الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 20/سير العلم

مجلة المقتبس/العدد 20/سير العلم

بتاريخ: 15 - 9 - 1907


سكة حديد جديدة

اخترع مهندس ايرلاندي اسمه لوي برنان بعد أن صرف سنين طويلة في النظر والبحث طريقة جديدة لتسيير مركبات السكك الحديدية إذا سلمت له من كل وجه فإنها تقلب أصول النقل المتبعة الأن في اقطار الأرض واختراعه عبارة عن تطبيق ناموس الجير وسكوب (وهي آلة اخترعها فوكول سنة 1852 ليستدل بها على دورأن الأرض) على مركبات السكك الحديد بل على جميع المركبات كمركبات الاتوموييل وغيرها. فالسكة الجديدة تسير إذا على خط واحد فتوفر نفقات كثيرة وليس فيها ادنى خطر وتسير بالكهربائية لا بالبخار.

التصوير بالألوان

منذ أربعين سنة اخترعت طريقة التصوير بالألوان وما برحت تتعاور بالعناية لتبلغ كمالها وقد وفق رجل فرنساوي هذه الأيام اسمه لوميير فاخترع طريقة جديدة اقتصادية لرسم الألوأن الطبيعية كلها على أجمل وجه يتصوره العقل.

الانتفاع بالفطر

الميكولوجيا هي فرع من فروع علم النبات خاص بمعرفة أنواع الفطر. وتقسم ضروب الفطر إلى نوعين وهما النوع المرئ الجيد والنوع السام الضار. ولما كان الفطر يكثر في تارار من أقليم الرون في فرنسا رأت جمعية تعليم العامة أن تنشئ لها في تارار مكتباً لمعرفة الجيد من هذا النبات من رديئه وكل من جنى فطراً وأتى به ذاك المكتب بفحصه له ويعطيه ورقة باسمه فكان الفطر بذلك لاهالي ذاك الأقليم الجبلي منذ ثلاث سنين أعظم مورد لهم يقتاتون منه ويبيعون لاما فضل منه وتساوت في معرفة جيده من رديئه الطفلة والشيخ الكبير ولم يعد احد يتسمم ببعض أنواعه.

سم الغضب

ثبت للأستاذ غاتس من واشنطن أن للغضب الذي يثور في رؤوس الناس سماً كما أن للحزن سماً خاصاً به وللخوف كذلك. ذلك لأن التغييرات الباطنية مهما كانت فجائية او زائلة يكون منها رد فعل على المجموع العصبي فنفس السخص الغضبان أو السوداوي يختلف بلونه عن نفس السوداوي الكئيب ولكي يثبت ذلك جعل بعضهم يتنفسون في أنبوب برد بالجليد لينحل النفس المستنشق فيه فجاء منه سائل لا لون عند ما كان المتنفس في الانبوب ساكناً غير مضطرب. وسائل اسفع إذا كان المستنشق غضوباً وسائل اسود إذا كان حزيناً وسائل وردي إذا كان وجدانه يتألم. وقال أن نفس الغضب إذا سال على الطريقة التي ابتدعها يكون فيه كمية من القوة الحيوية ومواد كيماوية إذا ابتلعها المرء تورده حتفه وإن هذا السم هو أشد سم عرفه العلم حتى الآن.

كتب الأرض

قدروا عدد المطبوعات الأدبية في العالم بخمسين مليون مجلد. ولم يكن حتى الأن لغير خزائن الكتب العظمى قوائم مطبوعة بالكتب التي لديها فكان مما يهم المشتغلين بالأمور العلمية وباعة الكتب أن ينظروا في المجلات التي تعنى بذكر الأسفار القديمة والحديثة.

وقد جرت العادة في ألمانيا أن يرسل كل طابع إلى مكتب العلوم الاجتماعية في برلين بنسخة مما يطبع وإن يرسل الطابعون مطبوعاتهم في إنكلترا إلى مكتب العلوم الطبيعية. وفي كلتا العاصمتين توضع فهارس كل سنة. وقد ارتأى احد علماء الأوطان أن تضاف فهارس مكتبة الأمة في باريز وهي ثالث مكتبة من مكاتب العالم بكثرة كتبها وتسقط منها المكررات وهكذا يعمل بالأحدى عشرة مكتبة من المكاتب الكبرى في العالم فيأتي من ذلك فهرس عام لجميع الأسفار في الأرض.

السيارات

صنعت الولايات المتحدة سنة 1906 - 58 ألف سيارة (اتوموبيل) وصنعت فرنسا 55 ألفاً وصنعت إنكلترا 27 ألفاً وصنعت ألمانيا وإيطاليا 20 ألفاً.

التوفير

كان فيما مضي يمدح أهل الطبقة الوسطى في فرنسا لاقتصادهم ولكن ثبت أن الألمانيين من أهل طبقتهم أكثر منهم اقتصاداً فإن ما وضع في صناديق التوفير في فرنسا في سنة 1904 قد بلغ أربعة ملايين ونصفاً من الفرنكات وسكان فرنسا 39 مليوناً على حين بلغ ما وضعه الألمانيون وعددهم 37 مليوناً تسعة ملايين ونصفاً وقد زاد المودع في صناديق التوفير في فرنسا من سنة 1900 إلى سنة 1904 مائتي مليون اما في بروسيا فقد بلغ مليارين من الفرنكات.

غلاء الحاجيات

غلت أسعار الحاجيات في العالم المتمدن مع أن ما يستخرج سنوياً من الذهب قد بلغ ضعفي ما كان عليه منذ عشر سنين. ويؤخذ من إحصاء التجارة العام أن تجارة العالم ارتفعت من 54 مليار فرنك سنة 1867 إلى 136 ملياراً سنة 1901 أي أن مجموع النقود المتعامل بها قد بلغت ثلاثة أضعاف ما كانت في 34 سنة على أن محصولات العالم لم ترتق ثلاثة أضعاف ما كانت عليه ولا تنسب الزيادة لارتفاع أسعار البضائع بل لبخس أثمأن الذهب لكثرة المستخرج منه.

عمال المخازن

كتب احد كبار البيوت التجارية التي تبيع بالجملة في شيكاغو نصيحة لمستخدميه وهي: لا تحتقر أصلاً زبوناً ولو كان رث الثياب. ولا تقلم أظافرك على ملاء من الناس ولجعل في جيبك أبداً قلم رصاص ولا تعره لأحد ولا ترتكب غلطة واحدة سبق لك ارتكابها.

طواف العالم

آخر ما اهتدى إليه البشر من السرعة في الأسفار أن يقطع المرء الأرض في خمسين يوماً بإنفاق 146 جنيهاً فيسير السائح من باريز إلى موسكو ففلاديفوستك فكويه فيوكوهاما فسيتيل فنيويورك فشربورغ ففرنسا.

اتقاء الغش

من أحسن الطرق التي سارت عليها الولايات المتحدة في اتقاء الغش في الإعلانات أنه إذا نشرت جريدة إعلاناً ضاراً تنذرها دار البريد بأنها تحرمها من الأمتيازات التي خصتها بها إذا ظلت تنشر هذا الإعلان وترجع جميع الرسائل الواردة باسم المعلن إلى من صدرت عنهم وتكتب عليها (مزورة) وفي ألمانيا وروسيا يتداخل الأطباء في الأمور الضارة بالصحة التي تنشر الجرائد عنها الإعلانات.

التربية في يابان

كتب احد نبلاء يابان مقالة في إحدى المجلات الإنكليزية ذكر فيها ما توفر الميكادو عليه من العناية منذ خمس وعشرين سنة لإنهاض الآداب في بلاده. قال أنه شرع سنة 1880 بمنع بعض الكتب المدرسية والدساتير وفي سنة 1890 جعل بناء التعليم على أسس جديدة وأمر الأمبراطور أن تكون مبادئ التربية مأخوذة عن تربية البيوت وعواطف المربين وعطفهم على من يربون وأن يسعى كل أمرئ إلى توسيع مداركه العقلية بان يتأهل للدفاع عن المصلحة العامة.

وصية عالم

ترك ادوارد دي هارتمأن الفيلسوف العظيم كتاباً عظيماً سينشر بعده في ثماني مجلدات وهو خلاصة الفلسفة كلها وشرح مبادئها وقد خص كل مجلد بفرع من فروعها كعلم النفس والعلوم الطبيعية والمادية والمبادئ الأولية والأخلاقية وهذه هي وصيته.

معونة على العلم

كان احد محسني الفرنسيس المسيو كاهن وقف على كلية فرنسا ألوفاً من الفرنكات لتصرفها كل سنة في إعانة أهل العلم والأدب يسيحون في الأرض ليزدادوا علماً ويؤبوا إلى بلادهم لينفعوها بفضل علمهم وقد وفق الآن خمسة عشر الف فرنك تصرف لأمرأتين او فتاتين كل سنة لتطوفا بها إلى أوروبا والولايات المتحدة واشترط أن تكونا معلمتين في المدارس الثانوية وأن تكونا عارفتين بلغة أجنبية.

عنصر الفقراء

كان الرأي الشائع أن أولاد الفقراء أصبح أجسأما من أولاد الأغنياء وإن هؤلاء دون أولئك بذكاء عقولهم وصحة أحلامهم ولكن العالم نيسفور احد أساتذة كلية لوزأن في سويسرا بما احدثه من الفن الجديد وهو علم تعريف طبقات الفقراء قد أثبت أن الأولاد الأغنياء أرقى فطرة وسحنة عقلاً مما كانوا يوصفون به ففتح بذلك سبيلاً نافعاً في مستقبل الإنسانية وكان بعلمه الجديد القائم على البحث في أحوال الفقراء لا البحث في الفقر أشبه بعلم البحث في الجانين لا البحث في الجنايات قال من بحث له في المجلة الإفرنسية: ويعرف الاختلاف الظاهر في أشكال طبقات أهل السعة وأهل الفاقة من الناس وما بينهما من الفروق التي تكاد تجعلهما المتين متباينتين مع إنهما يعيشأن في ارض واحدة ويتكلمان بلغة واحدة بالبحث في أشكال الطبقات النازلة وتأثيرهما الطبيعية والفسيولوجية. قال توكفيل الكاتب السياسي الفرنسوي (1805 - 1859) تتألف أمم مختلفة كثيرة من طبقات المجتمع الواحد وقالوا أن كل امة تنقسم إلى المتين وهو قول صحيح لأننا لو بحثنا في حياة الفقير وحياة الغني لرأينا أن مبدأ التناقض بينهما على اتمة بيد أن هذا الرأي يعد من غريب الآراء.

قامات الفقراء من أرباب الأعسار أصغر من قامات الموسع عليهم من أهل اليسار. فطول بن الفقير في الرابعة عشرة من عمره متر وستة وأربعون سنتيمراً وطول ابن الغني في مثل هذه السن متر ونصف وطول قامات الرجال الفقراء متر وأربعة وستون سنتيمتراً في الغالب وطول الأغنياء في سنهم متر وثمانية وستون سنتيمتراً ووزن جسم الموسرين من الأولاد وهم في الثالثة عشرة 35 كيلو وزنة جسم ابن الفقير في مثل تلك السن 33 كيلو. ومحيط رأس ابن الفقير في الحادية عشرة أصغر من محيط رأس ابن الغني فهو في الأول 524 في الثاني 533 وابن الغني وهو في سن العشرين 551. 9 وابن الفقير 547. 0 وهكذا ارتفاع الجبهة وقوة الجمجمة والدماغ والجمجمة الداخلية وزاوية الوجه كلها في قياسها في الفقراء أصغر مما هي في الأغنياء وسعة الحنك في الفقراء أكثر مماهي في الأغنياء.

وإذا قيست قوة أبناء الفقراء بقوة أبناء الأغنياء بمقياس القوة (ديناموتر) نجد أن الغني في السابعة يحمل عشرة كيلو على حين لايقدر ابن الفقير أن يحمل أكثر من ثمانية. والفتاة من بنات اليسار تحمل 12 كيلو وهي في الثانية عشرة ومثلها من الفقيرات لا تقوى على حمل أكثر من 7 كيلو. وأولاد الأغنياء أقل صبراً على التعب من أولاد الفقراء فقد دلت التجارب الكثيرة أن أبناء الأغنياء في الثانية عشرة من اعمارهم تنقص من 18 إلى 7 كيلو. وكذلك الصدر فإنه في أولاد الموسرين أكثر سعة من أبناء المعسرين اللهم إلا فيمن يعملون أعمالاً صناعية من أبناء الفقراء يكبر بها محيط صدورهم.

وحركة النمو في أولاد الفقراء أبطأ مما هي في أولاد الأغنياء. وبنات الفقراء لا يبلغن الا بعد سنة او سنتين من السن التي يبلغ فيها امثالهن من بنات الأغنياء. وأثبت كثير من الأطباء أن المولودين حديثاً من أولاد الفقراء أقل وزناً من امثالهم من أبناء الأغنياء والأم المستريحة تلد أولاداً أثقل وزناً من الأم المتعبة إلى آخر يوم من حملها وليس لها غذاء جيد. ومن المؤثرات في صحة المولود سن الأم وزمن بلوغها وتعاقب ولادتها وصحة حالتها وكل هذه الأمور تؤثر في طول الطفل ووزنه.

ويخطئ من يقول أن الجمال وتناسب الأعضاء موجدان في أولاد الفقراء لأن الجمال والقوة والنشاط تابعة لسعة العيش أبداً ولاسيما لحالة الأم وإن وجد جمال في أبناء الفقيرات وبناتهن فإنه عرض زائل يذبل لأول نضارته وأقل تعب ينالهم. وتكثر الأسقام والموت في الفقراء أكثر من كثرتها بين الأغنياء وذلك لأن الفقير عرضة للأمراض أكثر بالنظر لتركيبه فلا يقوى على مقاومتها ولان معيشته شاقة. وخالف من يقول بان تشويه وجوه الفقراء وسحناتهم ناتج من تعاطيهم بعض الصنائع وأثبت بأن ذلك خلقي فيهم وأن للفقر والانحطاط الطبيعي وما يلحق بذلك من التبدلات والاضطرابات في التغذية يداً كبيرة في التأثير في الطفل قبل أن يحيا. وتكلم على الأخلاق النفسية من الإحساس على اختلاف أنواعه والعواطف الأدبية والتأثرات والذكاء فقال أنها في الفقراء أقل مما هي في الأغنياء واذ يتأخر ابن الفقير في نموه فهو لا يبلغ أشده بدون مساعدة شروط كثيرة من التعليم والمحيط المرتقي والرفاهية الطبيعية والاقتصادية وهو مما لا يحلم أن يراه من كانوا في أدنى سلم الاجتماع. ولئن نشأ من الطبقة النازلة أناس يكذبون هذه القضية كانوا من خيرة العقلاء والأذكياء ولكنهم قلائل جداً لأن الأسباب الصحية والاقتصادية تؤثر في بنية الإنسان وعواطفه وعقله ولاسيما في ذكائه ونبوغه وليس الذكاء والنبوغ مما يستفيد من المحيط بل هما خلقة في المرء. ومما لا ريب فيه أنه كلما كثر في عنصر الانحطاط العقلي والانحطاط المعاشي لا ينشأ وسطه إلا أناس ضعيفة عقولهم منحطون عن غيرهم من أهل السعة.

بحث الباحثون في خصائص الشعوب والأجناس والقبائل ولم يبحثوا كثيراً في خصائص الطبقات الاجتماعية في امة واحدة. وما الخصائص التي تميز طبقتين من طبقات شعب واحد غنية وفقير إلا بأكثر تبايناً حتى بين أهل البلد مما هي بين امة في القاصية وامة في الدانية وثبت للباحث بالبراهين المدققة أن الاختلاف في الولادة والموت وسن الزواج والأمراض وغيرها بين البارزين الفقراء وبين أهل طبقتهم من سكان فينا أقل مما هو بين سكان مملكتي إيطاليا ونروج مثلاً وأن الاختلاف يكثر بين طبقتي الفقراء والأغنياء من أهل البلد الواحد ولا يكثر على تلك النسبة بين شعبين متباينين بلغتيهما وأصلهما بعيدين أحدهما عن الآخر مئات من المراحل. والتمدن يبدو في الطبقات النازلة مهما ارتقت بلادهم كما يبدو عند الطبقات النازلة في البلاد المنحطة أي أن فقراء بلاد التمدن ينتشر فيهم الجهل ويقل النسل ويكثر الموت والجرائم كما هو الحال بين فقراء البلاد الساقطة. ولا يفوتنا النظر أن التمدن لا ينتشر في الآفاق المنوعة من ارض واحدة على معدل واحد بل أنه يستنير كل الإنارة في أفق ويظلم في آخر أو يكون ذا نور ضئيل ورسم محيل. وهم قوم أن الطوتمية وعبادة الظلام والحيوانات والأحجار والأشجار والمياه والنيران والظواهر الجوية والسحر وغيرها من أنواع التعبد هي من خصائص الأمم المتوحشة القديمة والحقيقة أن هذه العبادات لا تزال حية نامية بين الطبقات النازلة عند أكثر الأمم عراقة في الحضارة على أنك تجد مثل هذه العادات والاوهام والأخلاق شائعة أيضاً عند أرقى الطبقات المتحضرة لهذا العهد وذلك لأن للاموات تأثيراً شديداً في نفوسنا وهي الحاكمة المتحكمة فينا ولكم يحاول المتمدن منا أن ينزع عنه ما كان الفه اسلافه من العادات والعبادات وماهو يبالغ ما أراد لا تحكم ذلك منه وغلبة العادة ولكن ذلك يقل في الطبقات العالية ويكثر في الطبقات النازلة.