الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 778/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 778/الكتب

بتاريخ: 31 - 05 - 1948

ُتبُ

1 - رائد التراث العربي

ألفه الأستاذ جان سوفاجيه وترجمه الأستاذ صلاح الدين المنجد

مؤلف هذا الكتاب هو المستشرق الفرنسي الأستاذ جان سوفاجيه رئيس دائرة تاريخ الشرق الإسلامي، وقد اقتبس منه الجزء الذي بين يدينا، وترجمه الأستاذ صلاح الدين المنجد رئيس ديوان مصلحة الآثار العامة في الجمهورية السورية. ألفه مؤلفه للمتبدئين من طلاب الاستشراق الفرنسيين، وهو فهرس للمراجع وفهارس المراجع لاسيما الأجنبية، مرتب حسب الموضوعات، وهو قسمان: أولهما في كتب المراجع والوثائق كتاب الآداب الشرقية والقرآن والحديث والنحو والمعاجم والرحلات والتراجم، وثاني القسمين في مصارد تاريخ الإسلام وتشمل مصادر تاريخ النبي والأمويين والعباسيين والسلاجقة والمغول والعثمانيين. . وقد كتب له الأستاذ المنجد مقدمة عرف فيها المؤلف وبين غرضه في كتابه ونقده. والكتاب مفيد لمن يطلبون الوقوف منا على ما كتبه المستشرقون من شتى الأقطار في تراثنا لأنه فهرس لبحوثهم فيه، وقد وصفه الأستاذ المنجد بقوله (مسرد نقدي جامع لكل ما ألفه علماء المشرقيات عن التراث العربي في مختلف العصور والموضوعات) وهو تعريف به غير جامع ولا مانع كما يقول المناطقة: فمؤلفه يغفل عن كثير من منشورات المستشرقين ومؤلفاتهم، وقد أشارت إليها دائرة المعارف الإسلامية ويذكر بعض ما كتب الشرقيون - وهو غير مستشرقين - بينما يغفل عن بعض، ويحيل الباحث إلى مصادر عربية ليس لها ترجمة في لغة أجنبية. مثال ذلك أنه يشير - في قسم المؤسسات - إلى كتاب النوبختي عن الشيعة الذي نشره ريتر في استنبول سنة 1931م، ولا يذكر كتاباً أعم فائدة منه هو كتاب (مقالات الإسلاميين) للأشعري وقد نشره ريتر نفسه في استنبول سنة 1930م والكتابان من سلسلة واحدة، هي المنشورات الإسلامية للمستشرقين الألمانيين، وكل حلقاتها مطبوعة حوالي هذا الوقت، كما أن المؤلف يغفل في الموضوع نفسه عن (مختصر الفرق بين الفرق) للرسعني وناشره الدكتور فليب حتى , ' بينما يذكر له في مكان آخر كتابه تاريخ العرب وهو شرقي لا مستشرق، والكتب الثلاثة الأولى لم تترجم فيما نعلم إلى لغة أوربية. وهناك تقصير في الكتاب يحسن التنبيه إليه هو أن المؤلف لا يذكر أسماء الكتب في العربية واللغات الأوربية غالباً. بل يكتفي بقوله كتاب فلان، ويقصر المترجم فلا يستدرك على المؤلف هذا النقص فيسده، وذكر الكتاب في العربية أهم من ذكر مؤلفه، ونحن نذكره قبل مؤلفه، وقد نغفل عن ذكر المؤلف فلا نحس بخسارة كبيرة والأوربيون على العكس من ذلك وهاك فقرة تمثل ذلك وتمثل سمات أخرى، جاء (في ص 50) ما نصه (كتاب البغدادي الذي نقل القسم الأول منه إلى الإنكليزية , وطبع في نيويورك عام 1919) فماذا يفهم القارئ العربي الناشيء من ذلك؟ ما اسم كتاب البغدادي في العربية؟ وما اسمه في الإنجليزية؟ أرجل مترجم أم امرأة؟ متى طبع حقاً! واسمه في العربية (الفرق بين الفرق) واسمه في الإنجليزية ومترجمته - لا مترجمه - السيدة كيت كامبرز سيلي - وطبع في نيويورك سنة 1920 كل ذلك كان حرياً بالأستاذ المنجد استدراكه، ولعله فاعل في في الطبعة التالية.

قد يكون هذا الكتاب جليل الوفاء بغرضه لمن وضع لهم وهم طلاب الاستشراق الفرنسيون كما ذكر الأستاذ المنجد في مقدمته، ولكن ما أقل فائدته التي تعود على الباحث العربي والتي لا فائدة غيرها تبرر نقل الكتاب، ومن أجل ذلك نترقب حلقات السلسلة التي وعد بها الأستاذ المنجد لتكون دليلاً لباحثينا صغاراً وكباراً على مصادر التراث العربي فنحن به أجدر وعلى فهمه أقدر

2 - شاعرية أبي فراس

ألفه الضابط العراقي نعمان ماهر الكنعاني

2 - ومؤلف (شاعرية أبي فراس) الأديب نعمان ماهر الكنعاني الرئيس في الجيش العراقي. ويسرنا أن يقبل على البحث والتأليف ضباطنا العرب كما يفعل الضباط في البلاد الغربية، ولا يقتصروا على دراسة عملهم الذي اختصوب به فإن مشاركتهم في المعرفة بحثاً وتأليفاً أمر ضروري لهم أولا ومفيد لغيرهم ثانياً. فإن المشاركة تفتق أذهانهم، وتخصب حياتهم وتبصرهم حتى بعملهم العسكري، وتجنبهم الجفاف العقلي والنفسي وتملأ فراغهم بما يعود عليهم وعلى غيرهم بالخير. هم في حاجة المعرفة ولاسيما الأدبية التي هي قسط مشترك، لأنهم (ناس) أولاً (وجنود) ثانياً، ولا غِنى للإنسان إنساناً وجندياً في هذا العصر المعقد المستنير من المعرفة ولاسيما الأدبية لأن الأدب هو التعبير عن الحياة، ولهذا نرحب بهذه الرسالة من ضابطا الأديب ونتمنى له ولأمثاله مزيداً من البحث والتأليف.

تتضمن الرسالة إهداء ومقدمة وبحثاً في (شاعرية أبي فراس) ومختارات من شعره.

فأما الإهداء فلجيش العراق، ولا عجب فالموضوع شاعرية (جندي) قضى عمره القصير في خوض الحروب والأسر بسببها وأما المقدمة فكاتبها الدكتور المحقق المعروف مصطفى جواد، وهي (كلمة في أدب القرن الرابع) وربما كانت هي ذاتها مفيدة ولكن لا موضع لها في الرسالة، وقد كان حرياً بالدكتور جواد أن يجعل سبباً بينها وبين موضوع الرسالة أو مؤلفها كأن يستبدل بهذا الحشو المضطرب الزائد بياناً لمنزلة أبي فراس بين أدباء عصره أو شعرائه خاصة، أو يلقي ضوءاً على حوادث عصره المتصلة به - ولاسيما أن الرسالة خالية من ذلك - تستبين فيه منزلة الشاعر أو بيئته التي نشأ فيها، أو كأن يعرف القراء بالمؤلف أو يجلي منهجه في كتابه أو ما إلى ذلك. بل لو اقتصر الدكتور - هو الباحث اللغوي النحوي الذي طالما سوَّد الصفحات في الكتب والصحف والمجلات عرضاً يتتبع المؤلفين بالتزييف - على تصحيح أخطاء الرسالة لكان فيه بلاغ.

وأما البحث فهو - فيما نعلم - أول بحث مستقل في موضوعه، وهو خال من الحشو والفضول، وإنه ليدل على فهم (جندي) مستقيم مستقل يتأذى إلى غرضه بحزم وثقة دون أن يعتوره تردد ولا التواء.

والبحث مقسوم عشرة أقسام أولها في أسلوب أبي فراس، وثانيها في معانيه المبتكرة، وثالثها في موضوعات شعره إجمالاً والموازنة بينها من حيث إجادته وكثرة قصائده فيها وهو يرتبها هكذا نازلاً: الفخر فالعزل فالمدح فالوصف فالرثاء فالحكمة. ويذكر أن هجاءه كان نادراً وبين أسباب ذلك كله، ورابعها في فخره، وخامسها في مديحه، وسادسها في وصفه الطبيعة والمعارك، وسابعها في غزله، وثامنها في رثائه، وتاسعها في حِكمه وأمثاله، وعاشرها في أسره ورومياته التي قالها في أسره شاكياً أو مستعطفاً أو عاتباً أو ثائراً، وفي خلال ذلك أحكام لا نوافق على كثير منها وإن كنا نقر بعضها ونطمئن إليه.

وأما المختارات فقد أحسن اختيارها شواهد على أقسام البحث: أولها خمسة طويلة من (رومياته) متممة للقسم العاشر وتليها ستة (متفرقات) قصيرة شواهد على الأغراض الأخرى

والبحث (مدرسي) في منهجه ودراسته، ومن أجل ذلك جاء (خفيفاً) سهلا بسيطاً. وإذا كان لم يعطنا (صورة) ولا (ترجمة) حيَّة نابضة لشخصية أبي فراس من خلال دراسة شاعريته في شعره وهو (ديوان شخصيته) فقد رسم أمامنا خطوطاً بارزة من هذه (الصورة)، وعين لنا معالم واضحة من هذه (الترجمة) وكشف لنا كثيراً من العواطف والآمال التي كانت تصطرع وتمور في قلب هذا (الجندي) الطموح، وفي هذا بلاغ أي بلاغ من ضابطنا الأديب.

ولعله معيد النظر بعد في رسالته في ضوء (ديوان أبي فراس) في طبعته الجديدة التي أخرجها منذ أسابيع الدكتور محمد سامي الدهان، فإنها أوفى بمطلوبه لزيادة نصوصها، وصحة ضبطها، وفهارسها المفصلة، وخلوها من عيوب الطبعة القديمة التي شكاها ضابطنا الأديب في مطلع بحثه، وإنا لآثار قلمه الناضج إن شاء الله منتظرون.

القاهرة

محمد خليفة التونسي