مجلة الرسالة/العدد 978/البريد الأدبي
→ الكتب | مجلة الرسالة - العدد 978 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 31 - 03 - 1952 |
أنا مع سيد قطب
لما كانت المعركة الأولى (سنة 1938) كنت مع الأستاذ شاكر علي
الأستاذ قطب، فكيف أكون الآن مع قطب على شاكر؟ ذلك لأني دائماً
مع ما أرى أنه الحق. والأستاذ شاكر صديقي من ربع قرن، والأستاذ
قطب رفيقي على مقاعد الدرس في دار العلوم من ربع قرن، وليس بي
الآن مدح ولا هجاء، ولا إغضاب ولا إرضاء. ولكن بيان الحق الذي
أراه، ولعلي مخطئ فيما أرى
وأنا اعلم أن للصحابة منزلة لا يدنو منها أحد منا، وإننا مهما سعى الصالحون منا فإنهم لا يلحقون غبار أحدهم، فضللا عن أن يحاذون أو يسبقوه. وإن لبني أمية في نشر الإسلام وفي فتح الفتوح فضلا لا ينكره أحد، وأنه كان منهم عظماء حقا إن عد عظماء الرجال، ولكن هل كانت دولة بني أمية دولة إسلامية؟
لقد هدم معاوية أكبر ركن في صرح الدولة الإسلامية حين أبطل الانتخاب الصحيح، وجعله انتخاباً شكلياً مزيفا، وترك الشورى، وعطل الكفايات، وسن هذه السنة السيئة، بل هذه الجناية التي جرت أكثر البلايا، والطامات التي تملا تاريخنا السياسي، فهل نقول لمعاوية: أحسنت في هذا؟ بل إني لأسأل، هل يقول هذا محمد رسول الله صلى الله عله وسلم لو كان حيا؟ إن معاوية صحابي جليل، وله مناقبه وفضائله، ولكن حكم الدين على الجميع، ومقاييس الإسلام بها كل كبير، فهل كان معاوية في عمله هذا متبعا أحكام الإسلام؟
هذه واحدة وإن كانت بألف
وهذا الاستبداد، والحكم الفردي، الذي سار عليه ملوك بني أمية، وتحكيم آرائهم وشهواتهم في مصلحة الأمة، ودماء أفرادها وأموالهم، دون تقيد بكتاب أو سنة، أو رجوع إلى علم أو فقه هل هو من الإسلام؟
واختيارهم شر الولاة، من الطغاة الظالمين، وتحكيمهم في رقاب الناس، هل هو من الإسلام؟ هل يقر الإسلام تولية مثل الحجاج على رجوته وعظمة نفسه، وخالد لقسري، وأمثالهما من الجبارين؟
وإثارتهم العصابات والخلافات، بين القبائل وبين الشعراء وتمهيدهم سبيل اللهو والاستهتار، لأنفسهم وللناس، ولا سيما جيران بيت الله، وأهل مدينة رسول الله؟
وعدوانهم على الحريات، وعلى المقدسات، وقتلهم العلماء من أمثال الحسين وسعيد بن جبير، وإيذاؤهم سعيد بن المسيب، وضربهم الكعبة بالحجارة وبالنار، هل هو من الإسلام؟
إن هذه كلها أشياء ثابتة، لم يفترها عدو، ولم يضعها خصم، وهذه كلها تناقض الإسلام أشد التناقض، بل إن بعضها لم تأت بمثله الجاهلية الأولى
وما كان عليه العباسيون، ومن جاء بعدهم، من الطغيان والعدوان على الأنفس والأموال، واتباع غير سبيل الهدى، كل ذلك يسأل عنه بنو أمية، لأن من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ومن عمل بها إلى يوم القيامة
وأنا اكبر بني أمية. وامجد آثارهم، وارفع أقدارهم ولكن لا أستطيع أن أقول إن دولتهم كانت دولة إسلامية، لأني أكون قد مدحتهم بذم الإسلام، والإسلام أحب إلي واعز من بني أمية، وبني هاشم، وأهل الأرض جميعا
دمشق
علي طنطاوي
إبراهيم الواعظ
قرأت بإعجاب ما كتبه الأستاذ إبراهيم الواعظ في الرسالة بالعدد 971، فتذكرت ماله عندي من يد بيضاء يوم كنت أعمل بمدارس العراق الشقيق سنة 1942، وحق على بهذه المناسبة أن أقدم لقراء الرسالة فذة في مجال الفكرة الإسلامية
تعرفت عليه ببغداد، وكان من صفوة القلة الذين أنست إليهم في مختلف الأحاديث التي كنا نطرقها في ندوة كانت تضم حسن بك سامي وزير العدل السابق، فنتحدث فيما يهمنا من شؤون الثقافة
وعرفت الأستاذ الواعظ محاميا له بين قومه، مكانة مرموقة بما تميز من اطلاع واسع على التراث الإسلامي، وعناية فائقة بالقضية العربية واختير أخيرا ليكون مستشارا للجامعة العربية وهو اليوم مقيم بالقاهرة، ولقد صادف هذا الاختيار أهله
وفي الحق أن الجامعة العربية قد ضمت إلى كتيبتها العاملة رجلا لله قدم راسخة في شتى الميادين: فهو المحامي الشهير، والمحاضر الممتاز في الإذاعة العراقية وقاعة الملك فيصل، ثم هو شاعر، ومؤرخ ولغوي، وكاتب مسرحي، وله في عالم التأليف أثر محمود
قرأت له (مدرسة محمد) وهو مسلسلة من إذاعاته عن أعلام الإسلام، واذكر أنه قد أعلن عن مجموعة طبية من المؤلفات تحت الطبع منها (معاوية) و (قصة الغرأنيق) و (سورة الفيل) و (حديث القرطاس) و (المقتنى) كما أعلن عن مسرحيتين شعريتين هما (فتح مصر) و (الزباء)، وما أدري أن كان بعضها قد نشر أم لا
وعسى أن تحظى دور النشر في مصر بهذه النفائس لتذيعها في الناس لتعم فائدتها، لما عرف الأستاذ الواعظ من اقتنائه لأثمن الكتب العريقة، وصبره على التحليل والتدقيق، وبراعته في التبسيط والعرض، أرجو أن تسعىإليه الإذاعة المصرية، والجامعة الشعبية، والنوادي الثقافية، والجمعيات الدينية، والمجلات الأدبية لتنال حظها من علمه الغزير وأدبه الأصيل
محمد محمود زيتون
الأسوة الحسنة. . .
قال دولة رئيس مجلس الوزراء لبعض الصحفيين إنه سيعمل على تحقيق العدالة، وأنه لن يحابي أحدا، ولو أن ابنه خلاف القانون لذبحه!. . .
وهو بهذا يتأسى بالرسول الكريم، صلوات الله عليه وسلامه، يوم جاءه أسامة بن زيد (يتشفع للمخزومية، فقال له عليه الصلاة والسلام:
- أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟. . . ولله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها!. .
وبهذا وضع محمد عبد الله، عليه أفضل الصلاة والسلام، اللبنة الأولى في أساس العدالة الاجتماعية، ومبادئ الديمقراطية الإسلامية الصحيحة عيسى متولي
ليس هذا تجديدا
يحلو لكثير من أفذاذ الكتاب أن يستعملوا كلمة (آونة) على أنها لفظ مفرد ظانين أن هذا نوع من التجديد في اللغة العربية وما هو من التجديد في شيء. والواقع أنه خطأ كبير انزلقت إليه براعة الكاتبة الفضلى الدكتورة بنت الشاطئ في أحد تعليقاتها على الكتاب الجديد ولم أشأ أن أتعرض له في حينه، ولكن تكرر هذا الخطأ من الأستاذ الكبير الصاوي بك في أهرام 19 مارس سنة 1952 فلام أجد مناص عنالتنبيه إليه، أو على الأصح من تكرير التنبيه إليه، لأني كنت قد نشرت تصحيحا لهذا الخطأ منذ أكثر من عامين وقلت فيه أن كلمة (آونة) جمع مفرد أو أن مثل أزمنة وزمان لفظا ومعنى. وأني كرر هذا التصحيح ما دام التكرير في مثل هذا المقام يحلو