مجلة المقتبس/العدد 32/سير العلم والاجتماع
→ مثال الأمة الراقية | مجلة المقتبس - العدد 32 سير العلم والاجتماع [[مؤلف:|]] |
مطبوعات ومخطوطات ← |
بتاريخ: 1 - 9 - 1908 |
خرائب منفيس
قدم الأستاذ فليندرس بتري تقريره عن أعمال البعثة الإنكليزية الثرية في مصر وقد جاء فيه أن هذه السينة صرفت كلها في البحث في خرائب منفيس القديمة فعنيت البعثة أولاً أن تعين مواقع الأبنية المهمة المختلفة التي ذكرها كتاب الروم ولاسيما هيرودتيس فوجدت مذبح معبد باتا العظيم وبيت الحياة الذي كان سطحه عبارة عن ستمائة متر طولاً وأربعمائة وخمسة وستين متراً عرضاً. وعثروا على عدة شهادات تدل على ارتقاء التمدن ولا سيما على مصانع ترجع إلى الدولة الثامنة عشرة (1800 سنة قبل الميلاد) ومن جملة هذه المصانع رفوف لتوضع عليها النذور يشاهد عليها آذان نقشت عليها هذه العبارة: يا بانا اسمع لدعوة من يدعونك ممن يعبدونك وأهم اكتشاف في هذه المصانع اكتشاف الحارة التي كان التجار الغرباء مقيمين فيها وموضع معبد الزهرة الآسياوية هاتور. وفي هذه الأماكن ظفروا بأوان خزفية والظاهر أنها مما صنع في غير مصر ومنها يستدل على ما كان بين سكان منفيس والأمم القاصية من الصلات كما عثروا هناك على تماثيل لملوك الفرس وعساكر الفرس وقبائل السيتيين وعلى تمثال لا شك في أنه هندي الصل وهو يمثل رجلاً بوذياً. وعثروا أيضاً على رؤوس يونانية مختلفة الأشكال. وكل هذه الآثاؤ وغيرها تثبت أن سكان منفيس كانوا أخلاطاً من النزلاء والدخلاء واكتشفوا ما لم يكونوا يتوقعونه وهو مصنع جميل أنشأه آخر ملك من السلالة التاسعة عشرة المصرية واكتشف بالحفر في ضواحي سوهاج في مكان مدينة أتيبري القديمة بقايا معبد للبطالسة الذي أنجزه بعد زمن كلود وهاردين ثم اكتشفوا بقايا كنيسة كاتدرائية أنشئت على عهد قسطنطين.
العدوى من الحمى
كان المقرر عند الأطباء أن ن يصاب الحمى التيفوئيدية ويبرأ منها لا يحمل جراثيمها إلى غيره ويبقى جسمه مطعماً بها ولكن ثبت في إنكلترا الآن أن من تصيبه هذه الحمى الخبيثة وينجو من أخطارها يبقى مدة ولو عوفي كل المعافاة والاقتراب منه ينقل العدوى إلى السليم المستعد لقبول جراثيمها فرأت إنكلترا أن تسن قانوناً يمنع الناقهين من الحمى التيفوئيدية من الاختلاط بغيرهم وقد كانت ألمانيا سبقت منذ بضع سنين وقضت على من يسلمون من فتكات هذه الحمى أن يخضعوا زمناً لنظام التطهير وتفحص أجسيامهم في محطات بكترولوجية تقام في جميع البلاد المصابة بالحمى.
إصلاح الساعات
أجرى الأستاذ بيكوردان الفرنسوي في فيينا تجارب بالتلغراف اللاسلكي لأجل إصلاح الساعات الدقاقة والكبيرة بحيث يتيسر بعد الآن حتى على من لم يسعدهم الحظ بمعاناة صناعة الساعات أن يصلحوا بأنفسهم ساعاتهم.
جرذان الماء
هذا الجرذ يسمونه يشبه جرذان الماء وهو في الأصل من جبال نروج وكثير التناسل جداً ولذلك يضطر إلى الهجرة فينزل من الأعالي أسراباً أسراباً يخرب ما في طريقه من الغلات حتى ينتهي إلى شاطيء البحر فيقذف نفسه فيه حتى يغرق أحياناً وكثير منه تسطو عليه أثناء مسيره العقبان والبواشق والنسور والبوم أو غيره من الكواسر ولكن منه ما يصل إلى السويد ويتناسل فيها أي تناسل على كثرة محاربة السكان له لإبادته ومن المحتمل أن هذا الجرذ ينقرض بعد بضع سنين من تلك البلاد إن لم يهرب على بلاد أخرى في أوروبا وينتشر بين أهلها على غرة منهم.
غرفة ساكتة
أنشؤوا في مدينة أوترخت غرفة مبنية على صورة تمنع وصول الأصوات من خارج مهما بلغت من الشدة وتؤلف جدرانها من حائطين جعل كل منهما من عدة طبقات من المواد المنفصلة بعضها عن بعض بفراغ والحائط الداخلي منها قد جعل ظاهره وباطنه من القش والطباشير والحائط الخارجي من الخشب والرمل وحجر الكذان والجبس فيكون مجموع الطبقات ستاً ما عدا طبقات الهواء وكذلك يصنعون سقف تلك الغرفة وأرضها وطولها متران وربع ويدخل إليها من بابين وهي لأجل التجارب الفسيولوجية.
فسيفساء رومية
وفق المسيو تورنو المهندس في سلانيك إلى تنظيف قطع من الفسيفساء البيزنطية في كنيسة سالت صوفي (ايا صوفيا) في سلانيك وكانت مغطاة بدهان من الزيت وأرجعها إلى حالتها الأولى وقد تبين له أن صورة العذراء الموضوعة في صدر الكنيسة قد صنعت في القرن الثامن للميلاد. وهذه القطعة ثمينة جداً لأنها من صنع ذاك العصر.
رواتب الملوك
يقبض قيصر روسيا أربعين مليون فرنك راتباً سنوياً ويقبض إمبراطور النمسا والمجر ثلاثة وعشرين مليوناً وإمبراطور ألمانيا عشرين مليوناً وملك إنكلترا اثني عشر مليوناً وملك إيطاليا عشرة ملايين أما رئيس جمهورية الولايات المتحدة فيأخذ ربع مليون ورئيس جمهورية فرنسا مليوناً ومائتي ألف فرنك.
الخادمات الفرنسويات
تشكو فرنسا من قلة خادماتها مع أن فيها سبعمائة ألف امرأة تخدم في البيوت إلا أن عدد الخادمات كان فيها منذ عشرين سنة ضعفي ما هو عليه الآن ولذلك كثر الخادمات الألمانيات والسويسريات في فرنسا حتى أصبحن عشر الخادمات من أبناء البلاد لأن أكثر بنات الفقراء في فرنسا أصبحن يؤثرن الخدمة في المعامل ليكون لهن أوقات يصرفنها في الراحة على النحو الذي يرون بدون تقيد في الخدمة.
البرتستانت
أحصى أحد علماء كوتنغن عدد من يدينون بالمذهب البرتستانتي فقال ان الولايات المتحدة 65 مليون من أهلها الذين يبلغ مجموعهم 79 مليوناً وفي إنكلترا 37 نمليوناً من أصل 42 مليوناً وفي ألمانيا 35 مليوناً من أصل 56 مليوناً وفي فرنسا سبعمائة ألف فقط وعددهم لم ينم منذ قرن فمجموع من ينتحلون البرتستانتية في العالم 180 مليوناً منهم 114 مليوناً يتكلمون الإنكليزية.
أرباح الأمم
معدل ما يصيب الفرد في إنكلترا من الأرباح نحو 28 غرشاً في اليوم وفي الولايات المتحدة 24 وفي فرنسا والبلجيك نحو 22 وقد قدر أحد علماء الاقتصاد من الألمان مجموع ثروة العالم بألف ومائتين وخمسين ملياراً من الفرنكات أي بنحو ثلاثين ضعفاً مما يستخرج كل سنة من مناجم الذهب منذ عرف فن الإحصاء. والحبوب والمواشي من أعم عوامل الثروة.
اتقاء الانتحار
أنشأ جيش السلام في لندرا منذ سنة مكتباً للانتحار أتى بفوائد جليلة فجاءه 1125 رجلاً و90 امرأة شكوا غليه أمرهم وباحوا إليه بما انطوت أنفسهم عليه من اليأس فخفف عليهم ما نابهم. وهذا المكتب لا يوزع على من تحدثهم أنفسهم بالانتحار مالاً بل نصائح وحكماً فقد كان منه أن أعان كثيراً من السوداويين على الخلاص مما نالهم فهو يقوي الأمل في القلوب الميتة وأعضاؤه يدلون على شعور إنساني وفراسة في أحوال النفس ولذلك نبه أولئك الأعضاء راقد الشجاعة وتلافوا مصائب كثيرة.
أكلة الأعشاب وأكلة اللحوم
أظهرت أبحاث أحد علماء الصحة في الولايات المتحدة في التفضيل بين أكل الأعشاب وأكل اللحوم وأيهما أنفع للإنسان فتبين منها أنه ربى إوزاً باللحوم وإوزاً بالحبوب فأثبت الاختلاف الذي نتج عن تربيته في تراكيبها التشريحية وأن ما غذاه منها باللحوم أصبح أسفل معدها رقيقاً جداً وما غذي بالحبوب أضحت غليظتها وأن الأحشاء تطكول بحسب نوع الغذاء الذي يتناوله الحيوان فالإوز الذي غذي باللحم كانت أحشاؤه أطول من غيره وقد تناقل العلماء تجارب العالم الأميكي وقالوا أنها فتحت لهم باباً جديداً للنظر في أيهما أسلم التغذية بالأعشاب والبقول أم التغذية باللحوم والشحوم.
التماسيح والنوام
يهلك بالنوام أو مرض النوام كل سنة ألوف من البشر في أفريقية ولذلك تتحد الحكومات التي لها أملاك في هذه القارة جميع الذرائع لاستئصال هذا المرض وقد استبان من تجارب لافران أن هذا المرض ينشأ من دخول جرثومة في الدم يحملها البعوض المسمى تسي تسي وأن هذه الجراثيم تختار النزول في فك التمساح فتنمو فيه أولاً.
الصينيون في يابان
أصبحت بلاد اليابان في الشرق مثل برلين وباريز في الغرب مدرسة ترسل النور إلى الأقطار فلم يدن في مدارسها منذ ثماني سنين غير ثمانية تلاميذ من أبناء الصين وأصبح فيها الآن عشرة آلاف وزاد فيها تلاميذ الهنود ثلاثة أضعاف ما كانوا منذ حرب الروس الأخيرة.
مركبة ضخمة
أنشؤا في إنكلترا مركبة ضخمة تجرها الخيول فتطوف القرى والمدن وتبيع المشروبات والمأكولات وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسم قاعة كبرى وغرفة للنوم وغرفة تعرض فيها النموذجات والأمثلة وهي مفروشة أحسن فرش فهناك يكرعون المشروبات ويدخنون ويقصفون على ما يشتهون.
إبادة الجرذان
لم تجد نظارة المالية في إنكلترا المال اللازم لإعانة الشيوخ المعدمين وقد اقترح عليها أن يجبي رسماً تستخدمه في هذا السبيل من إبادة الجرذان لأنها تخرب كل سنة ما يقدر بعشرة ملايين جنيه وقد ثبت أن ميكروب نومان يبيدها فلا يبقى منها ولا يذر فإذا خلصت إنكلترا من جرذها تستطيع حكومتها أن تضرب ضريبة تعادل ما كانت الجرذ تخضمه وتقضمه في العام فتستعمله في إعالة البائسين من الهرمين.
فراش موسيقي
اخترع أحد العملة في جنوة فراشاً لا يكاد يستلقي عليه الإنسان حتى يأخذ بضرب موسيقى متساوقة الألحان تطرب سامعها ولاسيما من كان مؤرقاً فيزور الكرى مقلتيه. وعلى العكس فيمن كان كسلاناً لا يريد فراق فراشه فإن ذاك العامل المخترع ابتكر فراشاً آخر ذا ساعة دقائقه توقظه من نومه في الساعة المعينة على نغمات منكرة فلا يسعه إلا أن يبادر بالنهوض.
تعليم الفلاحين
ارتقى التعليم كثيراً في شمالي أوروبا ولاسيما في الدانيمرك فإنك تجد فيها مدارس خاصة للمزارعين فيختلف الرجال والنساء منهم إليها يتعلمون فيها الكيمياء وفن الطبخ وكل ما له علاقة بالزراعة وتربية المواشي ويلقى كل شهر محاضرات عليهم جماعة من المحامين أو من الطلبة الدارسين وهكذا بلغ الفلاحون درجة من الارتقاء العقلي تفيدهم في أعمالهم.
البيوت في أميركا
تقول إحدى المجلات الأوروبية أن مساكن أهل الطبقة الوسطى في أميركا أحسن حالاً ونظاماً مما هي في أوروبا والسبب في ذلك أنها مبنية على شكل لا يحتاج معه إلى عمل زائد فلا ترى فيه أشياء تعلق على الجدران ولا غرفاً للتزين والتبرج وأن سر هذا الانتظام ناشئ عن أن كل فرد في البيت يعمل فغي ترتيبه بحسب حاله وشأنه حتى أن رب الأسرة نفسه يتعاطى في إصلاح فرش داره وأثاثه ما تتعاطاه زوجته.
مدفع سريع
صنع أحد مخترعي الإنكليز مدفعاً تقطع قذائفه ثلاثين ألف قدم في الثانية بحيث أنه يتأتى للإنكليز أن يحاصروا باريز من لندرا وهم في بلادهم فيرسلون على أعدائهم القذائف فتسير بقوة الكهرباء كالبرق الخاطف.
السمك النافع
قالوا أن جزائر بارباد هي السالمة وحدها من بين جور الأرخبيل من حمى الملاريا فليس فيها البعوض ذو الجناحين الذي ينقل عدوى هذهالحمى وقد بحث أحد ضباط الإنكليز في تلك الجزائر عن سر نجاة بارباد من هذه الحمى فتبين له أن في جميع بطائح تلك الجزائر أسماكاً كثيرة يسميها السكان لكثرتها الملايين وهذا السمك يأكل ديدان البعوض الناقل للحم، وقد نقلت كمية وافرة من هذه الأسماك إلى جزائر الجامايك وكولون وكوبان وغيرها من جزر أفريقية فعساها تأتي على تلك الديدان فلا تبقى للملاريا أثراً وتوفر الأنفس بحسناتها وقدومها الميمون.
التنويم والجرائم
أعلن الدكتور هبرت خلاصة أبحاثه في الاستهواء بالتنويم المغناطيسي فاستنتج بأنه في عدة أحوال في الجرائم يجب البحث عن التأثيرات التي تأثر بها القاتل بإرادة أقوى من إرادته والنظر فيما دعاه إلى ارتكاب ما ارتكب وفيما إذا كان المجرم في أول أمره حسن المنازع ففسد بالقدوة أو بقوة الاستهواء المغناطيسي الآتية عليه من غيره ودلت التجارب التي جرت مؤخراً في باريز على أناس متهمين بالاشتراك ببعض الحوادث الكبرى بواسطة تنويمهم لتعديل حالتهم النفسية كل التعديل على أن التأثيرات ممكنة كما دلت أيضاً بأنه كان كثيراً ما يصعب جداً إرجاع المنومين على هذه الصورة إلى حالتهم الطبيعية الاعتيادية. وقد ثبت من بحث الدكتور هبرت بأن عصابة من اللصوص أو القتلة مثلاً يؤثر فيها زعيمها تأثيراً يخضع إرادات أصحابه لسلطانه فيحركهم كما يحرك نوابض (زنبلكات) ساعة دقاقة فتطيعه وتجري طوع يديه. ثبت ذلك بعدة حوادث في تاريخ الجرائم. وأورد الباحث المشار إليه عدة أمثلة غريبة جداً في الاستهواء فقال أن فتاة كانت تطرب الناس بالضرب على الكمنجة مع جوق موسيقى ولكنها لم تكد تستطع أن تبرهن على اقتدارها وذكائها إلا إذا انفردت وحدها بدون أن يختلط ضربها بضرب رفيقاتها وعندما كان يخلو لها الجو ولا ينغص عليها عملها منغص ولا تخضع لإرادة إرادتها لأحد كانت آية في ضربها وكلما كانت تشعر بأن رفيقاتها مسلطات عليها كان يستحيل عليها أن تبدي مواهبها فكانت من ثم ضرباً من ضروب الاستهواء ومن أهم ما لاحظه الدكتور بأن بين الرجل والمرأة عداوة طبيعية في تنازع البقاء فإن أحدهما يحاول بدون شعور منه أن ينزع من صاحبه أو يقلل من اقتداره الشخصي والعقلي ومن رأيه أن هذا أحد نتائج قانون بقاء الأنسب واستدل من ذلك بأنه يجب على كل امرئ أن يحذر من الاستسلام لغيره في مقاصده وعمله على غير روية وسعة نظر.
مخدر جديد
جرب المستشفى الوطني في لندرا مخدر جديد اسمه نوفوكايين ويظهر أنه سينافس مادة الكوكايين المخدرة المعروفة وذلك لأن تأثيره مثلها ولكنه يدوم التخدير به أكثر والتسمم به أقل وثمنه ارخص وهو ينفع في تخدير الأسنان كما ينفع في غيرها.
الذهب الأبيض
اكتشف في كولومبيا منجم جديد من البلاتين أو الذهب الأبيض وكان لا يعدن في تلك الأقطار حتى الآن غير الذهب المعروف ومعلوم أن كولومبيا غنية بمناجمها المختلفة وأن كثيراً منها لم يجر تعدينه بهد وأن ندرة هذا النوع من الذهب وكثرة استعماله قد زادت في قيمة هذا الاكتشاف.
الإلحاد في ألمانيا تنادي الصحف المعتدلة في ألمانيا الآن بالويل والثبور على تسرب الإلحاد إلى نفوس الطبقة المستنيرة من الأمة حتى كاد أهل هذه الطبقة في ألمانيا يشبهون بأمثالهم في فرنسا قائلة أن الإلحاد يودي بالأمم ويجعلها أسفل سافلين وقد نسب أحد علمائهم انهيال الزندقة على الألمانيين لمجلة شهرية اسمها طريقة العالم الجديدة جعلت ديدنها الاكتفاء بذكر النظريات الجديدة التي اكتسبتها العقول والشبان من ارتقاء العلم ولاسيما علم الباليانتولوجيا (علم المطمورات من نباتات وغيرها) والجيولوجيا (طبقات الأرض) ومذهب النشوء وهذه المجلة انتشرت في كليات الألمان ومدارسهم انتشاراً كان منه تأثيرها السيء في الأفكار. وشتان بين أمة تدخل إليها الزندقة فتسعى إلى مداواتها والنظر في أسبابها وبين أخرى تدخل إليها فتعدها من دواعي المدنية والارتقاء.
مكتبة الجيب
يتحدثون في أوروبا بطبع كتب على صور مصغرة جداً لا يتمكن من قراءتها إلا بالمجهر ولهذه الطريقة من تصغير حجم الكتب فوائد كثيرة أقلها أنك تستطيع معها أن تحمل في جيبك مكتبة برمتها. فلله در التفنن.
الجمال عند المالايو
يرى أهل شبه جزيرة مالايو في الهند الصينية أن الجمال بطول العنق على العكس مما يراه بعض أمم الشرق وأكثر أمم الغرب بقدود ممشوقة وعيون دعج وتناسب في الأعضاء ولذلك يضع أهل المالايو في أعناق بناتهم منذ ولادتهن أغلالاً من الحديد تضطرهن إلى أن يجعلن رؤوسهن مستقيمة.
إطالة الشباب
يرى الطبيب تراسي الأميركي أن الإنسان لا يعاجله الهرم إذا لم يعش هذه العيشة الحديثة التي تخل بتركيب جسمه وأن معظم الهرم العاجل يجيء من الإفراط في المأكل واستعمال الكحول فيمتزج الدن بمواد سامة لا تفرز منه وتتفقد الشرايين مرونتها وتتصلب بما يتوالى عليها من الضغط ولا يخفف هذا الضغط عن المجاري إلا بالتدقيق في الأكل والشرب واستعمال الكهربائية وبذلك يطول أمد الشباب لأن هذه المجاري تقلل من ضغط الدم وتقوي الإفرازات وتؤثر تأثيراً ميكانيكياً في الأنسجة.
رعاية الأطفال
اسفت مجلات إنكلترا لفقدها رجلاً كبيراً اسمه بنيامين وغ كان الحركة الدائمة في جمعية رعاية الأطفال في إنكلترا فبفضله قويت قوة عظيمة ولها الآن في إنكلترا 1137 مأوى للبنات وترعى مائة ألف طفل وتحميهم من بوائق الأيام وأنواع الفظائع والآثام.
الخيول
ظهر إحصاء بعدد الخيول في العالم المتمدن فتبين منه أن الجمهورية الفضية أكثرها خيولاً ففيها 4762340 أي 112 حصاناً لكل مئة ساكن ثم تجيء سيبريا وفيها يصيب كل مئة ساكن 85 حصاناً ثم الولايات المتحدة وفيها 62 في المئة ثم إنكلترا وفيها 13 في المئة ثم فرنسا 7 وألمانيا 5.
وادي موسى
عني المسيو ألوا موزيل العالم النمساوي بالرحلة إلى وادي موسى في بلاد العرب المعروفة عند الإفرنج ببترا أي العربية الصخرية وقد أصدر الجزء الثالث من رحلته الآن فجاء فيه أن مجموع سكان تلك البلاد يبلغ سبعين ألف نسمة ينقسمون إلى 48 بطناً يجمعها جد واحد يحترمون قبره. وكان من انقطاع هؤلاء السكان عن الاختلاط بغيرهم أن حفظت لهم أخلاقهم الأصلية حتى أن كثيراً من الأشياء التي لا تفهم من شعر الجاهلية إذا درس المرء ما كتبه هذا العالم عن أخلاق سكان وادي موسى وآثارهم وأصولهم ولغتهم وشعائرهم الدينية تتجلى له كل التجلي فقد بقي في أعمالهم الدينية وفي ذبائحهم وضحاياهم خاصة علامات جوهرية من الأديان السامية القديمة حتى أن تاريخ الخرافات عندهم يرد إلى عهد قديم جداً فمنها أنهم يعتقدون بأم المطر عندما يضر الجفاف بمزروعاتهم فيعمد النساء إلى اتخاذ عصاوين يجعلونهما على شكل صليب ينطن به قميصاً ويطفن الأرض التي تشكو قلة المطر منشدات أغاني أوردها المؤلف. ولم يقف تأثير عادات الجاهلية فقط عند هذا الحد في عادات سكان وادي موسى ومعتقداتهم بل أن النصرانية أثرت في مسلمي الكرك آثاراً لم تبرح بادية للأعين فمنها أنهم يعمدون أولادهم على يد قسيس مسيحي ليضمنوا لهم بذلك صحة جيدة وقد أثنت المجلات العلمية على مؤلف هذا الكتاب وقالت أنه منجم فوائد ولم تكن للغربيين معرفة بها من قبل.
أندية العملة
جعلت للعملة في بلاد الإنكليز منذ سنة 1862 أندية خاصة يأوون إليها آونة فراغهم ولا يكونون فيها عرضة لتعاطي المشروبات الروحية وما برح المشتركون فيها ينمون حتى غدت وارداتها تكفيها. وفي إنكلترا 1100 ناد ينفق الفرد فيها كل أسبوع ثمن مشروبات ودخان ومياه معدنية شليناً واحداً ومنها مائتا ناد لها صفة سياسية وجميع هذه الأندية تمثل عامة الآراء والمذاهب وتنشئ محاضرات ومسامرات وسماعاً ومعارض زهور وأعياد إحسان ولكل ناد مال خاص ينفق منه على فقراء المقاطعة التي هو فيها. وأهم ما تمتاز به أندية العملة الامتناع عن المشروبات الروحية والإحسان لمن جار عليه الزمان من أبناء بلادهم ولبعضها خزائن كتب سيارة تطوف البلاد ليطالع فيها الناس مجاناً.
أخلاق المالغاشيين
المالغاشيون سكان جزيرة مدغسكر لهم أخلاق وعادات غريبة من حيث عفة لنساء وإليك ما وصفهم به أحد علماء الإفرنج قال: إن ما يطلب من المرأة المالغاشية هو أن تطبخ في أوقات معينة الأرز والمرق الذي يؤكل معه في العادة وعلى ما ينبغي وأن ترتب شؤون البيت وترتب الثياب وتدير بحكمة أملاك بيتها وهذا في الغالب من خصائصها وأن تلد لزوجها أولاداً كثيرين هذه وظيفة ربة المنزل الأساسية وما عدا ذلك فإنها إذا حافظت على عفتها فبها ونعمت ويعد كمالها نوراً على نور مع أنه قلما يلتفت إليه أو يقلق من أجل فقده. الفتاة المالغاشية حرة باستخدام جسمها على النحو الذي تريده. وليس في اللغة المالغاشية لفظ مرادف للعفة والبكارة حتى المرسلين في بعض أنحاء تلك البلاد التي دانت حديثاً بالنصرانية اضطروا إلى أخذ كلمة بكارة من اللغة الإفرنجية يستعملون جملة للدلالة على لفظها فيقولون طهارة السلوك وطهارة القلب للتعبير عن العفة. ولم يستطع أولئك المرسلون أن يعبروا عن تبتلهم إلا بأنهم قالوا أن الله بعث بهم ليكون آباء للمالغاشيين فلا يجدر بالأب أن يتزوج من بناته.
يبلغ الولد سن الحلم هناك في الثامنة أو العاشرة من عمره والبنت قبل هذه السن أحياناً. ولا سبيل إلى تحديد وقت يرتكب فيه الأولاد ما يرتكبون من الخطيئة للمرة الأولى والأم تنظر إلى بنتها إذا أتت منكراً نظرة المسرورة المغتبطة كما أن الأب ينظر لابنة إذا فعل ذلك نظرة تفاخر إلا أن بعض الأمهات يدفعن عن بناتهن عشرة الصبيان الذين هم أكبر سناً منهن. وإنك لتجد هناك في مدارس القرى والمدن النبات والصبيان المتزوجين يتعلمن معاً والزوج في العاشرة والمرأة دون ذلك فإذا جاء المساء تهيء الزوجة لزوجها طعامه وهو يكدح لها بأن يجلب الرز واللحم ويحتطب أو يكتسب بعض دريهمات. وعبثاً حاول المرسلون والمعلمون ورجال الحكومة والإدارة هناك أن يعدلوا من هذه العادات في المالغاشيين ولكنها ما تزال راسخة.
على أن هذا الاقتران قليل البقاء وكلا لازوجين متقلب وكل أمر سائغ بدون أن يمس شرف أحد الزوجين. وتحسن المرأة سلوكها بعض التحسين عندما تلد أولاً وليس من العار أن ترزق أولاداً من آباء مختلفين بل أن زوجها لا يرى من الشنار أن يقبل أولاد غيره مع إيقانه بذلك ويعاملهم كما يعامل من تلدهم زوجته منه من الأولاد.
وهذه الحال في أخلاق المالغاشيين وإن كانت أقل مما هي عفي أوروبا ولكنها غير مموهة وليس فيها رياء كما في أوروبا حيث تحتقر الابنة التي تلد من السفاح ويحتقر ابنهم ويستنكف الناس من الاقتراب منه أما المالغاشي فيرى أن الوليد غير مسئول عما نقص من عدم مراعاة أبويه لشروط الزوجية وهي التي ينبغي أن تسبق ولادته في العالم المتمدن بيد أن كثيرين من الأوروبيين على ما فيهم من التقى جديرون بأن يأخذوا في هذا المعنى عن المالغاشيين المتوحشين. والداعي إلى هذه الحالة في المالغاشيين هواء بلادهم الذي يحرك النفوس منذ الصغر ثم أن الأزواج لا يرون بأساً في أن يناموا مع أولادهم ولو كبروا في محل واحد بل على حصير واحد. فيتعلم الطفل ما يتعلم منذ يأخذ في الإدراك. والجنود الأوروبيون المقيمون هناك لا يسعهم إلا أن يتزوجوا المالغاشيات ويلد لهم منهن. والبنت إذا حملت قبل أن يعرف لها زوج تفرح بما تلد هي وأهلها ن الناس في تلك الأصقاع يرون أن الغاية من الزواج تكثير النسل فلا بأس بالأطفال من أي الطرق جاؤوا.
ثم أن المعيشة هناك سهلة للغاية، فطعام الجميع الأرز ملتوتاً بشيء من مرق اللحم أو اللحم أو السمك والبقول المعروفة عندهم والماء الصرف يتساوى في ذلك الفقير والغني ولماذا يهتم المالغاشيون إذا كثر أولادهم ما دامت غاباتهم مملوءة بالشمع والمطاط بحيث لا تنضب مهما نقلوا منها وباعوا وبيعها ميسور لهم ثم أن الأولاد لا يلبسون ثياباً غلا بعد السنة الثانية من أعمارهم ويظلون كما ولدتهم أمهاتهم عراة فإذا جاوز الولد هذه السن يعطى قطعة من الخيش أو الجنفيس يلبسها أوي فتقتطع له قطعة من ثياب أمه وأبيه. وإنشاء البيوت هناك سهل للغاية ففي الغابات متسع ليقطع منها خشب البناء وفي المروج من جذوع أشجارهم ما يجعلونه حواجز وحيطاناً ومن الخيزرو ما يفرشونه حصيراً.
ثم أن القوم لا يهتمون بمسألة المواريث وقل أن يهتم الآباء أن يتركوا لأولادهم إرثاً قل أو كثر لأن هؤلاء لا يعرفون كيف يتصرفون به فالدراهم نادرة جداً عندهم والأرض لا قيمة لها وأراضيهم تكثير فيها البقاع التي تصلح لزراعة الأرز والمراعي. والماشية وحدها هي من العلائم الظاهرة على الثروة ولكنها شائعة بين أهل القرية لا يقسمونها ولا يدعى الأولاد لآبائهم بل على العكس يطلق على الأب والأم اسم والديهم وليس بينهم أثر للأسماء التي تنقل خلفاً عن سلف ويطلق على كل إنسان اسم خاص وله أن يغيره على ما يشاء متى شاء.
وبالجملة فإن أخلاقهم وعاداتهم على غرابتها أقرب إلى الطبيعة. هكذا قال الكاتب