الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 915/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 915/البريد الأدبي

بتاريخ: 15 - 01 - 1951


كتاب كريم

أرسل صاحب المعالي الدكتور طه حسين باشا هذا الكتاب الكريم إلى الأستاذ محمد سيد كيلاني يشكره على مقاله طه حسين الشاعر الذي نشر في العدد الماضي من الرسالة.

سيدي الكريم:

قرأت الآن في القناطر الخيرية مقالك الممتع الذي نشرته الرسالة، فأشكر لك أجمل ذكرتني شيئاً كنت أنسيته حتى كنت أشعر أثناء قراءة هذا المقال أنك تتحدث عن شخص غيري.

وعفا الله عما سلف، فقد كانت تلك المحاولات في آخر الصبا وأول الشباب فجراً كاذباً لم يمح شكاً ولم يجل يقيناً.

والحمد لله على الخير والشر والبراءة إليه من الكذب والغرور. أما بعد فإني أرجو أن يقبل تحيتي وشكري مجدداً.

طه حسين

حول نقد مسرحية ابن جلا:

نشرت في الرسالة نقداً لمسرحية (ابن جلا)، وتعرض للتعقيب على هذا النقد معقبان. . . وقد لمحت في ردي على التعقيبين إلى الدافع لأحدهما إلى التعقيب على ردي في العدد الماضي من الرسالة. . . وأبي إلا أن يبتعد عن الموضوع، بعد أن أثبت تناقضه، وتخبطه. . . وراح يتحدث في غرور عن الشرف الذي أضفاه علينا بتعقيبه على نقدنا. . . ونحمد الله على أننا تخرجنا في قسم النقد بمعهد التمثيل قبل أن يدخله الأستاذ إسماعيل رسلان تلميذاً. . . فلم نتشرف حتى بزمالته. . . ولعل في ولعل في تحمسه للرد على نقدنا وفي تطاوله علينا، ما يفصح عن الوسيلة التي وصل بها إلى هذه الأستاذية. على أننا لا ننكر أن المعقب معيد في المعهد منذ شهرين، وقد تخرج فيه هذا العام، وثار حول نجاحه جدل، ى أريد إكراماً لهذا المعهد أن أسرد تفصيله. . وأريد زيادة في التعريف به أن اذكر أن ما نشرته الرسالة له من تعقيبات هو كل ما جادت به قريحة في حياته للفنية.

وليس من الغريب أن ينكر المعقب بمؤلف المسرحية، فهذا هو المنتظر؛ ولكنه لا يستطيع أن ينكر علاقته بالمسؤول عن اختيارنا.

وليعلم المعقب أن قارئ الرسالة ممتاز، ومن المتعذر تضليله. فهو يعرف من التحامل ومن المأجور ومن الذي هرب من الموضوع، ومن الذي كتب بأذنه ى يعقله هذا. . . وللمعقب أن يحتفظ لنفسه بنصائحه التي ألبس فيها الضلال ثوب الحق، والإثم ثوب الطهر. . ولست أدري متى عرف الأستاذ ما يليق حتى ينهى عما لا يليق، ومتى عرف الحق حتى يتضح بالتزامه؟. . وإذا كان النقد المنرة عن الهوى يعد في نظرة تسفيها لأعمال الكتاب. . . فهل ينبغي منا أن نسير معه في الركاب؟!. . وهل من ينقد أعمال الكبار، في هذا العصر الذي ينبغي الوصل؟

وبعد. . فأحب أن أقول للسيد رسلان إنه قد حقق الكثير من آماله. . ولكن النقد أسمي من أن يكون في متناول هذه الوسائل، لارتباطه بالمثل والقيم التي لا تستجيب لغير الحق!

وإذا كان الأستاذ يريد أن يذكر كل الحق فقد كان حريا به أن يشير إلى ما كتبه الأستاذ أنور المعداوي في هذا الصدد حيث قال معقباً على نقدنا للمسرحية، وعلى ما كتبه هو وزميله: (لقد كنت أوثر للناقدين اللذين تعرضا للأستاذ فتح الله أن يبتعدا عن مواطن الاتهام، اتهام القراء لهما بأن حماسهما في نفي المآخذ الفنية عن مسرحية الأستاذ تيمور، قد زادت كثيراً عن الحد المألوف!. . لقد كان يجدر بكل منهما أن يسمو بقلمه فوق مستوى الاتهام الموجة إليه، بدلا من توجه مثل هذا الاتهام إلى الأستاذ تيمور علاقة من العلاقات، لقد حاول الأستاذ أن يكتب نقداً نزيهاً لا أثر فيه للمصانعة، فكان جزاؤه أن رمي بالتحامل، لأنه لا يجامل! لفته أخيرة أود أن أختم بها هذه الكلمة، وهي أنني أقدر فن الأستاذ تيمور. . . وأحترم نقد الأستاذ فتح الله)

. . . وأعتقد أن هذا التعقيب، أكرم تعويض للناقد الحر في هذا البلد.

أنور فتح الله

كلمة غريبة حق مقال:

اطلعت مؤخراً - بسبب تعطيل المواصلات في السودان - على مجلة الرسالة، فقرأت كلمة لأديب عراقي يعقب فيها على بعض ما جاء في كلمتي (دم الحسين) ويقول إن فيما كتبته خزعبلات وأباطيل، وأن نخبة من الشباب المثقف - على ما زعم - استهجنوا بعض ما سطرت.

ونصيحتي للأديب أن يكون عف اللسان، مطلعاً، مميزاً بين ما يجوز وما لا يجوز. استبعد المعترض أن يكون الرجل الذي منع الحسين الماء قد أصيب بداء يشرب معه ولا يروى لأن النبي ﷺ نفى أن تكون الشمس كسفت لموت إبراهيم. فمن ناحية الوقوع ما أظن أن أحداً ينكر أن يبتلى الله من شاء بمرض لا يرويه الماء معه، ومن ناحية القياس فهو قياس غريب عجيب، فانكساف الشمس أو القمر آية كونية، ونحن مؤمنون بته هذه الآيات الكونية لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن هل يمنع العقل أو المشاهدة أن ينتقم الله من معتد فيصيبه ببعض الأمراض، أما أنا فقد شاهدت ذلك كثيراً في قرانا الريفية، وقرأت وسمعت.

وأما أن هذا الكلام تكذبه الرواية فحسبي أن أقول لحضرة (العلامة) إنني نقلت هذه الروايات من تاريخ الطبري، وناهيك به تاريخاً، ويصاحبه شيخاً.

(وبعد) فالمثقف لا يعترض حتى يعلم، ولا يستهجن حتى يبلغ في العقل مبلغ من يفرق بين ما يقع وما لا يقع.

علي العماري

كلمة طيبة لنائب محترم:

كان للكلمة الكريمة التي نشرها المصري لحضرة النائب المحترم حسين بك بدراوي حول الخلاف المتشعب الأطراف بين علمين من أعلام السياسة والأدب، وما كان لهما أن يسلكا هذا الطريق والبلد في أشد الحاجة إلى اتفاق الرءوس وصفاء النفوس وتوحيد الكلمة.

إن ما نحن فيه من محن ومشكلات، وما تنذر به الحالة الدولية من خطوب وصعوبات، ليدعو بالعقول المدبرة والرؤوس المفكرة والأفلام المعبرة البريئة أن تقف من هذا كله موقف الداعي الناصح والمرشد الموجه.

اتقوا الله يا سادة وانتقلوا إلى جدول الأعمال فالدول جميعاً لا هم لها الآن غير التفكير والتدبير والعمل.

(فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنون).

حسن عبد العزيز الدالي

سؤال:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز (وما كان لنفس أن يموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً). وقال جل شأنه (فإذا جاء أجلهم لا يتأخرون ساعة ولا يستقدمون). وكتب الدكتور الأستاذ حامد الغوابي مقالا في الرسالة الغراء عدد (911) بعنوان (الخمر بين الطب والإسلام) جاء فيه (وإذا أطلعتم على إحصائيات شركات التأمين على الحياة وجدتم أن استعمال الخمر ولو بمقدار متوسط يقصر العمر)! قلت: كيف يمكن التوفيق بين ما قررته الآيات البينات، وبين إحصائيات شركات التأمين على الحياة؟! أما أنا فلا أفهم إلا لغة القرآن، وأفهم أن العمر لا يقصر ولا يطول ولا يمكن أن يقصر أن يطول لسبب أو لآخر، فالنباتين والفيتامين لا يطيلان العمر كما لا يقصره الزرنيخ والنفتالين. .

فما قول الدكتور الغوابي صاحب المقال في الجواب على صاحب السؤال؟

لو كان في الخمر أعمار يعجلها ... لقصر الموت أعماراً يؤجلها!

عدنان

(الزيتون)

(الرسالة)

قال الله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب)

حذف وتحريف

نشرت مجلة (الألواح) البيروتية ي عددها الثامن الصادر في منتصف الشهر الماضي قصيدة لي بعنوان (بين الأعاصير) وهي القصيدة التي نشرتها الرسالة قبل ثلاثة أسابيع. وقد أتيح لهذه القصيدة أن تخرج بها الألواح عن التقاليد الصحيفة فحذفت منها وحرفت فيها. وقد تناول الحذف بعض الأبيات في أول القصيدة وفي آخرها فأساء هذا الحذف إلى التسلسل بين أجزائها والترابط في موضوعها وفكرتها، كما أدى التحريف إلى الخروج عن المعاني المقصودة وقواعد اللغة، وإذا كان الحذف قد يفسر بغفلة طارئة من المنضد أو المصطلح، أو بضيق الصفحة الواحدة عن استيعاب القصيدة كلها فإن تحريف (كبابل) إلى (أي بابل) في البيت الآتي:

كبابل وسميراميس شامخة ... تقول للدهر: ماذا أنت صانعه

وتحريف (مدافعه) إلى (يدافعه) في البيت:

وقيل جاء حليف الشرق منتصرا ... تحرر الشرق من رق مدافعه

وتحريف (في) إلى (من) في البيت:

وغره أن هذا الليل ما فتئت ... تمتد في مشرق الدنيا سوافه

كل هذا يؤدي إلى مسخ المعنى وتشويه القصد، وقد يفسر هذا أيضاً بغفلة المصحح ولكن الذي يدعو إلى الدهشة أن تأتي كلمة (الدروب) بدل (المتيه) في البيت:

حتى إذا بات في الظلماء رائدها ... يطوي المتيه وتحويه شواسعه

لأن ضمير (شواسعه) لا يقصد به إلا المتيه فكيف يعود إلى الدروب وهي جمع؛ يضاف إلى هذا أن كلمة (المتيه) لا تنكرها اللغة وإن أنكرتها فلا ينكرها القياس الصرفي، على أن هذه القصيدة قد نشرها الأستاذ الزيات ولم يقل فيها شيئاً وهو من أئمة اللغة والأدب.

لقد كنت أود أن تمتد يد التصحيح إلى القصائد والقطع الأخرى لتي نشرت في العدد نفسه فتعيدها إلى حظيرة النحو والصرف والعروض قبل أن تمتد إلى قصيدتي فتحرف وتحذف بدون مسوغ.

وإذا كان هناك شيء أقوله لصاحب الألواح فهو أن اللقب الجامعي لا يضاف إلى الشاعر في قصيدة أو مقطوعة إذ لم يكن من التقاليد الصحيفة أن يضاف هذا اللقب ما لم يكن صفة ملازمة للشاعر كلقب (الدكتور). إن اللقب الجامعي لا يذكر عادة إلا في البحوث التي تتناول تربية الطفل وعلم النفس وما شابه ذلك؛ أما الشعر فهو بعيد كل البعد عن الألقاب.

حقاً أن صاحب (الألواح) صديق قديم وصحفي أثير المكانة ولكن الصداقة شيء والدفاع عن كرامة الشعر شيء آخر.

القاهرة

إبراهيم الوائلي