الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 754/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 754/البريد الأدبي

بتاريخ: 15 - 12 - 1947


تعليق على كلمة:

نشر بهذا العنوان الأديب الفاضل إبراهيم الوائلي في الرسالة عدد (751) كلمة أخذ فيها على لفظاً استعملته في مقالي عن ضريح همايون في الهند وذلك أني قلت (وما رسخت قواعد الملك ولا اطأدت أساطين الدولة) فقال الأستاذ:

وهذه الكلمة لا تعترف بها القواعد المصرفية لأن ثلاثيها وطد. وصوغ افتعل منها يكون تطد كوعد وأتعد وهكذا) ونقل هذا ما أخذه صاحب المثل السائر على أبي تمام حين استعمل هذا اللفظ في قوله

بالقاتم الثامن المستخلف اطأدت ... قواعد الملك ممتداً لها الطول

وحجتي في استعمال هذا اللفظ مسلم بن الوليد في قوله يمدح نريد بن مزيد الشيباني:

أثبت سوق بني الإسلام فاطأدت ... يوم الخليج وقد قامت على زلل

وبيت أبي تمام المذكور. وأن لفظاً يستعمله مسلم وأبو تمام جدير أن يستعمل وأن لم تثبته المعاجم. وأن لم يكن بد من تخريج هذا اللفظ من مادة مثبتة في المعاجم فليس هو من وطد كما زعم ابن الأثير فغلط أبا تمام؛ بل أقرب من هذا أن يكون من ط ود. جاء في القاموس المحيط: وطاد ثبت والطاد الثقيل.

وفي اللسان: الطادي الثابت ونقل عن أبي عبيد أنها مقلوبة عن واطد. وأرى أن قلبها عن طاود جائز كذلك بل أقرب.

وفي اللسان أيضاً: طاد إذا أثبت.

فإن لم يكن بد من رد اطأد إلى مادة في المعاجم، وهذا ليس ضرورياً، فمردها طود مع قلب عين الكلمة همزة.

وبعد فللأستاذ الوائلي الشكر على عنايته باللغة وتدقيقه.

عبد الوهاب عزام

إقرار:

قرأت الكلمة القيمة التي كتبها الأستاذ الكبير العقاد في صدر الرسالة في الأسبوع الفارط، ولقد أنصف فيها صديقنا الأستاذ أدهم كما أنصفني، فله أصدق الشكر وأطيبه. على أنني إلى جانب هذا الشكر حريص على الاعتذار له من ظهور ثبت المراجع لكتابي (الحان الحان) عاطلاً من أسمه. فلقد اقتصرت في أثناء اشتغالي بكتابي على الرجوع إلى بحثه الممتع في عدد الهلال الخاص بأبي نواس، وغنى عن البيان أني - كشأني في سائر ما أقرأ - أفدت منه كما أفدت من البحوث الأخرى، وقد أتيت على ذكر هذا العدد من الهلال في ثبت المراجع ولم يخطر لي وجوب النص على أصحاب هذه البحوث وجلهم من الأعلام وفي مقدمتهم أستاذنا العقاد. وأنا أقر بأن البحث المذكور يشتمل على التمييز بين أبي نواس وعمر الخيام بأن النواسي كان سكره عكوفاً على لذة حسية، وأن الخيام كان سكره هرباً من مشكلة فلسفية.

بيد أني أحب أن أقرر في الوقت نفسه أن مثل هذا الرأي عن الخيام قرأته كذلك لغير العقاد. ومما يرجع أنه من الآراء الشائعة وروده في بعض التراجم الفرنسية لرباعيات الشاعر الفارسي في مقدمة لها غفل من توقيع صاحبها، وهذا نص العبارة:

' ' ' (1)

(1) - ' '

وهذه ترجمتها إلى العربية: (فهو (أي الخيام) يستمرئ الوهم الفاسد بأن في هذه اللغات الجسدية مرضاة لنفسه وتسكيناً لعذاب فكره أمام مشكلة الكون).

ومعاذ الله أن يكون مرادي التعريض بأن العقاد ينقل عن غيره، فهو - غير منازع - موفور الغنى بإدراكه وحسه، عظيم الاعتداد بنفسه. وإنما قصدت إلى أن يكون هذا المثال الذي قدمته شاهداً على أن الكاتب مهما أوتي من أصالة الابتكار، فلا يحق له الغلو في القول بأن معانيه كلها أبكار، وأنه وحده صاحب عذرتها. فإن الحقائق قد يهتدي إليها أكثر من باحث. وفي الأدب المقارن مجال وأي مجال لمساق الشواهد وضرب الأمثال. وأحسب أن في هذا ما يخفف بعض الشيء من شدة غيرة الأستاذ العقاد على إبكاره، وأن كان هذا لا يعفيني من استيفاء ثبت مراجعي لولا ما تقدم من العذر.

أما التعليل الذي ذكره الأستاذ فلعله يعدل به إلى غيره إذا علم أني لك أقدم أصول كتابي إلى دار المعارف إلا في هذا العام. ذلك إذا كان قد أنسى ما نشرته عنه من الدراسات المستفيضة في مختلف العهود، وإذا كان كذلك قد عدم الإيمان بأن الذي أحمله لمن هو في مثل فضله من الود والإكبار يغلب في نفسي على كل اعتبار. وأعود غي الختام فأكرر للأستاذ الرجاء في قبول عذري مع خالص شكري.

عبد الرحمن صدقي

(الرسالة) اتفق أن زارنا صديقنا الأستاذ العقاد ساعة جاءتنا هذه الرسالة فلما قرأها علق عليها بهذه الكلمة:

كل ما يقال في التعقيب على هذا الخطاب أنه رجوع إلى الحق من ناحية واحدة. فإن الذي أوجب إغفال ذكر (العقاد) بهذه الحجة ليوجب إغفال ذكر الآخرين ممن لهم رأي شاركهم فيه غيرهم. فلماذا هذا النسيان من ناحية دون غيرها! هنا محل السؤال وقد نستغني بذكره عن الجواب. وللأديب فضل الاعتراف بالخطأ على كل حال، وأن كان لم يخل من المؤاخذة لإشارته إلى كتاب فرنسي يعلم أنه لم يترجم إلى الإنجليزية ولم يطلع عليه العقاد. فلا شبهة إذن على استقلال العقاد بالرأي في هذا الموضوع.

معارض الجمال أيضاً:

منذ شهرين كتبنا في هذه المجلة كلمة عن معارض الجمال.

ويبدو أن الحديث عن هذه المعارض لن ينتهي ما دمنا نركب رؤوسنا ويجرفنا التيار الفرنسي الخليع.

فقد أقيمت بعد نشري الكلمة السابقة، مسابقة للجمال في الإسكندرية، كان منظموها فرنسيين أيضاً!.

وأخذت بعد ذلك مجلة الإيماج - المصرية في كل شيء إلا في لسانها وأسلوبها - وأعلنت عن مسابقة (فتاة الحائط)، كما قالت الجريدة مجازاً. . ولكن الإنجليز والأمريكان يسمون تلك الفتاة (فتاة الجاذبية)، أو فتاة التعليق - ومعنى هذا أنهم يعلقونها في المخادع. وتعليق تلك الصور في حجرات النوم - وخاصة بين اليافعين واليافعات - ذوو أثر حميد في إذكاء عواطف هؤلاء اليافعين.

استغفر الله بل في إذكاء شعورهم! ففي أي بلد نحن؟

ولكنا نحمد الله، جل شأنه، فقد لاحظنا معظم الصور المسلسلة التي نشرتها الإيماج - المصرية بكل شيء إلا بلسانها وأسلوبها - أقول أن معظم تلك الصور لا تدل على أن صواحبها مصريات. أو الغالبية الكبرى منهن. . . فليس في المصريات من ترضى أن تكون صاحبة وضع من هذه الأوضاع!

وهناك شيء آخر. . بل كلمة أخيرة أهمس بها في أذنك. . فهل سمعت عني مسابقة جمال بين الرجال؟.

أن لم تكن قد سمعت، فأقرأ الجرائد الصادرة في أواخر شهر أغسطس، فإن فيها إعلاناً عن مسابقة لاختيار أجمل رجل.

أتدري ممن أرادوا أن يكون هذا الرجل بين الرجال؟

أرادوه من بين المصارعين المصريين!

قد أكون مخطئاً في قراءة الإعلان، ولكن أقسم لك أن هذا هو عين ما قيل. .

وهل تدري - أخيراً - من هو منظم تلك الحفلة؟

إنه والله أحد الفرنسيين - أيضاً - ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. . .

كتبنا هذا الكلام في شهر سبتمبر الماضي، وقد ظهر وباء الكوليرا وقتئذ فانصرفنا عن إرسال هذا الكلام للنشر، وقلنا مكافحة وباء طارئ أجدى وأنفع وأنجع من مكافحة وباء قديم. .

أما وقد اندثر الوباء الجديد، أو كاد، فقد عاد الوباء القديم للظهور.

هذه إعلانات جديدة تظهر في الصحف المسلمة السيارة تعلن عن مسابقات لأجمل الوجوه وأحلى السيقان. . . وتعقد ثانية في أحد (الفنادق المعروفة). وقال المشرفون عليها إن المتسابقات سيسرون وراء ستار حيث لا تظهر إلا سيقانهن فحسب. .

ما شاء الله! ستظهر السيقان والأفخاذ وربما ظهر شيء أبعد من هذا، ولكن الوجوه لا تظهر. . . وقد ظهرت فعلاً في الجرائد، فرأينا فيها الفتنة والإغراء.

إن الشهوات الدنيا لا تتحرك عن طريق الوجوه الجميلة، فالوجه الجميل لا يثير الشهوة، بل تدعو إلى التأمل والتسبيح.

فأما السيقان، والنهود، وغيرها، فهي تجارة الحرب وما بعد الحرب. .

ولم أعلم من كان المشرف على هذه الحفلة أيضاً، وسألت فقيل لي أنها، والله أعلم، (جريدة فرنسية) تصدر بالإسكندرية. وكانت أسماء المتباريات فرنسية أو متفرنسة.

ولكن الذي أعلمه حقاً هو أن ذلك الفندق، بل أمثاله جميعاً، ليست بيوتاً حراماً، ولا تؤجر حجراتها إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة!

لقد ظهر الوباء من قبل، ولكن حجته خفت بظهور وباء أخف منه هو وباء الكوليرا. .

وخفت حدة الكوليرا، وعاد الوباء القديم، الوباء الخطير، يطل برأسه من جديد.

أليس عندنا طبيب نطاسي بارع يستأصل هذه الأوبئة والأدواء؟

أليس عندنا جريء يقول لهؤلاء الناس كلمة رادعة؟ أم أن كلامنا لا يصل إلى أسماع هؤلاء الذين يعملون على انحلال الشعب المصري؟

وإذا كانت الأغلبية المتبارية من هؤلاء النسوة فرنسيات أأجنبيات، فهذا لا يغير أننا شعب مصري شرقي محافظ، وسنظل محافظين، أقباطاً ومسلمين.

فبلدنا ليس إباحياً، ولسنا نبقل الإباحية الفرنسية. . .

ومرة أخرى، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. . .

حسين الغنام

الفن القصصي في القرآن:

لما نشر تقرير الأستاذ أحمد أمين بك عن أطروحة الفن القصصي في القرآن حاول صاحبها أن يتنصل مما نقل فيه، كما أن الأستاذ الخولي المشرف على الرسالة والذي صرح بتأييده لصاحبها في كل ما قاله، طعن في تقريري الأستاذين أحمد أمين والشايب وقال أن ما نقلاه عن الأطروحة ليس فيها. وقد ألفت الجامعة لجنة للتحقيق في ذلك من الأساتذة الشيخ عبد الوهاب خلاف والدكتور زكي حسن والدكتور الشرقاوي، وقدمت تقريراً جاء فيه:

اتفق الأستاذان أحمد أمين بك وأحمد الشايب في القول بأن أساس هذه الرسالة أن القصص في القرآن عمل فني خاضع لما يخضع له الفن من خلق وابتكار من غير التزام لصدق التاريخ والواقع.

واللجنة تقرر أن هذا صريح وواضح في جملة مواضع من الرسالة، وقد أيده الكاتب بما استشهد به من الأمثلة؛ ففي ص26 سطر 10 قرر أن القرآن (أنطق اليهود بما لم ينطقوا به) وذلك في قوله تعالى في سورة النساء (وقولهم إنا قتلنا المسيح الخ) وفي ص26 قرر كاتب الرسالة عن قوله تعالى في سورة المائدة (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم الخ). (إن هذا القول وهذا الحوار تصوير لموقف لم يحدث بعد، بل لعله لن يحدث) وفي ص89 قرر الكاتب (إن قصة موسى في الكهف لم تعتمد على أصل من واقع الحياة).

وتقرر اللجنة أن هذا مخالفة ظاهرة لقول الله تعالى (نحن نقص عليك نبأهم بالحق) ولقوله سبحانه (لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثاً بنتري.