مجلة الرسالة/العدد 753/البريد الأدبي
→ عاطفة الحب والغرام غير عاطفة الوطنية، والثانية | مجلة الرسالة - العدد 753 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 08 - 12 - 1947 |
الفضاء والعدم والأثير
اطلعت على ما قاله الأستاذ أحمد محمد خلف في العدد 752 من الرسالة انتقاداً لما كتبته في الرسالة في موضوع (الفضاء والعدم). وهو يستنكر قولي بحتمية وجود مادة في الفضاء، ويحجني بمنطقه أني إذا كنت أجيز هذا الحتم فيجوز له أن ينقض قانون الجاذبية لأنه يمكن أن يوجد على الأرض أجسام تسقط من تحت إلى فوق خلافاً لسنة الجاذبية التي تقضي بسقوط الأجسام إلى تحت (نحو مركز الجاذبية). ولم يعطنا مثلا أو شاهداً على هذا الغرض.
لست أيها الأستاذ أنقض ناموساً من نواميس الطبيعة، ولا أنا من يقول
إن هذا الفضاء مشغول حتماً بمادة، وإنما عيناك العزيزتان حفظهما الله
وعيناي ترى الحقيقة الناصعة، وهي أن أنوار النجوم تملأ الفضاء، وما
هذه الأنوار إلا أمواج كهرطيسية من جملة الأمواج الكهرطيسية التي
تحرك طبلة الراديو وترجها فتسمعنا الأصوات البعيدة، ولا فرق بين
أن تكون هذه الأمواج فوتونية سابحة في الفضاء من تلقاء نفسها، أو
أن تكون تموجات أثيرية.
أما الأثير فما نفاه أينشطين ولا أثبته وإنما قال: إن نظريته لا تحتاج إلى الأثير، فهي تثبت سواء ثبت وجود الأثير أو انتفى.
وإذا كانت عملية ميكلهن ومرولي لم تكشف لهما سرعة الأرض في بحر الأثير، وبالتالي حكما بعدم وجود الأثير، فلأن هذين العالمين كانا موجودين مع جهازهما الذي جربا به عمليتهما، فخابت العملية التي كرراها مراراً بطرق مختلفة، ولم تنتج شيئاً لا سرعة الأرض في الأثير ولا وجود الأثير نفسه، وكان يجب أن يكونا على غير الأرض لكي يكتشفا سرها.
وقد تحير جميع العلماء من خيبة العملية في كشف سر الأثير مع أنها عملية محكمة علمياً تمام الإحكام لا غبار عليها. ولكن أينشطين انبرى من دون جميع العلماء مدركاً السر، ومن جراء هذه العملية تجلى له سر النسبية، فقال لهم: لا تتعجبوا من اتفاق عملية ميكلهن ومورلي وهما على جهازهما على الأرض، فلو أمكنهما أن يراقبا العملية على الأرض من سطح القمر أو المريخ مثلا لكشفا سرعة الأرض في الفضاء سواء كان الفضاء أثيرياً أو لا أثيرياً، ولكنهما وهما على سطح الأرض مع جهازهما، فلا يمكن أن يكشفا شيئاً لا سرعة الأرض ولا سكونها، كما لو كنت على سطح سفينة ضخمة فلا تشعر بسرعة السفينة، ولكن إذا كنت على الشاطئ ومرت السفينة أمامك شعرت بسرعتها.
فالحركة أو السرعة تختلف باختلاف موقع الراصد، فالراصد على الأرض يرى الأرض ساكنة والفلك يدور حولها، ولكنه إذا كان في مكان بعيد عن الأرض كالمريخ مثلا، يرى الأرض تسير في الفضاء، فالأرض لأهلها ساكنة، ولكنها لأهل المريخ متحركة - هذه هي النسبية.
فإخفاق عملية ميكلهن - مورلي نجمت عن أن الراصد والمرصود كانا في مكان واحد، والمكان يتحرك بهما وبجهازهما معاً في وقت واحد، فهنا انتفت النسبية.
فالحركة، وأية حركة، يتوف ظهورها على مكان الراصد بالنسبة إلى مكان المرصود، وهذا هو سبب الصعوبة في تصور النسبية على من يحاول دراستها.
وحاصل القول أن إخفاق عملية ميكلهن - مورلي لم يثبت وجود الأثير ولا نفاه، لأن نتيجة العملية لا تتوقف على وجود الأثير أو عدمه، بل على انتفاء النسبية فيها، فلو كان الرصد في مكان خارج عن الأرض كالمريخ مثلا لظهرت سرعة الأرض للراصد. ونحن على الأرض نكشف سرعة المريخ، ولو كنا في المريخ لاستحال علينا أن نكشف سرعته الأبراقية ما في الأفلاك من الأجرام.
نقولا الحداد
رد على رد:
اطلعت في العدد الحادي عشر من المجلد الرارع من شهر تشرين الثاني على تعقيبين للأستاذين عدنان أسد وعادل الغضبان فيما يتعلق بموضعين من المسرحية الشعرية للشاعر الفلسطيني العربي محمد حسن علاء الدين. (امرؤ القيس بن حجر) والموضعان هما في البيت التالي ذكره وهو:
خليلي أما صاح بلبل سجا ... فأطرب سكانا وأطرب رودا
والموضع الثاني هو الشعر الهمزي الذي أنطق به الشاعر قسما من أشخاص المسرحية وبينهم همام بن سواد وصخر بن وقاص في الصفحة السادسة بعد المائة والذي أبياته تبتدئ بقول همام به سواد
هو (الطماح) من أغرى ... به، واندس وشاء
فالأستاذ عدنان أسعد والأستاذ عادل الغضبان توعما أن فعولن لا يجوز انقلابها إلى فعل في البيت التالي وهو:
خليلي أما صاح بلبل سجا ... فأطرب سكانا وأطرب رودا
واليقين هو جواز ذلك خصوصاً إذا كان انسجام الموسيقى الشعرية واضح في البيت كما هو الأمر في هذا البيت.
وأن توقيع الشعر لا تدخله الفوضى إلا عندما يصبح الارتكاز في قواعده على أوهام لم يأت بها ذوو الآذان السليمة من نقادي الشعر ومن قائليه.
أما فيما يختص بالشعر الهمزي فإن ذهاب السيد عدنان أسعد إلى أن الشاعر حذف الحرف الأخير من (غداء) في قوله:
طموح الشئوم غداء ... طموح الشئوم جياء
فهو وهم قاده إليه فيما يبدو إلينا جهله أن حرف المد يكون بعد كل حرف للتصريع سواء أكان هذا الحرف في آخر الشطر الأول أو في آخر الشطر الثاني.
وفي مواضع كثيرة معينة ينبغي أ، لا يكتب هذا الحرف وإن كان يلفظ. ثم إن السيد عدنان لا يجعل ما كتبه واضحاً فيما يخص بأن البيت ليس فيه قبض. والسيد عدنان فيما كتبه يجعل كون البيت فيه قبض أو ليس فيه قبض متروكا في حالة غامضة أمام أنظار القارئ.
وأما قول الأستاذ عادل الغضبان أن الشعر فيه مفاعيل واحدة فهو خطأ أيضاً، ويظهر أن الوهم ذاته الذي جعل السيد عدنان يخطئ جعله يخطئ هو أيضاً، فالأمر ليس أمر مفاعيل وإنما الأمر أن الشاعر جعل في الشعر مفاعيلن ومفاعلتن وكلاهما يردان في مجزوء الوافر.
وأما ذهاب الأستاذ عادل إلى أن التصريع يستجاد فقط في مطالع الأشعار، فهذا مناف كل المنافاة لأسلوب الشعر المتين. فالشاعر الجزل في أسلوبه كثيراً ما يأتي في الشعر الواحد له بأكثر من بيت واحد مصرع، ويكون مجيئه بالأبيات المصرعة أو بالبيتين المصرعين لغاية توقيعية موسيقية، والتنويع في الشعر لا ينفصل عن معنى الشعر ومبناه.
حيفا
إبراهيم عبد الستار
رئيس نادي الإخاء العربي
إلى الأستاذ الفاضل العباس:
قولك يا سيدي الأستاذ هو القول الفصل؛ ولست أماري في أن الأبيات لعلية بعد الذي سقته من وجهة نظرك في كلمتك البصيرة. ولعل مما يظاهر قولك قول أبي الفرج بعد أن أورد الأبيات (وجد الفؤاد بزينبا) ضمن زيانب يونس، فقد قال: (غناه يونس ثقيلا أول الخ. . وهو مما يشك فيه من غناء يونس؛ ولعلية بنت المهدي فيه ثقيل أول آخر لا يشك فيه أنه لها، كنت فيه عن رشأ الخادم).
الحق أقول، إن هذا الشك في غناء يونس لهذه الزينبية دون سائر الزيانب التي كان يغنيها من شعر ابن رهيمة؛ هذا الشك من ناحية، ثم ما تبعه من القول فيما يتعلق بعلية من ناحية أخرى، كل أولئك كان قد جعلني أتأرجح لحظات بين الهدى والضلال، ثم مل لبث أبو الفرج أن ساقني معه فأضلني - سامحه الله - إذ قال بعد ذلك: (ومن لا يعلم يزعم أن الشعر لها) أي لعلية.
لو قام اليوم أبو الفرج فقرأ تحقيق الأستاذ العباس لرجع إلى الحق واعترف بالخطأ، ولندم على تسرعه في قوله: (ومن لا يعلم يزعم أن الشعر لها).
شكر الله للأستاذ العباس رفقه ولينه، ومد في عمره، ونفع دولة الأدب بأدبه وعلمه وفضله.
(نابلس) فدوى عبد الفتاح طوقان
تعبير حسابي:
أكبر ظني - إن لم يخطئ الظن - أن قول من قال (شر في شر) الرسالة ص1126، أو قول غيره (نور في نور) أو (ظلام في ظلام) بمعنى الزيادة، هو (تعبير حسابي).
وهذا التعبير لا ترضى به الضاد في غير لغة الجداول والأعداد.
وإنما الصواب أن يقال (شر على شر أو فوق شر) والله تعالى يقول (فباءوا بغضب على غضب) أو (ظلام فوق ظلام) والله تعالى يقول (كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض) أو نور على نور) والله يقول (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نور على نور). وبعد: فهذا قول الله وهذا حديثه. ومن أصدق من الله قيلا؛ ومن أصدق من الله حديثاً. . .
(الزيتون)
عدنان