مجلة الرسالة/العدد 750/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 750 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 17 - 11 - 1947 |
الطير الأبابيل في تفسير الأستاذ الأمام:
قلنا في كلامنا الذي نشر بالرسالة عن القرآن والنظريات العلمية أن محاولات التوفيق (قد تكون مأمونة معقولة كقول الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله في تفسير الطير الأبابيل بجراثيم الأمراض التي تسمى بالميكروبات. فالميكروبات موجودة لا شك فيها، والإصابة بها محققة كذلك في مشاهدات مجرية لا تقبل الجدال. فإذا قال المفسر كما قال الأستاذ الإمام أن هزيمة أصحاب الفيل ربما كانت من فعل هذه الجراثيم فذلك قول مأمون على الجواز والترجيح).
وهذا الذي فعله الأستاذ الإمام حين أجاز أن تكون إصابة أحجار الفيل من قبيل الإصابة بجراثيم الأمراض.
وقد كتب الأستاذ الفاضل الشيخ مصطفى أحمد الزرقا إلى الرسالة معقباً على مقالي فقال: (لعله أعتمد في قضية الطير الأبابيل على رواية أحد نسب ذلك الرأي إلى الشيخ محمد عبده أخذاً مما أشيع عنه وأشتهر).
ولكن الواقع أننا لم نعتمد على الرواية بل اعتمدنا على كلام الإمام نفسه، ولم تنسب إليه غير ما جاء في نص تفسيره حيث قال في الصفحة الـ (158) من تفسير جزء عم يتساءلون: (فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس الذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات، فإذا أتصل بجسد دخل في مسامه فأثار فيه تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه وأن كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يعد من أعظم جنود الله في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر، وأن هذا الحيوان الصغير الذي يسمونه الآن بالمكروب لا يخرج عنها، وهو فرق وجماعات لا يحصى عددها إلا بارئها ولا يتوقف ظهور أثر قدرة الله في قهر الطاغين على أن يكون الطير في فخامة رؤوس الجبال. . . فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت أرسل الله عليه من الطير ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة فأهلكته وأهلكت قومه قبل أن يدخل مكة).
إلى أن قال رحمه الله: (هذا ما يصح الاعتماد عليه في تفسير السورة وما عدا ذلك فهو مم لا يصح قبوله إلا بتأويل إن صحت روايته، ومما تعظم به القدرة أن يؤخذ من استعز بالفيل وهو أضخم حيوان من ذوات الأربع جسماً ويهلك بحيوان صغير ولا يظهر للنظر ولا يدرك بالبصر).
وفي هذا النص يرى الفاضل الأستاذ (الزرقا) إننا لم نعتمد على الرواية المنقولة، ولم نتجاوز بالنص معناه حين قلنا أن الأستاذ الإمام أجاز تفسير الطير الأبابيل بجراثيم الأمراض التي تسمى بالميكروبات، وهو تفسير مقبول ولا شك - كما قلنا - على سبيل الجواز والترجيح.
عباس محمود العقاد.
بيان:
خاضت الصحف في الكلام عن رسالة (فن القصص في القرآن الكريم) قدمها طالب في كلية الآداب لينال بها درجة دكتور، وتحدثت بعض الصحف عن حرية البحث وعن أمور تتصل بهذا الموضوع.
وحقيقة الأمر أن رسالة قدمت إلى كلية الآداب فألفت لجنة لفحصها طبقاً للوائح، فرأت اللجنة أنها لا تصلح إن تكون موضوعاً للمناقشة المعتادة في درجة الدكتوراه، فردت الرسالة إلى صاحبها وهذا يقع في الجامعة كثيراً.
فما كان ينبغي أن تكون الرسالة بعد هذا موضوع جدال في الصحف، فرسائل الجامعات التي تقبلها الكلية المختصة وتأذن بالمناقشة فيها ونشرها تبقى سراً بين الطالب وأساتذته، وكل ما فيها من آراء عرضة للإصلاح والتغيير والحذف، فإن رفضتها الكلية فهي كورقة امتحان لنم ينجح صاحبها.
هذه حقيقة الأمر. ولكن بعض الكتاب؛ ومنهم الطالب كاتب الرسالة، خاضوا في جدال فيها، وكنت حينئذ غائباً عن مصر فلما رجعت عملت على ألا ينشر شيء في هذا الموضوع، وأحببت حضرتي صاحب الفضيلة وكيل الأزهر وسكرتيره العام مبيناً أن هذه الرسالة لا تجوز المناقشة فيها ولا المؤاخذة بها ما دامت ورقة امتحان يقدمها طالب لأساتذته منتظراً رأيهم فيها وقد نشر فضيلة السكرتير العام خطابه إلى وجوابي له.
رجوت أن ينتهي الجدل عند هذا الحد، ولكن الطالب كتب مرة أخرى متحدثاً عن الانتكاس في الجامعة، وسألت الجريدة التي كتب فيها الطالب كلمته الأستاذ المشرف على الرسالة فكتب كلمة عن حرية الرأي، وذكر المحنة العقلية والأخلاقية الخ، وقد أسفت الكلية لاشتراك الأساتذة في جدل في الصحف حول موضوع من موضوعات الامتحان. والتمست من الأساتذة الذين لهم صلة بهذا الموضوع أن يكفوا عن كل جدل صحفي، وألححت على الأستاذ الذي أشارت إليه الكلمة التي نشرها زميله ألا يجيب مهما يكن له حق في الإجابة، ومهما يكن عنده من أدلة لتأييد رأيه ونصحته الكلية ألا يدخل في هذا الجدل، وعرفته أن ليس من سنن الجامعات ولا من كرامة الأساتذة أن ينقلوا أبحاثهم من الجامعة إلى جدال في الصحف. فكتب هذا الأستاذ إلى الصحيفة التي وعد بالكتابة فيها معتذراً عن الرد؛ قائلا إن الجهات الرسمية منعته من الكلام، والجهات الرسمية التي أشار إليها هي الجامعة، ولم تدخل جهة رسمية أخرى في هذا المنع.
الجامعة لم تمنع الطالب من أن ينشر أراءه بعيداً عنها بكل وسيلة يراها، ولم تزد الجامعة على أن قالت إن البحث الذي في هذه الرسالة لا يستحق عندي درجة عليمة، وبقيت الحرية للطالب ومن يرى رأيه، في أن ينشر أراءه في كتاب من عنده لا في رسالة من رسائل الجامعة، بعد أن أبدت الجامعة رأيها فيها وردتهاـ وحينئذ يحتمل وحده تبعة ما فيها من غلط أو ضلال. وما دام هذا في مقدرة الطالب فلا حق لأحد في أن يدعى أن الجامعة تمنع حرية البحث.
وبعد، فالجامعة أعرف بحرية الرأي، وأدرى بحدوده هذه الحرية، وأبصر بتوجيه طلابها، وأقدر على نقد ما يكتبون. فالمرجو من أنصار حرية الرأي أن يتذكروا هذا، ولا ينكروا على الجامعة حريتها في التصرف فيما هو من خصائصها، فأن الجامعة تطالب بحقها في الحرية أيضاً وتتمسك به قبل الناس جميعاً.
عبد الوهاب عزام
عميد كلية الآداب
من شوارد الشواهد: إن جميع ما يكتبه الأديب البارع الأستاذ الطنطاوي مما يحرص الأديب الناقد على تلاوته، لعلمه بأنه لا يكتب إلا طريفاً ممتعاً ولا يكون إلا محسناً مبدعاً، ومن تلك الأبحاث المفيدة التي ينشرها في مجلة الرسالة مجلة العلم والأدب والإسلام والعرب مقالته (من شوارد الشواهد)، التي علق عليها في الحاشية بقوله: (فأرجو ممن وقف على نص فيه تصحيح نسبة بيت مما ذكرت أن يرشد إليه فقد يعزى البيت إلى غير رواية، أو ينحل غير بانيه).
والطنطاوي عهدناه من المحافظين في الآداب على الأنساب، وهو ممن لا يرد رجاؤه، وقد وجد الشاهد (24) معزوا إلى إبراهيم الصولي وهو:
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن
وهذا البيت المعدود من شوارد الشواهد، لأبي تمام من قصيدة يمدح بها أبا الحسن علي بن مرة، وأرسلها إليه من سامراء إلى دمشق مع أخيه سهم؛ ويروي هذا البيت في غير الديوان (إذا ما أيسروا)، ويروى مؤلفو كتاب البيان والبديع أن إبراهيم الصولي قد ضمنه أبياتاً منها قوله قبل هذا البيت:
أولى البرية طراً أن تواسيه ... عند السرور الذي واساك في الحزن
وليس هذا البيت للصولي بل هو لأبي تمام، وهو في ديوانه قبل الشاهد، وتختلف عنه رواية الديوان قليلاً، فهو فيه:
أولى البرية حقاً أن تراعيه ... عند السرور الذي آساك في الحزن
وقبل هذا البيت في الديوان:
لي حرمة بك فاحفظها وجاز بها ... يا حافظ العهد والعواد بالمنن
وللصاحب بن عباد تضمين حقيقي لهذا الشاهد بقوله:
أشكو إليك زمانا ظل يعركني ... عرك الأديم، ومن يعدو على الزمن
وصاحباً كنت مغبوطاً بصحبته ... دهراً فغادرني فرداً بلا سكن
وباع صفو وداد كنت أقصره ... عليه مجتهداً في السر والعلن
كأنه كان مطوياً على أحسن ... ولم يكن في قديم الدهر أنشدني:
(إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن)
(دمشق) التنوخي
تذكير:
أنا لم أكن أرى مواصلة الرد على ما جاء في الرسالة (الفن القصصي في القرآن) لأن الرد على هذا الطالب يوهمه أن في رسالته علما وأنه أهل لأن يكلم بكلام العلماء، ويجرئ غيره من طلاب الجامعة على ابتغاء الشهرة قبل أوانها بحماقة أخرى مثل هذه. .
ولكن ما دام قد ورد عليه جماعة من أهل الفضل فإني أذكرهم بأمرين ما أنتبه لهما واحد منهم.
أولهما: أن هذا الطالب لم يبتكر هذا الذي جاء به في رسالته وعقدها عليه، بل نقله عن سان كلير المبشر من كتابه الذي وضعه لتكذيب القرآن، وسماه (مصادر الإسلام) وهو مترجم إلى العربية ومطبوع، وفي رسالة الطالب نقل منه وعزو إليه كثير.
وثانيهما: أن هذا القول يمس جوهر الشريعة، لأن أدلة الشرع منها ما هو متفق عليه، وهو الكتاب والسنة والقياس (ولا عبرة بخلاف الظاهرية فيه) والإجماع، ومنها ما هو مختلف فيه (وهو معتبر في الدين كل حال) كالاستحسان والمصالح المرسلة وشرع من قبلنا، وعلى ذلك يكون ما حكاه الله (في قصص القرآن) من شرائع من قبلنا شرعاً لنا، ويكون ما جاء في كتاب المبشر وفي رسالة الطالب، هدماً لهذا الأصل من أصول الدين، ولما بنى عليه من أحكام فقيهة، في المذهب الذي هو مذهب القضاء والفتوى في مصر.
علي الطنطاوي
العجول والأناسي:
حضرة العلامة صاحب الرسالة
أرجو أن تضيفوا إلى إمضاء (الخفيف) كاتب المقال بهذا العنوان، لأني مشاطره في تأثره وانفعاله من تصرف البهيم الذي كان يسوق بهائم هي أرأف منه وأعطف. وأني لشريكة أيضاً في الأسى والأسف لبؤس الغلمان الذين كان النفر الشرطي يقودهم كالأغنام ويجلدهم.
مثل هذه القسوة الفظيعة على البهائم نراها كل يوم في شوارع العاصمة حتى في أهم شوارعها وأرقاها (ولا أقول أنظفها لأنها لم يقسوها الشرطة على الغلمان البائسين في سوقهم إلى دار الشحنة نرى كل يوم.
فأين جمعية الرفق بالحيوان تثبت وجودها؟ أم أنها نفقت مع الحيوانات الموبوءة وما بقى إلا ذكر اسمها لكي لا يقال أن مصر خالي ة من معالم المدنية. وأين جمعية الشفقة على الإنسان؟ أم أنها لم تولد حتى الآن.
إن هؤلاء الذين يزعم الجاويش أنهم من سارقي الجيوب وخاطفي الحلي قد يكونون كما زعم. وهم مئات الألوف في البلد. فماذا تفعل بهم دار الشرطة؟ هل تسجنهم؟ ترحمهم إذا سجنتهم. ولكنها لا تسع جيشا من المتشردين والنشالين. تتهددهم ثم تطلق سراحهم. ويعودون إلى جرائمهم.
والله إنهم ليسوا مجرمين. إنما المجرم هذا النظام الذي حرمهم أسباب الرزق وأسباب التربية والتعليم. علموهم وربوهم ثم اعتقلوهم بذنوب إن أذنبوا.
نقولا الحداد
الأبيات لأبن رهيمة وليست لعلية:
في كلمة الأستاذ الفاضل (العباس) تحت عنوان (غزل علية) - الرسالة رقم 748 - وردت الأبيات (وجد الفؤاد بزينبا) على أنها للأميرة الشاعرة. وألحق أن هذه الأبيات لأبن رهيمة المدني وهو شاعر أموي. وقد ذكر ذلك أبو الفرج في أخبار علية، إذ قال بعد أن ورد هذه الأبيات منسوبة إلى علية: (هكذا ذكر ميمون ابن هرون، وروايته فيه عن المعروف بالشطرنجي، ولم يحصل ما ورواه، وهذا الصوت شعره لأبن رهيمة المدني والغناء ليونس الكاتب، وهو من زيانيب يونس المشهورات، وقد ذكرته معها، والصحيح أن علية غنت لحناً) انتهى قول أبي الفرج.
أما زنيانيب يونس هذه، أو زيانبه، فقد جاءت كلها في أخبار يونس الكاتب (أغاني جزء 3) وعددها سبعة، والشرط فيها أن تكون من شعر أبن رهيمة، وكان يقولها في زينب بنت عكرمة وقد أباح هشام بن عبد الملك دمه أن هو عاد لذكرها، وفعل ذلك بكل من غنى في شيء من شعره، فهرب هو ويونس فلم يقدر عليهما، فلما ولى الوليد بن يزيد ظهراً، وقال أبن رهيمة في ذلك:
لئن كنت أطردتني ظالماً ... لقد كشف الله ما أرهب
ولو نلت مني ما تشتهي ... لقل إذا رضيت زينب
وما شئت فاصنعه بي بعدذا ... فحبي لزينب لا يذهب
هذا وللأستاذ (العباس) أصدق الإعجاب والتقدير لما يمتعنا به في صفحة (الأدب والفن في أسبوع) من أدب وفن.
فدوى عبد الفتاح طوفان.
نابلس
رأيت (الناصر)
عظيمة وعظيمة وعظيمة. . . لقد قامت دليلا ناهضاً على أن العربية تتسع للمسرحية. لقد جاءت برهاناً جديداً على عبقرية أباظة. . لقد أبانت بجلاء قيمة الفرقة المصرية. . أنه لمن حسن حظ المرء أن يتمتع برؤية الناصر، إذن سيجد الشعر الممتلئ روحاً المتين نسجاً البليغ تعبيراً. . سيجد التمثيل المكلل بالنجاح المتوج بالفوز المتشع بالبهاء. . . سيجد كيف أجاد الشاعر وأجادت (فردوس) وكيف تمكن الشاعر وتمكنت (أمينة) وكيف أبدع الشاعر وأبدع (علام). . . ولن ينسى طليمات. . .
وعلى كل حال. . فما لهذا بعثت بكلمتي إلى (البريد الأدبي) فإن لذلك مكانه الخاص الذي يقتضي التفصيل والتحليل والإفاضة أما الذي أريده فهو ملاحظات عابرة خطر لي أن أذيعها أملا في تدارك الصحيح الممكن منها. . .
1 - معلوم أن المسرحية شعرية عربية فصيحة وإذن فمن المناسب جداً أن لا نلفظ (الثاء) سيناً والذال (زاياً) والجيم (كيما). . . الخ.
2 - وإني إذ أكبر تمكن الممثلين من إعراب كلامهم - مع جهل أكثرهم بقواعد النحو - أقول إذ أكبر ذلك. فإني أرجو أن لا نسمع مرة ثانية مثل (في ظل كرامة) وما شابهها.
3 - ومع احترامي (لزهراء) وإجادتها التمثيل. . . فإن الإنسان ربما لاحظ أن (تكوينها) لا يصلح لأن تكون المرأة التي بنيت من أجلها (الزهراء). . .
4 - ومع الإخراج فهو ممتاز بالطبع. . ولكني لا أدري كيف يحدث جرح من دون إراقة دماء. . . لقد طعنت (منى) (شفق) طعنتين قاتلتين ولكنا لم نر أثراً للدماء. . . ولا تمزقاً في الثياب. . . أترى ذلك إنما حدث لأن منى لم تعرف كيف تقبض على الخنجر!! لا أدري. .
5 - ولا أدري ما هي الضرورة التي تدعو (الجاسوس) لأن يلبس (حذاءاً) بحيث تحسبه وقع خطوة إذا ما مشى على خشبة المسرح وقع قائد جيش منتصر. . أظن أن الجاسوس يعنى التستر في كل زمان ومكان.
6 - هذا وهناك عادة أخالها جارية في أكثر بلاد الله. .
إذا ما انتهى فصل من فصول (الرواية) أسدل الستار فصفق المشاهدون إعراباً عن إعجابهم فرفعت الستارة ليظهر الممثلون بوضع (طبيعي) يردون فيه التحية. . .
ومع أنه من حق الجماهير أن يعبروا عن تقديرهم ومن واجب الممثلين أن يردوا التحية. . . إلا أني أرى في هذا المظهر ما يبعد المشاهدين عن جو (الرواية) ويعيد إلى أذهانهم بأنهم أمام تمثيل بعد أن أنستهم الإجادة ذلك وغمرتهم في جو جعلهم يتصورون أن (فردوس) هي (منى) حقيقة وأن (أمينة) هي (شفق) واقعاً وأن (فاخر) هو عبد الله صدقاً. . . وعليه وعليه فمن المستحسن ترك هذه العادة. .
7 - أما الروح الشعري الذي سكبه أباظة في مسرحيته فلا يخفى على أحد. . ولكن قد يحس الإنسان أن هناك بعض الألفاظ القليلة التي هي أقرب إلى الاستعمال النثري من قبيل (اكفوا) ومن قبيل (الكوب) وقبيل (يركد قلبي ركداً).
8 - وإذ أجل تمكن الأستاذ الشاعر من إضفاء الروح الوطنية على مسرحيته. . . تمكناً يشعرك أنها متلائمة مع عصر الناصر. . . أقول إذ أجل ذلك فلا يضير أن أشير إلى أن الأستاذ الشاعر قد ينسى (الناصر) فيظهر في عصر أباظة) فيدعه يتحمس بالدعوة إلى (جبهة عربية) هذا مع العلم أن (أمية) الأندلسي ليست مثل (أمية) الشام في هذا الموضوع. . أقول هذا مع احترامي (للجبهة العربية).
9 - ومعلوم أن ذكر الناصر و (الحكم) يقترن به دائماً بنهضة الثقافة ولكن الأستاذ المؤلف لم يجهل لنا هذه الناحية التي تصور مجداً إنسانياً عالياً، الناحية التي تركت أسبانيا تحتفل بمرور ألف سنة على (الناصر) الناحية التي تركت الغرب يحسدون العرب من أجلها. . . لقد دخلت (الأوبرا) وكلي أمل أن أمتع برؤية (المدارس) وألذ بمشاهدة مجالس الأدب، واسعد بالنظر إلى (المكتبات). . ولكن. . ولكن شيئاً من ذلك لم يظفر به. . لقد قصر الأستاذ المؤلف (الناصر) على (الدسائس) وعلى ما يجب أن يكون عليه الملوك إزاء رعيتهم. . وأنا لا أنكر فضل كل أولئك على كل من (الملك والرعية في كل زمان ومكان). . بل إن العناية بذلك في مسرحية كالناصر ضرورة لا بد منها وقد وفق فيها الأستاذ الشاعر أيما توفيق، توفيقاً لا يقل عن مهارته البارعة في تصوير الحالة النفسية لشفق والحكم والناصر أجل لقد وفق وأجاد ولكني كنت أطمع بالإضافة إلى ذلك بأن أتمتع برؤية النهضة الثقافية بعيني. .
تلكم هي بعض الملاحظات العابرة التي خطرت لي في أثناء مشاهدة (الناصر) للمرة الأولى في الليلة الأولى. . وهي لا تغض من عظمة المسرحية. إنها لعظيمة وعظيمة وعظيمة، ولقد كان من موحيات تلك الليلة أن أقترح على الفرقة القومية بل على وزارة المعارف - رغم جهلي ما بين السينما والمسرح من فروق - أن تجتهد لتخرج المسرحيات الناجحات أمثال العباسة وقيس لبنى والناصر. . على الشاشة، لكي يتسنى للناس خارج القاهرة مشاهدتها ويتسنى للأجيال المقبلة أن تلذ برؤيتها ويتسنى لتاريخ المسرح أن يلمس مصادره الأولية. . .
(ط)
مذكرات سجين:
كتب إلينا من دمشق أن قصة (مذكرات سجين) المنشورة في عدد الرسالة الأسبق، سبق نشرها في الرواية، مترجمة ترجمة جيدة بقلم الأستاذ ناجي الطنطاوي.
حول رسالة (القصص الفتى في القرآن):
تشرف وفد من علماء الأزهر بزيارة قصر عابدين ورفع إلى السدة الملكية مذكرة علماء الأزهر التي يطلبون فيها:
(أ) تحويل الرسالة إلى فضيلة مفتي الديار المصرية ليقي فيها من ناحيته باعتباره جهة الاختصاص.
(ب) دعوة كبار العلماء لعقد اجتماع لمناقشة الأستاذ أمين الخولي باعتباره (علما) فيما أعترف به من تأييد الرسالة.
(ج) وقف الأستاذ أمين الخولي ومحمد أحمد خلف الله أفندي عن عملهما حتى يفصل في أمرهما.
(د) عدم تجديد عضوية الأستاذ أمين الخولي بمجلس إدارة كلية أصول الدين والمذكرة موقعة بتوقيع فضيلة الشيخ الشربيني رئيس الجبهة وعضو هيئة كبار العلماء وفضيلة الشيخ الزرقاني سكرتيرها الأستاذ بكلية أصول الدين.