الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 818/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 818/البريد الأدبي

بتاريخ: 07 - 03 - 1949


الفلوجة لا الفالوجة ولا الفالوجا:

أصبحت هذه البلدة العزيزة عنوناً مجيداً مضيئا من عنوان المجد في تاريخنا الحربي الحديث، فينبغي أن ننطبق بها ونكتبها على الوجه الصحيح. والعرب كانوا وما زالوا ينطقون في بالفلوجة مفتوحة الفاء مشدودة اللام مختومة بالتاء، ويجمعونها على فلاليج، ويريدون بها الأرض المصلحة للزرع، ثم أطلقوها على كل قرية بسواد العراق كما يجوز لنا اليوم أن نطلقها على كل قرية أو إقطاعية بالأرض التي تصلحا الحكومة في كفر سعد أو في غيره ثم صارت الفلوجة علما على هذه القرية بفلسطين وعلى قرية أخرى بالعراق على طريق ما بين الرمادي وبغداد. وقد كان المرحوم الرصافي يهاجر إليها كلما نبا به العيش في دار السلام. والعراقيون ينطقون بها على الضبط الوارد في كتب اللغة.

التقريب بين اللغتين:

كتب الشيخ محمود أحمد الغمراوي كلمة طامنت من أسلوب الرسالة الرفيع المتزن، فقد رمى الدعوى رمية عشواء وقولنا غير قولنا! ونحن ندعو أن يعاود قراءة كلمتنا ثم يرجع البصر، ويضيء البصيرة، فيرى أننا لا نحل الدخيلة محل الفصحى، بل دعونا دعوة (مخلصة) إلى وجوب المحافظة على اللغة ببقاء قواعدها، وأليه مقولنا:

(ونحن إذا تجوزنا في القاعدة، وقلنا لا عنت في جواز جعل فاعلين لفعل واحد كما في شأن أكلوني البراغيث لشاعت القاعدة وجرت على الألسنة، فتضيع اللغة في أوضاع تعقيدها).

وان كل ذلك ذي بصر يرى مدى تحفظنا في أيراد السياق. فقد (تجاوزنا) ولم نسق الحقيقة، وقلنا: أن إشاعة (الدخيلة. تجنى على اللغة؛ فمن أتى الشيخ بدعوتنا إلى هدم العربية؟ إن لغة القرآن تسمو إلى التعقيد، لأنها أبلغ استدلال عليه، ومقتضى هذا هو الارتفاع به عن التأويل المفضي إلى الفصاحة كوهمه وإيهامه. فنحن نعنى بالتأويل في الآية الدنو من (القاعدة) بحسب الظاهر لدفع ما قد يوهم؛ لكن الشيخ يؤيد ما لا يريده المنطق ثم يريدنا عليه!

أن المفسرين - لا الزمخشري وحده - يسيرون في التأويل على وفاق اتساق السياق ولم ينجحوا - كادعائه - إلى الإعراب متقصدين التذرع به لإيضاح وحدة المعنى.

بل اتجهوا إلى الفحوى ثم رغبوا في التأويل ليزداد الوضوح؛ فالإعراب ليس مقصودا لذاته، لأنه فرع المعنى!. وليعلم الشيخ أن لغة طيء وأزد شنوءة موافقة الفعل لمرفوعة. قال عمرو بن ملقط:

أُلِفيتنا عيناك عند القفا ... أوْلىَ فأوْلى لَكَ ذا واقِيَةْ

وقد ذكر التوضيح أن هذه اللغة لا تمتنع مع المفردين أو المفردات المتعاطفة بدليل قول عبد لله بن قيس الرقيات يرثى مصعب بن الزبير.

تولى قتال المارقين بنفسه ... وقد أسلماه مبعد وحميم

وعدم المنع بين صحة جعل ما يتصل بالفعل ضمائر في (لغتهم).

إما إدعاء الشيخ (محمود الغمراوي) أننا نحل الألفاظ الدخيلة محل الفصحى فردنا عليه في قولنا:

(وعندنا أن التقريب قد يكون في إشاعة الألفاظ المتقاربة في (الدلالة) مثل أمتي؟ في - متى - ومين؟ في - مَنْ - وفين - في - أين.

هذا ما يمكن بحثه في مقام (دراسته) أما القواعد الأصلية فيجب أن تبقى محافظة على اللغة).

هذا ما أثبتناه وفحواه ما يأتي:

أولا: أننا جعلنا (دلالة) الألفاظ مسوغة لتقاربها ولم نؤيد استعمل الدخيلة.

ثانياً: أننا جوزنا هذا التسامح في (دراسة) أدوات الاستفهام للأبناء.

ثالثا: أننا أوجبنا بقاء القواعد سليمة محافظة على اللغة.

أحمد عبد الطيف.

المدرس ببور سعيد - ومن العلماء

حافظ وشوقي:

طلبت مجلة المقتطف من الأستاذ الشاعر الأديب حسن كامل الصيرفي أن يكتب لها مقالة عن حافظ وشوقي بمناسبة مرور خمسة عشرة سنة على وفاتهما، فكتب لها دراسة مطولة عن الشاعرين جاوز بها حد المقالة، وجعلها كتاباً يقع في أربع وسبعين صفحة من القطع المتوسط، وقد طبعته مطبعة المقتطف والمقطم سنة 1948م

والأستاذ حسن كامل الصيرفي شاعر وأديب، وللشعر عنده رسالة يجب أن يؤديها في كل عصر، فهو ينظر إلى حافظ وشوقي على أنهما شاعران عاشا يتردد اسماهما معا زمنا، وتعترض حياتهما عواصف تنافس أحيانا، وتمر بهما نسمات صفاء أحيانا أخر، ولكنهما كانا يشعران أنهما يتعاونان على أداء رسالة واحدة وجهتهما إلى طريقها عرائس الشعر، وطبيعة العصر، وقد ماتا معاً في سنة واحدة، كأنهما شعرا أنهما أديا رسالتهما في الشعر، ولن يستطيع واحد منهما أن ينهض وحده بعبء تلك الرسالة، بعد هذا الجهاد الطويل في تأديتهما.

وعلى هذا الأساس تقوم تلك الرسالة النفسية لشعر حافظ وشوقي، وتقوم الموازنة بين شعر كل منهما، وقد وجد الأستاذ حسن كامل الصيرفي من ذوقه - وهو ذوق شاعر أديب - مما ساعده على بلوغ الكمال في هذه الدراسة، وإني أهنئه عليها تهنئة صادقة.

عبد المتعال الصعيدي

تصحيح مردود:

في البريد الأدبي للرسالة الغراء عدد (811) اطلعت على كلمة للأديب الفاضل محمد الشاذلي حسن يخطئ فيها استعمالي لفظة (ماتع) صفة الشيء المستحسن الجميل، ويستشهد لذلك بيت المجنون الوارد في أغاني الأصفهاني:

أشرن بأن حثوا الجمال فقد بدا ... من الصيف يوم لا فح الحر ماتع

ويذكر أن الشراح ذكروا أن (الماتع هو الطويل).

وأقول: كون (الماتع) بمعنى الطويل لا يمنع كونه بمعنى الجيد بل البالغ في الجودة؛ ففي اللسان - أعنى لسان العرب - (متع الرجل ومتع جاد وظرف وقيل كل ما جاد فقد متع وهو ماتع والماتع من كل شيء البالغ في الجودة الغاية بابه):

خذه فقد أعطيته جيداً ... قد أحكمت صنعته ماتِعا

وبعد: فلو لم يكن مرجعنا (اللسان) لطال حبل الكلام في مقام الاستشهاد والإيراد، خير الكلام - كما قيل - ما قل ودل، وارجوا أن يكون في هذا القليل الدليل، والسلام.

الزيتون

عدنان