الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 42/نخب الذخائر

مجلة المقتبس/العدد 42/نخب الذخائر

مجلة المقتبس - العدد 42
نخب الذخائر
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 1 - 8 - 1909


في أحوال الجواهر

اشتهر أبو عبد الله شمس الدين محمد بن ابراهيم بن ساعد السنجاري المصري بن الأكفاني بتآليف الجيدة وهو من أهل القرن الثامن توفي بالطاعون سنة تسع وأربعين وسبعمائة وكان طبيباً بمصر ومن مؤلفاته كتاب كشف الغين في أحوال العين وشرحها وقاية العين لنور الدين علي المناوي وتمنية اللبيب في غيبة الطبيب ونهاية القصد في صناعة الفصد والنظر والتحقيق في تقليب الرقيق ونخب الذخائر في أحوال الجواهر وإرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد وبعضهم زاد عليها وسماها الدر النظيم في أحوال العلوم والتعليم، وكتاب إرشاد القاصد طبع مرتين في القاهرة وبيروت وهو من كتب التعليم الممتعة على صغر حجمه ولكن المصنفات بفوائدها لا بحجمها.

وكتابه نخب الذخائر وأحرى به أن يسمى رسالة تفضل بإهدائه للمقتبس محمود شكري أفندي الآلوسي عالم العراق الآن فأحببنا أن نضمه إلى صدر المجلة لينتفع به القراء، أما هذا الموضوع فقد ألف فيه عدة كتب كما يفهم من عبارات المصنف ومن الكتب المؤلفة فيه كتاب الجماهر في معرفة الجواهر لأبي الريحان البيروني الفيلسوف المشهور ألفه للملك المعظم أبي الفتح ومنه نسخة في مادريد ومنها أزهار الأفكار في جواهر الأحجار لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن يوسف التيفاشي المتوفي سنة 651 هـ، وإليك نخب الذخائر:

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول العبد الفقير إلى الواحد الباري، محمد بن ابراهيم بن ساعد الأنصاري: الحمدلله كفّ أفضاله، والصلاة على سيدنا محمد وآله، (وبعد) فهذا كتاب لخصت فيه خلاصة كلام الأقدمين والمتأخرين، من الحكماء المعتبرين، في ذكر الجواهر النفيسة بأصنافها وصفاتها ومعادنها المعروفة، وقيمتها المشهورة المألوفة، وخواصها ومنافعها بأوضح لفظ وأصح معنى، ووسمته بنخب الذخائر في أحوال الجواهر، وجانبت فيه الأطناب، وميزت فيه القشر عن اللباب، والله أسأل أن ينفع به بمحمد وآله.

القول على الياقوت

أصنافه أربعة الأحمر وهو أعلاها رتبة وأغلاها قيمة والأصفر والأزرق والأبيض وللأحمر سبع مراتب أعلاها الرماني ثم البهرماني ثم الأرجواني ثم اللحمي ثم البنفسجي ثم الجلناري ثم الوردي، فالرماني وهو الشبيه بحب الرمان الغض الخالص الحمرة الشديد الصبغ الكثير الماء ويوجد لونه بأن يقطر على صفحة فضة مجلاة قطرة دم قرمز أعني من عرق ضارب فلون تلك القطرة على تلك الصفيحة هو الرماني والبهرماني يشبه بلون البهرماني وهو الصبغ الخالص الحاصل عن العصفر دون زردج ومن الجوهريين من يفضل البهرماني على الرماني والتفضيل إنما هو بشدة الصبغ وكثرة المائية والشعاع ومنهم من يقول هما شيء واحد وإنما أهل العراق يقولون بهرماني وأهل خراسان يقولون رماني فالخلاف لفظي والأرجواني أيضاً شديد الحمرة، وقيل كان الأرجواني لباس قياصرة الروم وكان محظوراً عن السوقة إلى زمن الاسكندر فإنه اقتضى رأيه أن لا يختص الملك بلباس يعرف به فيقصد، ومنهم من يسمي الأرجواني الجمري بالجيم تشبيهاً بالجمر المتقد وصحفه بعضهم بالخمري وكان الخميري هو البنفسجي، وأما اللحمي فهو دون الأرجواني في الحمرة يشبه ماء اللحم الطري الذي لم يشبه ملح والبنفسجي يشوبه كهبة تخرجه عن خالص الحمرة وهو لون البنفش المعروف بالماذيني، وأما الجلناري فيشوبه بعض صفرة والوردي يشوبه بياض وهو أنزل طبقات الأحمر.

وأجود هذه الألوان كلها ما توفر صبغه وماؤه وشعاعه وخلا عن النمش وعن الحرمليات وهي حجارة مختلطة به وعن الرثم وهو وسخ فيه شبه طين، وعن التفت وهو كالصدع في الزجاجة إذا صدمت يمنع نفوذ الضياء والإشفاف، وهذا قد يكون أصلياً وقد يكون عارضاً، ومن عيوبه أيضاً اختلاف الصبغة فيشبه البلقة ومنها غمامة بيضاء صدفية تتصل ببعض سطوحه فإن لم تكن غائرة ذهبت بالحك وإذا خالط الحمرة لون غيرها يزول بالحمي بالنار بتدريج وتبقى الحمرة خالصة ولا يثبت على النار غيرها ومتى زالت الحمرة بالحمي فليس بياقوت.

ومعدن الياقوت بجبل يسمى الراهون في جزيرة سرنديب، وفي سيلان ومكران معدن الياقوت الأصفر والأزرق وتحت جبل البرق معدن الياقوت الأحمر والياقوت أصلب الجواهر، ولا يخدشه منها إلا الألماس ولا ينجلي بخشب العشر الرطب وإنما يسوى بالسنباذج ويجلى على صفيحة نحاس بالجزع المكلس والماء وهو أشد الجواهر صقالاً وأكثرها ماءً، وشعاعه في الليل في ضوء الشمع أحمر وشعاع البلخش ونحوه أبيض.

وذكر القدماء أن قيمة المثقال الفائق من الياقوت الأحمر ثلاثة آلاف دينار، وأما في الدولة العباسية فإن الغالب من قيمته أن الجيد منه إذا كان وزن طسوج يساوي خمسة دنانير وأضعفه عشرين ديناراً وسدس مثقال ثلاثون ديناراً وثلث مثقال مائة وعشرين ديناراً ونصف مثقال أربعمائة دينار والمثقال بألف دينار والمثقال ونصف بألفي دينار هذا هذا ما تقرر في أيام المأمون مع كثرة الجواهر في ذلك الزمان، والمثقال من البهرماني بثمانمائة دينار ومن الأرجواني بخمسمائة دينار ومن الجلناري بمائتي دينار ومن اللحمي بمائة دينار والبنفسجي يقاربه والوردي دون ذلك وكان في خزانة يمين الدولة ياقوتة شكلها شكل حبة العنب وزنها اثنا عشر مثقالاً قومت بعشرين ألف دينار وكان للمقتدر فصاً يسمى ورقة آلاس لأنه كان على شكلها وزنه مثقالان إلا شعيرتان اشتراه بستين ألف درهم، وأما في هذا الزمان فإن قيمة الياقوت وسائر الجواهر زادت كثيراً.

وأما الياقوت الأصفر فأعلاه ما قارب الجلناري وبعده المشمشي وبعده الاترجي وبعده التبني وبلغت قيمة الأصفر الجيد المثقال مائة دينار، وأما الأزرق ويسمى الأكهب فأعلاه الكحلي ثم النيلي ثم اللازوردي ثم السمائي، وكان في القديم قيمة الجيد من الأزرق عشرة دنانير المثقال وما زاد فتزداد قيمته بأضعاف ذلك، وأما الأبيض فإنه يحمل من سرنديب ويكون رزيناً بارداً في الفم واجوده البلوري الكثير الماء وهو أقل قيمة من سائرها.

قال ارسطوطاليس أن مزاج سائر اليواقيت حار يابس وإذا علق شيء من أي أصنافه كان على إنسان أكسبه مهابة في أعين الناس وسهل عليه قضاء حوائجه ودفع عنه شر الطاعون، وقال ابن سينا أن خاصيته في التفريح وتقوية القلب ومقاومة السموم عظيمة، وشهد جمع من القدماء أنه إذا أمسك في الفم فرح القلب وقال النافقي وغيره أنه ينفع نفث الدم ويمنع جموده تعليقاً، وقال ابن زهر أن شرب سحيقه ينفع الجذام وأن التختم به ينفع حدوث الصرح وقال ابن وحشية من علق عليه الياقوت الأحمر اتسع رزقه وتصرفه في المعاش، وفي زماننا هذا حجر نفيس يعرف بعين الهر لشبهه إياها كان فيه زئبق يتحرك يتغالى فيه الملوك والأمراء ويقال أنه من أصناف اليواقيت ويظهر من معادنها، وقيمته إذا كان فائقاً وزنته نحو نصف مثقال ألف درهم فما فوقها ويقال أنه وقاية لعين المجدور.

القول على البلخش

ويسمى اللعل بالفارسية وهو جوهر أحمر شفاف مسفر صافي يضاهي فائق الياقوت في اللون والرونق، ويتخلف عنه في الصلابة حتى أنه يحتك بالمصادمات فيحتاج إلى الجلاء بالمرقشيشا الذهبية وهو أفضل ما حلى به هذا الجوهر ومنه ما يشبه الياقوت البهرماني ويعرف باليازكي وهو أعلاها وأغلاها، وكان يباع في أيام بني بويه بقيمة الياقوت حتى عرفوه فنزل عن تلك القيمة وقرر أن يباع بالدرهم دون المثقال تفرقة بينه وبين الياقوت، ومنه ما يميل إلى البياض ومنه ما يميل إلى البنفسجية وهما دون الأول ومعدنه بالمشرق على مسير ثلاثة أيام من بذخشان، وهي له كالباب ومنه ما يوجد في غلف شفافة ومنه ما يوجد بغير غلاف وشوهد منه ما يزيد وزنه على المائة درهم وكانت قيمته في القديم عن كل درهم عشرين ديناراً وربما زاد عن ذلك وليس لهذا الجوهر منفعة كالياقوت بل يشترى لحسنه.

القول على البحادي

ويعرف بالبنفش وهو حجر يشبه الياقوت بعض الشبه إلا أنه لا يضيء غالباً حتى يلعق من تحته بالحفر ليشف عن البطائن وشبه ارسطوطاليس لونه بنار يشوبها دخان ومنه ما يجلب من سرنديب وهو أرفع طبقاته ويعرف بالماذيني، ومنه ما يجلب من بذخشان ومنه ما يجلب من بلاد المغرب ويعرف بالقروي، ومنه ما يجلب من بلاد الافرنجة ومنه صنف يشوبه صفرة خلوقية ويعرف بالاسبادشت ويوجد في الخراساني منه ما يكون وزنه نصف من.

أما السنديبي فإنه لا يتجاوز مقدار الياقوت بكثير وزن، وقيل أن الجيد منه يلتقط زغب الريش المنتوف ويبلغ قيمة الدرهم منه ديناراً واحداً، قال ارسطوطاليس أن من تختم بوزن عشرين شعيرة منه لم ير في منامه أحلاماً ردية ومن أدمن النظر إليه نقص نور عينيه وقال ابن أبي الأشعث لبسه يورث الخيلاء ويحرك الشبق، وأما الاسبادشت فإنه يقطع الرعاف ونزف الدم تعليقاً إذا كان وزنه نصف مثقال فما فوقه.

القول على الماس

هو جوهر يشبه الياقوت في الرزانة والصلابة وعدم الانفصال عن الحديد وقهره لغيره من الأحجار وهو شفاف فيه أدنى بريق ويوجد فيه الأبيض والزيتي والأصفر والأحمر والأخضر والأزرق والأسود والفضي والحديدي وأشكال الماس كلها مضرسة مخروطية ومثلثات من غير صنعة والهند تفضل منه الأبيض والأصفر بسبب ما يظهر منهما من الشعاع الأحمر بقوس قزح إذا أقيما في مقابلة عين الشمس، وأما أهل العراق وخراسان فلا يفرقون بين ألوانه لأنهم إنما يستعملونه في ثقب الجواهر خاصة ومعدنه بقرب معدن الياقوت، وله معدن بقرب غزنه ومعدن بمقدونية من بلاد الروم ولونه كلون النوشاذر، ومعدن باليمن وهو حديدي اللون ومعدن بقبرس وهو فضي اللون رخو، ومن غريب حال الماس أنه إذا طرق بمطرقة على سندان نكأ فيهما ولا ينكسر وإذا لف في صفحة اسرب وضرب انكسر، وغالب ما يوجد منه قطع صغيرة بقدر الفلفل ونحوه، وكان قيمة هذا قديماً المثقال بمائتي دينار وما كان بقدر البندقة أو قاربه فيكون قيمته من ثلاثمائة إلى خمسمائة دينار.

وحكى نصر الجوهري أن معز الدولة بن بويه الديلمي أهدى إلى أخيه ركن الدولة من الماس فصاً وزنه ثلاثة مثاقيل ولم يسمع بأعظم منه، وأخبرني السيد الشريف ناصر الدين الترمذي أنه رأى عند السلطان قطب الدين ملك الهند من الماس الجيد الجليل القدر شيئاً كثيراً جداً ولعلهم لا يسمحون بخروج جيده من أرضهم لأنهم يتيامنون به، قال ارسطوطاليس الماس بارد يابس في الرابعة يثقب به الياقوت وسائر الأحجار الصلبة ومتى كان في مجرى البول حصاة فتلصق حبة من هذا الحجر في حديدة كالقاثاطير ثم يدخل في القضيب لتماس الحصاة فتفتتها ولا ينبغي أن يدخل الفم فإنه يكسر الأسنان وإن ابتلع منه شيئاً فربما قتل.

القول على الدر واللؤلؤ

الحيوان الذي يتولد فيه اللؤلؤ هو بعض الأصداف وهو دقيق القوائم لزج ينفتح بإرادة منه وينضم كذلك ويمشي أسراباً ويزدحم على المرعى واختلفوا في تولده في هذا الصدف فمنهم من قال أنه يتكون فيه كما يتكون البيض في الحيوان البياض ذكر ذلك جمع من المحققين، وقيل بل يطلع إلى سطح البحر في شهر نيسان وينفتح الصدف ويتلقى المطر فينعقد حباً ذكره نصر الجوهري وكثير من الناس وأقول عند التدقيق لا تضاد بين القولين لجواز أن يكون تكون اللؤلؤ في صدفه كتكون البيض ويكون قطر نيسان له بمثابة النطفة.

وقال الكندي أن موضع اللؤلؤ من هذا الحيوان داخل الصدف وما كان منه مما يلي الفم والأذن فهو الجيد منه وقالوا أن الحب الكبير إنما يتكون في حلقومه ويزداد بالتفاف القشور عليه والدليل على ذلك أنه يوجد طبقات والداخلة منها شبيه بالخارجة وكلها تشابه باطن الصدف وله مغاصات مشهورة في البحر الأخضر ويوجد في مجازات بين تلك المغائص وبين تلك السواحل، ومن المغاصات المشهورة مغاص أول بالبحرين ومغاص دهلك والسرين ومغاص الشرجه باليمن ومغاص القلزم بجوار جبل الطور ومغاص غب سرنديب ومغاص سفالة الزنج ومغاص اسقطرة وقد يتفق في بعض المغاصات مانع من الغوص كالحيوانات المؤذية التي في مغاص القلزم، ولهذا يدهن الغواصون عند الغوص أبدانهم بالميعة السائلة لأن الهوام البحرية لا تقربها.

ويختلف اللؤلؤ باختلاف المغاصات من جهة تربة المكان وغذاء الحيوان كما تغلب الرصاصة على اللآلئ القلزمية والدهلكية والوقت الذي يغاص فيه هو من أول نيسان الرومي إلى آخر شهر أيلول وفي ما عدا هذه المدة يسافر هذا الحيوان من السواحل وبلجج ويختلف اللؤلؤ بالمقدار فمنه الكبار والصغار وما بين ذلك وأعظم ما وجد منه اليتيمة التي كانت عند عبد الملك بن مروان ذكر أنها كان وزنها ثلاثة مثاقيل وكانت مع ذلك حائزة لجميع صفات الحسن مدحرجة نقية رطبة رائقة ولذلك سميت اليتيمة ولم يذكر عنها قيمة لكن ذكر الأخواني الرازيان أنهما شاهدا في خزانة الأمير يمين الدولة حبة ذات قاعدة وزنها مثقالان وثلث وأنها قومت بثلاثين ألف دينار، ويختلف اللؤلؤ أيضاً من شكله فمنه المدحرج ويعرف بالعيون وإذا كثرت استدارته وماؤه سمي نجماً، ومنه المستطيل الزيتوني ومنه الغلامي وهو المستدير القاعدة المحدد الرأس كأنه مخروط ومنه الفلكي المفرطح ومنه الفوفلي واللوزي والشعيري، ومنه المضرس وهو دونها شكلاً، ويختلف اللؤلؤ أيضاً من لونه فمنه للسقي البياض ومنه الرصاصي ومنه العاجي وصفرته غالباً في حساب المرض له وإذا فاز وطال زمانه أسود، واللؤلؤ سريع التغير لأنه حيواني بخلاف الجواهر المعدنية إذ أن أعمارنا لا تفي بتغير أكثرها، ويثقب هذا الحب لأنه يزداد بحسن التأليف في إلا حسناً ورونقاً وقيمة وإنما بثقب بالماس فلذلك لم يستعمل الأطباء في الأدوية النظم البكر غير المثقوب.

والقيمة عن الدر في القديم النجم إذا كان وزنه مثقالاً كانت قيمته ألف دينار وإذا كان وزنه ثلثي مثقال كان قيمته خمس مائة دينار وإذا كان وزنه نصف مثقال كانت قيمته مائتي دينار وإذا كان وزنه ثلث مثقال كانت قيمته خمسين ديناراً وإذا كان وزنه ربع مثقال كانت قيمته عشرين ديناراً وإذا كان وزنه سدس مثقال كانت قيمته خمسة دنانير وثمن مثقال قيمته ثلاثة دنانير ونصف سدس مثقال قيمته دينار واحد، والغلامي بالنصف من قيمة النجم وما عداهما بالنصف من قيمة الغلامي، وأما ما زاد على وزن مثقال فيزاد لكل قيراط في الوزن مائة دينار في الثمن إلى أن يبلغ مثقالاً ونصفاً ثم يزاد لكل دانق في الوزن خمس مائة دينار في الثمن إلى أن يبلغ مثقالين وما زاد عليه تتضاعف قيمته، وأما الآن فالقيمة على قياس الجواهر متضاعفة لكثرة الرغبات من ملوك العصر في اقتناء الجواهر النفيسة، وأما صغاره فبالدرهم يقوم، وخاصية اللؤلؤ المنفعة من خفقان القلب وتوحشه ويجلو العين ويزيد في الباه ويقطع نزف الدم وشربته درهم والمحلول منه يذهب البهق والبرص والكلف والنمش طلاءً ويبرئ الصداع والشقيقة سعوطاً، وصفة حله أن يسحق ويعجن بماء حماض الأترج ويعلق في دن فيه خل بحيث يرتقي إليه بخار الخل فإنه ينحل في ثلاثة أسابيع وهو يابس في الدرجة الثانية بارد في الأولى وقيل حار فيها لطيف جداً.

قال نصر الجوهري: إذا ذهب ماء اللؤلؤ وكدر فينبغي أن يودع إليه مشروحه وتلف الألية في عجين مختمر ويجعل في كوز ويحمى عليه فإذا خرج دهن بالكافور وقال أبو الريحان البيروني إن ما كان تغيره من قبل الطيب فيجعل في قدح مطين فيه صابون ونورة غير مطفية جزآن متساويان ويصب عليه ماء عذب وخل خمر ويغلى في نار لينة ولا يزال ترفع رغوة الصابون وترمى بها إلى أن تنقطع ويصفو الماء في القدح وبعد ذلك يخرج اللؤلؤ ويغسل، وإن كان التغير في اديمه إلى السواد فينقع في لبن التين أربعين يوماً ثم ينقل إلى قدح فيه محلب وكافور وخروع أجزاءً سواءً ويوضع على نار فحم مقدار ساعتين بدون نفخ عليها ثم ينحى، وإن كان السواد في باطنه طلي بشمع وجعل في قدح مع حماض الأترج ويبدل عليه كل ثلاثة أيام وتدام حتى يبيض، وإن كان في اديمه صفرة نقع في لبن التين أربعين يوماً ثم نقل إلى قدح فيه قلي وصابون وبورق بالسوية ويفعل فيه كما يفعل بالأسود، وإن كانت الصفرة في داخله جعل في محلب وسمسم وكافور متساوية الأجزاء مدقوقة ثم تلف فوقها عجين وتوضع في مغرفة حديد وتغمر بدهن الأكارع وتغلى غليتين ثم تخرج، وإن كان أحمر غلي في لبن الحليب ثم طلي باشنان فارسي وشب يماني وكافور أجزاء متساوية تدق ناعماً وتعجن بلبن حليب ويطلى به طلياً ثخيناً وتودع جوف عجين قد عجن بلبن حليب ويخز في التنور، وإن كان رصاصياً نقع في حماض الأترج ثلاثة أيام ثم يغسل بماء البيض ويحفظ من الريح بالقطن، وذكر غيرهما في تبييض الفاسد أن يلقى في خل ثقيف مع حبشين تنكار وقيراط نوشادر وحبة بورق وثلاث حبات قلي مسحوقة وتغلى في مغرفة حديد ثم ترفع المغرفة عن النار وتوضع في ماءٍ بارد ويدلك فيه بملح اندراني مسحوق ناعم ثم يغسل بماءٍ عذب ولا يبعد أن هذا العمل ينزع عنه قشرة الأعلى أو بعضه والتجربة خطر.

القول في الزمرد

الخضرة تعم أصنافه كلها وأفضله ما كان مشبع الخضرة ذا رونق وشعاع لا يشوبه أسود ولا صفرة ولا نمش ولا حرمليات ولا عروق بيض ولا تفوت، وليس يكاد يخلص عنها ودونه الريحاني الشبيه بورق الآس الرطب ودونه السلقي الشبيه بورق السلق الطري وأهل الهند والصين تفضل الريحاني منه وترغب فيه، وأهل المغرب يرغبون لما كان مشبع الخضرة وإن كان قليل الماء ويزداد رونقاً إذا دهن بزيت بذر الكتان، وإذا ترك بدون دهن يذهب ماؤه ويمتحن بالعقيق المحدد فإن خدشه فهو من أشباه الزمرد ومعدنه بسفح جبل قرشندة من أرض البجاة بصعيد مصر الأعلى وأكثر ما يظهر منه خرز مستطيلة ذات خمسة أسطحة ويسمى أقصاباً وثقبه يشينه بعكس اللؤلؤ وظهر في زماننا هذا من هذا المعدن قطع لم يسمع بمثلها في العظم ما يقارب زنة من ونحو ذلك، والمشهور أن الدهنج يكدر الزمرد إذا ماسه فيذهب رونقه وهو الآن بدون القيحة التي كانت في القديم بخلاف سائر الجواهر وما ذلك إلا لكثرته، فإن أبا الريحان البيروني حكى أن زنة نصف مثقال من الجيد منه يساوي ألف دينار وقيل أن منه صنفاً يعرف بالذبابي أنه يشبه الذباب الطاوسية التي تكون في المروج وإن من خاصية هذا الصنف ولكنني امتحنت الريحاني والسلقي في هذا الأمر فلم يصح ولا تغيرت أعين الأفاعي وخاصية الزمرد النفع من السموم المشروبة ونهش الأفاعي ولدغ العقارب يؤخذ من سحيقه تسع شعيرات ويجد شاربه في بدنه وجعاً عظيماً وانحلالاً في قوته ثم يفيق وقد انتفع ويوقف الجذام في ابتدائه ويقطع الإسهال المزمن ونفث الدم شرباً وتعليقاً ويقوي المعدة وينفع الصرع تعليقاً وإمساكه في الفم يقوي الأسنان والمعدة وإن علق على فخذ المطلقة أسرعت الولادة وإدمان النظر إليه يجلو البصر ويحده وطبعه بارد يابس.

القول على الزبرجد

هو صنف واحد فستقي اللون شفاف لكنه سريع الانطفاء لرخاوته وقيل أن معدنه بالقرب من معدن الزمرد ولكنه مجهول في زماننا هذا ومع ذلك فقيمته نحو قيمة البنفش وطبعه حار يابس وتقرب منافعه من منافع الزمرد ويدفع شر العين.

القول على الفيروزج

معنى اسمه بالفارسية النصر ولذلك يسمى حجر الغلبة ويسمى أيضاً حجر العين لأن حامله يدفع عنه شرها والمشهور عنه أنه يدفع الصواعق وهو حجر أزرق أصلب من اللازورد يجلب من أعمال نيسابور، وكلما كان أرطب فهو أجود والمختار منه ما كان من المعدن الأزهري والبوسحاقي لأنه مشبع اللون صقيل مشرق، ثم اللبني المعروف بشيرقام، ثم الاسمانجوني الغميق، قال أبو الريحان أعظم ما وجد من الفيروزج وزن مئة درهم ولم يوجد من الخالص منه غير المختلط بشيء غيره إلا وزن خمسة دراهم، وبلغت قيمته مائة دينار قال الكندي وقد كرهه قوم بسبب تغيره بالصحو والغيم والرياح وتصفير الروائح الطيبة له واذهاب الحمام لمائه وإماتته بالزيت وكما أنه يموت بالزيت كذلك يحى بالشحم والالية يعالج بأن يجعل في أيدي القصابين، قال بن زهر: إن الملوك تعظم هذا الحجر لأنه يدفع القتل عن صاحبه ولم ير في يد قتيل قط ولا في يد غريق وإذا شرب منه نفع لدغة العقرب، وقال الغافقي إنه بارد يابس، وقال ديسقوريدس أنه يقبض نتو الحدقة وينفع بثرها ويجمع حجب العين المنحرقة ويجلو الغشاوة، وقال ارسطوطاليس أنه ينقص من هيبة حامله، وذكر هرمس أنه إذا نقش عليه صورة طائر في فمه سمكة وجعل في خاتم وتحته شيء من خصي الثعلب ويكون القمر وعطارد في الثور فإن حامله يقوى على الجماع وتزداد شهوته له، وقال ابن أبي الأشعث أنه يقوي القلب إلا أنه دون الياقوت، ووجدت نقلاً عن بعض الأطباء أنه أقوى في تقوية النفس من سائر الأحجار.

القول على البلور

يجلب من خزائن الزنج ومن كشمير ومن نواحي بذخشان وله معدن ببدليس ومعدن بأرمينية ويجلب أيضاً من سرنديب ومن بلاد افرنجة ومن المغرب الأقصى ومنه ما يلتقط من البوادي، وقيمته بحسب ما يعمل منه من الأواني وحسن صنعتها ووجد منه قطعة زنتها مائة رطل بالعراقي وأفضله المستنبط من بطن الأرض ويكون ساطع البياض كثير المائية رزيناً صلباً بحيث يقدح منه النار ويخدش كثيراً من الجواهر بخلاف الملتقط من ظاهر الأرض ومن خاصيته أنه من علقه عليه لم ير مناماً يفزعه ورأى أحلاماً حسنة ويسقى منه مثقال بلبن الاتن لأصحاب السل فينفعهم وينفع الرعشة تعليقاً.

القول على الجمز

ويقال جمست هو حجر يشبه الياقوت البنفسجي وأعلاه ما غلبت عليه الوردية ومعدنه بقرية صفراء بالحجاز، ويوجد مغشى ببياض كالثلج على وجهه حمرة ووجد منه قدر الرطل وأكثر ينفع وجع المعدة تعليقاً والشرب بآنيته يبطي بالسكر وقيمته رخيصة.

القول على الدهنج

هو حجر رخو شديد الخضرة تلوح فيه زنجارية وفيه خطوط سود دقاق جداً، وربما شابه حمرة خفية ومنه طاوسي ومنه موشى وقيل أنه يصفو بصفاء الجو ويكدر بكدورته ومنه افرندي وهو أفضل أصنافه ومنه هندي ومنه كرماني وخراساني ومنه كركي ومنه معزل والهند نرى أنه ضرب من التوتيا ويكون رخواً وقت إخراجه من معدنه ثم يزداد صلابة، وقال ارسطوطاليس إن شرب منه شارب السم نفعه وإن شرب منه من غير سم كان سماً، وقد وثق عامة الناس من الفرندي أنه يجلو بياض العين جلاءً حسناً.

القول على اليشب

ويقال يشم منه مجلوب من بلاد الترك وألوانه أبيض وأصفر وزيتي وهو أفضلها، ومنه مستخرج من ناحية ختن من واديين يسمى أحدهما فاش ويستخرج منه أبيض فائق ويسمى الآخر واقاش والمستخرج منه كدر، وربما خرج منه شيء أسود لا يوصل إلى معدنه وإنما السيل بخرجة والقطع الكبار للملك والصغار للرعية والترك، وأهل الصين تتخذ منه مناطق وحلية للسيوف والسروج حرصاً على الغلبة وزعموا أنه يدفع الصواعق وجرب من الأصفر والزيتي أنه ينفع وجع المعدة تعليقات عليها وينفع أوجاع الأحشاء.

القول على الغازدهر

ويقال بازهر ومنه معدني ومنه حيواني والمعدني منه أبيض وأصفر وأخضر وأغبر ومسكت وهو أفضلها ومعادنه بالهند والصين والخالص منه إذا ألقي من سحالته شيء في لبن حليب جمده ويعرق في الشمس وهو نافع من جميع السموم ومقدار ما يشرب منه اثنا عشر شعيرة فيخرج السم بالعرق من الجسد، وإذا وضع على لسع العقرب أو الزنبور نفع نفعاً بيناً وإذا أنثرت سحالته على موضع اللسع اجتذبت السم منه وجرب أنه إذا نقش في فص منه صورة عقرب والقمر في العقرب في أحد أوتاد الطالع وركب على خاتم ذهب وطبع به والقمر في العقرب على درهمين كندر ممضوغ فإنه يشفي من لسعة العقرب شرباً، وأما الحيواني من البازهر فإنه يتولد في مراير بعض الأياييل بأرض شنكاره من جبال شيراز كما يتولد حجر البقر في مريرها وأكثره بلوطي الشكل لونه بين الخضرة والغبرة ويتراكم طبقات بعضها فوق بعض في المسن من هذا الحيوان حتى يبلغ زنة البلوط منه عشرة مثاقيل مع خفته وهو جوهر شريف يقاوم سائر السموم شرباً إذا شرب منه من دانق إلى نصف درهم يسحل على المسن بالماء القراح وسحالة الخالص بيضاء وربما تميل إلى حمرة خفية والمغشوش منه سحالته تميل إلى خضرة أو صفرة وإذا تقدم إنسان باستعماله على سبيل الاحتياط، وشرب منه في أربعين يوماً متوالية كل يوم وزن دانق لم يضره ما يرد على بدنه من السموم وينفع المجزومين نفعاً بليغاً ويجلو بياض العين والكلف والنمش جلاء، وحيا ويحل مغل الدواب وأسر بولها سريعاً.

القول على الخرتوت

ويقال ختو قال أبو الريحان البيروني هو حيواني يقال أنه يؤخذ من جبهة ثور يكون في نواحي بلاد الترك بأرض خرخيز، وقيل بل من جبهة طائر عظيم يسقط في بعض تلك الجزائر وهو مرغوب فيه عند الترك وأهل الصين يزعمون أنه يعرق إذا قرب من طعام مسموم، قال الأخوان الرازيان خيره المعقرب الضارب من الصفرة إلى الحمرة، ثم المشمشي، ثم الضارب إلى الكهوبة وكان في القديم ما كان وزنه مائة درهم فقيمته من مائة دينار إلى مائة وخمسين ديناراً، وجرب من دخان بخوره أنه ينفع البواسير نفعاً بليغاً، وليكن هذا آخر هذا الكلام في هذا الكتاب واقتصرت على ذكر هذه الجواهر لأنها النفيسة التي تدخرها الملوك والأكابر وتتحلى بها الغواني، ومنافعها جليلة ولم أطل فيه القول بكيفية تولدها لعدم الفائدة في ذلك ولا ذكرت ما يلتحق بها مثل المرجان والسبح ونحوهما لنزول رتبتها عن هذه الجواهر النفيسة، وقد آن ختم الكتاب بحمد الله تعالى والصلاة على نبيه محمد سيد المرسلين وآله وصحبه الطاهرين وحسبنا الله ونعم الوكيل.