مجلة الرسالة/العدد 707/من هنا ومن هناك
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 707 من هنا ومن هناك [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 20 - 01 - 1947 |
ناظم حكمت أكبر شعراء الترك ينظم وهو في السجن:
في أحد السجون التركية يعيش الآن ناظم حكمت أكبر شعراء الترك في العصر الحديث وقد انقطع عن دنيا الناس منذ عشر سنين ولا يزال يرسل خواطره وأحاسيسه إلى العالم المفكر كأنه يقول لهؤلاء الذين قيدوه ولحدوه أن الفكر الحر لا يحصره مكان ولا يعقله قيد.
ولد ناظم حكمت في أوائل هذا القرن في مهد مترف من مهود الأسر التركية الأرستقراطية. ولما أتم دراسته العامة أدخل المدرسة التجهيزية البحرية، فقضى فيها ردحاً من الزمن ثم فر منها عام 1918 ليقصر وقته وجهده على بعث الشعر التركي من جموده، وتحرير الشعب التركي من قيدوه، فدخل جامعة موسكو ليضيف إلى ثقافته الفرنسية التي شب عليها، الثقافة السلافية التي صبا إليها. ولكن الثقافات الأجنبية لم تشغله عن ثقافته التركية، فأحيا في شعره ما مات من الأساطير التركية والأغاني الشعبية، ووصل بين قديم الشعر وحديثه دون أن يجعل باله لما نظم الشعراء الانتقاليون بين هذا العصر وذلك. فهو في الشعر التركي بمثابة مياكوفيكسي ولوركا في الشعر الروسي، وهو في ذيوع الاسم وسمو المكانة بمنزلة يحيى كما أمير الشعر القديم، فلا غرو إذا جعلوه خليفته في إمارة الشعر الحديث.
وناظم حكمت يعشق الحرية ويركب في سبيلها الأهوال، لذلك لم يغض الكماليون طويلاً عن آرائه (الهدامة)، فاتجهوا بالنظر السياسي إليه، وفتشوا داره فيما فتشوا من دور الضباط التلاميذ في الجيش والبحرية، فعثروا على طائفة من قصائده تبرر اتهامه بالتحريض على قلب نظام الحكم الحاضر وإفساد الشباب، فقدموه إلى المحاكمة، فحكم عليه مجلس الجيش ومجلس البحرية بالسجن أربعين عاماً. وقد قضى الشاعر من هذه المدة عشر سنين لم يكف أثناءها عن الكتابة. ولقد نظم فيما نظم قصيدة مطولة في الشاعر التركي الفيلسوف بدر الدين أحد شعراء القرن الخامس عشر الذي حاول أن يؤلب الشعب على طغيان السلاطين فألقوه في السجن ولم يخرج منه إلا إلى المشنقة. وظل ناظم حكمت كما كانت بدر الدين مؤمناً بخلوص الفطرة في شعبه المكظوم المظلوم. فأخذ يقويه بالغذاء الأدبي النافع من مآثر أجداده وتقاليد أبطاله. وهو ينظم الآن ملحمة كبيرة شارفت على التمام عنوانها: (أسطورة الاستقلال)، وموضوعها الحرب التي شنها الشعب التركي على مضطهديه ما بين سنتي 1920 و1922، ومن فصولها فصل عن (نساء الأناضول) وهن يجددن عهود البطولة بنقل الذخائر والمؤن إلى المقاتلين في سهول الأناضول المقفرة.
ذلك هو ناظم حكمت الذي قضى عشر سنين سجيناً في بلاده ربع المدة التي حكم بها، وكل ما اقترفه من الذنوب أنه فكر بحرية، وكتب ما يعتقد في سبيل الحرية!!
طانيوس عبده وشريعة اليونان:
قرأ الشاعر الرقيق المرحوم طانيوس عبده، أن شرائع اليونان تعاقب المرأة الخائنة بجذع أنفها، والرجل الخائن بقلع عينه، فكتب على هامش الكتاب ما يلي:
فلو وصلت شرائعهم إلينا ... على ما نحن فيه من مجون
لأصبحت النساء بلا أنوف ... وأصبحت الرجال بلا عيون
طريق الهجرة النبوية:
خرج النبي صلوات الله عليه معه الصديق رضوان الله عليه من غار ثور بمكة فمرا بالبحرة، والمستدل، وخيمات أم معبد، وقديد، وحذوات، وثنية الرمحاء، وثنية الكوبة، والمرة، وذات كشد، والمدلجة، والعسيانة، وأمج، والحزار، وثنية المرة، ولقف، ومحاج، ومرجح، والأجرد، وذي سمرة، وتعهن، والقاحة، والعرج، وثنية الاعتبار، وكوبة، ورثماء، وقباء فالمدينة المنورة، على ما ذكر في عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير لابن سيد الناس) و (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي) وخريطة الهجرة النبوية للأستاذ الحمصاني، ومعجم البلدان لياقوت، وغيرها
محمد عبد الوهاب فايد
كتابة الأعداد وقراءتها:
ورد في كتاب النحو الواضح المقرر للمدارس الابتدائية (ج2 ص111 الطبعة الثالثة عشرة) المثالان الآتيان:
(غزا المدينة جيش يتألف من ألفين وأربعمائة. . .)
(قرأت من الكتاب مائة وعشرين. . .) لقد قدم الأستاذان الفاضلان ما حقه التأخير وأخرا ما حقه التقديم: قدما الألفين على الأربعمائة والمائة على العشري مع أن الأصل - على ما أرجح - تقديم الأربعمائة على الألفين والعشرين على المائة، لأن التمييز لا يكون إلا للعدد الكبير دون الصغير إذا اجتمعا أي للألفين لا للأربعمائة وللمائة لا للعشرين، ولها يمتنع الفصل بين المميز المضاف التمييز المضاف إليه إلا للضرورة.
هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يجوز كتابة الأعداد وقراءتها من اليسار إلى اليمين، لأن اللغة العربية على عكس غيرها من اللغات لا تكتب ولا تقرأ إلا من اليمين إلى اليسار، فالألوف مثلاً لا تكتب قبل المئات والمئات لا تكتب قبل العشرات والعشرات لا تكتب قبل الآحاد.
وقد ظل أبناء هذه اللغة يكتبون الأعداد ويقرءونها من اليمين إلى اليسار كما هو شأنهم في كتابة الجمل وقراءتها حتى أوائل العصر التركي أو الفترة المظلمة؛ وفي هذا العصر استعجمت الأعداد وبعض الألفاظ أو بعبارة أسح استتركت وأصبح أكثر الكتاب والمؤلفين منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا يكتبون الأعداد ويقرءونها من اليسار إلى اليمين خلافاً للقاعدة المتبعة في كتابة اللغة العربية وقراءتها.
وإني لأرجو أن يقوم الأستاذان الفاضلان بتصحيح المثالين المذكورين عند إعادة طبع هذا الكتاب حتى لا يلقن الطالب فيما بعد قواعد مغلوطة.
(عمان)
لطفي عثمان
داء قديم:
جاء في كتاب الكامل للمبرد في أخبار الخوارج هذه القصة (خرج مصعب بين الزبير إلى (باجميرا) ثم أبى الخوارج خبر مقتله يمسكن، ولم يأتي المهلب وأصحابه فتوقفوا يوماً على الخندق فناداهم الخوارج: ما تقولون في المصعب؟ قالوا: إمام هدى. قالوا: فما تقولون في عبد الملك قالوا: ضال مضل. فلما كان بعد يومين أتي المهلب قتل مصعب، وأن أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك بولايته فلما تواقفوا نادهم الخوارج ما تقولون في مصعب قالوا لا نخبركم. قالوا فما تقولون في عبد الملك؟ قالوا! إمام هدى. قالوا يا أعداء الله بالأمس ضال مضل، واليوم إمام هدى! يا عبيد الدنيا عليكم لعنة الله).
قلت: وهذه قصة الدنيا ما بقى فيها عبيدها، فلست تجد زمناً خلا منها، ولا جماعة من الجماعات تحللت من هذه العبادة المخزية، غير أن القصة إذا جرت بين قوم يحرمون على الناس عبادة الشهوات كانت أدعى إلى العجب، وأبعد عن الأدب.
على العماري