مجلة الرسالة/العدد 913/نجوى الرسول الأعظم
→ دين الفطرة | مجلة الرسالة - العدد 913 نجوى الرسول الأعظم [[مؤلف:|]] |
الإسلام نظام عالمي ← |
بتاريخ: 01 - 01 - 1951 |
للأستاذ جورج سلستي
أقبلت كالفجر وضاح الأسارير ... يفيض وجهك بالنعماء والنور!
على جبينك فجر الحق منبلج ... وفي يديك مقاليد المقادير!
فرحت، والليل الكفر معتكر ... تفرى بهديك أصداف الدياجير!
وتمطر البيد آلاء، وتمرعها ... يمنا يدوم إلى دهر الدهارير!
ما أنت بالمصطفى يا بيد مجدية ... كلا! ولا أنت يا صحراء بالبور!
أبيت إلا سمو الحق حين أبي ... سواك إلا سمو البطل والزور!
أطلعت من تاهت الدنيا بطلعته ... ونافست فيه حتى موئل الحور!
أطلعت أكرم خلق الله كلهم ... وخاتم الرسل الصيد المغاوير!
بوركت أرضاً تبث الطهر تربتها ... كالطيب بثته أفواه القوارير،
الدين ما زال يزكو في مرابعها ... والنبل ما انفك فيها جد موفور،
والفضل والحلم والأخلاق ما فتئت ... تخطى لديها بإجلال وتوقير!
قدك افتخاراً على الأكوان قاطبة ... بما حبوت الورى يا بيد نور!
فليس كالدين نور يستضاء به ... في عالم بظلام الجهل مغمور،
ينزو بنوه هوى، إلا أقلهمو، ... نزو البغايا بأكناف المواخير،
ضلوا، فما إن أرى فيهم أخا بصر ... إلا نكبت بآلاف من العور!
يا سيدي، يا رسول الله، معذرة ... إذا كبا فيك تبياني وتعبيري
ماذا أوفيك من حق وتكرمة ... وأنت تعلو مدى ظني وتقديري؟!
وأنت رب لأداء الفذ في لغة ... تشأوا اللغى حسن تنميق وتصوير
على لسانك، ما جن البيان به، ... وأقصد الشعر يرنو شبه مسحور!
آي من الله، ما ينفك معجزها ... يعيى على الدهر أعلام التحارير!
تلونها فسرت كالنور مؤتلقا ... يطوي الدنى بين مأهول ومهجور!
ولفت الناس من بدو ومن حضر ... كما تلف الثرى هوج الأعاصير
فلان من كان فظا، واستكان لها ... مستكبر، وعنا طاغوت شرير! وكنت عفا رقيق القلب متسماً ... بكل زاه من الأخلاق منظور
تستل بالحلم حقد الحاقدين وتحتل القلوب بلطف عنك مأثور،
الله أكبر! كم في اللين من عظة ... لعلق شر غليظ القلب مغرور
فاللين مقدرة، والحلم مأثرة، ... والعطف مكرمة تنبيك عن خير
وأنت من أنت في دنيا الخصال ألا ... بوركت من مرسل بالطهر مفطور
تنهى وتأمر بالحسنى، ورائدك الدين ... الحنيف بما ألهمت من سور!
يا ممرع البيد بالإيمان، مرحمة ... فقد تناءى الهدى من صفوة الدور
وجامع الشمل بالتقوى لقد صفرت ... منها النفوس فتاهت كاليحامير
أشكو إليك دياراً كنت مرشدها، ... ومرشدوها استكانوا اليوم للنير!
وأصبحوا تبعاً للأجنبي، فما ... زادوا وحقك إلا سوء تدبير!
وكان بالأمس حب الله يجمعهم، ... فبات يجمعهم حب الدنانير!
وذي فلسطين أولى القبلتين، لقد ... بيعت على يدهم بيع الجآذير!
والشعب - وا حربا للشعب سائمة ... تقودها في الفيافي كف مأجور
قد باع تقواه بالدنيا، وقال لها: ... سيري كما شئت عمياء الهوى سيري
يا سيدي، يا نجى الله، روعنا ... صرف الزمان بشر منه مسعور
وامتد بالعرب ليل النائبات، أما ... للفجر بعد الدياجي من تباشير؟!
وطال منا السري في مهمة درست ... فيه الصوى قاتم الأرجاء مسجور
فاشفع فإنك أدنى المرسلين إلى ... البارئ، فنسلم من ذل وتعيير
ويرجع العز معقود اللواء لنا ... وحقنا مستحير غير منزور
وأكلا عليك صلاة الله، أمتنا ... حيال ربك حتى نفخة الصور
بيروت
جورج سلستي