مجلة الرسالة/العدد 955/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 955 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 22 - 10 - 1951 |
علم يغيب
غيب الموت منذ بضعة أيام علما من أعلام فلسطين، هو المربي الكبير الأستاذ أحمد سامح الخالدي، فقد توفاه الله عن كهولة فاضلة، ممتلئة بالخير والتقوى والمروءة، ولقد وهب حياته منذ شبابه للثقافة والوطنية والمثل العليا، حتى غدا كاتبا مرموقا وعالما خبيرا بالتربية وأصول التدريس، أشرف على التعليم العام، وأدار الكلية العربية بالقدس الشريف بكفايته وتوجيهه إلى جانب بحوثه وتحقيقه، وله أشتات المؤلفات مطبوعة ومخطوطة، وقد نزح عن موطنه حين عدا عليه الأعداء، فأقام ببيروت عاكفا على التأليف والتصنيف، ومديرا لشركة الطيران اللبناني التي أسسها آل زوجته الأديبة الفضلى السيدة عنبرة سلام.
وكانت (الرسالة) حفية بمقالاته حتى عددها الأخير، فما أجدرها بالعزاء والتنويه بمآثر الفقيد الخالد.
ولعل الأيام القريبة تتيح لي القيام بهذا الواجب.
القاهرة
وداد سكاكيني
1 - إلى الأستاذ قطب:
أخي صاحب التصوير الفني في القرآن. . .
قرأت في البريد الأدبي من مجلة الرسالة الغراء العدد (951) تعقيبك على مقال السيد سامي أمين (النقد والشعر) فاستغربت من كاتب كبير له مكانة مرموقة في العالم العربي أن يتصدى للرد على أديب لم نسمع به عدا هذه المرة، ثم أخذني العجب مرة أخرى عندما عرض الكاتب نماذج من شعر السيد شاذل طاقة في العدد (951) من المجلة نفسها ولم يتعرض لشعر غيره من شعراء العراق المبدعين، فهذا الشاعر الذي تعرض لشعره السيد سامي أمين كان قد أصدر مجموعة من الهذر المنظوم (المساء الأخير) وعندما عرضت في أسواق بغداد لم تصادف الرواج لأنها ليست من الشعر بشيء لذلك أعرض عنها النقاد والأدباء.
أنا شاكر لك حسن ظنك بالشعر العراقي حيث تقول: (وهذا الذي عرضه لا يمثل نهضة الشعر العراقي حيث تلتمع قوية مرموقة تشير إلى مقعد الزعامة الشعرية في العالم العربي، ولعل الفرص تسنح لعرضها قريبا (لأنك أثبت أنك وأخوك صديقنا المعداوي وصديقنا عباس خضر وأستاذنا الزيات فوق الريح الإقليمية والعصبية المصرية. أما نع آرائك في النقد فيكفي أنك صاحب كتاب (النقد الأدبي) و (العدالة الاجتماعية في القرآن) وأرجو أن لا تكون في المستقبل إلا في المكان المرموق الذي أتمناه لك ولأمثالك من النابغين، ومحيا الله مصر، واقبل من أخيك أصدق وأسمى آيات الإعجاب والإخلاص. .
2 - نسبة شعر:
قرأت في العدد الأخير من مجلة (المستمع العربي) التي تصدرها دار الإذاعة العربية بلندن مقالا للأستاذ (أبو الوفا محمود رمزي نظيم) عن الموشحات في الشعر نسب فيه الموشحة التالية إلى ابن المعتز الشاعر العباسي:
أيها الساقي إليك المشتكي ... قد دعوناك وإن لم تسمع
ونديم همت في غرته
ويشرب الراح من راحته
كلما استيقظ من سكرته
جذب الزق إليه واتكا ... وسقاني أربعا في أربع
ونسبتها إلى المعتز خطأ شائع صححه العلامة المرحوم طه الراوي إذ أثبت بعد بحث وتنقيب أنها للشاعر الأندلسي (ابن زهر) وقد نشر المرحوم بحثه في مجلة (الرسالة) منذ سنوات ولا أتذكر الآن العدد المنشور به البحث. . .
3 - لمن هذا الشعر:
ذكر الأستاذ عبد العليم علي محمود في العدد (951) من الرسالة الحبيبة أن الأستاذ عبد الغني حسن الشاعر المعروف ينسب في كتابه (ملامح من المجتمع العربي) الأبيات الآتية إلى الجارية فضل:
لأكتمن الذي في القلب من حرق ... حتى أموت ولم يعلم به الناس ولا أقول شكا من كان يعشقه ... إن الشكاة لمن تهوى هي اليأس
ولا أبوح بشيء أكتمه عند الجلوس إذا ما دارت الكأس ونسبتها إلى فضل بل هي إلى الشاعر العباسي علي ابن الجهم حسب ما قرأها في الجزء الثاني من كتب المنتخب. .
وأقول أنا (بأن لدى نسخة من ديوان علي ابن الجهم) بتحقيق صديقنا معالي العلامة الشاعر خليل مردم بك سكرتير المجمع العلمي العربي بدمشق ووزير الشام المفوض فوق العادة ببغداد الآن فلم أعثر على الأبيات المذكورة آنفا في الديوان، وهو ديوان بذلت في سبيل إخراجه على هذه الصورة جهود لا تنكر، ولا أخال أن تلك الأبيات إلا لعباس بن الأحنف الشاعر الغزل المشهور لأنها أقرب لعاطفته، ورغم ذلك فهل في الباحثين من أدباء العرب من يعرف نسبة الأبيات المذكورة فيرشدنا لها وله منا ألف تحية وإعجاب؟!
4 - غنوة وغنية:
أخذ الأستاذ الفاضل عبد الفتاح الجزار من إلصاقية في العدد 951 من مجلة الرسالة الغراء بأن كلمة (غنوة) لا تدل على الاكتفاء واليسار ولكن كلمة (غنية) بالضم هي التي تدل كما في مختار الصحاح، وإيضاحا لذلك التنبيه أود أن ألفت نظر الأستاذ الجزار إلى كلمة وغنية وغنوة هما في معنى واحد وهذا هو الدليل. .
جاء في الصفحة (374) من لسان العرب لمؤلفه ابن منصور الأندلسي المتوفى سنة 711هـ. وهو أقدم مؤلفي المعاجم بعد ابن دريد صاحب (الجمهرة) المتوفى سنة 321 الذي يعد أقدم من وضع المعاجم في العربية، مادة (غنا) ما يلي:
استغنى الله سأله أن يغنيه قال وفي الدعاء اللهم إني أستغنيك عن كل حازم وأستعينك على كل ظالم، وأغناه الله وغناء (التشديد) وقيل غناه في الادعاء وأغناه في الخير والاسم بالسكون أيضا والغنيان وتغانوا أي استغنى بعضهم عن بعض قال المغيرة بن حيناء التميمي:
كلانا غنى عن أخيه حياته ... ونحن إذا فتنا أشد تغانيا
واستغنى الرجل أصاب غنى
وجاء في الصفحة 271 المجلد العاشر من (تاج العروس) للسيد محمد مرتضى، الزبيدي المتوفى سنة 1205 هـ مادة (غنوة).
الغنوة بالضم قال الكسائي هو الغني وتقول لي عنه غنوة أي غنا وجاء في الجزء الرابع ص 364 من القاموس المحيط للفيروز أبادي الطبعة الثالثة ببولاق مصر سنة 1302 مادة (الغنى)
والغنوة بالضم الغنى تقول لي عنه غنوة والغنوة والغنيان بالضم والاسم الغنية بالضم والكسر وكلها بمعنى اليسار والاكتفاء كما قلت في 949 من الرسالة.
ومن هذا أود أن يعرف الأستاذ الجزار بعد شكري له على ملاحظته أنني لا أعتمد على مختار الصحاح بقدر اعتمادي على لسان العرب لأن الفرع يجب أن يتبع الأصل والفضل للمتقدم كما قد قيل.
عبد القادر رشيد الناصري
فتح الحرم المكي في الليل:
جاء في التلخيص الذي قدم به المرحوم الأستاذ سامح الخالدي الرحلة الحجازية لسيدي مصطفى البكري الجملة الآتية في ص977 من العدد 947 الصادر في 24 من ذي القعدة هذه السنة ما يأتي:
(وكيف كان الحرم في مكة يفتح خصيصا لأمير الحج الشامي). وهي عبارة توهم أن الحرم المكي كان يغلق في الليل وهو أمر لم يحدث لأنه يمنع الطواف. والطواف لا يمنع في أي وقت. وإنما وهم الأستاذ الخالدي فظن أن البيت هو الحرام. وذلك أن الشيخ البكري ذكر في ص 1009 العدد 948 من الرسالة ما يأتي: (فأيقظني رفيقي برفق وقال قم فإن البيت فتح للأمير الشامي الكبير الخ.) وبديهي أن المراد من البيت هو الكعبة المشرفة زادها الله تعظيما وأما الحرم فالمراد منه عرفا هو المسجد الكبير المتسع المحيط بالكعبة والمحتوى على المطاف وبئر زمزم - وأقول عرفا لأن حقيقة الحرم هي ما يدخل ضمن أعلامه التي هي من الشرق قرب عرفات ومن الغرب الشمسي قرب الحديبية ومن الشمال التغيم أي مسجد السيدة عائشة وهكذا.
لذا أرجو نشر هذا تصحيحا لعبارة المغفور له الأستاذ الخالدي.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام عبد السلام النجار