مجلة الرسالة/العدد 873/رسَالًة الشِّعر
→ من أدب الشباب | مجلة الرسالة - العدد 873 رسَالًة الشِّعر [[مؤلف:|]] |
إلى الحبيب ← |
بتاريخ: 27 - 03 - 1950 |
أشواق حائرة!.
للآنسة فدوى طوقان
ماذا أحس؟ هنا، بأعماقي ... ترتج أهوائي وأشواقي
بي ألف إحساس يحرقني ... متدافع التيار، دفاق
ألف انفعال، ألف عاطفة ... محمومة بدمي، بأعراقي
ماذا أحس؟ أحس بي لهفاً ... حيران يغمر كل آفاقي
جفت له شفتاي وارتعشت ... إظلاله العطشى بإحداقي
نفسي موزعة، معذبة ... بحنينها، بغموض لهفتها
شوق إلى المجهول يدفعها ... متقحماً جدران عزلتها
شوق إلى ما لست أفهمه ... يدعو بها في صمت وحدتها
أهي الطبيعة صاح هاتفها؟ ... أهي الحياة تهيب بابنتها؟!
ماذا أحس؟ شعور تائهة ... عن نفسها تشقي بحيرتها!.
قلبي تفور به الحياة وقد ... عمقت ومدت فيه كالأمد. .
فتهز أغواري نوازعه. . ... صخابة، دفاقة المدد. .
ويظل منتظراً على شغف. . ... ويظل مرتقباً على وقد. .
أحلام محروم تساوره ... متوحد في العيش منفرد!
ويود لو تمضي الحياة به ... للحب، مصدر فيضها الأبدي!
وهناك تومئ لي السماء وبي ... شوق إليها لاهف عارم
فأحس إحساس الغريب طغى ... ظمأ الحنين بروحه الهائم
وأرى كواكبها تعانقني ... بضيائها المترجرج الحالم
تهمي على روحي أشعتها ... وتلفه بجناحها الناعم
فأود لو أفني وأدمج في ... عمق السماء ونورها الباسم!
مالي يزعزعني ويعصف بي ... قلق عتي، جائح الألم
تتضارب الأشواق حائرة ... في غور روحي، في شعاب دمي الأرض تعلق بي وتجذبني ... وتشد قبضتها على قدمي!
وهناك روحي هائم شغف ... بالنور، فوق رفارف السدم
مستحقر للأرض تفزعه ... دنيا التراب وهوة العدم!
روحي يلوب بدار غربته ... عطشاً إلى ينبوعه السامي
فهناك أصداء يسلسلها ... سوت السماء بروحي الظامي
وهنا هنا في الأرض يهتف بي ... صوت يقيد خطو أقدامي
صوتان، كم لجلجت بينهما ... يتنازعان شراع أيامي
وأنا كيان تائه. . قلق. . ... يطوي الوجود حنينه الطامي!. .
نابلس
فدوى طوقان