الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 853/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 853/البريد الأدبي

بتاريخ: 07 - 11 - 1949


بواسل من لحن القول:

1 - حمل إلينا بريد الرسالة الأدبي في العدد (845) كلاماً للأستاذ الفاضل السيد أحمد صقر فيه سب وسخط على المعقبين اللغويين، ورد ما كتبناه في العدد (843) نخطئ فيه استعمالهم بواسل صفة لجمع مذكر عاقل، وتواً بمعنى الساعة أو حالاً، وذكر أن بواسل مسموعة عن العرب الخلّص منذ الجاهلية الأولى، وأورد شاهدين لذلك، الأول؛ قول باعث بن صريم اليشكري من شعراء الحماسة يذكر يوم الحاجر:

وكتيبةُ سفع الوجوه (بواسل) ... كالأسد حين تذب عن أشبالها

والثاني قوله:

فلا توعدونا بالحروب فإننا ... لدى الحرب أسد خادرات (بواسل)

وذلك فيه وهم كبير، إذ المعروف عند النحويين أن فواعل جمع لفاعلة - غير شواذ معدودة - فبواسل جمع لباسلة في هذين الشاهدين، ففي الأول يصف الشاعر كتيبة وفي الثاني يصف أسداً خادرات، فماذا بقى إذا في شاهدي الأستاذ؟ ونحن قد قلنا إن بواسل خطأ حينما تكون وصفاً لجمع مذكر عاقل.

التو بمعنى الساعة خطأ:

2 - وأما تصويبه قولهم ذهب توا، وإيراده نصين من الفائق والقاموس، فقد عجبت له لأني قد خصلت ما أورده في كلمتي القصيرة (التو بمعنى الفرد، فذهب تواً أي فرداً أو لم يله شيء والصواب توه) هذا هو ما في المعاجم بمعناه لا بلفظه، فإن المعاجم كلها ذكرت مكان لم يلوه، لم يعرجه، وفي المعاجم كلها أن التو بهاء الساعة - وقد أورد الأستاذ ذلك وغفل عنه - وكنا قد قصرنا الخطأ على التو بمعنى الساعة، ومما يزيد هذا الخطأ إيضاحاً قولهم أيضاً ذهب في التو واللحظة فيجعلون التو مرادفاً للساعة وذلك خطأ أجمعت عليه كتب اللغة.

(المنصورة)

عبد الجليل السيد حسن خطيئة داود:

طالعت كتاب (صور من العشق) للأستاذ كمال منصور قصة (خطيئة داود) فطالعت فرية على نبي من الأنبياء وهو داود عليه السلام فقد أختلف العلماء والمفسرون في قصته التي ترتب عليها ما ترتب فقيل إنه عليه السلام رأى امرأة رجل يقال له أوريا من مؤمني قومه - وفي بعض الآثار أنه وزيره - فمال قلبه إليها فسأله أن يطلقها فاستحى أن يرده ففعل وتزوجها وهي أم سليمان وكان ذلك جائزاً في شريعته مألوفاً فيما بين أمته إذ كان يسأل أحدهم الآخر أن ينزل له عن امرأته فيتزوجها وقد كان الرجل من الأنصار في صدر الإسلام إذا كانت زوجتان نزل عن إحداهما لمن أتخذه أخاً له من المهاجرين لكنه عليه السلام لعظم منزلته وعلو شأنه نبه بالتمثيل على إنه لم يكن ينبغي له أن يتعاطى ما يتعاطاه آحاد أمته ويسأل رجلاً ليس له إلا امرأة واحد أن ينزل عنها فيتزوجها مع كثرة نسائه، بل كان يجب عليه أن يغالب ميله الطبيعي ويقهر نفسه ويصبر على ما أمتحن به.

هذا ما ذكر عن قصته في أضعف وجوهها وهي القصة التي أخذها الأستاذ كمال منصور في كتابه. غير أنه جعل النبي داود يزني وتحمل هذه المرأة من سفاح ويقتل زوجها و. . و. . مما لا يليق ببشر عادي؛ الأنبياء عليهم السلام معصومون من الخطايا لا يمكن وقوعهم في شيء منها ضرره إنا لو جوزنا عليهم شيئاً من ذلك بطلت الشرائع ولم يوثق بشيء مما يذكرون.

عزة حماد منصور

دم الكبش وداء الكلب:

قرأت لأديب - فأنني أسمه - كلمة يقول فيها (. . وكان المرضى في الجاهلية الأولى يتداوون بدم (الكبش) في شفائهم من داء (الكلب). . . الخ)!

قلت: الأديب - وعله من طلاب الطب البيطري - اختلط عليه الطريق، وفهم ما قرأ على لفظه الوارد دون المقصود منه.

و (الكبش) في لغة العرب بمعنى (السيد أو الرئيس) وفلان (كبش القوم) أي (سيدهم ورئيسهم) المطاع. . . وسيد القوم خادمهم. قال عمرو بن معد يكرب: نازلت (كبشهم) ولم أر من نزال الكبش بدا

وبعض الأعراب في الجاهلية الأولى كانوا يعتقدون بدم الرئيس (الكبش) لمكانه منهم، وإمرته عليهم، وإنه يشفي من داء (الكلب). وفي ذلك يقول شاعرهم:

بناة مكارم وأساة جرح ... دماؤهم من الكلب الشفاء

ويقول غيره:

أحلامكم لسقام الجهل شافية ... كما دماؤكم تشفي من الكلب!

ولست أدري - الحق يقال - فضل دم الرئيس على دم المرؤوس في شفاء (الكلب) إن كان ثم شفاء!

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإني أذكر أن العرب كان من عاداتهم الفاشية إلى يومنا هذا أنهم إذا رحل عنهم الضيف واستكرهوا رجعته كسروا في إثره شيئاً من الأواني والقدور. وفي ذلك يقول قائلهم:

كسرنا القدر بعد أبى سواح ... فعاد وقدرنا ذهبت ضياعاً

ويقول غيره:

ولا نكسر الكيزان في إثر ضيفنا ... ولكننا نكفيه زاداً ليرجع

وبعد: فمعتقدات القوم في الجاهلية الأولى جلها أباطيل، والله الهادي إلى سواء السبيل.

(الزيتون)

عدنان

1 - إلى الأستاذ أنور المعداوي:

أقدم تحيتي وأرجئ الإفصاح عن إعجابي وبعد، أردت النظر في ميثاق جامعة الأمم العربية وفي ميثاق هيئة الأمم، وقرأت بعض ما كتب من تعليق عليهما فوجهت بطبيعة الحال إلى مكتبة الإسكندرية.

فهل وجدت من ذلك شيئاً؟! كلا!!

بل خرجت منها وأنا أتساءل فيما بيني وبين نفسي: أيتجشم الإنسان مشقة الانتقال وضياع الوقت في الذهاب إلى المكتبة العامة ليقرأ رواية (اللص الظريف) أو (المرأة الغادرة)؟ وأين إذن أستطيع قراءة الوثائق والكتب العلمية إن لم أجدها في المكتب العامة؟ ولم أطلب شيئاً عسيراً بل شيئاً مشهوراً لا تخلو من الحديث عنه صفحات الجرائد كل يوم.

ثم دعاني داعي الإنصاف إلى الاعتذار عن المكتبة بعدم ظهور كتب تتناول نشر الميثاقين أو الحديث عن الهيئتين. وأردت التأكد بنفسي فما هي إلا جولة حتى خرجت من عند بائع الكتب وأنا أتأبط كتابين ولشدة حاجتي للإلمام بالموضوع دفعت فيهما ما يقرب من جنيهين.

وتساءلت مرة أخرى: ألا يتمكن الفرد من معرفة ما يعرض له أثناء البحث - على كثرة ما يعرض له - إلا إذا كان يملك الوسيلة إلى الشراء! وإذا كان الأمر كذلك فإلي أي حد تتحمل مالية الإنسان مهما عظمت تكاليف الكتب مع تعددها وارتفاع أسعارها؟!

لقد كانت مكتبة الإسكندرية - يرحمها الله - موجودة حقاً منذ ألفي عام حين كانت تقدم الزاد الدسم فيعجز عن هضمه العلماء الكبار؛ أما الآن فقد أصبح كل ما فيها من زاد لا يكاد يقيم أود الصغار.

وذكرني ذلك بالموقف الذي قاساه من قبل الأستاذ عباس خضر (في قاعة المطالعة بدار الكتب) وعدت لأقرأ من جديد ما كتب ولأجد فيه بعض العزاء.

والآن يطيب لي أن يثار هذا الموضوع مرة أخرى. إن عشرات الكتب العلمية تغمر السوق كل يوم، وكلها مما يحتاج الباحث إلى الإلمام بها أو ببعضها.

وإذا كانت وزارة المعارف - سامحها الله - قد ألجأتنا بإفقار مكتباتها المدرسية - إلى المكاتب العامة فلا أقل من أن نجد لدى الأخيرة بغيتنا، وإلا فنحن نزود الراسخين عن الإطلاع ونزود المبتدئين بالحجة التي تدفع عنهم لوم اللائمين ثم لتسلكهم بعد حين في عداد الجاهلين.

حقاً إنه لموضوع يستحق من قلم صاحب التعقيب تعقيباً يكون له عند المسئولين صداه. وعسى أن تستأنف المكاتب العامة سيرها في ركب الحياة.

2_حول مسئولية الاحتلال:

(سألني بعض حضرات القراء عن المرجع الذي اقتبست عنه بعض الفقرات التي استشهدت بها لتأييد الرأي الذي ذهبت إليه في تحديد مسئولية الاحتلال الإنجليزي لمصر بالمقال المنشور بالرسالة عدد850.

ويسرني أن أشير إلى أنه كتاب المسألة التونسية وموقف الدول العظمى منها للدكتور محمد مصطفى صفوت أستاذ التاريخ الحديث بجامعة فاروق الأول. وأن التنويه بذكره قد سقط أثناء الطباعة سهواً).

كمال السيد درويش

مدرس بالرمل الثانوية