الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 856/الملاح التائه!!

مجلة الرسالة/العدد 856/الملاح التائه!!

بتاريخ: 28 - 11 - 1949


أسلمت بعدك للأسى خلجاتي ... يا شاعر الأحلام والصبوات

حمل المساء إلي أيّ فجيعة ... - لما نعيت - وأي خطب عات

يا دولة الشعرِ الرصين. . ترحلت ... أمجاد عرشك في ركاب رفات

هجر الجميل اليوم آخر بلبل ... هو أول بحسانه الألقات

وأرق من حمل القياثر شادياً ... بالحب والأوطان والغزوات

أودى (خليل) الشعر مثل (عليه) ... (الجارم) المفتن في الصدحات

وثوى الغداة سميه وضريبه ... في مثل خفق اللمحة المزجاة

من للفريض العبقري وقد هوت ... تلك النجوم الثرة الومضات

يا ملهمي الأشعار، كيف أصوغها ... والحزن موف والنشيج موات؟!

غشى الذهول النفس من أقطارها ... فزعاً. . وبث النار في طرقاتي

هي زورة لك يا (علي) يتيمة ... أذكت لهيب الشوق بعد شتات

لم أنس حين لقيتني متلطفاً ... وهتفت بي: الملاحن هات

وذهبت أستدني الخيال. . فأجفلت ... منك المشاعر. . واستحت خطراتي

وعرضت آلهة الخلود فلم أجد ... إلا نشيدك في فم الربات

فمضيت أتلوها عليك عرائساً ... لك يا (علي) وضيئة القسمات

وسمعت شعرك من فمي فضممنني ... ضم الحفيَّ بهذه اللفتات

. . هي زورة في العمر. كانت مالها ... - واحسرة الآمال - من أخوات

لو كنت أشتف المقادر بعدها ... أسرفت في الروحات والغدوات

جزت الحياة على شراعك ضاربا ... في المجهل النائي. . وفي الغمرات

ترتاد آفاق البحار. . مرنما ... بخوارق الأنغام والنفثات

تلقي شباك الفكر تحت عبابها ... فتصيد كل عصية السمكات

يا أيها الملاح. . . كيف عبرتها ... قبل الأوان. لآخر الضفات؟!

ما كان هذا اليوم موعدك الذي ... تلقي الشراع به إلىمرساة

يا ليته قضى الليالي تائهاً ... عن هذه الشطئان والربوات

لو لم تفض تلك البحار بمائها ... لغدت تفيض اليوم بالعبر قم حدث الأجيال عنك. وصف لها ... يوم الرحيل. . . نهاية الرحلات

فجيعة الوادي عليك ورزءوه ... ومناحة الأطيار والزهرات

وصف الردى الملتاغ. . نازعنا الهوى ... في الهيكل المحمول. . . لا النفحات

صف راحلا. . أطربت في (ميلاده) ... سمع الوجود بأعذب النغمات

أولا. فما أعيى النهى. ولو أنها ... كانت نهاك عتًّية الطاقات

أنت الذي أخضعت كل مُدّلة ... وحُبيتَ سحر نتائج الملكات

لو قد بُعثت إلىالدنى. . غب النوى ... وشهدت وقع نواك في المهجات

أشفقت من هول الذي شاهدته ... وقفلت مشدوها إلىالغرفات

أنعاك للدنيا. . غداة هجرتها ... حسدت عليك شواطئ الجنات

عبد الرحيم عثمان صاروا