مجلة الرسالة/العدد 774/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 774 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
رسالة النقد ← |
بتاريخ: 03 - 05 - 1948 |
معرض الرسام زهدي:
أقام الرسام زهدي معرضا في نادي الصحفيين هذا الأسبوع تحت رياسة الوزير العالم إبراهيم دسوقي أباظه باشا عرض فيه سلسلة من الرسوم تمثل الوقائع المتتابعة للتاريخ المصري والعوامل التي سيطرت على توجيهه منذ الحملة الفرنسية حتى نهاية حكم إسماعيل باشا، وليس هذا في الوقع بالعمل الهين، فإنه اتجاه يقتضي الدراسة والاستيعاب والاندماج الروحي في جو ذلك التاريخ حتى يمكن أن ينفعل إحساس الفنان بحقائقه واتجاهاته فيرسمها بريشته كأنها أجسام حية ناطقة تتمثل مشاهدها للنظر والفكر.
والتعبير عن الحقائق التاريخية بقلم المؤرخ أسهل بكثير من التعبير عنها بريشة الرسام، لأن المؤرخ يسرد لك الوقائع على ما تؤدى إليه المقدمات من نتائج، وتدل عليه الاتجاهات من حقائق، أما الرسام فإنه لابد أن يعرض عليك في هذا شيئا يستوقف النظر ويثير الإحساس ويوحي إلى الذهن، وهذا كله ما وفق إليه ذلك الرسام المصري المؤمن بفنه وبوطنه وبفكرته.
وحقائق التاريخ حين تظهر في معرض الفن تكون أروع مظهراً وأشد تأثيراً وأتقى على الزمن وأخلد، فإننا ما نزال نتغنى بحروب الإغريق ووقائعها التاريخية، لا كما دونها المؤرخون، بل كما أنشدها في القديم شاعر ضرير اسمه هوميروس.
لهذا كان اتجاه الرسام زهدي إلى تصوير حقائق التاريخ المصري ووقائعه في فترة من فترات التطور أجل خدمة نحو قوميتنا ونحو تاريخنا يؤديها الفن، ولقد تجلت في رسومه دراسة المؤرخ وتمحيصه للحقائق، إلى جانب ما تجلى من روعة الفن وبراعته، وإن من الواجب على وزارة المعارف أن تضع يدها على هذه الرسوم التي تمثل تاريخنا الحديث أروع تمثيل، فتضعه في ما قصد إليه ذلك الفنان البارع من خدمة التاريخ المصري والقومية المصرية.
لو أن فنانا أجنبيا عرض على وزارة المعارف مثل هذا العمل لوقفت أمامه خاشعة وقامت له مهللة، ويفتح في الميزانية اعتماد ضخم لإخراجه. . . ولكنه اليوم عمل فنان مصري صميم كأروع ما يجب أن يكون، فهل آن لنا أن نؤمن بالنبوغ. المصري فنؤازره وننتفع به؟
محمد فهمي عبد اللطيف
النحو الجديد:
أخرجت دار الفكر العربي في هذه الأيام كتاب النحو الجديد للأستاذ عبد المتعال الصعيدي، فكان فتحا جديداً في باب التجديد، لأنه قلب نحو سيبويه رأسا على عقب، وأصابه في الصميم من أصوله وفروعه، ودل بهذا على أن دعاية التجديد بيننا ليست جمجمة لا طحن لها، وإنما هي حركة ستتناول الصميم من علومنا، وستعيدنا علماء نجتهد كما كان يجتهد ويجدد علماؤنا الأولون، ولا شك أن جمود علومنا القديمة هو الذي يقعد بنا جميعا عن النهوض، لأن التكاسل يعدي، كما قال الشاعر:
تثاءب عمرو إذ تثاءب خالدُّ ... بعدوى فما أعدتني الثؤباء
لقد ابتدأ كتاب النحو الجديد بدراسة محاولات التجديد الحديثة في قواعد النحو، فدرس المحاولة الأولى للأستاذ إبراهيم مصطفى في كتاب أحباء النحو، وفي رد الأستاذ محمد عرفة عليه في كتاب النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة، ثم درس المحاولة الثانية في تقرير اللجنة التي ألفتها وزارة المعارف لتيسير تدريس قواعد اللغة العربية. وفي تقرير اللجنة التي ألفت بدار العلوم للرد عليها، ثم درس المحاولة الثالثة للمؤلف في تيسير قواعد الإعراب بمجلة الرسالة سنة 1938م، ثم درس المحاولة الرابعة للأستاذ أمين الخولي في تذليل اضطراب الإعراب والقواعد، ثم درس المحاولة الخامسة للأستاذ شوقي ضيف في إلغاء نظرية العامل لابن مضاء القرطبي في كتاب الرد على النحاة
ثم ختم هذه الدراسة التي تسجل أعظم ثورة على نحو سيبويه بوضع آجرومية جديدة للنحو، وهي آجرومية تراعي غاية النحو الكبرى من تمثيل الإعراب لمعاني الجمل العربية، وقد حذفت على هذا الأساس كل حشو في النحو، كباب البناء وباب الاشتغال، ثم أضافت أبوابا منه إلى أبواب، لأن التفرقة بينها تخرج بالنحو عن غايته من تمثيل الإعراب للمعاني، وقد حققت مع هذا ما أرادته وزارة المعارف من تيسير قواعد الإعراب
(ص)