مجلة الرسالة/العدد 753/عاطفة الحب والغرام غير عاطفة الوطنية، والثانية
→ بقي لي تعقيب على ما قاله الأستاذ صالح جودت من | مجلة الرسالة - العدد 753 عاطفة الحب والغرام غير عاطفة الوطنية، والثانية [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 08 - 12 - 1947 |
تستلزم القوة من غير شك، ونحن وإن كنا لا نبتغي هذه القوة من الكلمات الجوفاء فإننا نطلبها من الطاقة الوطنية التي يشعر بها الشاعر والملحن. وإذا كان تميز عبد الوهاب إنما هو في العاطفة الغرامية اللينةفليس من اللازم أن يلحن الوطنيات.
الأدب والثقافة بالإذاعة:
رفع إلى الجهات المختصة تقرير عن الإذاعة اللاسلكية المصرية كتبه الأستاذ عبد الحميد يونس مبيناً فيه أسباب فسادها ووسائل علاجها، وتناول بهذا البيان النواحي المختلفة للإذاعة المصرية. وقد اطلعت على نسخة من هذا التقرير فوجدت به فقرات قيمة في الأدب والثقافة بالإذاعة رأيت أن آتي بصفوتها للفائدة:
كانت الإذاعة في العهد (الماركوني) مصرية العنوان إنجليزية الجوهر والروح. استخدمها البريطانيون في صرف الشعب عن جد الحياة بإيثار التسلية غير المفيدة والترفيه المسف على الإرشاد الخفيف والتثقيف المقبول، مما لا تزال آثاره باقية إلى الآن، فإذا كانت الإذاعة في عهدها القومي تريد أن تكون أداة تقدم ورقي فيجب أن تمحو آثار العهد الاحتلالي وأن تزاوج بين الفائدة والتسلية. ولن تستقيم الإذاعة في إدارتها وفيما يصدر عنها من فن أو ثقافة إلا إذا تم الفصل بين الإنتاج الفني والإدارة الإذاعية، وإلا إذا صلحت ضمائر الحاكمين على العمل الفني وكانوا من المتأهلين له، فينتفي بذلك ما يلاحظ من عدم التخصص ومن الوسائل التي يلجأ إليها المتقدم للإذاعة والتي أهونها التملق والمصانعة.
ولا ينبغي أن يكون عمل الإذاعة مقصوراً على الانتخاب مما يعرض عليها من الإنتاج الفني والعقلي، وإنما يتعدى ذلك إلى إكمال النقص باستدعاء المواهب المبتعدة عن الإذاعة والاستعانة بالبارزين في الحياة الفكرية مع عدم إغفال الموهوبين من الناشئين.
وعرض التقرير للتمثيلية الإذاعية فندد بتفاهتها وانعدام الهدف والقوام الفني فيها، وما يتضمنه بعضها من أفكار فجة ومعوجة، واقترح أن يحتفل بإنتاج الأدباء المبرزين في القصة، وأن يطلب إلى الأدباء إعداد برامج مستوحاة من القصص العربي والاقتباس من روائع الأدب الغربي في القصة والتمثيل، والإشادة بمفاخر مصر والإسلام والعرب، والحذر من الفرعونيات لأن أبناء الأمم العربية الشقيقة يمقتونها مقتهم للآشورية والفينيقية وما إليهما.
وقال التقرير إن الإذاعة كادت تهمل الأقصوصة يسردها مؤلفها، وهي فن قد أصبحت له مكانة بين فنون الأدب، وفي أقرب من (الحديث) إلى نفوس الناس؛ وإن الاحتكار سرى إلى الأحاديث حتى أصبح بعض المحدثين يتصيد موضوعه تصيداً يبدو الحرج عليه وهو يلقيه، وبعضهم يحشر في موضوعاته المصطلحات الفنية التي لا تتفق وما ينبغي للعمل الإذاعي من التعميم، وصار لبعضهم حقوق ارتفاق على أبواب بعينها، كالتعريف بالكتب الذي عهد به إلى فرد معين أيا كانت كفايته الشخصية فإنها لا يمكن أن تستوعب العلوم الفنون جميعاً التي تؤلف فيها أشتات الكتب التي يقدمها. وكذلك سرى الاحتكار إلى الشعر، فليس المعول فيه على حكم الرأي العام الأدبي، إذ لا تعنى الإذاعة بتقديم الألوان المختلفة من الشعر، وإنما كل ما هناك الفرق بين الشاعر ورجال الإذاعة.
وأشار التقرير إلى الركن الثقافي الذي اختص به خريجو قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب الذي يذيع باللغة العربية ثمرات القريحة الإنجليزية وصور الحياة البريطانية ويتفنن في عرضها تفنناً لو استخدمه في غير هذا الباب لمدحناه عليه. . وقال إن هذا الركن من أثر العهد الاحتلالي، وإن التعاون الذي بينه وبين الإذاعة التي كان يختار موظفوها من خريجي هذا القسم - لم يقم تعاون مثله مع أية هيئة أخرى. . .
(العباس)