مجلة الرسالة/العدد 963/رسالة الشعر
→ تعفن المذهب المادي | مجلة الرسالة - العدد 963 رسالة الشعر [[مؤلف:|]] |
الأدب والفنّ في أسبوع ← |
بتاريخ: 17 - 12 - 1951 |
السودان
للأستاذ عبد اللطيف النشار
أو تدرى ما المثنى المفرد؟ ... مصر والسودان شيء أحد
هي كف ركبت في ساعد ... تجمع الشطرين في الجسم يد
جفن عين دونه مقلتها ... تمم الأبيض منها الأسود
وجرى النيل حياة فيهما ... مصدر الروح به والمورد
تقسم الأرض: إذا اليوم أبى ... أن يرى كالأمس واليوم غد
أو يحد الأرض حد بارز ... ليت شعري أي حد وجدوا
هبة النيل التي لم ينفرد ... بسمات منذ أهدى - بلد
وحد الكل على منهجه ... منذ أن كان - وطال الأمد
وجرى الدهر على عادته: ... ما ارتضى الأقوام شيئاً وطدوا
ارتضى الوادي لسانا واحدا ... معبد الكثرة فيه المسجد
أمل الشقين فيه أن يرى ... أجنبي عن حماه يبعد
وعدو الكل من يظلمهم، ... شرط أهل الود لا يعتدوا
عدد الإجرام مستعمرهم ... ما لقطر حل فيه رغد
في فلسطين رأينا يده ... خرجت عامرة تلك اليد
لو بأمريكا استمروا لندت ... اتعس البلدان حتى يطردوا
جورج واشنطون فيهم قالها ... رد صداها الأبد
(سرطان بتره أولى به) ... أهل طاغيهم عليه شهدوا
كل أرض غادروها صلحت ... كل قطر دخلوه أفسدوا
شعلة النار التي أوقدها ... بفضهم في الهند ليست تخمد
دولة الحانات في الهند سمت ... وبنو القرصان لما يولدوا
ثم كان الأمر في الهند لهم ... فإذا الأمجاد فيها تفقد
وهوت في أفقه أنجمهم ... فعلا في الهند نجم أسعد سيرى الوادي بشطريه متى ... ذهب المحتل مالا يعهد
جنت الهند وأمريكا المنى ... عندما انزاح العدو المعبد
وسنجني نحن أضعاف المنى ... عندما يذهب هذا النكد
وحدة التاج ويجلو جندهم ... وغد يحلو لنا، نهم الغد
النيل
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
(في الشرفة المطلة على النيل، وفي ليلة من ليالي القاهرة الساحرة، كنت أتحدث إلى الناقد الكبير الأستاذ المعداوي وكان يتحدث إلى فأرادني أن أشارك بأشعاري في معركة التحرير. وكان النيل ينساب في ضوء القمر جميلا فاتنا، فأوحى إلى بهذه القصيدة التي أهديها إلى آخي العزيز، مع مودتي وإعجابي)
نجا
من عالم في الخبال ... في موكب من جمال
وعزة وجلال ... يروى حديث المعالي
أقبلت يا ابن الليالي
غنت لك الشطآن ... وذهرها الظمآن
والطير والأغصان ... حنت ليوم الوصال
يا نيل يا ابن الليالي
لما طلعت عليها ... آتى الربيع إليها
وأينعت في يديها ... أزاهر الآمال
يا نيل يا ابن الليالي
يا منبتا في الصحارى ... نضارة وازدهارا
وفتنة لا تبارى ... منسوجة من رمال!
يا نيل يا ابن الليالي
ويا ربيع الزمان ... في كل وقت وآن تسري بتلك المغاني ... كالنور أو كالظلام
يا نيل يا لبن الليالي
ويا ربيب الغيوم ... من عهد فتق السديم
ويا عشيق النجوم ... من العصور الأوالي
يا نيل يا ابن الليالي
أنت الهوى والأغاني ... وأنت لحن التداني
وأنت نبع الحنان ... يسرى كذوب الآلي
يا نيل يا ابن الليالي
وأنت سر الحياة ... وأنت روح النبات
ومنشئ الجنات ... على الضفاف الخوالي
يا نيل يا ابن الليالي
وأنت رمز الجهاد ... على مدى الآباد
وأنت روح البلاد ... جنوبها والشمال
يا نيل يا ابن الليالي
شهدت فجر الوجود ... مع الزمان البعيد
وكنت سر الخلود ... من أول الآزال
يا نيل يا ابن الليالي
وعشت دهرا ودهرا ... وأنت تنساب حرا
ومن تحداك. . . مرا ... وراح مثل الخيال
يا نيل يا ابن الليالي
والآن يبغي الأعادي ... على أولى الأمجاد
فلا عدتنا العوادي ... إن لم نطر للنضال
يا نيل يا ابن الليالي
وهل ترانا صبرنا ... على العدى وانتظرنا؟
إنا غضبنا وثرنا ... على جنود الضلال يا نيل يا ابن الليالي
فكن حميما ونارا ... وسابق الإعصارا
وحطم الأسوارا ... هناك عند القنال
يا نيل يا ابن الليالي
إنا سنحمى حمانا ... وسوف نفنى عدانا
وتستذل الزمانا ... سيوفنا والعوالي
يا نيل يا ابن الليالي
ونحن نسل العظام ... من كل نجد همام
ونحن يوم الصدام ... نطيح بالأبطال
يا نيل يا ابن الليالي
آباؤنا علمونا ... ألا نخاف المنونا
وأن ندك الحصونا على رءوس الرجال
يا نيل يا ابن الليالي
يا نيل دمت أمينا ... ودام خيرك فينا
وعشت تطوى السنينا ... إلى الذرا والأعالي
يا نيل يا ابن الليالي
لأجل شعب كريم ... ممجد من قديم
وللمليك العظيم ... المنتمى للمعالي
يا نيل يا ابن الليالي
سلمت في خير حال ... من الردى والزوال
والأسر والأغلال ... على مدى الأجيال
يا نيل يا ابن الليالي
إبراهيم محمد نجا