مجلة الرسالة/العدد 955/المقامة المدريدية
→ أصحاب المعالي | مجلة الرسالة - العدد 955 المقامة المدريدية [[مؤلف:|]] |
رسالة الشعر ← |
بتاريخ: 22 - 10 - 1951 |
للأستاذ إبراهيم الابياري
أقلنا البحر على مبسوط مائه، وتحت منشور سمائه. وما هي إلا أن الفنان الوجود، في مثل المشدود، قد انضمت أطرافه، نبحر ما نبحر وما في ملتقى السماء بالماء منفذ، وطوانا الغيب في ظلمات ريب قد تراكبت إلفافه، نفكر حين نفكر فيلتاث علينا السبيل والمأخذ.
ونحن إذا صافانا الماء، وكتب للماخرة الاستواء، مردودون إلى كل ملهية، مرددون بيت الشادية:
وخطت هونا تهادي ... خطو ظبي لم يفزع
ونراع بالمائجة الهائجة، فتلفتنا عما نحن فيه، إلى ما لا يد إلى تلافيه، ويصطخب مع لج البحر لج الفكر، وكأنهما قد التقيا على أمر، فنلفي غرقى الأفكار، لا البحار. ويميد الطود فيترنح كل من عليه ترنح السكارى قد أفلت منهم حبلان حبل العيون، وحبل البطون، هذا عن خوف، وذاك لانقلاب الجوف.
ومنا من لو ملك أن يقطع ما بينه وبين الحياة لفعل يشتري الآجل بالعاجل، آخذ يقول القائل:
إن المعنى إن يمكن قاطع ... أوداجه إن جاوز الصبر المدى
ويدركنا الغوث، بعد غيث، ونلحق البر، على مستقر
ولي لسان إذا طاوعته جهراً ... يكرر الحمد للمولى ويشكره
وأخطو إلى مدريد، على عجل حديد، وإذا أنا بين عشيةٍ وضحاها، على مغناها، فألتقي عصا التسيار بياض نهار، وما أن أفيء، حتى أتهيأ.
أمضى إلى الدار التي ... قد جملت ياسمين
فاروق أرسى أسها ... بيمينه طه حسين
هنا آمال في أمل، وأعمال للعمل، ودفائن مستورة، ومعالم مطمورة، حف بها الحافون، وخف إليها الخافون، نلقن عنهم، ولا نشركهم، على رابطة بيننا وبين الدارس، ووشيجة تجمعنا بالوارث.
أنا وإياكم بمنطق صادق ... أهل وإن بعد المدى بصلات وحسبنا هنا عربية إليها نعزى، فنجزي بها أحسن ما نجزي، فالأيدي ممدودة إلينا بالعون،
ونحن في ظل من الرعاية والصون.
وغداً سيثمر غرس غارسكم ... وغد مع العزم الصدوق فريب
مدريد
إبراهيم الابياري