مجلة المقتبس/العدد 11/مطبوعات ومخطوطات
→ التربية والتعليم | مجلة المقتبس - العدد 11 مطبوعات ومخطوطات [[مؤلف:|]] |
سير العلم ← |
بتاريخ: 16 - 12 - 1906 |
كتاب الحيوان
تقدم لنا في صدر هذا الجزء أن للجاحظ كتاباً كثيرة في معظم العلوم. وكتابه الحيوان هو أم كتبه ومن أحسن ما خط بنانه بدليل أن كثيراً من العلماء فيما مضى خدموه وعنوا به فالأديب منهم اقتصر على ما ورد فيه من الفوائد الأدبية واللغوية والعالم جرده من الأدبيات واقتصر فيه على العمليات وممن اختصره عبد اللطيف البغدادي العالم الحكيم المشهور والقاضي السعيد بن سناء الملك الشاعر المصري المشهور وسمى المختصر روح الحيوان وقد قال فيه صاحب وفيات الأعيان: ومن أحسن تصانيفه وأمتعها كتاب الحيوان فلقد جمع فيه كل غريب وكذلك كتاب البيان والتبيين ضبع البيان والتبيين منذ بضع سنين إلا أن نفوس العالمين والمتأدبين ما برحت مشتاقة للانتفاع أيضاً من كتاب الحيوان الذي ورد ذكره على كل لسان واشتهر أمره على كر الدهور والأزمان.
وقد أحياه بالطبع هذه الآونة الفاضل محمد أفندي السامي المغربي فطبع منه إلى الآن أربعة أجزاء وبقي منه ثلاثة وذلك على نسخة مخطوطة في دار الكتب الخديوية مقابلاً على نسخة في مكتبة الأزهر وذلك بحرف واضح وشكل بديع وورق جيد مثل جميع ما طبع حتى الآن.
وأنا لا تحضرنا عبارة في بيان فضل هذا الكتاب فإن ما صدر منه لم نتمكن من مطالعته كله ولو طالعناه مرة ما اكتفينا به لأن كلام الجاحظ كلما كرر حلا وحسن به النفع. الكتاب تتمثل في كل صفحة من صفحاته عقل الجاحظ وفضل علمه وسعة مداركه واطلاعه في فنون الأدب والشعر ولو اعتمدته المدارس في دهرنا لتدريس فن الأدب لجاء من قارئيه ومتدارسيه كتاب يعيدون العربية إلى سابق حياتها والأدب إلى نضرته المعروف بها في عصور الحضارة الإسلامية الأولى. وكنا نود لابتهاجنا بإحياء كتب الجاحظ اليوم أن نخص هذا الجزء برمته بالكلام على الجاحظ ومصنفاته بالتفصيل لولا أن رأينا أننا لو وقفنا على ذلك مجلد سنة ما وفيناه ووفيناها ما يجب من الإفاضة ولذلك فإنا نتقدم إلى كل أديب ومحب للمطالعة أن لا يخلي خزانة كتبه من كتاب للجاحظ وإن كتبه إذا جمعت كلها لتغني عن عشرات من المجلدات في الأدب والتاريخ والشعر والعلم.
ويا حبذا لو وفق الطابع الموما إليه إلى تصحيح الأصل على عدة نسخ فإن منه نسخاً مخطوطة في بعض مكاتب الأستانة. ولو صرفت العناية إلى ضبط بعض حركاته وشرح العويص من معانيه ومفرداته لزاد النفع بالكتاب. وكيفما كانت الحال فإنه يحمد قصد الطابع مادام يبذل المجهود وسيجيء يوم يعيد طبعه على هذا الوضع والطبع ولكن ببعض الشكل والتدقيق في التصحيح.
كتاب البخلاء
أهدانا الطابع المنوه به هذا الكتاب النفيس من مؤلفات الجاحظ أيضاً وهو السفر الذي جمع فيه من قصص البخلاء ونوادرهم واستقصى في ذلك بحيث لم يترك لهم شاردة إلا ألم بها وإن تردادها ليمكن الفصاحة من النفس ويسري عنها همومها فقد نقرأ بعض نوادرهم وتستغرب في الضحك أي استغراب ولا تكاد تأتي على آخر الكتاب حتى يقنعك الجاحظ ببلاغته بأن البخل من أحسن الأخلاق فلله ما يفعل البيان. وهو في مائتي صفحة منصفة الحجم.
مجموع رسائل الجاحظ
هي أيضاً من مطبوعات حضرة السامي أفندي الموما إليه الأولى في الحاسد والمحسود والثانية في مناقب الترك وعامة جند الخلافة والثالثة في فخر السودان على البيضان والرابعة في التربيع والتدوير والخامسة في تفضيل النطق على الصمت والسادسة في مدح التجار وذم عمل السلطان والسابعة في العشق والنساء والثامنة في الوكلاء والتاسعة في استنجاز الوعد والعاشرة في بيان مذاهب الشيعة والحادية عشرة طبقات المغنين. وقد وقعت كلها في 190 صفحة منصفة القطع جيدة الطبع وتطلب من طابعها بمصر.
المحاسن والأضداد
طبع الأديب محمد أمين أفندي الخانجي وشركاؤه هذا الكتاب النافع للجاحظ أيضاً على أجمل شكل وأحسن طبع. وقد عني بتصحيحه وقراءته على الأستاذ اللغوي الشيخ أحمد ابن الأمين الشنقيطي وحرر جميع الأبيات الواردة في الكتاب بالشكل الكامل وهو في 256 صفحة. وموضوع الكتاب يعرف من اسمه فإن الجاحظ يصف لك محاسن الدهاء والحيل حتى تكاد تذعن ثم يأتيك بضد ذلك ويصف لك محاسن وفاء النساء وضده ومحاسن مكرهن ومساوئ مكرهن وهكذا كلما قرأت الشيء يخيل لك أن الأمر تم ولم يبق كلام لقائل فيجئك الجاحظ بأسلوبه المدهش ومادته الغزيرة بضد الفصل الذي سبق لك ويتلاعب بالألفاظ والمعاني. والكتاب يطلب من طابعه بمصر.
ترجمة المستظرف
أهدانا حضرة المسيو را من علماء المشرقيات من الفرنسيين نسخة من ترجمته الفرنسية لكتاب المستظرف في كل فن مستطرف لمؤلفه شهاب الدين أحمد الابشيهي من أهل القرن التاسع للهجرة وكان من المعلمين في مصر. والمستظرف من الكتب المعتمدة كثيراً عند أهل العلم من المشارفة ولذلك فلما تجد لمؤلفه ترجمة تدل على فضله ولكن المترجم المشار إليه نقله إلى لغته حباً بإحياء فوائده بين أهلها فجاء في مجلدين وقعا في زهاء ألف وستمائة صفحة كبيرة يكاد لا يخرج عن الأصل في ترجمتها ولو أدى به ذلك إلى بعض تحريف لا يذكر في جنب الحسنات التي أتاها في ترجمته وهو يطلب من مؤلفه الفاضل في طولون. وقد بعث إلينا العالم المنوه به كراسة في نقد الترجمات الفرنسية والطبعات التي ظهرت بالعربية من كتاب ألف ليلة وليلة يقول فيها أنه شرع في نقلها إلى الفرنسية طبق الأصل الصحيح فنثني على غيرته وثباته وفضله بما هو أهله.
مجلة العالم الإسلامي
28
انتهى إلينا العدد الأول من هذه المجلة الحديثة التي تصدرها باللغة الفرنسية في باريس البعثة العلمية المراكشية وبعبارة أوضح جماعة من علماء المشرقيات من الفرنسيين. والغرض الذي ترمي إليه هذه المجلة البحث في تاريخ النظام الاجتماعي في العالم الإسلامي وحاله الحاضرة أي تنتقل أبداً من الكلام على ماضي الإسلام إلى حاضره وتلم بحركة الحوادث والأفكار وتبين الوجهة للمستقبل. وهي لا تدخل في غمار السياسة فلا تخدم سياسة خاصة بل تجعل وكدها في خدمة ذاك التمدن الإسلامي الذي هب من رقدته وأخذ ينادي من عليكرة إلى فازان ومن زنجبار إلى خربين بالدعوة إلى العلم والمعارف والتهذيب والتعليم والتربية والمدارس. قالت أن تأسيس جامع في خربين لا يحتقر أمره كما لا يحتقر إنشاء مدرسة إسلامية للبنات في جوهانسبورغ. وقالت أنه يسهل ائتلاف الأمم بعضها مع بعض متى زالت الأوهام من بينهم فإنها سبب سوء التفاهم وإنه يسهل التئام الشرق مع الغرب أو الإفرنج مع المسلمين إذا تعارفوا حق المعرفة. وقد تلونا فيها عدة أبحاث ممتعة منها تعليم المسلمين الابتدائي في الجزائر والحركة السياسية في الهند ومفكرات على الإسلام في الهند الصينية الفرنسية ومنها مقالة علي آغا خان في الهند فأخرى على العجم والدستور فثانية في اليابان والإسلام ثم أخبار متفرقة عن جميع البلاد الإسلامية وباباً خاصاً بما كتب عن الإسلام والمسلمين من الأسفار والرسائل. وإنا لنرحب بهذه المجلة النافعة ونود أن تظل على الخطة التي رسمتها لنفسها فلا يكون للسياسة إلى أبحاثها سبيل. والسياسة ما دخلت في أمر إلا وأفسدته. ونحث كل من يفهم الفرنسية في هذه الديار أن يبادر إلى الاشتراك بها فهي من أنفع ما يكتب عن أهل الإسلام في تلك الديار وقيمة اشتراكها خارج فرنسا 35 فرنكاً. فنثني على القائمين بهذا المشروع النافع أجمل الثناء ونسأل لهم التوفيق إلى ما يقصدون إليه من خير البشر والسعي في النافع العلمية العامة جزاهم الله خيراً.
نادي اللغات الشرقية البلجيكي
بعث إلينا العالم المستشرق المسيو راول بوانتو في بروكسل رئيس مجمع اللغات الشرقية في البلجيك كراسين ذكر فيهما مادار من الخطب بين أعضاء المجمع في السنتين الماضيتين الأولى لتأسيس مدرسة في البلجيك لتعليم اللغة الصينية حباً بنشر تجارتها في مملكة ابن السماء والثانية لتأسيس مدرسة لتعليم اللغة الفارسية وقد أسست أيضاً فمما قاله الرئيس المشار إليه إن ما قامت به البلجيك اليوم من تأسيس مدارس لتعليم اللغات الآسيوية ليس بالأمر الجديد فإن الدول الغربية التي كان لها صلات مع الشرق شعرت بوجوب تعلم لغاته منذ القديم ولذلك أسست لها مدارس خاصة فأقامت النمسا سنة 1753 على عهد ماري تريز مدرسة للغات الشرقية في فينا وما كانت الغاية منها تخريج القناصل والوكلاء السياسيين بل تخريج التجار العارفين فعاد ذلك عليها بمنافع عظيمة. وكذلك فعلت فرنسا فأسست مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس سنة 1795 افتتحت منها فوائد سياسية وتجارية وأنشأ بسمارك في برلين مدرسة لمثل هذا الغرض سنة 1887 وكذلك روسيا أنشأت مدرسة عالية لتعليم اللغات الشرقية في بطرسبرج وذلك ما عدا المجامع العلمية الشرقية في موسكو وفلاديفوستك. وحذت البلجيك هذا الحذو وهي تنشئ هذه السنة مدرسة لتعليم اللغة العربية. بارك الله بكل من يخدم العلم تحت أي ستار ولأي غرض كان.
خمس رسائل نادرة
طبع الأديب النشيط الشيخ عبد المجيد زكريا على نفقته خمس رسائل لأربعة من كبار رجال العلم الأقدمين وحملة لواء الشريعة والدين. اثنتان منها لشيخ الإسلام ابن تيمية إحداهما في شرح حديث أبي ذر والأخرى فتواه في قول النبي ﷺ أنزل القرآن على سبعة أحرف وما المراد بهذه السبعة وهاتان الرسالتان هما كسائر ما كتبه شيخ الإسلام من الكتب والرسائل والفتاوى النافعة. والثالثة كتاب الأدب الصغير لابن المقفع منقولة عن المقتبس. والرابعة في الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم للحافظ الذهبي وهي مفيدة جداً في بابها فما قاله فيها: وقد كتبت في مصنفي الميزان عدداً كبيراً من الثقات الذين احتج البخاري أو مسلم أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح وما أوردتهم لضعف فيهم عندي بل ليعرف ذلك ومازال يمر بي الرجل التبت وفيه مقال من لا يعبأ به ولو فتحنا هذا الباث على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما والله يرضى عن الكل ويغفر لهم فما هم بمعصومين. قال وهكذا كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض ينبغي أن يطوى ولا يروى ويطرح ولا يجعل طعناً ويعامل الرجل بالعدل والقسط. فأما الصحابة فبساطهم مطويٌ وإن جرى ما جرى وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات فما يكاد يسلم أحد من الغلط لكنه غلط نادر لا يضر أبداً إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل وبه ندين الله تعالى. وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمداً ولكن لهم غلط وأوها فمن ندر غلطه في جنب ما قد حمل احتمل ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضاً ونقلا حديثه وعمل به على تردد بين الأئمة الإثبات في الاحتجاج عمن هذا نعته. . . ومن فحش خطأه وكثر تفرده لم يحتج بحديثه ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين ويوجد ذلك في صغار التابعين فمن بعدهم. وأما أصحاب التابعين فعلى المراتب المذكورة ووجد في عصرهم من يتعمد الكذب أو من كثر غلطه وغلظ تخبيطه فترك حديثه. وهكذا أورد مشاهير المحدثين وذكر عن كل فرد منهم بإيجاز ما قيل فيه. وحبذا لو صرفت العناية إلى إحياء كتب الجاحظ الذهبي في هذه الديار فإنها كلها عقود منظومة نافعة ولا نذكر أنه طبع له سوى ثلاثة كتب جليلة الأول تذكرة الحفاظ طبع في حيدر آباد الدكن من الأصقاع الهندية والثاني كتاب ميزان الاعتدال في نقد الرجال طبع في الهند أيضاً والثالث المشتبه في أسماء الرجال طبع في ليدن. وحبذا يوم يطبع كتابه تاريخ الإسلام.
والرسالة الخامسة رسالة في حكمة الله تبارك وتعالى في خلق العالم وخصوصاً الإنسان وتكليف الناس للعبادات وهي لحجة الحق عمر الخيام. وهذه الرسالة فيما نحسب أول ما طبع بالعربية لهذا الفيلسوف الشرقي الكبير الذي ترجم ديوانه الفارسي إلى الإنكليزية فأقامت معانيه أدباء الإفرنج وأقعدتهم وأحلوا محل الاعتبار العظيم لعلو فلسفته ما أحلوا شعر حافظ الشيرازي وأبي العلاء المعري عندما ترجم إلى لغاتهم. ولما لم يشتهر الخيام بين قراء العربية رأينا أن ننقل الترجمة الموجزة التي ذكرها له صاحب تراجم الحكماء وما لا يدرك كله لا يترك كله. قال القفطي في الخيام: أمام خراسان. وعلامة الزمان. يعلم علم يونان. ويحث على طلب الديان. بتطهير الحركات البدنية: لتنزيه النفس الإنسانية. ويأمر بالتزام السياسة المدنية. حسب القواعد اليونانية. وقد وقف متأخرو المتصوفة مع شيء من ظواهر شعره فنقلوه إلى طريقتهم. وتحاضروا بها في مجالساتهم وخلوتهم. وبواطنها حيات للشريعة لواسع (في الأصل لوامع) ومجامع للأغلال (لعله الإصلاح) جوامع. ولما قدح أهل زمانه في دينه. وأظهروا ما أسره من مكنونة. خشي على دمه. وأمسك من عنان لسانه وقلمه. وحج متأقاة لا تقية. وأبدى أسراراً من السرائر غير نقية. ولما حصل ببغداد سعى إليه أهل طريقته في العلم القديم. فسد دونهم الباب سد النادم لا سد النديم. ورجع من جده. إلى بلده يروح إلى محل العبادة ويغدو ويكتم أسراره ولابد أن تبدو. وكان عديم القرين في علم النجوم والحكمة. وبه يضرب المثل في هذه الأنواع لو رزق العصمة. وله شعر طائر تظهر خفياته على خوافيه. ويكدر عرف قصده كدر خافية فمنه:
إذا رضيت نفسي بميسور بلغة ... يحصلها بالكاد كفي وساعدي أمنت تصاريف الحوادث كلها ... فكن يا زماني موعدي أو مواعدي
أليس قضى الأفلاك في دورها بأن ... تعيد إلى نحس جميع المساعد
فيا نفس صبراً في مقيلك إنما ... تخر ذراه بأنقاض القواعد
والرسالة جيدة الطبع والورق وتطلب من مؤلفها في دمشق ومن المكاتب الشهيرة في القاهرة بثلاثة قروش أميرية فنحث على اقتنائها.