مجلة الرسالة/العدد 843/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 843 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصَصُ ← |
بتاريخ: 29 - 08 - 1949 |
حياة الريف في الأدب:
إن الخضرة المترامية التي تكسو الوادي الخصب لتبدو رائعة حينما تأتلق بين أعطافها الإشعاعات الحانية المرسلة من شمسنا الوادعة، والأبصار تختلف حينما يجذب أحداقها مرائي الصور الخلابة في مرامي الأحاسيس الشاعرة؛ فأين تصوير حياة الريف بعد الانفعال بمظاهر روائعه الأخاذة؟.
لقد صعد بنا الخيال إلى أقاصي الصعيد، ومتعنا برؤية المرئيات التي
شاهدت بها عواطفنا أسمى ما يصل بين الخالق والمخلوق، وعلى
الرغم من معاناتها التأزم النفسي لم يتقلص شعورنا بل كانت الباصرة
تطل من نافذة الإيمان على مشاهد الوجود، فتأنس إلى الوحدة،
وتستأنس الوحدة، ويقال: إن نقد الشيء أيسر من وجوده؛ ونحن لا
نتطاول في نقدنا إلى درجة التعجز، أو تدفعنا غرة الغرور إلى
الاستصلاف، وإنما نبغي التنويه بما يجب أن تتجه إليه المشاعر؛
فالأدب مقفر من معالم (البيئة)، لانصراف الأذهان عن الاتصال
بالحياة الأصيلة الفطرية إلى الصنعة الوافدة الراكدة!.
لقد بلغت الجهود الاكتفاء بأوصاف أجزاء الأجسام (العارية) عن الإنسانية، فكيد الشاعر خياله، وديباجته، ولغته في تصيد الألفاظ التي تكشف سيئاتها عن سوآتها!، وهو يكون رائعاً إذ يصف الثغر، والنهد، والساق، والشعر وما (يلي. .!، وقد تناسى تلك المتناهية في خفر الأنوثة حاملة جرتها على رأسها تناغي مع مناغاة ماء النيل أعذب غنوة من أطهر شفة!.، يذهب بالتغني (بالعوامة) إلى تجاهل روعة (المركب الشراعي) الذي لا زال وفياً بعهده، باقياً على وده!.
إن أدبنا فقير في تصوير (البيئة)، وطفت موجة التقليد للصحف البعيدة عن حياتنا وعاداتنا، وطبيعة بلادنا، حتى كاد يغمرنا طوفان ننسي معه قوميتنا! لا نعني بالأدب المنثور والمنظوم من الكلام، وإنما نقصد كلُّ لون فني يسموا بالمعاني الإنسانية، كالتصوير والنحت والخيالة ذات التقصير المعيب!. ولا ننسى أديبة ملهمة موفقة كالسيدة (بنت الشاطئ) قد كتبت عن الريف، ولا زالت تنتهز النهزات (للتعريف) به لمن جحدوه وجفوه وأنكروه لكن صوتاً واحداً مهما تبلغ جهارته لن يكون بعيداً الأثر إذا لم يكن من دخائل الطباع ما يحثها على تعرف مواضع الجمال في هذا الريف وتمجيده، والتباهي. في مقام المفاخرة، والإشارة بما يرسمه الفن على صفحة النفس من الانفعالات التي ترتفع بمعالم الوطن إلى مواطن الخلود!
(بور سعيد)
أحمد عبد اللطيف بدر
من لحن القول
1 - دأب الكتاب على جمع باسل على بواسل، وتردد هذا الجمع في الأيام وصفاً لجنودنا. ويعلم السادة الأفاضل - الكتاب - أن الجنود رجال أبطال وقوم عقلاء فلما يضعونهم - من الوجهة الصرفية - بين ربات الجمال وفاقدي العقول.
وهذا الجمع غريب شاذ، فلا المعاجم تذكره ولا القياس يبره ولا السماع يؤيده، فلما لا نقتله ونحيي لفظين رشيقين صحيحين يستعذبها الذوق ويستلهمهما القلم وهما بسل وبسلاء.
وقد ورد هذا الجمع في تعقيبات الأستاذ أنور المعداوي في العدد (481) من الرسالة.
2 - ومما يقبله الكتاب - عامتهم - قلباً ويمسخونه مسخاً ويسلخونه سلخاً استعمالهم تواً بمعنى (الساعة وحلاً) فيقولون ذهب تواً وذهب لتوه.
وهذا المعنى تلفظه المعاجم وتنبذه اللغة وما قالته هو تواً بمعنى الفرد، فذهب تواً أي فرداً أو لم يلوه شئ والصواب توه.
3 - ويقال التحق بالجيش وبالمدرسة، وهذا غير فصيح وليس بالصريح، بل هو عامي مولد كما جاء في تاج العروس والصواب لحق بالحق.
هذا ما أردت إثباته، ثبتنا الله على الفصيح والسلام. . .
(المنصورة) عبد الجليل السيد حسن
نقد وتعقيب:
كان الأستاذ أبو حيان جائراً أشد الجور في نقده لكتاب. . (الهجاء والهجائين) ولو كان محقاً فيما قاله لقبلناه منه وحمدناه له برغم ما في المقال من ألفاظ التهكم التي لا تليق بكبار الكتاب ولكنه مع هذا كان مجانباً للصواب في بعض ما أخذه على المؤلف الكريم. . .
فالأستاذ الناقد يقول في البيت الأول: (كيف يحدي أبو بكر بالرماح. . فالحادي يحدو الإبل بغنائه فتنساق خلفه وتطرد وراء حداثة. فكيف يمكن أن تكون الصورة حين يضع الرماح في موضع الحداء. . وفات الناقد أن الحدو أو الحداء ليس الغناء فقط، وإنما هو سوق الإبل والغناء لها. . وللرماح - حالة إرسالها. صوت يشبه الترنم قال الشماخ:
إذا نبض الرامون فيها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعها الجنائز
وعلى هذا فالصورة الشعرية واضحة لا تعقيد فيها ولا التباس. . أما قوله بأن يحذى بالذال المعجمة بمعنى يطعن فدخلها التحريف. فلا حاجة إليه بعد أن اتضح المعنى على التخريج الذي ذكره المؤلف ورضيناه. . فضلاً. . عن أنه لم يُسمع حذا بالذال بمعنى طعن كحذ وحذق وحذف. . وأنني أود أن يكون الناقد رفيقاً فيما يتناوله بالنقد. . .
(أسيوط)
كيلاني حسن سند
إلى الأديب الأستاذ الكبير راجي الراعي:
أعجبتني خطرات فكرية رقيقة، وأضواء ذهنية مشرقة دبجتها براعتكم بالعدد 840 من الرسالة. ولقصوري عن الإحاطة بالمراد من العبارتين الواردتين في مناجاة الشمس وهما (يا ابنة الله) (يا عين الله) أرجو التفضل بجلاء ما غمض منهما خدمة للحقيقة والأدب ولكم منا عاطر الثناء، ومن الله أحسن الجزاء.
(المنيا) دسوقي إبراهيم حنفي
حول تصحيح:
طالعت تعقيب الأستاذ (غازي) على شرح الأستاذ (أبي حيان) لبيتي الخطيل بن أوس - ومع تقديري لرأي الأستاذين رأيت أن أدلي في الدلاء، فأقول: كلمة (الرجال) في البيت الثاني قد تكون محرفة من (الرحال) جمع رحل والمقصود بها الأنحاء وكذلك كلمة (هبنه) محرفة من (هجنه) بمعنى أفزعنه وأثرنه، فلا يبقى محل لتخطئة الأستاذ (غازي) للشاعر: فيكون البيت هكذا:
ولكن يدهدي بالرجال فهجنه ... إلى قدر ما إن يقيم ولا يسري
وبذلك يستقيم معنى البيت والله أعلم.
(كفر الدوار)
أبو جعاذة