مجلة الرسالة/العدد 793/البَريُد الأدَبيَ
→ الأدب والفنّ في أسبُوع | مجلة الرسالة - العدد 793 البَريُد الأدَبيَ [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 13 - 09 - 1948 |
المفعول معه، وواو المعية:
كتب الأستاذ عبد الستار فراج كلمة حول (واو المعية، والمفعول معه) أورد فيها أموراً في حاجة إلى المناقشة.
1 - قال في مقام الاستشهاد على إفادة الواو معنى مع. أن قوله تعالى: (والذين تبوءوا الدار والإيمان) أنهم تبوءوا الدار مع الإيمان.
وقد أورد الصبان في حاشيته على الأشموني هذا الشاهد، لكن النسفي فسره بقوله و (أخلصوا) الإيمان يعني بتقدير فعل مناسب كقوله:
(علفتها تبناً وماء بارداً) يشير بهذا إلى أن ما بعد الواو لا يصح اشتراكه في الحكم (الحدث) مع ما قبلها لاختلاف المدلول.
وقد سار على ذلك التأويل الفراء والفارس، وأما المازني، والمبرد وأبو عبيدة، والأصمعي، واليزيدي؛ فقد قدروا فعلا يصح انصبابه عليهما وهو (أنلت).
وعلى القولين يمكن تخريج الآية بأن (الإيمان) إما أن يكون منصوباً (يلزموا)، أو (ألفوا وأخلصوا)؛ فسياق الأستاذ بعيد عن الدقة لأن الواو تقتضي معاني متعددة؛ فهي تفيد الاشتراك، أو المعية، أو الدلالة على العطف من دون تأويل، أو بقاءها مع حذف المعطوف عليه لاختصاصها هي والفاء العاطفة به.
2 - غير أننا حين نفارق بين واو العطف، وواو المعية يلزمنا التقريب إلى إيضاح مرادنا في صورة بينة، ونحن نظاهره على نقده تعريف المفعول معه، لكن الأمثلة توضح القاعدة وتحدد معا هي الألفاظ الاصطلاحية. فنقول لتلاميذنا في (خرجت والأصيل، وسرت والشاطئ، واستذكرت والمصباح): إن ما بعد الواو لا يصح أن يقع منه الحدث، إذ الأصيل لا يخرج، والشاطئ لا يسير، والمصباح لا يستذكر، وإنما حصلت الأحداث مقارنة لهذه الأشياء، وبهذا الأسلوب الإفهامي نستدني القاعدة إلى الأفهام!.
3 - قال: إنه يحيل قول الشاعر: (لا تنه عن خلق وتأتي مثله إلى الحال، وقد تجوز في رأيه تجوزاً بعيداً، فقد فرق (الرضى) بين واو الحال، واو العطف، واو المعية بما يفيد أنهم - أعني النحاة - لما قصدوا معنى المصاحبة نصبوا المضارع بعدها ليكون السياق مرشداً في أول الأمر إلى أن الواو ليست للعطف، أما واو الحال - وأكثر دخولها على الاسمية -؛ فالمضارع بعدها في تقدير مبتدأ محذوف الخبر وجوباً، فمعنى (قم وأقوم): وقيامي ثابت.
على أن الطلب: (ما يتوقف تحقق مدلوله على النطق به)؛ فكأن بينه وبين ما بعده ارتباطاً فيه ترتب حكم؛ فالنهي عن الخلق مرتبط بملابسه فعله - أما جملة الحال؛ فيقصد منها الكشف أو بيان الهيئة فإذا قلت: (لا تقع في اللبس وأنت غلطان) كان المعنى النهي عن الوقوع في اللبس في حال الغلط؛ فقد يقع اللبس سهواً على خلاف (لا تقع في اللبس وتغلط)؛ فإنه يقتضي النهي عن وقوعهما أو وقوع اللبس وحده مع ملابسة الغلط.
وبعد؛ فهذا ما بدا لنا سقناه للعلم والحق - على قدر ما نعلم - (وفوق كل ذي علم عليم)!
أحمد عبد اللطيف بدر المدرس ببور سعيد
هاأنذا:
اشتهر بين المتأدبين أن الضمير المسبوق بها التنبيه يخبر عنه وجوباً باسم الإشارة الذي يناسبه، ومثاله قول الله تعالى: (هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا) وقوله جل وعلا: (هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم). وقول الشاعر:
إن الفتى من يقول هاأنذا ... ليس الفتى من يقول: كان أبي
وقد غلا كثير منهم في تطبيق هذا الحكم غلواً كثيراً؛ مع تخلفه في مواطن شتى من كلام البلغاء والعلماء الذين يقتدي برأيهم؛ كالعلامة (ابن هشام) فإنه أورد هذه القاعدة في (المغنى) ولكنه جريا وراء فطرته فرقَّ بين ما يجب فيه ذلك وما لا يجب فقال في مقدمة الكتاب قوله (وهاأنا بائح بما أسررته) بدون أن يخبر باسم الإشارة؛ وقال (البحتري) وهو من هو في صفاء الأسلوب:
ها هو الشيب لائماً فأفيقي ... واتركيه إن كان غير مفيق
ولا يمكن وقوع (البحتري) في هذا الخطأ إن كان الحكم السابق مطرداً في جميع الأحوال؛ والحق أن النحاة لم يوجبوه ولكن كثيراً من الواقفين على شاطئ العلوم لا يفرقون بين أسلوب وأسلوب، ولا يتعمقون المباحث العلمية حتى يقفوا على أسرارها، فيقضوا في الأمور على بينة، وإني - ولا أزكي نفسي - أستطيع أن أعرض على القارئ ما أراه سبباً لتخلف هذه القاعدة في بعض الحالات؛ يبدو لي أن الأساليب المقرونة بالتحدي هي التي لا تخلو من أسماء الإشارة؛ فالآيتان الكريمتان فيهما إنكار شديد، وعتاب لاذع للمؤمنين الذين لا يزالون يجادلون عن المنافقين وأمثالهم، والذين لا يزالون يوادونهم ويحبونهم مع استبانة البغضاء في أفواههم، وتماديهم في معاندة الإسلام والكيد للمسلمين؛ ولما كان هذا اللوم شديداً على نفوس المؤمنين ومظنة لمحاولة التنصل منه حسن الإخبار باسم الإشارة زيادة في تصوير موجب اللوم حتى كأنه مصور محس لا يمكن التنصل منه؛ وكذلك الشأن في البيت فإن معنى التحدي واضح فيه كل الوضوح. (وزيادة في الفائدة يحسن الإشارة إلى أن بعض المفسرين يعتبر اسم الإشارة في الآيتين منادى مع حذف حرف النداء). ثم نرجع إلى صميم البحث فنقول: أما إذا خلا الكلام من معنى التحدي فقد حسن (أو جاز على الأقل) تجريد الكلام من اسم الإشارة؛ وبهذا يكون (البحتري) على العهد به في تفهم مقتضى الحال، والإتيان بما يطابقه من الكلام، فيكون كلامه جارياً على سجيته: من الجودة والرصانة، كما كانت الآيتان الكريمتان في الذروة من البلاغة لأنهما طابقتا كل المطابقة مقتضى الحال.
(الإسكندرية)
محمود البشبيشي
كتاب مفتوح إلى صاحب الفضيلة الشيخ أحمد محمد آل شاكر
كنا عند ظهور كتاب الأغلال لعبد الله القصيمي وتداول آراء بعض العلماء فيه ننتظر رأي فضيلة الشيخ أحمد بن محمد آل شاكر إلا أن فضيلته لأمر لا ندريه، تذرع بالصمت ولم ينبس ببنت شفه في أغلال القصيمي والآن بمناسبة ظهور رد جديد على الأغلال نفسها من الشيخ محمد بن عبد الرزاق آل حمزة ومقدمة من الأستاذ الغمراوي نرى أن الفراغ لا يزال موجوداً لم يسد ولا يصلح ولن يصلح لسد هذا الفراغ إلا كلمة فضيلة الشيخ الشاكر فيه إذ لا يدعى للجلي إلا أخوها. وعليه نرجو في إلحاح من فضيلة الشيخ الشاكر بيان رأيه الثاقب وكلمة العلم في الموضوع وله من الله الأجر والمثوبة، ومنا طلبة العلم الشكر الجزيل وإنا لكلمته منتظرون.
(الرياض)
عبد الرحمن بن سلوم