مجلة الرسالة/العدد 836/الَبريدُ الأدبيَ
→ الأدب والفنّ في أسبُوع | مجلة الرسالة - العدد 836 الَبريدُ الأدبيَ [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 11 - 07 - 1949 |
في مجالس الأدب:
أن في مجلس الأدب جمعاً بين إشباع الوجدان، وإمتاع العقل، وإشعاع المواصلة الروحية التي تجمع وحدة الطبع، واتفاق المزاج، وتآلف الميل؛ ولقد تلمع الخواطر، فيبدو في لمعاتها ما يشرق بالمجلس الأدبي. ونعلم أن للرسالة الزهراء ندوة فيها نداء المعرفة، وندى الوفادة، وبالود منا أن يسجل بين الحين والحين ما يألق في جوانب الندى للقبس منه، والأخذ عنه، والمشاركة فيما يترامى إلى أهداف سامية لها وصلة في الحيلة، التي اصطرعت أهواؤها في مصارع المادة، وتنكب جادة المعاني الروحية. ولقد دعانا إلى تلك الإشارة ما عاودنا قراءته عن (المناظرات الأدبية) وما كان لها من شان، بعد أن حاورنا محاور عن الصيغ التي تفيد الصفة، ووثب إلى الذهن ما حققه المازني (النحوي) في حضرة المتوكل في قوله تعالى: (وما كانت أمك بغياً) بعد أن سئل: كيف حذفت التاء وبقى فعيل مع أنه فعيلاً إذا كأن بمعنى فاعل لحقته التاء كفتى وفتية؛ فكان حقها (بغية)؟ فأجاب: أن بغياً ليست بفعيل؛ وأنما هي فعول بمعنى فاعلة - يقصد أنها كصبور - فالأصل فيها (بغوي) وأجرى عليها تقعيد التصريف من قلب الواو ياء وإدغام الياء؛ فهي (بغي)، ووجب حذف التاء لأنها بمعنى باغية. على هذا الأسلوب أمكنه الإعلام والإفحام، وسجل تحقيقه مخلداً تتعاوره الأجيال، فلماذا لا تثبت مباحث الإثبات؟.
أن من حق الأدب على الهداة إنارة الطريق، وليست المباحث وحدها بكافية للاستنارة، فمجالس الأدب في محاوراتها، ومناظراتها، وطرائفها، وطرائقها ذات تشوق وتشويق!
ولقد أعجبنا من الأديب الموفق الأستاذ (العباس) عرضه قضية ذلك البطر البشم بغروره الذي أنتفخ أنفه باسترواحه رائحة (الأجنبي، وتكسر لسانه برطانة الصلف؛ فعاب على الشرق تربيته العالية، وتورط بعد أن (تبرنط) ثم خرج من لدن المجلس يدُّعه الخزي، ويخزيه العار. من هذه الإبانة وضحت ظاهرة المغالاة في تمجيد الغرب إلى درجة تجاهل الشرقية المشرقة من قوم يجب أن يشرقوا من ماء النيل!
أن رجوتنا تجاوز الإلحاف في وجوب العناية بمجالس الأدب التي ندرت في هذا الزمان الذي نثر الأوقات الرخيصة على كراسي المقاهي حيث إضاعتها بين قالة اللسان، ومطاولة اليد، والبعد عن سمو الحياة!
(بور سعيد)
أحمد عبد اللطيف برر
أسرفةأم تهافت أدبي؟
قرأت في العدد832 من مجلة الرسالة الغراء قصة بعنوان (مادلين) للأديب يوسف جبرا. وهذه القصة نشرتها جريدة البلاغ بدون توقيع في عددها الصادربتاريح8 ديسمبر سنة 1948. ولقد راعني أن تنقل القصة المنشورة في جريدة البلاغ من ترجمة الأديب يوسف جبرا نفسه؟ وإذا ادعى أنها له فهل له أن يتكرم فيثبت لنا صحة ما يقول بالدليل القاطع الذي لا يقبل الجدل ولا يرقى إليه الشك؟ وإذا أحسنا الظن بالأدب الناشئ فاعتبرنا قصة البلاغمن ترجمته هو فأنا نعتبر السعي إلى إعادة نشرها تهافتاً أدبياً وتكالباً على الشهرة غير مشروعة، وهو أن دل على شيء فإنما يدل على إفلاس عقلي وفرار من الجهد الذي يعانيه الأديب ليخرج للناس أثراً يقرأ. وإن للأديب حدوداً من الأدب واللياقة لا يتعداها المرء إلا حين يحس بالخور والفتور. وإذا كان ما نشر في جريدة البلاغ ليس من عمل الأديب جبرا فهذه سرقة أدبية أربأ به عن أن يرتدغ فيها.
يا سيدي الأديب، هذه هي ثاني مرة ترتكب فيها مثل هذه المخالفة الأدبية. ولابد أن تثق بأن للقراء عيناً وقلباً وعقلاً. هذا وإن عدتم عدنا.
كامل محمود حبيب
وضع الزهور على القبور:
دارت مناقشات في بعض الصحف حول هذه العادة وكيف نشأت، فمن قائل أنها غربية، وقائل أنها شرقية إسلامية والرأي الثاني هو الصحيح.
فقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس قال: مر النبي عليه السلام بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله؛ وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فغرز في كل قبر واحدة، قالوا يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا. والحكمة في ذلك أن كل حي ونام يسبح الله دون الميت واليابس، وفي الحديث الشريف إشارة إلى أنهما يسبحان مادامتا رطبتين دونما إذا يبستا0 وهذا الإشراق الروحي للرسول عليه السلام حيث يشاهد تسبيح النبات والجماد من خصوصياته، وقد يكشف الحجاب لبعض الأطهار من أمته حتى يسمع تسبيح الكائنات كما حصل ذلك لبعض الخواص من أهل الطريق ولازالت هذه السعادة عند العامة في جميع البلاد متأسية بالرسول الطاهر ثم أبدلت بالزهور عند الخاصة - والتسبيح من كليهما وأقع - والتخفيف على الترجي بيد الله سبحانه وتعالى، وهو الرحمان الرحيم
(شطالوف)
محمد منصور خضر
لام الحجود. ومظلنها:
كنا وما نزال نستظهر أن من ضمن نواصب المضارع وعلى التجوز، لام الجحود، ونتذكر أيضاً أن لام الحجود هي المسبوقة يكون ناقص ماض منفي؛ ولكنا كنا نجهل أن لها شرطاً عدا ما تقدم: وهو أن يكون المسند إلى ما كان، ولم يكن هو عين المسند إلى المضارع الآتي بعدها حتى تلحقه اللام المؤكدة للنفي الصريح؛ وزدت الصريح لأنه لو كأن غير صريح لصح للفعل المضارع أن يأتي بعد السكون الناقص الخ - خاليا ًمن اللام، وإليك قوله تعالى: (ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون) فإن النفي هنا صوري في معنى الإثبات أي قد تليت عليكم آياتي فكنتم بها تكذبون.
وليتم الاستقصاء أزيد على ما أسلفت أن يكون ثم مقتض بلاغي يقتضيها، والقران الكريم مليء بهذه المقتضيات. وقد بينها لنا بأجلى بيان في معارض شتى: كالتخويف، والإنذار، والتقرير، والإصرار، وها هي ذي طائقة من الآيات توضح ما مر: قال تعالى في معرض الإنذار (لم يكن الله - يستغفر لهم) وفي مجال التقرير: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) وفي موضع الإصرار: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين) وبلى القران في ذلك الحديث وهاهو ذا يطفئ غلتنا بنغبة من حديث مشهور قال ﷺ: (وأعلم أن أخطأك لم يكن ليصيبك) وإذا استوفيت الشروط المتقدمة ولم يكن ثم مقتض لتأكيد النفي فلا داعي لهذه اللام، ويرد الفعل المضارع خالياً منها - كما في هذه الآيات: (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لأرتاب المبطلون) (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولاجلودكم، ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون)
محمد غنيم