مجلة الرسالة/العدد 855/من شجرة الدر
→ تاريخ استخدام الدبابات | مجلة الرسالة - العدد 855 من شجرة الدر [[مؤلف:|]] |
تعقيبات ← |
بتاريخ: 21 - 11 - 1949 |
3 - من شجرة الدر
لحضرة صاحب السعادة عزيز أباظة باشا
عز الدين أيبك - شجرة الدر
أيبك: قد كنتِ رائعة الآراءِ بارعة ال_تدبير ملهمةً للحزم والرشدٍ
شجرة الدر: بالغتَ أيبكُ
أيبك: بل قصرتُ مالكتي
شجرة الدر: فتلك عين الرضا يا صاح فاقتصد
أيبك: أسرفتُ يا ملكةَ الوادي؟! أما رأْمتْ=يْداك مصر فعاش عيشة الرغد
دفعت عنها عِداها واعتليت بها ... مقادم المجد في أيامك الجدُد
وقدِتها للمعالي واحتشدت لها ... فأصبحت غرضاً للحقد والحسد
يا ربة التاج
شجرة الدر: أما أبصرتَ ما يقع؟
وزادني فيه كرهاً أن نُسبت له ... وكنت باسميَ تدعونني فأستمع
أيبك: جلالة الملك أقصت عنك لي أملاً=ما زال يهفو له قلبي ويندفع
(في مرارة)
ولمعة التاج لم تطفئ برونقها ... سوى رجائي وكان الدهرَ يلتمع
يا عصمة الدين
الملكة: عز الدين قلت فلم=تنصف وأنت على نجوى مطلع
أنت الذي مسّ قلبي فاستجاب له ... وعاد يرتاح للدنيا ويتسع
رحمته وهو تاو في أضالعه ... أنحى عليه الضنى والوجد والجزع
أيبك: لما وليت أمور الملك قلتُ مضى=عهد الهوى وانقضت في إثره المُتع
وقلت للنفس: تلك الشمس كيف لها ... ترقى وأنت المعنىَّ العاجز الضِرعُ
طويت روحي على يأس وِهبت بها ... قرَّى بيأسك، لا يجنح بك الطمع
شجرة الدر: فدتك نفسيَ عزَّ الدين. أي أسى=يهتاج في عتبك الباكي ويندلع
لاشيء كالحبَّ. . . لا ملكٌ، ولا ولدٌ ... ولا شباب، ولا الدنيا بما تسع والحب إن كَرُمت أعراقُه وصفَت ... يسمو على قِيَم الدنيا ويرتفعُ
ما أضيع العمر إن لم تحترق كبدٌ ... وتحتدمْ لوعةٌ في القلب تصطرع
أيبك: يا عصمة الدين هذي ليلة كرُمت=كأنها من ليالي الخلد تنتزع
بعثتني حين لم أجرؤ على أملٍ ... وحين كل رجاء فيك منقطع
وحين نفسي - رعاك الله - تالفة ... وحين قلبي - وقاك الله - منصدع
أهواك. . . أهواك ألواناً فأيسرها ... مُدى تَواتر في صدري فتقتطع
مازلت والسن تعلو بي أذوب جوى ... إذا همست واستغشى وأمتقع
شجرة الدر: (وهي تسترد جأشها)
لا بل تحب كاقيال الرجال إذا ... هاموا فلا الضعف يعروهم ولا الجزع
ما كنت والتاج يُزهى بي سوى امرأة ... تأوي إلى الرجل الحامي فتمتنع
أيبك: نفسي فداؤك قد مزقتها قطعاً=وسمتها الألم القدسي والسقما
شجرة الدر: وكيف؟
أيبك: من غيرةٍ كالنار حاطمة=والموج مصطخباً، والسيل محتدماً
تظلُّ تعصفُ بي عصفاً
شجرة الدر: سلمت ولِمْ
هذي الشكاية؟
أيبك: غيري فيك من سلما
كم بت غيران ممن قد أنست به ... ومن همست له فارتاج وابتسما
ما إن تحدثت في لين إلى رجلٍ ... إلى أثرت بقلبي فتنة عمها
وما هششت لبعض الناس عن عرض ... إلا نزل الهمُّ في جنبيَّ واضطرما
الغيرةُ الحبُّ ما شبت. . . فإن خمدتْ ... فقل مضى الحبُّ في أذيالها قدُما
شجرة الدر: ممن تغار وقلبي أنت مالكه=ربا هواك وأرسى فيه فاحتكما
أيبك: إني فريس جوي ما إن خلوت له=إلا انتهى لشغاف القلب فاصطلما
(ثائراً) إني أغار من الماضي
شجرة الدر: أأعقل ما تلقى!
أيبك: أغار من الماضي الذي انحسما
أغار من كلَّ من قد ظنَّ أن مُلئت ... يداه منك فرد النفس واعتصما
أغار من كلَّ من أفضى إليك ومن ... أثنى عليك. . . وإن قال الذي علما
أغار من كل ذي شأن بذلت له ... عطفاً فقبَّل منه الراح والقدما
وددت لو كنت لي لم تعرفي أحداً ... ولا بني بك زوج. . . هان أو عظما
عيناك مشرع ما ألقاه من قلق ... الله بالسحر والإغراء علهما
فما تحركتا إلا وأيقظتها ... في الغافلين الهوى والشوق والنهما
يا أطهر الناس عرضاً ما نجوت من ال ... باغي الذي يثلم الأعراض والحرما
أمضهم أنك استعذبت فريتهم ... وإن رضيت على علاتها التُّهما
عزيز أباظة