الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 22/حرب المورة

مجلة المقتبس/العدد 22/حرب المورة

بتاريخ: 15 - 11 - 1907


خصائص عامة - انقسم اليونأن إلى قسمين بعد تأسيس مملكة أثينة في الجزائر اليونانية فكانت المدن الساحلية خاضعة إلى أثينة والمدن الداخلية باقية بحت أمرة اسبارطة. وبعد خلاف طال أمره نشبت حرب بين اسبارطة وحليفاتها في ذاك الصقع من جهة وأثينة ورعاياها الساحلييين من الجهة الأخرى وكانت هذه الحرب هي المعروفة بحرب المورة. دامت سبعاً وعشرين سنة (404 - 431) ولما القت اوزارها عادت فنشبت باسم آخر إلى سنة360.

كانت تلك الحروب مشوشة بقتتل المحاربون فيها براً وبحراً يقتتلون في ارض اليونان وفي آسيا وتراسيا وصقلية أي في اصقاع مختلفة وكان جيش الاسبارطيون أحسن انتظاماً فجعل مقاطعة اتيكيا قاعاً صفصفاً وكان اسطول الأثينيين أكثر استعداداً فخرب الشواطئ ولم يؤثر عن تلك الحروب الناشبة بين المدن اليونانية الا الشدة ويكفي في وصفها الإشارة إلى بعضها. فقد كان احلاف الاسبارطيين في بدء الحرب يلقون في البحر جميع سلع المدن المعادية لهم فقابلهم الأثينيون بقتل سفراء اسبارطة بدون أن يستمعوا لاقوالهم.

خضعت مدينة بلاتيه صلحاً وكان وعد الاسبارطيون جماعة المحاصرين بانهم لا يعاقبون أحداً بدون محاكمة واليك مع هذا كيف كان قضاة الاسبارطيين يعاملون الاسرى: يسألون كل واحد منهم عما إذا قام في خلال الحرب بخدمة للاسبارطيون فكان نالاسير يجيب سلباً فيحكمون عليه بالإعدام.

وقد بيع النساء كالأماء. عصت مدينة مدللي على الأثينيين فاعادوها إلى طاعتهم ثم اجتمع الشعب الأثيني وبعد المشورة بينه قضى بإعدام سكان مدللي نعم إنه رجع من الغد عن رأيه وارسب باخرة ثانية تحمل العفو عن أولئك المنتقضين. بيد إنه كان نفذ حكم الإعدام على زهاء الف من سكان مدللي. وكان من العادة إذا دأهم جيش بلاد العدو أن يخرب البيوت ويقطع الأشجار ويحرق الغلات ويقتل الحرأثين. وبعد أنتهاء الحرب يجهز على الجرحى ويعمد إلى قتل الاسرى صبراً. وإذا جرى الاستيلاء على مدينة يؤول كل مافيها ملكاً للغالب فيباع رجالها ونساؤها وأولادها كما يباع العبيد. هكذا كانت إذا حقوق الحرب. وقد أوجزها توسيد في خطاب له في الجملة الآتية: قال تنقض المسائل بين الناس بواسطة قوانين العدل متى اضطروا إليها من الطرفين ولكن القوي يأتي ما في طاقته والضعيف يذعن له. فالأرباب يتسلطون بضرورة الفطرة لأنهم الاقوياء والناس يجرون على مثالهم.

الاستيلاء على أثينة - ولما تعب الشعبان من هذه الحرب الباطلة عقدا السلم بينهما ولكن امده لم يطل. وذلك أن أثينة بعثت بجيشها إلى صقلية لتفتح سيراكوس المحالفة لاسبارطة وهناك أحيط به وبعد النكبة سيراكوس أسر الجيش الأثيني برمته وطفق الغالبون يخنقون عامة القواد وجماعة الجند ومن ابقوا عليه انزلوهم إلى لاتومي وهي مقالع قديمة كانت تتخذ حبوساً القوهم فيها سبعين يوماً ومتزاحمين متراصين لا وقاية تقيهم حرارة الشمس في الصيف او رطوبة ليالي الخريف. فمات كثير منهم مرضاً وجوعاً وعطشاً لأنهم لم يكادوا يطعمونهم الا ما يسد رمقهم بعض الشيء وبقيت اشلاؤهم ملقاة على الأرض تفسد الهواء ثم اخرج أهل سيراكوس من بقي حياً من الأثينيين وباعوهم كما يباع الرقيق. وأقاموا الاسبارطيون حامية في جبال اتيكيا بحيث تمكنوا من توقيف تجارة أثينة مع بلاد الشام ومنها كانوا يأتون بالحنطة. وذهب ليزاندر القائد الاسبارطي إلى آسيا وأخذ مالاً من الفرس جهزيه اسطولاً وطاف شواطئ آسيا وإذ كان احلاف أثينة لا يقاتلون الا بالقوة تركوه وشأنه ثم أن ليزاندر حطم الاسطول الأثيني في آسيا (405) وحاصر أثينة وأخذها جوعاً واضطرها إلى تخريب اسوارها وحرق سفنها الحربية.