الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 935/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة/العدد 935/الأدب والفن في أسبوع

مجلة الرسالة - العدد 935
الأدب والفن في أسبوع
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 04 - 06 - 1951


للإستاد عباس خضر

أثر الدراسات القرآنية في تطور النقد الأدبي

ألقى الأستاذ محمد خلف الله بك محاضرة بنادي دار العلوم يوم الخميس الماضي، موضوعها (أثر الدراسات القرآنية في تطور النقد الأدبي) ويبدوا أن الأستاذ تحدث عن هيكل فكرته في هذا الموضوع حديثاً مجملاً مرتجلاً، فقد أعد نقط الموضوع في ورقة كان ينظر فيها عند الحاجة للتذكر، ويخلط في حديثه بين العربية والعامية.

نبه الأستاذ المحاضر أولاً، إلى أمرين يتصلان بالقرآن الكريم، الأول أن القرآن اعتبر منذ صدر الإسلام النص الأدبي الأول في اللغة العربية دون سائر اللغات.

ثم تتبع خطين في حياة النقد الأدبي، منذ أبتدأ عصر التأليف في القرن الثالث الهجري، يتمثل الخط الأول في الكتب التي ألفت خاصة بإعجاز القرآن وطرائق التعبير فيه، ويتمثل الخط الثاني في الدراسات الأدبية المتعلقة بالشعراء والخطباء والكتاب، فلما جاء القرن الرابع الذي أتزهر فيه التأليف وتميز بالتخصص في الموضوع، فألفت كتب في موضوعات خاصة وفي أفراد معينين بعد أن كانت المؤلفات جامعية - جرى ذلك أيضاً فيما يخص بالبلاغة القرآنية، فألفت كتب في البلاغة كان الغرض الأول منها بيان ما في القرآن من إعجاز؛ وجمال في التعبير، وتعرض بعد ذلك لما ينطق على النظريات البلاغية من النصوص الأدبية شعراً ونثراً. ثم جاءت بعد ذلك العصور المتأخرة التي تحولت فيها البلاغة إلى قواعد شغلت العلماء بالبحث والجدل فيها دون اهتمام يذكر بالنصوص ذاتها.

وعنى الأستاذ في أثناء الحديث، بإبراز نقط، منها:

1 - أن كلمة (النقد) كانت مهجورة في الاستعمال، مع إنها هي التي تنطبق على تلك الدراسات من قرآنية وأدبية. وعلل ذلك بأن المتبادر من هذه الكلمة عادة بيان المحاسن والمقبح في النص المنقود، فتحرز الدارسون منها نظراً إلى القرآن الكريم، ولم يجرؤ على استعمالها المؤلف أعجمي هو قدامة في كتابيه نقد الشعر ونقد النثر

2 - اختفت الدراسات الأدبية - فيما عدا العمدة لابنرشيق - في العصور المتأخرة، ووجه المؤلفون كل عنايتهم إلى البلاغة باعتبارها أداة لأدراك بعض نواحي الأعجاز في القرآ وفهم أسرار البيان فيه، وكان غرض المؤلفين هو خدمة القرآن الكريم أولا وقبل كل شيء.

3 - أن تراثنا في النقد الذي يتألف من كل تلك الدراسات يجب أن يكون أساسا أو ينبغي أن لا يهمل في النقد الأدبي المعاصر الذي يجب أن يتكون من ذلك التراث ومما نقتبسه من مذهب النقد الغربية الحديثة.

وفي نهاية الحديث توجه بالخطاب إلى أساتذة اللغة العربية في المدارس، متسائلا: ماذا ينبغي أن تتضمنه مناهج التعليم في المدارس الثانوية من تلك الدراسات، ولفت النظر إلى وجوب الاستفادة في المدارس الثانوية - وخاصة في السنتين الأخيرتين - من المباحث البلاغية التي تهتم بالنظر في النصوص، مثل دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبد القاهر، وذلك إلى جانب القواعد البلاغية التي تدرس الآن، ويعنى مع هذا وذلك بأساليب النقد الحديثة.

وأنا لا ادري لماذا نصر على إرهاق التلاميذ في التعليم العام بتعليم البلاغة، وان كنت ارجع ذلك إلى (القصور الذاتي) الذي يدفعنا منذ القديم إلى سلوك هذا الطريق. .؟

أسأل أولا: ما الغاية من تعليم اللغة للتلاميذ في المدارس في المرحلة التي نسميها التعليم العام؟ أليست هي أن يكتب الناشئون ويتحدثوا ويقرءوا كتابة وحديثا وقراءة عربية صحيحة؟ فما هي الوسيلة إلى هذه الغاية؟

المشاهد والتي أثبتته التجارب أن دراسة البلاغة بأنواعها لم تعمل غير تنفير التلاميذ من اللغة العربية. . . وقد سمعت أحد المدرسين الذين عقبوا على المحاضرة يقول أن التلاميذ يفهمون التشبيه وأقسامه ويجرون الاستعارة. . . الخ. وأقول أن التلاميذ المساكين يحفظون ذلك الكلام لأنه مطلوب منهم في الامتحان فقط.

ولقد رأينا شيوخاً درسوا البلاغة واستوعبوا ما في كتبها، وقضوا حياتهم في تعلمها وتعليمها، وهم لا يكادون يحسنون كتابة سطر فصيح أو يلقون حديثاً بعبارة سليمة. وعلى عكس هذا الضرب من أساتذة البلاغة ودراستها، نجد الأدباء من كتاب وخطباء وشعراء، تجري أقلامهم وألسنتهم بالفصيح المعجب من الكلام العربي المبين، وما احسب هؤلاء قد وقفوا طويلا عند مباحث البلاغة وعلومها.

فقولا لنا أيها الأساتذة الإجلاء: أي الطائفتين (علماء البلاغة والأدباء) اجدر أن تكون مثلا في تحصيل اللغة العربية للناشئة من تلاميذ المدارس؟

الأستاذ عبد الله حبيب:

اصدر معالي وزير المعارف، في هذا الأسبوع قرارا بترقية الأستاذ عبد الله حبيب مدير خدمة الشباب بوزارة المعارف إلى درجة مراقب مساعد. وهذا التفات كريم من الدكتور طه حسين باشا نحو تقدير الأدباء الذين يعرف معاليه مقدار المعوقات التي تقف في سبيل الحياة الكريمة اللائقة بهم والمثيبة لما يسكبون من عصارات النفوس وما يذيبون من شحوم الأعصاب أن كان لأعصابهم شحوم.

وترقية الأستاذ عبد الله حبيب إلى مراقب مساعد إنما تعتبر أمرا، بالنظر إلى ما فيها من استدراك لأهوال مضى وإزالة حواجز من سبيل الإنصاف وإنزال الناس منازلهم. أما المسألة في ذاتها فليست بذات شأن كبير بالنسبة آلة هذا الرجل الذي توافرت له المنزلة في عالم الأدب، والمؤهل الرسمي العالي، والخدمة الحكومية الطويلة، ولكن الاعتبارات التي جرت الأمور في مصر على أن ترفع التافهين والفارغين قضت على مثل عبد الله حبيب أن يظل في الوظيفة - دون هؤلاء التافهين والفارغين. .

ظهر عبد الله حبيب في عالم الأدب من نحو ربع قرن، اشتغل بتحقيق أمهات كتب الأدب بدار الكتب المصرية خمسة عشر عاماً وشارك في النهضة القصصية المصرية الحديثة فكان أحد كتابها المبرزين، وله مجموعات من القصص ظفرت بها المكتبة العربية فيما ظفرت به من القصص الحديث، هذا إلى جهوده في الصحافة وما كتب في النقد وما نظم من الشعر وقد دار في خدمة الحكومة دورة انتهت به إلى خدمة الشباب بوزارة المعارف وما زلنا نذكر مهرجان الشباب للأدب والفن الذي قامت به الوزارة سنة 1948، والذي كان عبد الله حبيب عمود النشاط فيه، فكشف مواهب شباب تجلت في الشعر والقصص والخطابة.

فإن يقدر عبد الله حبيب بهذه الترقية، فليس الأمر أن ترجى إليه التهنئة، وإنما هو الاغتباط برعاية القيم والأقدار، في وقت كادت تفقد فيه ما تستحق من اعتبار.

مؤتمر اليونسكو: وافق مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير، على تأليف وفد مصر في مؤتمر اليونسكو برياسة معالي الدكتور طه حسين باشا وزير المعارف، وينظر أن يبحر معاليه من الإسكندرية في يوم 9 يونيه.

ويجتمع هذا المؤتمر بباريس ابتداء من يوم 18 يونيه، في دور انعقاده السادس، وهو يضم أربعة وخمسين وفداً، يمثلون الدول الأعضاء في هيئة اليونسكو، وكلهم من رجال التربية والعلوم والثقافة، ولا يحضره أحد من رجال السياسة والحرب، لان الغرض من الهيئة العمل على تحقيق السلام عن طريق ألقى بالفكر إنساني.

وقد اتجهت اليونسكو أخيرا إلى رفع مستوى الجماهير في العالم فوضعت مشروع التربية الأساسية الذي يقوم على أن يحصل كل فرد من أفراد العالم على حد أدنى من العلم والمعرفة يمكنه أن يعيش كريماً موفور الحاجات غير قابل للاستغلال أو الاستبداد، فاهما مطالب بيئته وحاجاتها، مشبعا بروح التعاون على خير المجتمع.

وسوف يهتم المؤتمر الحالي بذلك المشروع فينظر نتائج التجارب التي اجتازها، ويرسم الخطط الكفيلة بتحقيقه على نطاق واسع.

ومن المسائل المعروضة على هذا المؤتمر، والتي تتصل بالأغراض المصرية العلمية، موضوع الدراسات الصحراوية، فقد كان لإنشاء معهد الفؤاد الأول للصحراء بمصر صدى كبير في الهيئات العلمية الدولية، وكانت اليونسكو قد أنشأت مؤسسة لمشاكل المناطق الجرداء، وسيهتم المؤتمر بدراسة الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لتعزيز هذه المؤسسة. والمرجو أن تستفيد مصر من الأبحاث التي تجري في هذا الموضوع فهي من أشد البلدان حاجة إلى استغلال الصحارى الواسعة المحيطة بها ومما يذكر أن أراضى مصر المزروعة لا تزيد على جزء من عشرين جزءا من أراضيها، والتسعة عشر جزءا الباقية صحارى جرداء.

ومن تلك المسائل، ترجمة روائع الكتب بين اللغات المختلفة، وقد سبق أن دعا معالي. الدكتور طه حسين باشا إلى الاهتمام بهذا الموضوع في مصر، وألفت لجنة في وزارة المعارف لدراسته.

وسينظر المؤتمر أيضاً في انتخاب عضو مصري في المجلس التنفيذي لليونسكو، بعد أن انتهت مدة الأستاذ محمد شفيق غربال بك الذي ظل عضوا في هذا المجلس منذ إنشاء هذه الهيئة

عباس خضر