عرفوا المولى ويشنعون بالطعن على جميع أرباب الديانات من المسلمين والنصارى واليهود والديانة الحقة عندهم هي عبارة عن توحيد الحاكم ويفترض عندهم صدق اللسان بدل الصوم وحفظ الإخوان بدل الصلاة ولكن لا يجوزون مراعاة ذلك لغير أفراد ملتهم.
ويقرءون القرآن ويؤولونه بتأويلات تناقض الشرع ويذهبون إلى قدم العالم تبعاً لبعض الفلاسفة ويقولون بالتناسخ معبرين عنه بالتقمص فالجسد يسمى قميصاً عندهم وإن الميت حين موته تنتقل روحه إلى من يولد وقتئذ فالأرواح الإنسانية لا تنتقل عندهم إلا قوالب إنسانية ويقولون أن الهوية الإلهية تنتقل في قالب وتحل في قالب آخر في كل عصر فتتجلى في كل زمن وتجلت أخيراً في الحاكم وأن حمزة أيضاً ظهر في كل عصر بقالب ففي زمان كان فيثاغورس الحكيم وفي زمان كان شعيباً وفي زمان كان سليمان بن داود وفي زمان كان المسيح الحق فهو النبي الكريم عندهم. وحمزة العصر المحمدي هو سلمان الفارسي.
ويزعمون أن القرآن قد أوحي حقيقة إلى سلمان الفارسي وأنه كلامه ومحمد (عليه الصلاة والسلام) أخذه وتلقاه منه حتى زعموا بأن خطاب لقمان الذي خطب به ولده في معرض الوصية بقوله: يا بنيَّ أقم الصلاة وأُمر بالمعروف وانه عن المنكر هو خطاب سليمان لمحمد والتعبير بالنبوة إنما هو من خطاب المعلم للمتعلم.
ويقسمون إلى قسمين العقال والجهال ويقال لهم أيضاً العوام ونسائهم أيضاًَ ينقسمن إلى قسمين عاقلات وجاهلات فيقال للعاقلة جويدة وللجاهلة غير جويدة والعقال طبقتان طبقة الخاصة هي التي يعتمد عليها ويوثق بها حقاً إذ أنها حصلت على تمام المعرفة بأسرار الديانة وطبقة العامة وهي التي يحسن الظن بها وأما الجهال فلا حظ لهم من الديانة سوى الدخول تحت اسم الدرزية وأينما وجد هؤلاء العقال تتخذ هناك معابد للعبادة تسمى بالخلوة وهي حجرة ضمن حجرة وفي كل ليلة جمعة يلتئم أهل كل طبقة في الخلوة الخاصة بهم ويجتمعون جميعاً في الخلوة الخارجية فيقرءون شيئاً من المواعظ ومن هؤلاء العقال طبقة أتقياء يقال لهم المتنزهون وهم مثابرون على العبادة والورع ومنهم من لم يتزوج ومنهم من لم يأكل لحماً مدة حياته ومنه من هو صائم كل يوم ولهم زيادة احتياط في التورع حتى أنهم لا يذوقون شيئاً من بيت أحد من غير العقال والعقال جميعهم يعتقدون أو أموال الحاكم والأمراء حرام فلا يأكلون شيئاً من طعامهم ولا من طعام خدمهم حتى ولا من طعام حمل دابة مشتراة من مال حاكم لكنهم يستحلون أموال التجار من أي جهة كانت فإن حصل بين أيديهم شيءٌ من مال اعتقدوا حرمته يذهبون به إلى أحد التجار فيستبدلونه منه وينزهون ألسنتهم عن ألفاظ الفحش والبذاءة ويتجنبون الإسراف لأنه يورث نقصاً في أخلاق الموحدين عندهم.
ويحرص الدروز جداً على كتمان عقائدهم ولذلك يعبرون عن مرامهم في لغتهم ورسائلهم بطريق الرمز والكناية ويذكرون مباحث من علم الكلام وبعض مقالات غلاة المتصوفة وتأويلات الرافضة والملاحدة وخصوصاً الإسماعيلية من غلاة الشيعة ثم أنهم لاعتقادهم التناسخ وهو التقمص يزعمون أنه إذا مات أحد من كبار العقال الذين يعتقدون بولايتهم تذهب روحه إلى جهة الصين ويحل في قالب ولها يزعمون أن لهم وراء جبل الصين كثيراً من الأولياء ويعتقدون أنه كان قبل عالم الإنس عالم الجن والحن والرم وعوالم أخر ويقولون أنه كان قبل دور الحاكم دوراً وكل دور أربعة آلاف ألف سنة أربعة ملايين وتسعمائة ألف سنة فيكون قد مضى من مبدأ الخليقة إلى دور الحاكم ثلاثمائة ألف ألف سنة وثلاثة وأربعون ألف ألف سنة ثلاثمائة وثلاثة وأربعون مليون سنة وأول الأدوار دور العلي وآخرها دور الحاكم وهو دور القيامة ويثبتون لكل دور من السبعين دوراً سبعة نطقاء وسبعة أوصياء وسبعة أئمة فيكون مجموع النطقاء لجميع الأدوار أربعمائة والأوصياء كذلك والأئمة كذلك والناطق هو الرسول والوصي هو الأساس ويقولون أن أصحاب التكليف في كل عصر ستة كما كانوا أولوا العزم خمسة في كل دور كما أنهم خمسة في هذا الدور الأخير قالوا وإنما كانوا خمسة لا غير لأن القوة في النهاية عند الخامس من كل شيءٍ ففي المقامات الربانية كانت عند الخامس وهو الحاكم وفي النطقاء انتهى العزم عند الخامس (يعنون به محمداً عليه الصلاة والسلام) وفي الأوصياء عند الخامس (يعنون به علياً كرم الله وجهه) وفي الأئمة عند الخامس (يعنون به محمد بن عبد الله القداح) وينتظرون ظهور يأجوج ومأجوج من داخل الصين ويحترمونه ويقولن يأتي هؤلاء القوم الكرام بألفي ألف وخمسمائة ألف من العساكر إلى مكة وفي صباح اليوم الثاني يتجلى لهم الحاكم بأمره من ركن البيت اليماني ويهدد الناس بسيف مذهب في يده ثم يعطيه حمزة وهو أيضاًَ يقتل الكلب والخنزير ثم يهدم الكعبة ويعطي الدروز حكومة الأرض جميعها ويستخدم بقية الناس في حكم الرعية.
وبعد فإن لهم مواجب دينية وفرائض توحيدية أوجبوا على جميع أهل ملتهم حفظها ومعرفتها والعمل بها وسترها عن غير أهلها وهي أربع وخمسون فريضة. منها عشر مقامات ربانية وهم العلي والبار وأبو زكريا وعلي المعل والقائم والمنصور والمعز والعزيز والحاكم وكلهم إله واحد. ومنها أربع تظاهر الباري بها وهي الهيئة والاسم والنطق والفعل فالهيئة هي الصورة التي ظهر بها والاسم هو اسم الحاكم الذي تسمى به والنطق هو المجالس والسجلات التي يتكلم بها وتصدر عنه والفعل هي المعجزات التي كانت تصدر منه كقهر ملوك وقتل الجبابرة وظهوره بين الأعداء وحده وخروجه أيضاً وحده في أنصاف الليالي وظهوره في الحر الشديد وقت الهاجرة مع عدم تأثير الشمس في وجهه وعدم رؤية ظل له في ضوء الشمس والقمر وغير ذلك من الأمور التي ذكروها معجزات له في كتبهم كالسيرة المستقيمة ومجرى الزمان وغيرهما.
ومنها عشر فرائض توحيدية الأولى معرفة البارئ وتنزيهه عن جميع المخلوقات الثانية الإمام قائم الزمان وتمييزه عن سائر الحدود الروحانيين الثالثة معرفة الحدود الروحانيين بأسمائهم ومراتبهم وألقابهم وإن قائم الزمان أولهم وهو الذي نصبهم وهم مطيعون لأمره ونهيه الرابع صون اللسان الخامسة حفظ الإخوان السادسة ترك عبادة العدم السابعة التبرؤ من الأبالسة الثامنة التوحيد للمولى في كل عصر وزمان التاسعة الرضى بفعل العاشرة التسليم لأمره وهي مذكورة في رسالة ميثاق النساء ورسالة البلاغ والنهاية.
ومنها عشرة مواجب دينية وهي كن لهن في نفاسهم وأعراسهم وجنائزهم على السنة التي رسمت لهم فهذه ثلاثة الرابعة أجيبوا دعوتهم الخامسة اقضوا حاجاتهم السادسة اقبلوا معذرتهم السابعة عادوا من ضامهم الثامنة عودوا مرضاهم التاسعة بروا ضعفاءهم العاشرة انصروهم ولا تخذلوهم وهي في رسالة التحذير والتنبيه.
ومنها عشرون إمامية منها أربعة أنواع النوع الأول أسامي وهي خمسة الأول علة العلل الثاني السابق الحقيقي الثالث الأمر الرابع ذومعة الخامس الإرادة النوع الثاني طبائع جوهرية وهي خمس الأولى حرارة العقل الثانية قوة النور الثالثة سكون التواضع الرابعة برودة الحكم الخامسة ليونة الهيولى فهذه الخامسة هي العقل وطبائعه الأربعة وهي في رسالة كشف الحقائق.
النوع الثالث خصائص نورانية وهي خمس الأولى الحمد لمن أبدعني من نوره الثانية وأيدني بروح قدسه الثالثة وخصني بعلمه الرابعة وفوض إليَّ أمره الخامسة وأطلعني على مكنون سره فهذه من كلام حمزة وهي في أوائل رسالة التحذير والتنبيه.
النوع الرابع منازل كلية وهي خمس الأولى حد الجسمانيين الثانية حد الجرمانيين الثالثة حد الروحانيين الرابعة حد النفسانيين الخامسة حد النورانيين فهذه المنازل الخمسة هي مجتمعة في الإمام وهي مذكورة في السيرة المستقيمة.
وأما تلقي الديانة وأخذها فله عندهم كيفية مخصوصة وهي أنه إذا أراد أحد من الجهال أن يأخذ الديانة ويدخل في سلك الموحدين ينبغي له أن يستجلب رضى الموحدين بتقديم الوسائل التعطفية مدة لا تقل عن سنتين يلتمس منهم قبوله وإدخاله في جماعتهم وإعطاءه الديانة فإذا قبلوه أدخلوه على الإمام فيوصيه بحفظ السر وعدم إشهاره ويأمره بتحرير العهد الواجب تحريره إذ لا يكون موحداً خالصاً بغير تحرير العهد على نفسه فإذا حرره وسامه إلى الإمام صار واحداً منهم والعهد الذي يجب تحريره هو المسطور تحت العنوان الآتي:
ميثاق ولي الزمان.
توكلت على مولانا الحاكم الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد أقر فلان بن فلان إقراراً أوجبه على نفسه واشهد به على روحه في صحة من عقله وبدنه وجواز أمره طائعاً غير مكره ولا مجبر أنه قد تبرأ من جميع المذاهب والمقالات والأديان والاعتقادات كلها على أصناف اختلافاتها وأنه لا يعرف شيئاً غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره والطاعة هي العبادة وأنه لا يشرك في عبادته أحداً مضى أو حضر أو ينتظر وأنه قد سلم روحه وجسمه وماله وولده وجميع مات يملكه لمولانا الحاكم جل ذكره ورضي بجميع أحكامه له وعليه غير معترض ولا منكر لشيءٍِ من أفعاله ساءه هذا أم سره ومتى رجع عن دين مولانا الحاكم جل ذكره الذي كتبه على نفسه وأشهد به على روحه وأشار به إلى غيره وخالف شيئاً من أوامره كان بريئاً من البارئ المعبود وحرم الإفادة من جميع الحدود واستحق العقوبة من البار العلي جل ذكره ومن أقر أن ليس له في السماء إله معبود ولا في الأرض إمام موجود إلا مولانا الحاكم جلَّ ذكره كان من الموحدين الفائزين وكتب في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا من سني عبد مولانا جل ذكره ومملوكه حمزة بن علي بن أحمد هادي المستجيبين المنتقم من المشركين والمرشدين بسيف مولانا جلَّ ذكره وشدة سلطانه وحده اهـ.