مجلة الرسالة/العدد 964/رسالة الشعر
→ تعقيب: | مجلة الرسالة - العدد 964 رسالة الشعر [[مؤلف:|]] |
تعقيبات ← |
بتاريخ: 24 - 12 - 1951 |
غضبة مصر
للأستاذ أنور العطار
(. . . أن غضب الشعب كغضب الطبيعة، أن هاج لا يقدع،
وإذا وقع لا يدفع):
(الزيات)
- الرسالة العدد 962 -
حمى العرب في مصر من روعه؟ ... ومن عاث فيه ومن زعزعه
تغشى الشجون نهاراته ... وتسهد ليلاته المفزعة
تضرج آفاقه بالدماء ... وبالهول والنكبة المفظعة
وبالقلق المر يغشى الحمى ... ويدمعه حسرة موجعة
ويبتعث الفتية القاحمين ... أولى البأس والغبطة المشرعة
تنادي الكرام على خطبه ... ولبوه بالمهج الطيعه
ورووا أباطحه بالدماء ... وندوا بمخضو به أربعه
وكانوا الأضاحي يوم الفداء ... فكانوا العطاش على مشرعه
تهاووا على الموت في لهفة ... فمر بهم سنة مسرعه
فذاقوه أعذب ما يشتهي ... فيالك من ميتة مطمعه
فياطيفهم أنت ملء الضلوع ... عزيز على القلب أن ينزعه
يعيش بذكراهم دائبا ... فتسهر ذكراهم مضجعه
وتغمره بالأسى والحنين ... فان شمته شمته أدمعه
كأنهم بسمات الربيع ... تجود بها روضة مونعة
كأنهم نفحات الخلود ... فلله عطرك ما أضوعه
حمى العرب في مصر من روعه ... ومن عاث فيه ومن زعزعه ومن أنت يا خزي هذا الأنام ... ومن أنت يا ناشد مصرعه
ومن أنت يا بدعة الظالمين ... أما آن للحق أن يقمعه
أتنحوا على الروض نظرا جناه ... تقصف في حنق أفرعه
وتطوي مباهج سفر الوجود ... وما ضم من صور ممتعه
وتقذف بالرعب في الآمنين ... وتلتهم الطفل والمرضعه
تزلزل بالناس سكناهم ... كان ديارهم بلقعه
وتأتي على بلد صابر ... عجيب لكرك ما أفظعه
بوجه تلفع بالموبقات ... تعف الخساسة أن تصفعه
وقلب تخلع من رعبه ... تشبث بالكهف والصومعه
تسلح بالغدر يوم الصدام ... فكان على الغدر أن يصرعه
فما ضره لو أماط اللثام ... وخلى لأربابه برقعه
وعقل من الطيش مستنبط ... قضى دهره كله إمعه
إذا أزمع الناس يوم الزماع ... تلجلج مستأنيا مزمعه
وأن نهضوا للعلى والرشاد ... مشى للخنا سالكا مهيعه
ولو كان أمعن في عقله ... لكان من الخير أن برقعه
أضاع الرشاد غداة الهياج ... ولا يعرف المرشد من ضيعه
فيالك مدعيا باغيا ... ولله بغيك ما أشنعه
ويالك من مورد آسن ... يمج ضروب الأذى والضعه
بنى النيل هبوا بيوم الفخار ... فلا خير في العيشة المضرعه
بناء من الظلم جدرانه ... فلن نرجع الدهر أو نصدعه
ولا تهنوا في مجال الكفاح ... ولا ترهبوا جاحم المعمعه
ألستم بنى العربي الأبي ... ومن عاش للمعتفي مفزعه
ومن مر بالأرض مثل الغمام ... وطوقها رحمة ممرعه
إذا هجته هجت ليث الشرى ... فهاجت على أثره مسبعه
وأن رمت تقبس من هديه ... أراك السنا سابرا منبعه إذا كتب القوم تاريخهم ... فتاريخنا الخير والمنفعة
وتاريخنا حافل بالعلاء ... وتاريخهم ملؤه الجمجعة
سأنشر ما عشت أمجادنا ... وابعث ماضينا اسطعه
بنينا على الحمد هذا الوجود ... وصغناه أنشودة مبدعه
فلا بد للحق أن يستفيض ... ولا بد للبطل أن ندفعه
هو الرزء يجمع أشتاتنا ... فاعلوا بحبكم مجمعه
تساقي الإخلاء أمواهه ... وطافوا بأكوابه المترعة
تلاقوا كما تتلاقى الدموع ... وتشتبك الدوحة المفرعه
وصانوا العلى والإخاء القديم ... وصانوا التراث ومستودعه
ومن عاق هذا الهوى والوئام ... فأنا عليه ولسنا معه
ومن يزرع الربح في أرضنا ... فلا بد أن يحصد الزوبعة
دمشق
أنور العطار
الضيف الخالد
للأستاذ محمود عماد
ما أنا معك، لا ولا أنت مني ... أيها النازل الحمى فاغمض عني
أن تكن ضيفنا فسبعون عاما ... يلعن الضيف بعدها أي لعن!
او تكن جئتنا لتحمي فردا ... فهو والله مات من نصف قرن
وهو والله لم يحط عرشه الخو ... ف لدن جئته تجود بأمن
هو عرش في كل عهد محوط ... من أرضنا شعبه بأمنع حصن
ولنهبها مروءة لك غاضت ... فلقد جاوزت حدود التمني!
وهي منا لما تفز بشكور ... فلتفز منك يا جواد بضن
هي صنف من المروءات لا يل ... قي لدى البذل غير حقد وضغن
هي صنف من المروءات يسدي ... بأكف من كثرة السلب حجن ووجوه صفيقة الجلد لو شد ... ت نعالا لما اعتراها تثني!
يا ذئابا في صورة الناس تبدو ... فن تمثيلكم لهم أي فن؟
قد وصلتم بمخلب كل ظفر ... ويناب وصلتمو كل سن
أي شر خشيتموه علينا ... ومننتم بدفعه كل من؟
أي خصم أقمتمو لتصدو ... هـ بضرب عن أرضنا وبطعن؟
أنتم الشر والخصوم جميعا ... فدعونا نفز بأمن ويمن
إن نخالفكم الغداة فمن ذا ... نتقيه من بين انس وجن؟
أين ما قد اذيع في مجلس إلا ... من، أو الخوف، من أغاني المغنى؟
أين ما قد زعمتمو من حقوق ... قد سننتم قانونها خير سن؟
أين حق الإنسان أو أين حق ال ... شعب في حطم كل قيد وسجن؟
وهو إنساننا الذي صنع الله ... وترعونه بحق التبني؟
أم تراه الذي صنعتم نحاسا ... لتقودوه دون عقل وذهن؟
يا بني النيل، من ثحدر من قح ... طان في أصله ومن فرعون
أنني في عروقكم سامع صو ... تين قد دويا بوحي دمين
إن هلموا، فاليوم - أو مستحيل - ... يرجع النيل عزة الضفتين
لا تخافوا جنديهم فهو لا جن ... دي، بل أعطى أسمه حسن ظن!
انه مشجب لحمل سلاح ... فانزعوه يكن لكم شبه قن
اضربوه بسيفه أن تفضل ... تم، وإلا في ضربه النعل تغني
لم يكن راحما، فحرمت الرح ... مة منكم عليه، دينا بدين
محمود عماد
نسف قرية
للأستاذ عبد اللطيف النشار
ديار الآمنين نسفن نسفا ... فبات على الثرى منا الألوف
وما اقترفوا ولا هموا بذنب ... ولكن هكذا شاء الحليف ليظهر بطشه ويخيف شعبا ... يرى أن المنية لا تخيف
ألا يا أمة هرعت وشاخت ... ثقيل عداوة وأذى طفيف
ستبلعكم مقابركم لدينا ... وتغنينا عن الدور الكهوف
سلاحكموا - وان غدا قريب - ... بأيدينا فوز نكمو خفيف
وفي أجناد كم ما ليس يخفى ... على أحد وان كره العفيف
يبيع سلاحه منكم ظريف ... بعيد عن مقاصدكم عزوف
لطيف الدل ذو صوت رخيم ... وتجنى من محاسنه القطوف
وبملكه الحياء ويتقينا ... بكفيه إذا سقط النصيف
بكاس يشتري منه سلاح ... ويخلب لبه القول اللطيف
عساكركم دمى صيغت بفن ... وأولى أن تضيق بها الرفوف
وإن نسفوا منازلنا فقدما ... تجنى عند فرصته الضعيف
لقد فقدت كرامتها جيوش ... يبيع سلاحها منهم ألوف
وقد كرهوا الحروب فإن فيهم ... شيوعيين دينهموا الرغيف
وقد فقدوا رجولتهم فمنهم ... غريق في مذلته مؤوف
جنودكمو الآلي دللتموهم ... رخيم أو بهير أو نزيف
تخذتم أكثر الدنيا عبيدا ... فحارب دونكم جيش عنيف
وحررهم وغلبهم عليكم ... زمان رأيه فيكم حصيف
تولى المترفون الأمر فيكم ... دروعهمو الغلائل والشفوف
أرى متنعمين وهت قواهم ... فظل العيش عندهموا وريف
وحق عليكموا ما حق قدما ... على من سادهم أبواء جوف
نسفتم دورنا فلتذكروها ... فهلا قلعة من عهد خوفو
بناء يبتنيه أهل مصر ... يحطمه بمدفعه الحليف
فيالك ضحكة دوى صداها ... يجاوبها من الجن الزفيف
ألا إلى الآلي شردتموهم ... سيصلح أمرهم رب رؤوف
ستسمى في أكفهمو حراب ... وتصبح بين أيديهم سيوف فيا للثأر يا أبن منا ورمسو ... ولا يزعجك جمعهمو الكثيف
وما يكتال بالثارات آب ... دم بدم ونحسو أو نسوف
عبد اللطيف النشار