الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 956/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 956/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 956
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 29 - 10 - 1951


مدينة بلا مكتبة.!

يقول الأخ الأستاذ الفاضل عباس خضر في كشكوله الأسبوعي في العدد الصادر في 15 أكتوبر سنة 1951 من الرسالة الغراء إن مجلس نقابة ممثلي المسرح والسينما قرر أخيراً إنشاء مكتبة للنقابة. . ثم يقول: (. . والغريب في هذا الخبر أن النقابة ليس لها مكتبة إلى الآن. .)

فإذا كان خلو نقابة ممثلي المسرح والسينما - وهي المنشأة في قلب القاهرة، العاصمة الكبيرة الزاخرة إلى جانب دار الكتب الحكومية العامرة بمختلف المخطوطات القديمة وآلاف المطبوعات المؤلفة بمختلف اللغات - قد أدهش الأخ الأستاذ الفاضل، فما قوله - دام فضله - في خلو مدينة عظيمة بأسرها كمدينة بور سعيد، ثالث مدن القطر وأهم واكبر مواني مصر على الإطلاق بعد الإسكندرية، من دار كتب أو مكتبة عامة.؟

إنني أرى - إذ يقف حضرته على هذه الحقيقة المرة، التي ربما لم يقف عليها من قبل - أنه أولى به أن ينتابه الدهش والاستغراب أكثر مما ينتابه من خلو دار نقابة من مكتبة خاصة ينحصر نفعها في أعضائها.!

إنه والله لمن العار حقاً أن تظل هذه المدينة العظيمة المرموقة التي تشرف على أكبر وأهم ممر بحري دولي في العالم، مفتقرة كأية قرية مهملة في قلب البلاد، إلى مكتبة أو شبه مكتبة أو دار كتب إلى الآن وفي هذا العصر الذري.!

نعم، إنه لمن العار على كبراء هذه المدينة المنكودة وأعيانها وأثريائها ومن بيدهم أمورها أن تفتقد الطوائف المثقفة فيها دار كتب وقاعة محاضرات تليقان بمقامها وبمركزها الدولي وشهرتها بين مواني العالم نتيجة للجهل المطبق المخيم على بعض العقول والإفهام. .

فمتى ينتبه من رقاد مهلك ... من قد أضر بعينه هجماتها!

محمد عثمان محمد

أصحاب المعالي:

قرأت في العدد الأخير من الرسالة الغراء بحثاً قيماً للأستاذ محمد محمود زيتون بعنوان (أصحاب المعالي) وقد أكبرت جهد الأستاذ في جمع الشواهد وشرحها والتعليق عليها مما يدل على طول باعه في الاستدلال وذوقه في الاختيار.

إلا أني وجدت بعض المآخذ فأردت التنبيه إليها.

جاء في مقال الأستاذ بيت من قصيدة معروفة لأبي تمام الطائي نسبها إلى أبي العتاهية والبيت في وصف القلم

لك القلم الأعلى الذي بشباته ... يصاب من الأمر الكلى والمفاصل

إذا ارتكب الخمس اللطاف وأفرغت ... فيه شعاب الفكر وهي حوافل الخ

وقد ذكر في مقاله عن قصيدة أبي الحسن الأنباريفي رثاء الوزير المصلوب أبي طاهر محمد بن بقية أن الشاعر تمنى لو كان هو المصلوب ليرثي بالقصيدة المذكورة، والحقيقة أن السلطان عضد الدولة هو الذي تمنى ذلك حينما قرأ أو سمع القصيدة وقد ذكر الأستاذ زيتون أبياتاً مختلفة للإمام علي كرم الله وجهه والثابت أن الإمام لم ينظم الشعر ترفعاً عنه للآية الكريمة. . (والشعراء يتبعهم الغاوون الخ) كما لم يؤيد قول الإمام للشعر الأستاذ الزيات في مؤلفه العظيم (تاريخ الأدب العربي) وإن جاء في عبقرية الإمام للأستاذ العقاد أبيات في آل همدان لكنها لا تؤيد قول الإمام للشعر.

ومما لاحظته على الأستاذ الكريم إيراده لبيتين لولادة بنت المستكفي لا تنم عن المعالي وبعد الهمة بل تدل على الاستهتار وعدم الحشمة حين تعطي قبلها لمن يشتهيها، وقد يشتهيها عبدها، وشتان بين قولها

أمكن عاشقي من لثم ثغري ... وأعطي قبلتي من يشتهيها

وقول عائشة التيمورية

ما عاقني خجلي عن العليا ولا ... سدل الخمار بلمتي ونقابي

عن طي مضمار الرهان إذا اشتكت ... صعب السباق مطامح الركاب

كركوك

عبد الهادي أحمد السامرائي

وسوسان أيضاً: للأستاذ الشاعر كيلاني حسن سند اعتراض على كلمة (سوسان) سجله على الشاعر الشاب محمد مفتاح الفيتوري، ورد أديب من قراء الرسالة يصحح الكلمة في البريد الأدبي وأورد أبياتاً لأبي نواس تدعيماً لذلك.

ولقد لفت نظري هذا النقاش حول الكلمة لأن أستاذنا الكبير عباس العقاد أوردها كذلك في قصيدته النونية التي يعارض بها قصيدة ابن الرومي، فإذا رجعت إلى ديوانه ص37 قرأت:

بالغصن شبهه من ليس يعوفه ... وإنما هو للرائين بستان

وهل نما قط في غصن على شجر ... آس وورد ونسرين وسوسان

وللأستاذ العقاد مكانه - في مجمع فؤاد - الذي يطل منه ويشرف على مترادفات اللغة واشتقاقاتها. ولذا تكون الكلمة صحيحة.

السويس

محمد عبد الرحمن

1 - رد على تساؤل:

يسألني الأديب الفاضل عفيفي الحسيني هل يجوز وصف الله سبحانه وتعالى بالأزل والأبد بدون نسبة أي (الأزلي) و (الأبدي) وذلك في نقده لبيت من قصيدتي (النور الحائر) هو:

يا أيها الأزل المحجوب بالقدم ... يا أيها الأبد المستور بالعدم

وأنا أجيب حضرته بأنه لا مانع مطلقاً من ذلك. بل ربما كان أبلغ في الدلالة على المعنى المراد. فإنك حين تقول إن فلاناً (جمال) أو (كمال) أبلغ وأعمق مما لو قلت إنه (جمالي) أو (كمالي) ففي الصيغة الأولى جعلته هو (الكلي) بعينه بينما هو في الثانية جزء من (كل). ومما قالوه قديماً وأنشده سيبويه:

لست بليلي ولكني (نهر) ... لا أدلج الليل ولكن أبتكر

أما سؤال الأديب عن معنى الأزل المحجوب بالقدم مع ترادف اللفظين، أفلا يرى معي الأديب أن لله قدمه (المطلق). وأن الوجود له قدمه (النسبي). وأننا كلما دفعنا حب المعرفة إلى محاولة استجلاء ذاته المقدسة حجبه قدمه وقدم العالم عن مداركنا، ولا أحسب الأديب في حاجة إلى أن أهديه إلى معنى الأبد المستور بالعدم بعد هذا الذي ذكرت. ومن ثم يتضح له أن لا غموض ولا خطأ في البيت. وأن القافية مظلومة. ظلمها عدم الروية وقصور الأناة.

2 - بيتاق:

وددت لو لم يردا في قصيدة الأستاذ الشاعر عبد القادر الناصري (ميعاد) المنشورة بالعدد (947) حتى يظل لها مستواها الرفيع.

البيت الأول:

وظل يضرخ حتى ذاب من ألم ... فؤاده وجرى من ثغره مزقا

فالصورة المتخيلة هنا تمثل إنساناً يتقيأ قلبه قطعاً دامية من (ثغره) وهي صورة كما ترى يأباها الذوق الشعري الخالص. وأرجو أن لا يتعلق الشاعر بعنصر (الإثارة الشعورية) فطرق التعبير الشعوري السليم ميسورة للملهمين.

البيت الثاني:

أوليت خالق هذا الحسن من علق ... أحب يوما إذن ما ذل من عشقا

ونحن نسأل الشاعر من هو خالق هذا الحسن؟ أليس هو الله تعالى الذي يؤمن به ويقدسه كمسلم؟ إن الهبوط في هذا البيت جاء نتيجة ضعف ديني تتميز به طبقة أدبية معروفة. ما كنت أخال أن لها كل هذا التأثير في فطرة الشاعر. وبعد فعلى الشاعر المجيد سلام أخيه.

محمد مفتاح الفيتوري