مجلة الرسالة/العدد 898/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 898 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 18 - 09 - 1950 |
إلى الأستاذ محمد زيتون:
قرأت مقالك يا سيدي عن الجامعة فحرك في نفوسنا خواطر طالما تمنينا تحقيقها، وأحيا في قلوبنا آمالاً كثيراً ما راودتنا في أرحامنا نحن أبناء الأزهر الذين ما زلنا تقف بباب الجامعة نسألها بصيصاً من نور العلم وقطرة من بحار العرفان، نحن أبناء الأزهر الذين ما فتئنا إلى الجامعة على أنها الفاكهة المحرمة. . . نحن أبناء الأزهر الذين ما زالت الجامعة تحوم عليهم دخول حرمها المقدس والوقوف أمام هيكلها الحرام إلا إذا لبسوا لها أردية (الثقافة) ومسوح (التوجيهية). . ونحن أبناء الأزهر الذين ما زلنا ننظر بعين الشرق العربي من لبنانيين وسوريين وعراقيين وحجازيين وقد فتحت لهم أبوابها على مصا ريعها واحتضنتهم في رفق وحنان ويجول في خواطرنا في تلك اللحظة بيت شوقي الخالد:
إحرام على بلابله الدوح ... حلال للطير من كل جنس
ولئن كانت جامعة فؤاد قد شمخت علينا بأنفها فقد كانت - وما زالت - هناك جامعة قد ربتنا في حرها وأرضعتنا من لبانها كل مقدس طاهر إلا وهي جامعة (الرسالة) الحبيبة فلطالما نهلنا من بلاغة (الزيات) ورشفتا من بيان (عزام) وحلقنا في سماء خيال (الرافعي) وبتنا نصغي لأسماء زكي مبارك وأحاديثه ذات مشجون. . .!!
وبعد فهل آن الأوان يا سيدي لشيخ الجامعات ألا زهري النشأة أن بقي ببعض ما عليه لأبناء الأزهر فيأمر بالسماح لنا بدخول المعبد المقدس والصلاة فيه وهو الأمر المطاع؟ أم أنه سيترك هذه البلابل تنوح على الخرائب والأطلال وأمامها الأيكة وبجوارها الدوح. .؟ أمل الغد بالحكم عليه وإن غداً لناظره قريب.
معهد قنا
هارون المنيفي
استغفر من ذنب لست أعرفه
أوقفتني كلمة أستاذي فضيلة الشيخ عبد الجواد رمضان - التي شرفني بها في عدد الرسالة 896 في تلك الحيرة التي أخذت نفسي من جميع أقطارها ولم يستطع ذهني أن يتبين وجه الرأي فيما آثار من ينوء كاهلي بأياديه؛ ما الذي يا ترى آثار غضبه؟ إلا أني تناولت مشكلة تناولتها عشرات الأقلام؟ إلا أني رأيت رأيا يعرضه صاحبه وكان عندي ما يخالف هذا الرأي فأعلنته بكل أدب؟ إلا أني حاولت أن أعرض بعض ما انتفعت به من دراسات تربوية ونفسية على أعلام التربية وعلم النفس في الشرق عن الطريق المباشر بأخذي عنهم وغير المباشر عن طريق مطالعاتي لمؤلفاتهم؟ كنت انتظر ما ينتظره كل طالب من أساتذة لو كان في هذه الكلمة مالا تهضمه قواعد المنطق، ولا ترتضيه سلامة الذوق، ولا تستدعيه روح العصر في رأى أستاذي أن يقوم ما فيها بالأسلوب العلمي فخير ما يقدم في ميدان الرأي هو المنطق الأسد لا العاطفية الثائرة.
أما أن يعلن سخطه علي زججاه مني فقط فهذا هو للظلم الذي اقف أمامه مكتوف الأيدي لا اعرف لي ذنباً استغفر منه. هذا هو الجانب الموضوعي، أما الجانب الشخصي فلا داعي لإثارته لأنهيعنى ولا يهم غيري وغير أستاذي وسأكون عند حسن ظنه دائماً.
المعترف بالفضل
محمد عبد الحليم أبو زيد:
من علماء الأزهر الشريف
في أدب الدعابة:
أستاذنا الجليل (عبد الجواد رمضان) دقيق السمت رقيق الحاشية، بارع النكتة، رائع اللمحة، وله فهم متفرد في الأدب، أخذناه عنه، ولا زلنا نعمل في ضوئه، ونسير على هديه.
إنه يعتز بأزهر ته على أوسع نطاق، لكنه (متحرر) الفكرة، مستقل الرأي، وحيد المنظرة، ويرى - بحسب ما عرفنا - أن (الجامعية) في الدراسة ليست في المحاضرة الخاطفة التي تجمع الإلمامة الشاملة، وإنما انطلاق الفكر مع الاحتفاظ (بالحرفية) يعطى منى الدراسة الصحيحة!
ولقد كان ينزع إلى (النصوص الليمة) يدعم بها دراسته القويمة، ويرى الاكتفاء فيما بين الصفحات قصوراً وتقصيراً؛ فلا بد من الموزانة العادلة والانئاد الحكيم، والمنطق المفصح! قرأت له (فكاهة) على طريقته الخاصة في التعريض اللذاع المخبوء طي الدماثة اللفظية؛ فابتسمت لأني لاحظته بدين الخيال حينما يستعرض الحقيقة التي لا توائم رأيه فيأتي عليها بسخريته حتى يفندها ويبسيها إلى التفنيد!
لكني أرى - كواحد من الأثيرين عنده - أن هذه الفكاهة تباعد بعض الشيء رأيه الحصيف في الدراسة الأزهرية.
إني لن أتخلف عن دراسته (الحرة) للأدب؛ بل كنت في الصدارة على الرغم من سطحيتي الوهمية فيما كان يقذف من العبارات الاصطلاحية، والألفاظ (التعبدية) التي ينوء بها العقل إلا على جماعة الحفاظ الذين كانوا يباهون بإتخام رؤوسهم وهم لا يقيمون جملة عل جملة!
ولا أنسى ما كان يقرره فقيد العلم الأستاذ (محمد أبو النجا في الأعراب) بالتوهم وتعليقي على قول القدامى بقولي: (هذا كلام فارغ)؛ فيقول على الرغم من تحفظه: صدقت يا ولدي!. أن الاعتزاز بالأزهر واجب على أبنائه، والدعوة إلى تقويم طرق الأهواء لا تعد عقوقاً، ولعل أستاذنا يعنى بفكاهته لعن موقظ الفتنة النائمة، لكنه في صميم اعتقاده يقر (الحرية الفكرية)، التي لولاها ما عرفنا (الأدب الأندلسي) الذي يأتي فيه بالطرائف الفكرية المسطورة على هوامش الكتب إلى كانت بأيدينا للذكرى والتاريخ!.
إن عشر سنوات أن تنسينا فضل أستاذنا، فله علينا حق الاعتراف بفضله، ولنا عليه حق إبداء الرأي على ضوء توجيهه مهما يصطنع في فكآهته السخط الذي ينم عن زباية رضاه!
بور سعيد
أحمد عبد اللطيف بدر
إلى الأستاذ الجليل الزيات - مستقبل الأدب العربي
كان لتلك الكلمة البليغة التي ألقاها الأستاذ الجليل الزيات في المؤتمر الثقافي العربي الثاني بالإسكندرية والتي نشرت بالرسالة في العدد 896 وقع حسن إذا أصابت الصميم وعبرت عما تجيش به قلوب المتأدبين من (ضعف الملكة فيمن يكتبون وفساد الذوق فيمن يقرءون) وأشارته إلى (دراسة علوم الأدب فيما مضى دراسة عميقة تمكن الطالب المجتهد المستعد من فهم ما يقرأ وفقه ما يعلم وتعليل ما ينقد وتحليل ما يذوق).
ثم أعرب الأستاذ الكبير عن تشاؤمه - وله الحق - عمن تخلف تلك الطبقة الكريمة ذات الفئة القليلة (من أولئك الأدباء الأصلاء الذين حفظوا تراث اللغة وجددوا شباب الأدب وأسوا هذه النهضة الأدبية الحديثة).
والحق كل الحق إننا يجب أن نتوجس من الخوف بالرغم من وجود قلة بارة من أدباء الشباب نرجو الله مخلصين أن يهيئ لهم من الوسائل ما يمكنهم من إذكاء شعلة الأدب.
فها هو الراديو وها هما السينما والصحافة من أهم ما امتاز به هذا القرن وغلبها يعتد العالم إلى درجة تثير الجز في كل أموره وعليها تتوقف حياة الغد الفكرية وتحديد خطوطها المستقبلة، وقد اجمع أقطاب الفكر على إنها سطحية لا عمق فيها وبسببها سيقضى على الآداب والفنون الرفيعة العالية.
ويرى فيها الجيل الجديد المتظرف طريق الخلاص من القيود ويرى فيها أيضاً أنها لغة الجماهير التي يخاطبه بها حيث لم يفلح عظماء المفكرين وكبار الكتاب من الوصول إلى العاطفة الشعبية لأنهم يقصدون فيما يكتبون طبقة معينة من الخاصة.
زد على ذلك ما يتجه غليه نظر العالم نحو حياة اكثر غنى؛ نحو حياة مادية. فالعالم يسير - بالرغم منه. .
ومن المحقق أن تلك العوامل مجتمعة لها أثرها في التطورات الفكرية والاجتماعية المعاصرة ولها أثرها في أن الإنتاج الذهبي الرفيع قد فقد الكثير من نفوذه وسحره القديم.
طنطا
محمود محمد علي