الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 730/من وراء المنظار

مجلة الرسالة/العدد 730/من وراء المنظار

مجلة الرسالة - العدد 730
من وراء المنظار
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 30 - 06 - 1947


أنا وكيل نيابة. . .!

أعيذ فطنتك أيها القارئ أن تحسبني ظفرت فجأة بهذا المنصب الخطير الذي يجعل لي من السلطان أن أقبض على من أشاء في أي وقت أشاء، فما كنت وربك إلا صاحب هذا القلم المتواضع وصاحب هذا المنظار اللعين الذي يأبى إلا أن يقع بي على ما لست أحب. . . ولكنه عنوان اقتضاه المقام.

هذه مواقف ثلاثة من مواقف التحمس، ولكنه تحمس رسمي والعياذ بالله، فيه قبض وتحقيق وحبس، أو هكذا ظهر لي ولمن شهده من الناس. ولقد سمعت هذه العبارة التي جعلتها عنواناً لكلمتي هذه بنصها وحروفهاً في كل من هاتيك المواقف الثلاثة.

شهدت الموقف الأول وسمعت هذه العبارة وهممت أن أكتب ولكني آثرت العافية وأنف المنظار في الرغام؛ ثم لم يكد يمضي يومان حتى وقع منظاري على الموقف الثاني وسمعت نفس الكلمة، فجمعت أطراف شجاعتي، ولكني ما كدت أشرع القلم حتى عدت فآثرت العافية واستعذت بالله من الشيطان الرجيم. . . ويأبى منظاري اللعين إلا أن يريني الموقف الثالث حيث سمعت العبارة بنصها، وعندئذ لم يبق لي إلا أن أشهد على نفسي بالجبن أو أكتب، فآثرت الثانية، فوالله للضر مع الشجاعة خير من العافية مع الجبن. وما كانت العافية لتدوم يوماً لجبان. . .

أما الموقف الأول فكان في عاصمة إحدى المديريات، وهناك سيارة عامة كبيرة، لا يريد سائقها أن يبرح بها مكانها إلا أن تمتلئ بالركاب حسب العدد المقرر، ولم يكن ينقصه لمتلئ إلا ثلاثة أو أربعة؛ وجاء شاب حدث في نحو الخامسة والعشرين يخطر في مشيته خطرة من يريد أن يشعر الناس بعظم مكانته، وكان الوقت موعد الانصراف من الدواوين، فما أن وضع رجله على سلم السيارة ليركب حتى أهاب بالسائق أن ينطلق بالسيارة فم أثبت في وجهة نظرة حادة إذ رأى منه شيئاً من عدم المبالاة؛ ورد السائق بقوله (حاضر لما يتم العدد)؛ وثار الشاب وصاح بالسائق: (هيا. اسمع الكلام)؛ ولم يزد السائق على أن ينظر إليه متعجباً؛ ودق الشاب بيده على زجاج السيارة وهو يقول في تحمس شديد (أتدري من يكلمك؟ أنا وكيل النيابة الـ. .) وقال السائق وقد داخله شيء من الرهبة (يا سيدي حاض كلها نفرين أو ثلاثة).

ووثب الشاب من مكانه ونادى أحد (الكنستبلات) وأمره بالقبض على السائق معلناً لها وظيفته. وما كان أشد عجب هذا الشاب وعجب الركاب والسائق قبلهم جميعاً بالضرورة حين سمعوا هذا الشرطي يقول (وإنه يعني وكيل نيابة!). . . وكأنما سرت هذه الكلمة عن الناس فانبعثت ضحكاتهم على الفور عالية مجلجلة. . .

ونادى الشاب وقد بلغ حنقه غايته أحد العساكر، وكان هذا يعرفه فأسرع نحوه وحياه التحية العسكرية فأصدر إليه أمره بالقبض على (الكونستابل) بتهمة إهانة النيابة وسبقهما إلى مقر التحقيق ونجا السائق المسكين. وهكذا مصائب قوم عند قوم فوائد.

وأما الموقف الثاني فقد شهدت شاباً كذلك يثب في أول ميدان باب الخلق فيدرك الترام ويتعلق به، ثم يقف بباب الحريم لا يتزحزح ولا ينحرف، يميل طربوشه ويبرز طرف منديله فيتدلى على صدره، ويضبط ربطة عنقه ويصف شعر فوديه، ويرسل النظرات الحادة إلى داخل المكان، حتى جاء المحصل فنهبه في هدوء إلى ما لا يحمد من وقفته هذه. فقال في غضب وعنف وتحمس شديد (موش شغلك. . . أسكت)؛ ونفخ المحصل في زمارته متحمساً كذلك فوقف الترام؛ واشتدت حماسة المحصل واستغنى عن التلميح بالتصريح. وجن جنون ذلك الشاب ونزل وأمسك بذراعه وهو يقول (أتدري من تكلم. . . أنا ويكل نيابة). . . وأخذ المحصل شيء من الخوف إذ أشار هذا الشاب إلى أحد العساكر ليقبض عليه. وتدخل بعض الناس، وقبل الشاب بعد لأي شفاعتهم وترك المحصل قائلاً له في كبرياء الظافر الذي يعفو عن قدرة (أما بارد قليل الأدب، صحيح). . . وتعلق المحصل بالترام وهو يقول إذ يدق كفاً بكف (أأنا البارد القليل الأدب؟)

ولست أدري أكان (صاحبنا) كما أدعى وكيل نيابة حقاً أم أنه يهوش بذلك على النسا؟

ويأتي بعد ذلك ثالث المواقف أو ثالث الأثافي؛ فنحن في سيارة عامة في أحد شوارع القاهرة، ليس فيها إلا من هو ذاهب إلى عمل أو حريص على ميعاد. وكان في المقعد الأمام شاب كذلك تبدو عليه سيماء الهدوء والرزانة فطلب إلى السائق الوقوف بالسيارة لينزل، فقال السائق (ما فيش محطة هنا) فقال الشاب (محطة إيه؟ إسمع. نزلني)؛ ولم يسمع السائق ولم يقف؛ فصكه الشاب على صدره صكة جمع فيها كل تحمسه وأفرغ كل غيظه وهو يقول (استني يا حمار).

ووقف السائق سيارته والتفت نحو الشاب وفي وجهه مثل نظرات المجنون، فقال له الشاب (إوع تتكلم. . . أتدري من أنا؟ أنا وكيل نيابة. . . تعرف شغلك بعدين).

ووقف المحصل بينهما يخشى أن يفضي الأمر إلى شر خطير والسائق يقول افرض إنك حتى رئيس نيابة. . . تضرب الناس بدون سبب؟) والركاب يتفرجون وما فيهم إلا من ضاق ذرعاً بهذا الصلف وبهذه الوقفة التي لا يدري أحد متى تنتهي؛ وأحسست أنا ثلاث أمثال ضيقهم وقد شهدت المنظر ثلاث مرات.

وكان السائق هو القابض هذه المرة، إذا لم يجد متنفساً لغيظه إلا أن يقسم يميناً بالطلاق ألا يدع هذا الأفندي إلا في القسم ولو قطعت رقبته. . . ولم يبق لشفاعة الشافعين، بعد أن نطق السائق بهذا اليمين. ومضيا معاً إلى القسم، ومضينا نحن الركاب يبحث كل منا عن وسيلة أخرى يصل بها إلى حيث يريد.

وبعد فأنا أؤكد لك أيها القارئ أني لم أزد شيئاً على ما شاهدت، وإلا فإني مستعد أنا الواضع اسمي أدناه لأن أتلقى قرار القبض علي بتهمة أنا والله منها برئ وهي (إساءة استعمال) قلمي أو على الأصح منظاري. . .

الخفيف

قادة الإصلاح في القرن الثالث عشر

الشيخ شامل

زعيم القوقاز وشيخ المجاهدين

للأستاذ برهان الدين الداغستاني

(تتمة)

ولما أبى الشيخ شامل التسليم اقتحم الروسيون الحصن من الخلف، واستطاعوا التسلل إلى داخله، فانسحب الشيخ شامل إلى مسجد الحصن وواصل القتال. وهنا طلب الروسيون منه التسليم للمرة الثانية، ووعدوه - إن هو سلم نفسه - أن يسلموه هو ومن معه إلى خليفة المسلمين في القسطنطينية من غير أن يصيبهم أذى.

كان لهذا العرض الأخير فعل السحر في نفوس المجاهدين من إخوان الشيخ شامل، فألان من جانبهم، فأخذوا يحبذون التسليم، ويلحون على الشيخ شامل أن لا يفوت هذه الفرصة النادرة، فنزل الشيخ شامل على إرادتهم، ولم نفسه مع نحو عشرين شخصاً من صادقي أعوانه إلى القائد الروسي الجنرال (باربيا تنسكي) كان ذلك في اليوم الثامن من شهر صفر سنة 1276 هـ (6 سبتمبر سنة 1859 م).

وبذلك انتهت هذه الثورة الإصلاحية الوطنية التي استمرت أكثر من ثلاثين سنة، ونقل الشيخ شامل ومن معه من أعوانه وأهله وعياله إلى (بترسبورغ) - ليننغراد - عاصمة القياصرة المقدسة، وقابل قيصر الروس إسكندر الثاني، فرحب به القيصر وأكرم وفادته، وأمنه وجميع من كانوا معه على نفوسهم. إلا إنه - على الرغم من الوعد الذي أعطى الشيخ شامل قبل أن يسلم نفسه - لم يسمح له بالسفر إلى خارج الحدود الروسية وألزمه بالإقامة بمدينة (كالوغا) مدة، ثم نقله إلى مدينة (كييف) وظل على هذه الحال نحو عشر سنين.

10 - كان الشيخ شامل لا يفتأ يطالب قيصر الروس اسكندر الثاني بإنجاز الوعد الذي وعد به قبل أن يسلم نفسه بتسليمه إلى خليفة الإسلام والمسلمين، ولكنه لما طال به الأمد، ولم يجد أذناً صاغية. بعث إلى القيصر يطلب منه أن يسمح له بالسفر إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وبعد أخذ ورد. قبل القيصر أن يأذن لشامل وأصحابه بالسفر الحجاز عن طريق القسطنطينية.

وفي سنة 1286 هـ 1869م أي بعد عشرة أعوام من التاريخ التسليم خرج الشيخ شامل من الحدود الروسية، وجاء القسطنطينية ولقي من السلطان عبد العزيز خان خليفة المسلمين ما هو جدير به من الإعزاز والتكريم، ثم واصل سفره إلى الحجاز لأداء فريضة الحج.

وهناك ما يبعث على الظن بأن الشيخ شاملاً عرج - في طريقه إلى الحجاز - على مصر، وأنه شهد حفلات الخديوي إسماعيل التي أقامها بمناسبة افتتاح قناة السويس، أو شهد بعضها على الأقل، ولقي من الخديوي إسماعيل ترحيباً عظيماً، وتقديراً كبيراً.

وبعد أن وصل إلى الحجاز وأدى فريضة الحج في أواخر سنة 1286هـ اختار المدينة المنورة للإقامة، واتخذها موطناً لسكناه.

ولم تطل إقامته في مدينة الرسول الكريم ﷺ فقد فارق هذه الدار الفانية، وانتقل إلى جوار ربه. قبيل غروب شمس يوم الأربعاء 25 من ذي القعدة سنة 1287 هـ (28 مايو سنة 1870) ودفن في البقيع بجوار قبة العباس عم الرسول ﷺ.

11 - مات الشيخ شامل بع أن عاش نحو خمسة وسبعين عاماً، وبعد أن ملأ الدنيا دوياً، ونشر قضية بلاده أمام الرأي العالم العالمي، وجعل العالم كله يتحدث عن القوقاز وقضية القوقازيين، وإذا كان لم يستطع أن يصل ببلاده إلى ما كان يرجوه لها من الاستقلال والتقدم ورغد الحياة، فإنه بذل كل ما ملك، ولم يأل جهداً، ولم يدخر وسعاً حتى انتقل إلى جوار ربه راضياً مرضياً، ولكن أثر جهاده وتضحياته ظل خالداً، وأثمر ثمره، فقد تنبه الروسيون لما يعانيه أهل القوقاز من المصاعب والمتاعب وما هم فيه من سوء الحال، وعلموا أن للقوقازيين وللقوقاز قضية لابد من النظر إليها بعين الاعتبار.

وقدر الروسيون جهاد شامل وبسالته، فأنشأوا في (تفليس) عاصمة القوقاز العامة متحفاً عاماً لآثار القوقاز والقوقازيين وأودعوه كل ما عثروا عليه من آثار الشيخ شامل، كالأسلحة التي كان يحارب بها والأعلام التي كان يحملها جنوده وقواده، وبعض الوثائق والمستندات التي تبودلت بينه وبين القيادة الروسية في القوقاز. وكان هذا المتحف، في الجملة، مشتملاً على كل ما وجد من آثار شامل.

وقد زار هذا المتحف ووصفه أحسن وصف سعادة رشاد بك المستشار بالمحاكم الأهلية المصرية قبل الحرب العالمية الماضية في كتابه (سياحة في روسيا) الذي نشره مقالات متفرقة في (المؤيد)، ثم جمعها في كتاب.

وبعد الانقلاب الشيوعي سنة 1917م واستتباب الأمر للشيوعيين، وجهوا نظرهم إلى القوقاز، وأنشأوا فيه أربه جمهوريات كان أحد هذه الجمهوريات الأربع جمهورية داغستان. وهي جمهورية ذات استقلال. . . ذاتي في شئونها الداخلية ضمن نطاق اتحاد الجمهوريات السوفياتية العام، وكان من أهم ما عنيت به هذه الجمهوري الناشئة أن أسست متحفاً خاصاً بالشيخ شامل في مدينة (محاج قلعة) جمعت فيه كل آثار هذا المجاهد العظيم، والبطل الوطني المخلص.

ويرى زائر هذا المتحف الآن أعلاماً بالية عليها كتابات عربية واضحة مثل: (لا إله إلا الله. محمد رسول الله) و (نصر من الله وفتح قريب) وما أشبه هذا مما كان يكتب على أعلام الشيخ شامل. كما يرى الكتب والرسائل التي تبادلها مع الروسيين وهي مكتوبة بالخط العربي واللغة العربية الفصحى.

ويرى إلى جانب ذلك كله قطع الأسلحة ونماذجها المختلفة مما كان يستعمل إبان الثورة الداغستانية التي حمل رايتها الشيخ شامل أكثر من ربع قرن. رحمه الله رحمة واسعة. وأحسن إليه، وبل ثراه بفيض من رضوانه.

برهان الدين الداغستاني

ذكريني

للشاعر إبراهيم محمد نجا

إلى (الواحة) التي فارقتها نزوعاً إلى الجنات الوارفات،

والروضات الظليلات، فلما أخفق مسعاي، عدت أبحث عنها

في صحراء الحياة، فما وجدت لها أثراً!.

ذكريني فقد نسيت حياتي ... حين ماتت في مهدي أمنياتي

وأعيدي لي الغناء؛ فقد صر ... ت حزيناً مستغرقاً في شكاتي

إن أتى الليل، فالسهاد مواف ... أو بدا الصبح، فالملال موات

سئمت نفسي الشكاة، وضجت ... من لهيب الحرمان والحسرات

ومشى في دمي الفناء ودبت ... في حياتي أشباح وادي الممات

أدركيني قبل الممات؛ فإني ... رغم ما ذقته أحب حياتي!

كان قلبي يعيش عيش الحيارى ... يقطع العمر هائماً في الصحارى

ظامئاً يتبع السراب، فطوراً ... يتراءى، تارة يتوارى

ظل حيران مقفر العمر حتى ... نضر الله ليله والنهارا فتجليت واحد تنضج الظ ... ل ونبعاً يشفي الصدى والأوارا

فهفا نحوك الفؤاد مشوقاً ... كالمحب الغرب وافي الديارا

فإذا فيك كل ما كان يفني ... فيه أيامه مني وانتظاراً

عاش قلبي لديك عيشاً رغيداً ... يتغنى مع الحياة سعيدا

غير أن الملال غشاه يوماً ... فاشتهى أن يعيش عيشاً جديدا

وتمنى نهراً كبيراً عميقاً ... وسهولاً فسيحة ونجودا

وبساتين يذهب الطرف فيها ... أينما شاء لا يلاقى حدودا

فهو ما عاش لا يحس ملالا ... أو يرى نفسه تريد المزيدا

هكذا كلف الحنين إلى المجهـ ... ول قلبي ألا يطيق القعودا

فمضى يقطع الفضاء الرحيبا ... حينما الشمس أوشكت أن تغيبا

فإذا الواحة الحزينة تبكي ... ذلك الطائر العزيز الحبيبا

وتناديه في ابتهال حزين ... يجعل القلب موشكاً أن يذوبا:

(عد إلي وكرك الحزين المعنى ... إنه لم يزل أنيقاً رطيبا

كيف ترضى بأن تظل بعيداً ... كيف ترضى بأن تعيش غريبا؟

آه قد ضاع في الفضاء ندائي ... أيها الغائب الذي لن يؤوبا)

أين تمضي بموكب الآمال ... يا شقيق الأوهام، يابن الخيال؟

ذهبت حقبة، ومر زمان ... بينما لا تزال رهن الرمال

تارة تهبط الوهاد وطوراً ... تتسامى إلى متون الجبال

أين تمضي، وما ظفرت بشيء ... بعد طول المسير والترحال؟!

هذه هوة يروح بها المو ... ت ويغدو في موكب الأهوال!

فانظر الآن كيف ضيعك الشو ... ق إلى عالم بعيد المنال!

أيها القلب قد خدعت خداعاً ... حينما همت في الفيافي انتجاعا

وأضعت الشباب منى هباء ... أترى ترجع الشباب المضاعا؟

وجعلت الأوهام ينهبن عمري ... فغدا بينهن نهباً مشاعا!

عجباً! كيف تترك الماء صفواً ... ثم تطوي إلى السراب البقاعا؟؟ كيف تمضي وما ترد نداء؟! ... كيف تمضي وما تقول وداعا؟!

عد إلى مكرك القديم مشوقاً ... قبل أن تمضي الليالي سراعاً

عاد قلبي إلى الوراء حزيناً ... يقطع البيد باكياً مستكيناً

ويرد الأوهام عنه فتمضي ... ليت قلبي يرد عنه السنينا!

آه! طال المسير من غير جدوى ... فاشتهي القلب أن يعود دفينا

وبدا اليأس في الرمال يغني ... لحنه الموحش الكئيب الحزينا!

وأظل المساء قلبي، فما تسـ ... مع إلا نواحيه والأنينا!

أيها القلب قد تحيرت حتى ... صرت يا قلب في الرمال سجينا!

أنا ما زلت في ربيع الحياة ... كيف أرضى بهذه التضحيات؟!

كيف أحياهنا مع اليأس وحدي ... مبعداً عن مطارح الصبوات؟!

كيف أحيا مقيداً بنواحا ... تي، وكيف العزاء عن أغنياتي؟!

كيف أسلو التي أظلت حياتي ... بظلال من الهوى ساحرات؟!

بين أحضانها وجدت لروحي ... مأمنا من مصارع اللهفات

وعلى مهدها استراح شبابي ... بعد ما هام في لهيب الفلاة

أين يا ليل واحتي الخضراء؟ ... أين يا ليل ظلها والماء؟

قد تولى الضياء، وهو أنيسي ... كيف أمضي، وقد تولى الضياء؟

أتمنى، فما تفيد الأماني! ... وأنادي، فيما يفيد النداء!

أسفاً للشباب ماتت لياليـ ... هـ، فمات الهوى، ومات الرجاء!

أسفاً للحياة أمست فناء ... قبل أن يدرك الحياة الفناء!

إنني ها هنا سأدفن نفسي ... فاسكبي الدمع، واندبي يا سماء

إبراهيم محمد نجا