مجلة الرسالة/العدد 76/الشاعر والطبيعة
→ من أدب الزراعة | مجلة الرسالة - العدد 76 الشاعر والطبيعة [[مؤلف:|]] |
آخر طلق من بندقيتي ← |
بتاريخ: 17 - 12 - 1934 |
بقلم نظمي خليل
. . . كل شيء في هذا العالم محاكاة، والفن هو أكثر الأشياء محاكاة للطبيعة. والشعر هو أسمى أنواع الفنون، لأنه لا يعطينا الصوت فقط كما تفعل الموسيقى، أو الشكل فقط كما يفعل النحت، أو اللون فقط كما يفعل التصوير، ولكنه يمزج هذه كلها ويقدم لنا صورة حية تؤثر في الحواس كأنها الحقيقة بعينها، بل ربما كانت أكثر حقيقة من الحقيقة ذاتها، لأن الشيء الذي لا نراه إلا بالعين يكون خارجا عنا ولا يقع تحت إدراكنا، ولكن عندما يصفه شاعر موهوب تراه وتشعر به ايضا، وتقف على ما دق وصغر من كنهه الدفين. بل قد يتفتح هذا الشيء من تلقاء نفسه عند ما تسلط عليه عين شاعر نافذة فتكشف عن دخائله في غير تستر ولا استخفاء
. . ولكن الشاعر لا يحاكي ما يراه من مظاهر الطبيعة ومناظرها كما يحاكيها الرجل العادي، بل هو لا ينظر إليها نظرة سطحية ساذجة كتلك التي يلقيها الرجل العادي، ولكن نظرة الشاعر أوسع وأشمل، لأنه يعيش في عالم أوسع وأشمل وأعمق من عالمنا، وينفذ ببصيرته إلى جوهر الأشياء ولها. بل إن أذن الشاعر أكثر موسيقية وحساسية من أذن الرجل العادي لأنه يشعر ويسمع كل ما يحيط به من عالم الحس والموسيقى، ويتبين أنغامه ويستمع أصواته المتوافقة الجميلة. فهو وحده الذي يستطيع أن ينفذ إلى قلب هذا العالم الذي يهتز دائماً بأنغام موسيقية متزنة، وهو وحده الذي يمكنه أن يفصح عن هذا الجمال الموسيقي في صوت قوي جذاب، لأن صوت الشاعر أقدر الأصوات وأصلحها لأداء هذه المهمة السامية الجليلة
فقد يقف إنسان على صخرة عالية وينظر إلى البحر الذي أمامه فيراه يتحرك ثم يصطفق ثم يعلو ثم يفيض ثم يهتز ثم يلمع فلا تهيج فيه هذه الصور الجميلة المتتابعة شعوراً ولا تهز منه قلباً، ولعله لا يفطن إلى هذه التغيرات السريعة المتعاقبة، ولا يفقه لهذه الحركات والتموجات المائية جمالاً، ولكن هذه الصور المتحركة الجميلة لا تمضي دون أن تثير في الشاعر نوعاً من الإحساس العميق القوي فتدفعه إلى تحريك اللسان، كما حركت لسان تنيسون من قبل فقال: (إن البحر المتجعد يدلف تحته) أو كما حركت لسان بيرون ف المحيط فقال: (مرحى! مرحى! أيتها الأمواج الزرقاء. مرحى مرحى أيتها المغاور والفجاج! إلى الأمام أيها السفين إلى الأمام! إن أرض الوطن قد توارت. أيها الوطن سلام عليك! أصطخب أيها المحيط الأزرق العميق، أصطخب أيها المحيط لقد أحببتك. وعلى صدرك كانت ملاعب صباي، ومواطن سروري؛ كنت أعبث بأمواجك صبياً وكان ذلك أعظم سروري. فأن جعلها البحر رعباً فما أحبه رعباً! كنت ألجأ إليك كأنك أبي، وأخلد إلى أمواجك القريبة والبعيدة، وأمر بيدي على لبدك المتكاثفة كما أفعل هنا الآن.)
وقد يقف إنسان بجانب ماء آخر ليس لامعاً ولا متحركاً، ولكنه مظلم عميق، فلا يفكر في جمال هذه الصورة ولا يشعر بها، لأنه لم يوهب حساسية غزيرة أو شعوراً قوياً عميقاً يدفعه إلى أن يديم النظر في مثل هذه الصورة الطبيعية الأخاذة، ولكن الشاعر الذي يشعر بهذا الكون ويفكر في هذا الكون، لا يفوته هذا الجمال الطبيعي الساذج فيصيح من تلقاء نفسه كما صاح تنيسون من قبل إذ يقول: (إنها عين ماء نائمة)
. . . فالشعراء يشعرون بما حولهم من عالم الحس والطبيعة وهم لا يقنعون بهذا العالم الأرضي، بل يشركونه بالعالم السامي، عالم الخيال، دون أن ينفصلوا عن عالمهم الأول. أما أولئك الذين لا يحسون بهذا العالم السامي، عالم الفكر الدقيق، والخيال البعيد، فانهم لن يكونوا شعراء وإن كانوا يستطيعون النظم ونحت القوافي
وقد يتمادى بعض الشعراء في شعورهم بهذا العالم الآخر فينسون أنفسهم وهم يحلقون إليه فيضلون الطريق ولا يستطيعون الرجوع إلى أوكارهم الأولى فيمضون يضربون بأجنحتهم في الفضاء على غير هدى حتى ينالهم التعب ويلحقهم اليأس فيهوون من سماء عليائهم محطمين. . . .
. . . فالشعراء حقاً هم الذين يصلون العالمين، ويجمعون بين الحياتين: حياة الواقع وحياة الخيال. الشعراء حقاً هم الذين يتأثرون بما حولهم ويأخذون جانباً كبيراً من عواطفهم من العالم الظاهري، من نسائه وأزهاره وأجوائه ودقائقه، ثم هم يلقون على هذه العواطف ألواناً من العالم الخفي حتى تظهر كأنها غريبة عنا. . .
فالشاعر لا يرى الأسد كما يراه عالم الحيوان، ولكنه يخلع عليه صوراً تجمع بين ضروب المشابهة والضد، فيتأمله في حالات عدة كالذعر والخوف والإعجاب، وقد يأتي وصفه بعيداً عن الحقيقة، ولكنه وصف شعري جميل على كل حال.
فليس المهم في الأمر هو صدق الوصف ومطابقته للواقع أو عدم مطابقته، بل الشيء المهم هو صدق عاطفة الشاعر. فإن لم يكن الشاعر صادق الشعور والعاطفة جاء شعره رديئاً. . . ووصفه غثاً
. . . ونظرة الشاعر لزهرة السوسن الأبيض ليست كنظرة البستاني لها، وليست نظرة هذين الاثنين كنظرة عالم النبات الأخصائي. فإذا سألت البستاني عن هذه السوسنة لم يزد على أن يذكر اسمها؛ هذه حقيقة، ولكن الشاعر لا يقف عندها بل قد يجيبك كما أجاب (سبنسر) (إنها سيدة الحديقة) وهنا نبتدئ نحس ببعضها ما في هذه الزهرة من جمال شعري وحسن، وقد يأتي شاعر آخر (كبن جونسون) وينظر إلى هذه السوسنة متأملاً فيقول (إنها نبتة الضوء وزهرته) وهكذا يظهر لنا الشعر الجميل هذه الزهرة في حلل بهائها وسرها الدفين
الآن وقد عرفنا أن مادة الشعر هي الحياة، كما هي مادة كل فن آخر من الفنون السامية، وأن غذاءه من الطبيعة، وهي غذاء سائر الفنون، نريد أن نعرف مدى تأثير طبيعة إقليمنا المصري في شعرائنا المصريين
لقد قدمت أن الشاعر الحق هو الذي يشعر بما حوله، أي هو الذي يحس بطبيعة بلاده أو البلاد التي يعيش فيها، فيتأثر بجوها، ويستلهم سماءها ومناظرها، فتوحي إليه بروائع الأشعار
هذا ما كان عليه ذلك الشاعر الجاهلي الذي عاش في الصحراء، والذي افصح عن حياته البسيطة الساذجة في أسلوب شعري دافق
عاش الشاعر العربي القديم تحت سماء صافية سافرة، وفوق رمال مترامية متصلة، وجبال تتفاوت علواً وانخفاضا. يجيل بصره فيما حوله فلا يرى إلا كثباناً من الرمال، وأودية ممرعة نبتت حول بعض الآبار، وقطعاناً من الإبل تروح وتغدو على هذه المراعي الخضراء هذا ما كان يراه، وهذا ما ألف رؤيته كل يوم، فلم يحاول له تغييراً. . .
لم يعرف حياة الاستقرار والطمأنينة، ولم يتعود حياة الرفاهية والكسل، بل كانت حياته حرباً مع الطبيعة، لا ينفك عن الصراع معها. لذلك جاء شعره صدى لتلك الحياة القوية العنيفة التي كان يحياها قوياً عنيفاً، يعبر عما كان يعصف بقلبه من أشواق ولهب، وما يتنازعه من ثورات ونزوات. ومن أجل هذا نرى الشعر الجاهلي أصدق أنواع الشعر لسلامة نفوس قائليه. فهو شعر الفطرة والسذاجة لا شعر الصنعة والتكلف. هو خال من كل فن ورياء، يكشف عن نفسية عربية سليمة، وروح أبية كريمة. ومن أجل هذا نجد كل ما في هذا الشعر من صور قد أخذها الشاعر مما حوله، فهو يستهل قصيدته بوصف الأطلال، ودار الحبيبة التي أقفرت وخلت بعد أهلها. ثم يصف النؤى والأحجار التي حول هذه البيوت، وكيف أن هذه النؤى قد أعانته على معرفة هذه الديار بعد غياب دام سنين طوالاً. ثم يذكر حبيبته وما كان بينهما من حب، وينتقل من هذا إلى وصف ناقته وصفاً دقيقاً، ويصف جسمها وسرعتها، وصبرها على وعورة الطريق وبعد السفر. ثم ينتقل بعد هذا إلى موضوع القصيدة من مدح أو فخر
هذا شأن الشاعر الجاهلي الذي عاش في قلب الطبيعة، والذي تأثر بالطبيعة، ففاضت نفسه بحبها والإشادة بجمالها.
فأين شعراء مصر اليوم من أولئك البدو الذين صوروا لنا تلك المناظر الجافة من رمال وجبال وأطلال قد لا تثير إعجابا، ولا تهز قلب من يراها اليوم في صور شعرية كلها صدق وجمال
ما بال شعرائنا المصريين قد جهلوا الطبيعة وتغافلوا عن أثرها القوي في حياة الشعر وخلوده؟
. . . إن أدبنا المصري الحديث على ما يزخر به من دواوين شعرية لا تعد، وكتب نثرية لا تحصى، أعجز من أن يقف بجانب غيره من الآداب الغربية كالفرنسي أو الإنجليزي في وصف الطبيعة. فإذا عرضنا إلى الأدب المصري الحديث فأننا نجده خلواً من الأوصاف الطبيعية والصور الريفية
أليس من النقص المعيب في أدبنا العصري ألا نرى فيه أغاني شعبية تمتزج بالطبيعة المصرية وتصطبغ بالصبغة القومية؟ أليس من العيب أيضا أن نجد شاعراً إنجليزيا (كلي هنت) يصف النيل ويستمع إلى ضحكات كليوباطرة وسط خرير مائه العذب ويستوحي طبيعة مصر الشاعرة فتأتيه الصور متزاحمة فيندفع شعوره مع تيار النهر ويمتزج بطبيعته ثم يفيض على جانبيه شعراً قوياً جميلاً؟ بل أليس منظر الفيضان وجريان مائه في قلب الوادي مما يثير في كل مصري شعور العزة والمجد والفخار، ويهز قلب كل شاعر مصري فيترنم بأناشيد الحب والجمال. . ليس من شك في أن طبيعتنا المصرية طبيعة جميلة، شاعرة، وليس من شك في أن طبيعتنا المصرية طبيعة هادئة تبعث على التأمل والتفكير. . ولكن لم لم تلهم شعراءنا المصريين هذا الشعور القوي والإحساس الغزير الذي نحسه في شعراء الطبيعة الغربيين ولا سيما الإنجليز؟ إن الذي يقرأ ورد زورث وبيرون وشلي وكيتس، وغيرهم من الشعراء الابتداعيين الذين ظهروا في أوائل القرن التسع عشر يشعر بقوة هذا الشعر وأثر الطبيعة فيه، بل يشعر بأن روح الشاعر قد امتزجت بما حولها من الجبال والوديان والبحيرات والبحار فصارت جزءاً منها
. . ومن يقرأ (شلي) يقف على سر إحساسه بالجمال. فهو لم يرض بهذا العالم ليكون مأوى صالحاً لروحه، ولكنه لم يجعله عدواً لمثله الأعلى. فهو يتساءل لم لا يكون جميلاً كالبحار والنجوم والبحيرات والغابات والجبال. فطبيعة شلي كانت ميالة دائماً إلى ازدراء الحقيقة
وإن من يقرأ مناجاة شلي للقبرة يقف على تلك العاطفة القوية، عاطفة الحب التي تسلطت على جميع مشاعره، فهو يقول: (سلام عليك أيها الطائر السامي الذي لم تلامس الأرض، ولكنك تحلق في أطباق السماء العامرة بينابيع الفن الأصلية حيث تنسكب في قلبك. ترتفع عن الأرض وتسمو عالياً وعالياً كسحابة من نار، وترفرف بجناحيك في أعماق الجو الصافي. ثم تشدو وأنت تغني، وتغني وأنت تشدو. . . في الأنوار الذهبية للشمس الغارقة في بحار السحب تطير وتسبح. أيها الطائر إنك وإن كنت بعيداً عن أنظارنا، ولكني أسمع أنشودة سرورك، تملأ الأرض والجو بصوتك إذا ما خلع الليل رداء السحب وسقطت أشعة القمر الباردة فغمرت الكون. . . أيها الطائر إنك شاعر مختبئ في ضوء الفكر يترنم بأناشيد الخلود، حتى يتنبه له العالم فيحنو على الآمال ولا يبالي بالمخاوف. . . خبرني من أي الينابيع تستقي سعادتك؟ أمن الحقول، أم من الأمواج؟ أم من الجبال، أم من الأجواء، أم من السهول؟ إن سرورك الصافي العميق لن يفتر ولن يقل، وإن شبح الكدر لن يحوم حولك، إنك تحب، ولكنك لم تشرب قط ثمالة الحب المحزنة. . . . . .)
وقد تحس وأنت تقرأ شعر بيرون بذلك التجاوب القوي بين روح الشاعر وروح الطبيعة.
تلحظ ذلك واضحاً في سياحته الثانية في أوربا عندما يترك الآثار والتاريخ والمجد والشهرة والشعوب وماضيها وينحاز إلى جانب الطبيعة، فيتحدث إليها في شعر عذب رقيق، فيقول: (إن الطبيعة المحبوبة لا تزال أبر أم بنا، ومع أنها دائمة التغير فهي باسمة دائماً، فدعني أرتمي على صدرها العاري الحنون، فإنها لم تفطم ابناً وإن لم يكن عزيزاً لديها. . . إنها أجمل ما تكون في مظاهرها الوحشية حيث لا شيء إلا السذاجة والفطرة والبعد عن كل زينة وصنعة. أنها تبتسم لي دائماً، ليل نهار، مع أني أرقبها حيث يخلو الطريق من الناس، وأبحث عنها في دأب وصبر، وأحبها في شغف وكلف عند الغضب. . . . أيتها البحيرة الساكنة السطح الراقدة الماء. لقد لجأت إليك في هذا العالم الصامت. إن فيك لدفئاً لفؤادي، وإن في مياهك الهادئة لراحة لنفسي وسلواناً. . طالما أحببت اصطخاب البحر وزئيره ولكن وسوسة مياهك الناعمة والهدير المردد بين ضفافك يرن في أذني حلو الأنغام كأنه صوت أختي أتاني خلال مياهك. . . إن أقوى اللذات لا تبعث بروحي هكذا. . .
. . . هاهو الليل. . أيها الليل الجليل. إنك لم ترسل للنوم. دعني أقاسمك أنسك ووحشتك، وأتلاش في العاصفة وأفن فيك. . كيف تضيء البحيرة، وكيف يلمع البحر ويأتي المطر راقصاً مهتزاً إلى الأرض. .)
. . . قد يقول قائل إن الطبيعة المصرية خلو من مناظر سويسرا، مفتقرة إلى الجبال الشامخة والوديان العميقة والبحيرات الجميلة. فهي طبيعة هادئة لينة أقرب إلى الضعف منها إلى القوة. وقد يشتط في القول فيعلل ضعف أثر الطبيعة في نفوس شعرائنا المصريين بعدم وجود الهيارات الثلجية والجو القارس الذي يبعث النشاط والحركة. قد يكون لهذا الاعتراض بعض وجاهته. وقد تكون الطبيعة المصرية مفتقرة إلى هذا العنصر من عناصر القوة، وقد تكون الطبيعة المصرية متشابهة المناظر موحدة الصور. فقد لا يشعر المسافر من الإسكندرية إلى أسوان باختلاف كبير في طبيعة وادي النيل، فقد يجد سهولاً مترامية تكسوها النباتات الخضراء في أراضي الدلتا. وقد يجد وادياً ضعيفاً تكتنفه على الجانبين جبال تتفاوت في البعد والقرب في إقليم الصعيد
قد تكون وحدة الصور هي التي عملت على أضعاف اثر الطبيعة في نفوس شعرائنا فجعلتهم ينصرفون عنها، ويستوحون طبيعة أوربا ذات الصور المتعددة والأشكال المتباينة.
قد يكون لوحدة الطبيعة المصرية، وقرب تشابهها بعض الأثر. ولكن هذا الأثر لا يجعل شعراءنا وكتابنا ينسون أو يتجاهلون أثر الإقليم المصري كله، أثر ذلك الجو الصافي والسماء الزرقاء والحقول المنبسطة
إني لا أنكر أن بيننا كتابا وشعراء طبيعيين قد أحسوا بما جهله غيرهم، وانهم قد شعروا بهذا النقص المعيب في أدبنا فأرادوا أن يسدوه
. . . ولكني أتساءل في صراحة غير جارحة، هل كان شعورهم بطبيعة بلادهم آتياً من طبيعة نفوسهم. هل أووا إلى طبيعة بلادهم يستلهمونها هذا الفن الخالد، فن الأدب السامي الرفيع بدافع نفسي خالص، أم أن أثر الثقافة الغربية والتأثر بالشعراء الابتداعيين في فرنسا وإنجلترا كان هو الموجه لهم إلى ذلك. . .
. . . إني أخاف أن يكون هذا صحيحاً. وأخاف أن تكون طبيعتنا المصرية الجميلة الساحرة، طبيعتنا المصرية المتأملة المفكرة قد عجزت عن أن تلهم شعراء مصر الشعور بالجمال والغبطة والهدوء. أخاف أن تكون طبيعتنا المصرية الشاعرة عاجزة عن أن تستأثر بأبنائها الكتاب والشعراء فتجذبهم نحوها وتفني فيهم ويفنون فيها كما تفعل الطبيعة الإنجليزية مثلاً. . .
أرجو أن تكون طبيعتنا المصرية قوية كما هي جميلة، ساحرة كما هي هادئة. وأرجو أن يكون هذا النقص راجعاً إلى شعرائنا الذين لا يكادون يشبون حتى يتركوا أمهم الرءوم وينسون موطنهم الأول ويدلجون في ظلم الحياة فتلهيهم عن ذلك المستودع الغني بفنون الحسن والجمال
نظمي خليل كلوريوس في الأدب الإنجليزي