مجلة الرسالة/العدد 873/إلى الحبيب
→ رسَالًة الشِّعر | مجلة الرسالة - العدد 873 إلى الحبيب [[مؤلف:|]] |
اللقاء الأخير ← |
بتاريخ: 27 - 03 - 1950 |
للشاعر الشاب طالب الحيدري
صاحب (ألوان شتى)
إلى القدح الذي تحطم على شفتي
إلى الوتر الذي أغفى على يدي
إلى الربيع الذي ألهمني ديواناً من الشعر
إلى الذي قال: أنالك. . وسرعان ما انقلب!
هموم نفسي تكاد تقتلها ... فهل لقاء به أعللها؟
إن غراماً أقام في كبدي ... أقسم بالله ليس يرحلها
آمنت أن القلوب أبردها ... أقفرها من هوى وأعطلها
وأن أفكارنا التي صدئت ... يرهفها حبنا ويصقلها
وأن هذي الجسوم أصدقها ... صبابة في الغرام أنحلها
ما لجفون الملاح أفترها ... أصرعها للفتى وأقتلها!
وليلة بتها على علل ... غيري من الناس ليس يحملها
شهرتها: لا السكون يغمرها ... ولا هلال الدجى يكللها
وسادتي: والأنين يحرقها ... يطفئها الدمع إذ يبللها
يا هاجري لو وصلت لازدهرت ... نفس على الملتقى معولُها
تلك اللييلات هل ستذكرها ... ذاكرتي أم أنت سوف تغفلها؟
لي طلعة أثر السهاد بها ... والهجر حتى لكدت تجهلها
أبعد هذا الغرام تهجرني ... خابت إذن ساعة أُؤملها
تحمل النفس فوق طاقتها ... تفديك تلك التي تحملها
عدت على العكس لا الهوى قبل ... نعلها بيننا وننهلها
ولا الليالي كالعهد ساهرة ... نقطعها لذة ونقتله ولا الأحاديث كلها أمل ... يسكرنا عذبها وسلسلها
ولا الأويقات وهي غالية ... نشربها بيننا ونأكلها
ولا المواعيد وعي باسمة ... في الليل أو في النهار نجعلها
ولا الترانيم وهي راقصة ... نبعثها في الهوى ونرسلها
ولا الأماني التي نحققها ... ولا الصعاب التي نذللها
ولا العيون التي نكحلها ... ولا الخدود التي نقبلها
نفسي وهي التي أضن بها ... بل وعلى غيرها أفضلها
ثق أنني في الهوى أقدمها ... وفي سبيل اللقاء أبذلها
نفسي فدى خصلة مجعدة ... كان نسيم الصبا يرجلها
نفسي فدى ريقة معطرة ... أرشفها خمرة وأنهلها
كأنها والعبير يغمرها ... حديقة قد ذكا قرنفلها
نفسي فدى مقلة معربدة ... يثملني سحرها ويثملها
كنت إذا استغرقت أهدهدها ... كطفلة أمها تدللها
نفسي فدى وجنة موردة ... كنت متى أشتهي أقبلها
بحمرة الجلنار أصبغها ... بماء الورد الرياض أغسلها
صلني فنفسي يكاد يسقمها ... هجرك، لا، بل يكاد يقتلها
عللت نفسي بالصبر مجتهداً ... هيهات فالصبر لا يعللها
بغداد
طالب الحيدري