الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 803/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 803/البريد الأدبي

بتاريخ: 22 - 11 - 1948


سئلت ولم أجب فلا بد أن أعترف:

سألتني يا سيدي عما يوجه الشرع في زكاة مالك - وقد كثر عدده وطال أمده - فلم أجبك وسكت وفي نفسي من الخجل والخزي ما الله يعلمه نعم سكت ولم أجبك؛ وكيف أجيبك عن زكاة مالك ولا عهد لي بجنيهاتك في كتب الزكاة - لقد درست المتون والشروح والحواشي حنفيها وشافعيها، وعرفت (الدرهم والدينار والدانق والمثقال، وعرفت حكم الرائجة والصحاح، والبهرجة والستوقة) ولا تبحث عن هذه النقود عبثاً يا سيدي فهي لا توجد في غير خزائن الأزهر، أعني في مقصراته ومطولاته التي حملتها معي من مكتبة جدي الأكبر يوم أن دخلت الأزهر وما زلت أقرأها كتباً مقررة إلى الآن.

أما أوراقك الخضر، فلا تسلني كم نصابها وكم زكاتها؛ ولا لوم علي ولا تثريب.

- أنا واحد من آلاف طلاب الأزهر، ندرس الدين في أسفار أجدادنا الأقدمين كما حملت إلينا بدون تهذيب ولا تنقيح وبدون احترام لشريعة الرقي والتطور. أين نقود فجر الإسلام التي نحسب نصابها ونعدد زكاتها - وقد صارت في جوف التاريخ - من نقود عصرنا الحاضر التي لم يرسم قرش منها في كتاب لدينا.

- ويحي ما أحمقني! أقضي سنين طويلة في الأزهر، أجهد فيها ما أجهد، من أجل دراسة لآثار بالية لا تنفع ولا تشبع!؟

أجل. كتب الفقه في الأزهر ملأى بمسائل باهتة رثة، تحتاج إلى تنقيح وتوضيح. انشر أي كتاب من كتب الشافعية، وتجلد في مطالعته بعض الوقت فإنك لا بد قارئ: (وكثير الماء قلتان، والقلتان خمسمائة رطل بغدادي تقريباً في الأصح) ثم يتكرم الشارح ببيان هذا الرطل البغدادي فيقول (والرطل البغدادي مائة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباع درهم تقريباً) وما أدري غفر الله له أنه فسر الماء بالماء كما يقولون، وسواء أدركت مقدار الماء الكثير أم لم تدرك، فحسبنا هذا الخيال البارع: قلة تزن مائتين وخمسة رطلاً!!

وكتاب العتق؛ الكتاب الأسود - كما يسميه بعض إخواننا - ما قيمة دراسته في هذا الزمان وجعله خاتمة كتب الشافعية؟ أليست خاتمة بيضاء؟ ذكروا فيه (أن الشارع متشوف إلى العتق) وقد عتق العبيد بحمد الله ولم يبق منهم واحد إلا في كتبنا وأدمغتنا كأنا لم نعرف بع أن أحط صنوف البشر قد أصبحت أحراراً طلقاء؛ أو كأنا نرجو أن يبعث الشارع (المتشوف إلى العتق) دولة العبيد ثانية فنطبق عليها الأحكام.

وبعد. فتلك ثورة هادئة أرجو بعدها الله أن يوفق أولي الشأن في الأزهر إلى تطهير موارد العلم وتنقيتها من القذى والفضول وذلك أمر سهل أن كانوا جد حريصين على تأدية رسالة الأزهر بصدق وإخلاص. وكم في الأزهر من جهبذ تحرير يعوزه التشجيع والتعضيد ليخرج للناس آيات بينات في التصنيف والتأليف.

إسماعيل أبو ضيف

في كتاب (النقد الأدبي):

قرأت للصديق الناقد الكبير الأستاذ سيد قطب كتابه الجديد في النقد (النقد الأدبي) ولا أغلو إذا قلت إنه كتاب فريد في بابه وأسلوبه وطرقته في تناول موضوعاته وعرضها عرضاً كله الروية والاتزان وحسن البيان.

وليس غرضي من كلمني هذه حول الكتاب البحث في محتوياته وبيان قيمته - تلك التي لا يلمسها إلا القارئ قراءة العين لا سماع الأذن - وإنما بحسبي أن أشير وألفت الأستاذ الصديق إلى مواضع زايلها الصواب نتيجة التطبيع أو التصنيع، أجملها فيما يلي:

1 - من التطبيع ما جاء في قول القائل:

فأصبحت في الإثراء أزهد (زاهداً) ... وإن كنت في الإثراء أرغب راغب

ألا من يريني غايتي قبل مذهبي ... ومن أين؟ (الغايات) بعد المذاهب

والتطبيع فيهما ظاهر؛ والأصل (زاهد) وفي الثاني (والغايات) بالواو.

2 - ومن خطأ النقل نتيجة السهو قول من قال:

وسنان (أيقظه) النعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم

وصوابه.

وسنان (أقصده) النعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم

وكذلك قول الآخر:

وأرشفنا على ظمأ زلالاً ... ألذ من المدامة (والنديم)! وصوابه:

وأرشفنا على ظمأ زلالاً ... ألذُّ من المدامة (للنديم)

وقول الثالث:

يقول بشعب بوان حصاني ... (أمن) هذا يسار إلى الطعان؟!

وصوابه:

يول بشعب بوان حصاني ... (أعن) هذا يسار إلى الطعان؟!

إذ ليس مراد الشاعر السير (من) محلة إلى نحلة، وإنما غرضه (التحول) عن شعب بوان إلى الطعان.

4 - بيت ابن الرقاع:

وعلمت حتى (لست أسأل عالماً) ... عن (حرف) واحدة لكي أزدادها

روايتها عندي وهي الرواية الثابتة المقبولة:

وعلمت حتى (ما أسائل واحداً) ... عن (علم) واحدة لكي أزدادها

وكذا البيت:

أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف (يلتقيان)

وفي الأصل وهو الصواب على قرب الملتقى:

أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف (يجتمعان)

5 - وقع في البيت:

لا أظلم الليل ولا أدعي ... أن نجوم. . ليست تزول

تطبيع بالحذف، وصوابه:

. . . . . . . . . . . .=أن نجوم (الليل) ليست تزول

6 - وهذان البيتان كل على حدة:

وغر الصدور إذا (وكنت) لهم ... نظروا إلي بأعين خزر

ذكر الصبوح بسحرة فارتاعا ... وأملَّه ديك الصياح (صياحا)

أحفظ لهما في صدري روايتين لست أزعم أنهما الأصل، ولكنهما يحتاجان إلى تحقيق ومناقشة لجزم بصواب الأصل أياً كان، والروايتان هما: وغر الصدور إذا (ركنت) لهم ... نظروا إلي بأعين خزر

ذكر الصبوح بسحرة فارتاحا ... وأمله ديك الصياح (فصاحا)

7 - أوردة الأستاذ المؤلف عن صاحب الوساطة لأبي تمام البيت:

ألم يقنعك فيه الهجر حتى ... (بكلت) لقلبه هجراً يبين

ثم قال (يقول الشارح أنه لم يعرف لهذه اللفظة (بكلت) معنى ولم يجدها في ديوان أبي تمام ولم نجدها نحن!). وأقول يغلب على الظن أن تصحيفاً لحق باللفظة فأخرجها عن المعنى، ولعل الأصل (وكلت) إن لم يكن (ثكلت).

وبعد: فتلكم هنات عرضت لنا فألمحنا إليها مذكرين وليس منتقدين. ولعل الصديق الأديب يوليها بعض الاهتمام في الطبعات التالية للكتاب، والسلام.

(الزيتون)

عدنان

عود على بدء:

كنت قد أشرت في كلمتي (تحقيق تاريخي) المنشورة في عدد قريب من (الرسالة) الغراء إلى مرثية شاعر النيل حافظ بك إبراهيم في فقيد المعارف أحمد حشمت باشا، وقلت إنها من الشعر الذي لم يسجل في ديوانه المبتور!!

ولقد حدثني بعض الأدباء متعجباً لخلو الديوان من هذه القصيدة الفذة وما درى أن في باب المراثي وحده قصائد عديدة لشاعر النيل لم تسطر في ديوانه، ومن العجيب أن الذين ملأوا الصفحات بذكر شعره المنسي لم يقفوا عليها فيما رأوه، وأهم هذه القصائد ما يلي:

1 - قصيدة في رثاء السيد مصطفى لطفي المنفلوطي ومطالعها:

رحم الله صاحب النظرات ... غاب عنا في أحرج الأوقات

2 - رثاء شهداء العلم والغربة الذين اصطدم بهم القطار في أوربا ومطلعه:

علمونا الصبر نطفي ما استعر ... إنما الأجر لمحزون صبر

صدمة في الغرب أمسى وقعها ... في ربوع النيل مشئوم الأثر

3 - رثاء كريمة حشمت باشا ومطلعه: يا درة نزعت من تاج والدها ... فأصبحت حلية في تاج رضوان

وغير ذلك كثير!

علي أني أعجب كل العجب من أن الديوان قد أعيد طبعه عدة مرات وهو لا يضم قصيدة من القصائد المنسية التي يكتشفها القراء بين حين وآخر! فما فائدة التنبيه على الشعر المنسي إذن؟ ولم لا يلتفت إليه القائمون بإعادة طبعات الديوان؟ وهل كان حتم عليهم أن يحافظوا على طبعته الأولى فلا تلحق بما يكملها من روائع حافظ المغبون؟!

(الزقازيق)

إبراهيم عبد المجيد الترزي

المصحف المبوب:

قرأت ما كتبه الجليل عبد المتعال الصعيدي عن المصحف المبوب وقد صدر فضيلته مقاله بقوله:

(عصرنا هذا عصر تجديد في كل شيء وكان من الواجب علينا - معشر المسلمين - أن نجعل لطابع العصر أثراً في مصحفنا).

فهل يسمح لي فضيلته - وهو من نعلم عنه سعة في الصدر - أن أقول له: إن من الخير لنا أن نترك المصحف الشريف على حالته، وأن لا تمتد إليه أيدينا بشيء من التغيير في الطبع والإخراج - وإذا كان ذلك قد جاز لسلفنا الصالح فلأن مصلحة القرآن كانت تقتضي ذلك إذ كان مفرقاً فجمعوه. ومهملاً فأعجموه. واخترع الخليل الشكل للحاجة إليه. ونحن اليوم نقرؤه صحيحاً في طبعات جيدة أنيقة.

أقول هذا لأني أود أن يشعر المسلمون بأن كتابهم مقدس وليس عرضة لكل مبتكر؛ إذ من الجائز أن يختلف التعريب والتبويب فيظهر المصحف في عدة طبعات؛ فإذا بوبه اليوم فلان فسيبوبه غداً غيره. فيقولون قرآن فلان، ومصحف فلان وتكون فتنة. ويتبع ذلك أن يقول قائل فلنكتبه على الرسم الإملائي وكلما تفلسف شخص أضاف فكرة جديدة ما دمنا قد فتحنا هذا الباب.

فخير لنا أن نترك الكتاب الكريم، وأن تولي وجهنا شطر تعاليمه، فنجاهد في سبيل تحقيقها ونعمل على نشرها والدعوة إليها في كل مكان، وأن نعتني باللب ونترك القشور، وإن الله لا ينظر إلى الصور وإنما ينظر إلى الأعمال. وما يضر المسلمين بعد أن يحققوا رسالة كتابهم أن يكون على ما هو عليه؟

وإذا تنطع مستشرق وفهم خطأ فالذنب ذنبه فأمامه كتب التفسير أن جهل شيئاً.

وبعد فأود أن لا أكون قد جاوزت حدي مع أستاذي الكبير.

عمر إسماعيل منصور

أزمة معلم اللغة العربية في المدارس المصرية:

تفيض جداول الصحف اليومية بأن هذه الأزمة يلفت حداً لا يصح أن يسكت عنه، لا من المسئولين فحسب بل من ذوي الرأي في العالم العربي؛ إذ أنها تتصل بلغته وهي ميراث الآباء والأجداد! فقد روت إحداها بقلم مدرس رمز إلى أسمه بالحروف أن أربعة فصول ثانوية بإحدى مدارس الشرقية لها معلم عربي واحد مما اضطر ناظرها إلى أن يشرك معه في تعليمها مدرسي (الأعجمية) من الرياضة وغيرها! وأنا كمعلم أعرف أن من مضاعفات هذه الأزمة إن لم يكن عاملها الأول هو سلخ وزارة المعارف تفتيش مكافحة أقسام الأمية عن تفتيش التعليم الأولي بالمراكز وتعيين معلمي العربية بالمدارس مفتشين خاصين بها! وفي وسع هذه الوزارة أن تعمد في الحال وبدون إمهال إلى أن تعيد هؤلاء إلى عملهم الأصلي في المدارس وأن تسند تفتيش المكافحة إلى (المعلم الأولي) فهو بمرانه وتجاريبه العملية أكثر خبرة في هذه الناحية من أي موظف آخر مهما تكن ثقافته العلمية والفنية. . . (ومجلة الرسالة) الحفيظة على تراث العربية المجاهدة في سبيل نهضتها وإعلاء شأنها مسئولة إلى جد كبير إذا لم تلق لم تلق دلوها لتفريج هذه الأزمة وإزالة تلك الغمة!!

خورشيد عبد العزيز

معلم دميرة

بيان:

تود الإدارة الثقافية بالأمانة العامة للدول العربية أن تلفت الأنظار إلى أن مسابقة التأليف التي سبق الإعلان عنها في مطلع هذا العام، والتي أختبر لها الموضوعان التاليان:

أ - تأريخ الأندلس من الفتح الإسلامي إلى خروج العرب منها، وما يتصل بذلك من الحوادث في بلاد الغرب.

ب - تأريخ الأمة العربية (العراق - الشام - مصر والسودان المغرب - جزيرة العرب) من سقوط بغداد إلى أول القرن الهجري (التاسع عشر الميلادي).

وقدر مبلغ 500 جنيه مصري جائزة لأحسن ما يكتب في كل من الموضوعين، قد امتد آخر موعد لتقديم الرسائل المكتوبة فيها إلى أول مايو سنة 1949 بدلاً من الموعد المحدد سابقاً وهوة أول مايو سنة 1948.