مجلة الرسالة/العدد 936/رِسَالَة الشِعْر
→ عقيدتي | مجلة الرسالة - العدد 936 رِسَالَة الشِعْر [[مؤلف:|]] |
الأدب والفنّ في أُسْبُوع ← |
بتاريخ: 11 - 06 - 1951 |
حطام
للأستاذ عبد القادر رشيد الناصري
إلى صديقي الأستاذ الكبير عباس خضر
صاح بي عمري: لقد ضاعت سدى ... زهراتي. . فإلى أين المفر؟!
وعلى أي ذراع أتكئ ... وبساقي من القيد أثر
وطريقي شائك محلولك ... حوم الشؤم عليه والضجر
غاضت الرحمة؛ لا أذن تعي ... صرخة القلب وهل يصغي الحجر
وأنا أقطع ليلي بالضنى ... ونهاري بالمآسي والفكر
عبثاً أقبس من جمر الصبا ... لهباً. . وهو رماد يحتضر
يا جناحاً من حنان ضمني ... قصه الأمس من كان الأبر
ومعيناً كان يروي ظمئي ... طغت البلوى عليه فاندثر
أعولت فوق فمي أنشودة ... رقص الدمع عليها فانتثر
أيها الظالم في قتلي انشد ... إن تعمدت، فما يجدي الحذر
هو جرحي كلما هدهدته ... بالأماني نكأته فنغر
أمس ولى، وغداً إن عدت لي ... لم تجد غير حطام من بشر
كان روضاً عصف الهجر به ... فذوي في أيكه حتى الزهر
وسراجاً خنقت أنفاسه ... شهقات من أساء فاحتضر
قلت يا عمر: كلانا بلبل ... أخرست أنغامه كف القدر
صائد فوق نحوي سهمه ... فثوى بين ضلوعي واستقر
ليته عاد، أريه سقمي ... ودمائي وجراحاتي الأخر
بغداد
عبد القادر رشيد الناصري
غاية الطموح للشاعر الشاب محمد مفتاح الفيتوري
لمن يبذر الحب كان الثمر ... ومن يزرع الصبر يجن الظفر
ومن يتحمل وعور الطريق ... وخوض الدجى واعتناق الخطر
فذلك من رشحته الحياة ... ليصبح سيدها المنتظر. .
إذا لم تكن عبقري الطموح ... مراميك فوق مرامي البشر
فمت وليكفنك ريح الفناء ... ويدفنك في قلبه المكفهر
فمثلك لا يستحق الحياة=وأولى به ظلمات الحفر
وإن شئت موعظة فالطبيعة ... أستاذة الحيوات الكبر
فما ولدتك لقطف الزهور ... ولا أنجبتك لحلب البقر
ولكن لتحتضن الكائنات ... إذا اسطعت. . أو تتحدى القدر
ولولا قصورك يا ابن الترا ... ب عن أن تحس وأن تذكر
وأنك لازلت طفلاً كبيراً ... عميق السذاجة فج الفكر
لأبصرت ملهمة العبقريات ... وهي تسطر اسمى العبر
تأمل بقلبك لا ناظراك ... ففي القلب أودع سر النظر
تر الفجر يولد بين حقول ... الضباب وغاب الدجى المنتشر
تر الزهر ينبت فوق القبور ... ويسخر بالميت المندثر
تر الماء ينبع بين الصخور ... ويحفر مجراه بين الحجر
تر اللحن يرقص فوق السحاب ... وقد كان منحبساً في وتر
تر الريح تسجد عند الهضاب ... وتعول هازئة بالحفر
تر الموج ما انفك يبني جبالاً ... ويهدمها جاهداً مستمر
تر النحل ترشف ريق الورود ... وما عاقها شوكها والإبر
تر الطير تجعل أعشاشها ... رؤوس الجبال وهام الشجر
تر الجاذبية نحو السماء ... تعانق حتى خيال النهر
فكن فيلسوفاً كزهر القبور ... على جثث الهالكين ازدهر حكيماً كماء الينابيع يمضي ... يذيب الصخور ويبلي الحجر
طموحاً كطير الربى ليس يرضى ... بما هاماتها مستقر
قوي الإرادة مثل الفراشة ... تغشى اللظى وتدوس الخطر
ولاتك كالدود تهوى الوحول ... وكالبوم تخشى ضياء القمر
فخير من الآدمي الخمول ... غراب يصيح وكلب يهر
محمد مفتاح الفيتوري