مجلة الرسالة/العدد 69/بوانكاريه وبارتو
→ لا مؤاخذة | مجلة الرسالة - العدد 69 بوانكاريه وبارتو [[مؤلف:|]] |
في العيد الألفي لمولد الفردوسي ← |
بتاريخ: 29 - 10 - 1934 |
للأستاذ محمد عبد الله عنان
فقدت فرنسا في أسبوع واحد رجلين من أعظم رجالها، وسياسيين من أقدر ساستها وكاتبين من أكبر كتابها، هما مسيو لوي بارتو وزير خارجيتها، ومسيو رايمون بوانكاريه رئيس جمهوريتها الأسبق؛ فذهب مسيو بارتو ضحية بريئة في حادث مرسيليا المروع الذي اغتيل فيه الملك اسكندر ملك يوجوسلافيا، وتبعه مسيو بوانكاريه إلى القبر بعد أيام قلائل. وكان السياسي العظيم مريضا منذ حين، يستشفي في الرفييرا، ولكنه عاد إلى باريس منذ أشهر ممتعاً بالصحة والنشاط، ثم توفي فجأة، بينما كان يتابع الكتابة في مذكراته؛ فذهب بموته ركن من أعظم أركان السياسة الفرنسية المعاصرة. ولا يشغل بوانكاريه وبارتو مكانتهما الممتازة في عالم السياسة فقط، ولكنهما يشغلان مكانتهما الممتازة في عالم البيان والأدب أيضاً، ولكل منهما آثار أدبية تتبوأ المقام الأول بين تراث الأدب الفرنسي المعاصر
كان رايمون بوانكاريه فرنسياً عظيماً من غلاة الوطنية الفرنسية التي تذهب إلى حد التعصب؛ وكان يمثل مدرسة سياسية خاصة شعارها القومية المغرقة في كل شئ، ووسيلتها القوة والتفوق المادي قبل كل شئ؛ وكانت سياسته قبل الحرب وفي خلالها، ثم من بعدها، تمثل دائما روح العسكرية المحافظة، وروح الاستعمار الجشع، فكان بوانكاريه من أعظم بناة العسكرية الفرنسية، وكان من أعظم بناة الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية.
وكان مولده في (بارلد يك) من أعمال اللورين في أغسطس سنة 1860، ودرس الحقوق في باريس؛ وبدأ حياته العملية في الصحافة، فتولى حيناً تحرير القسم القضائي لجريدة (لي فولتير) ثم عين موظفاً في وزارة الزراعة، ولكن جو الوظائف الحكومية لم يرقه، فاستقال لنحو عام من تعيينه؛ وكانت أحداث السياسة وتهزه وتستغرق اهتمامه، فخاض المعركة الانتخابية ودخل البرلمان لأول مرة في سنة 1887 نائباً عن مقاطعة الموز. ومن ذلك الحين بدأ نجمه السياسي في التألق؛ وامتهن المحاماة في باريس، فظهر فيها بمقدرته وساحر بيانه؛ وجدد انتخابه لمجلس النواب سنة 89، ثم في سنة 93. وفي هذا العام دخل الوزارة وزيراً للمعارف وهو في الثالثة والثلاثين من عمره، ثم تولى وزارة المالية في العام التالي، ثم المعارف مرة أخرى سنة 95. وأستمر في مجلس النواب حتى سنة 1903. ثم دخل مجلس الشيوخ. وتبوأ بوانكاريه مركزه في الزعامة السياسية؛ كما تبوأ مركزه في الزعامة الأدبية؛ وكان إلى جانب مقدرته السياسية كاتباً ممتازاً؛ يلفت الأنظار بروعة كتاباته السياسية والأدبية. وفي سنة 1906 تولى وزارة المالية مرة أخرى. وفي سنة 1909 توجت زعامته الأدبية بانتخابه عضواً في الأكاديمية الفرنسية. وفي يناير سنة 1912 ألف بوانكاريه وزارته الأولى خلفاً لوزارة كايو المستقيلة، وتولى إلى جانب الرياسة وزارة الخارجية. وهنا بدرت بوادر الأزمات الدولية التي مهدت إلى الحرب الكبرى، فأبدى بوانكاريه خلال هذه العواصف قوة ومقدرة، وظهرت قوة وسائله بالأخص في مسألة مراكش حيث استطاع أن يرغم السلطان على الاعتراف بالحماية الفرنسية، وظهرت ميول بوانكاريه العسكرية واضحة في عنايته بمسألة التسليحات، ومضاعفة قوى فرنسا البحرية. وفي سنة 1913 أنتخب بوانكاريه رئيسا للجمهورية الفرنسية خلفاً للرئيس فاليير؛ وأستدعى ارستيد بريان لرياسة الوزارة. وكانت أوربا تسير يومئذ إلى الأزمة الكبرى بخطى سريعة؛ وكان بوانكاريه يسهر على ثمار سياسته، وعلى المحالفات التي انتهت إليها. وفي يوليه سنة 1914 كان بوانكاريه إلى جانب نيقولا الثاني قيصر روسيا في بطرسبرج؛ وكانت بواعث هذه الزيارة ظاهرة واضحة، وهي تمكين التحالف الروسي الفرنسي ضد ألمانيا والنمسا والمجر، وتنظيم الخطط للمعركة القادمة
ولما عاد بوانكاريه إلى فرنسا كانت الأزمة قد وصلت ذروتها ولاح شبح الحرب جلياً في الأفق. وكتب بوانكاريه بهذه المناسبة إلى جورج الخامس ملك إنجلترا خطاباً أشتهر بقوة منطقه وبيانه. ثم كانت الحرب؛ فكان بوانكاريه رجل الموقف؛ وأبدى خلال هذه الأعوام العصيبة كثيراً من الحزم والقوة والبراعة في تدبير شؤون الحرب ومعالجة المشكلات الخطيرة التي كانت تثيرها، واستطاع أن يقف البرلمان عند حده وأن يحمي الجيش من نفوذه وأن يرد حملاته عن الحكومة، وأن يقضي على التنافس الحزبي وآثاره في سير الأمور. ولم يحجم في سنة 1917 عن استدعاء خصمه القديم جورج كليمنصو إلى تولي الحكم، فكان موفقاً في اختياره، وكان كليمنصو وزارة النصر النهائي
وهنا نقطة خطيرة يجب أن نشير إليها تلك هي موقف بوانكاريه الحقيقي إزاء الحرب الكبرى ومبلغ مسئوليته في العمل لأثارتها. وقد أثارت مسئولية الحرب منذ عقد الصلح كثيراً من البحث والجدل، وألقى عليها كثير من الضوء سواء من الوثائق الرسمية المختلفة التي نشرت، أو تصريحات أقطاب السياسية الأوربية الذين اتصلوا بمقدماتها. وقد ظهر منها جميعاً أن رايمون بوانكاريه يحمل في إثارة الحرب الكبرى أكبر التبعات وأنه كان مت العاملين لها قبل نشوبها بأعوام؛ وظهر بالأخص من الوثائق التي نشرها مسيو أزفولسكي سفير روسيا في باريس قبيل الحرب، أن بوانكاريه كان دائب العمل بالتفاهم مع القيصر على تنظيم الخطط لإذكاء الأزمة، وأن زيارته للقيصر في يوليه سنة 1914 لم تكن إلا لأحكام خطط العمل والدفاع في الحرب المنشودة. وهذه نقطة خطيرة تثقل كاهل بوانكاريه بلا ريب، ولم يوفق هو قط إلى دحضها رغم كل ما قال وكل ما كتب.
وانتهت رياسة بوانكاريه للجمهورية في سنة 1920، وخلفه مسيو دي شانل الذي لم تطل رياسته سوى أشهر؛ وعاد إلى مجلس الشيوخ، وإلى العمل في المحاماة والصحافة، وفي يناير سنة 1922، ألف بوانكاريه وزارته الثانية، وتولى وزارة الخارجية، وكان الجدل يشتد يومئذ بين فرنسا وألمانيا حول تنفيذ شروط معاهدة الصلح وأداء التعويضات المفروضة على ألمانيا؛ وكان بوانكاريه يرى منذ البداية أن تذل ألمانيا، وتسحق حتى النهاية، وكان من أشد خصوم الهدنة ووقف الحرب، وكان يرى مع فوش أنه يجب مطاردة الجيش الألماني حتى عاصمة بلاده، وجعل الرين حداً لألمانيا؛ فلما بدأت ألمانيا في التذمر من شروط الصلح، ومن أداء التعويضات، رأى بوانكاريه الفرصة سانحة للعمل، فقرر احتلال الروهر في أوائل سنة 1923 تنفيذاً للعقوبات التي نصت عليها المعاهدة في حالة التخلف عن التنفيذ، وكان هذا الأجراء من أشنع الأخطاء التي ارتكبتها السياسة الفرنسية؛ ولم يقف إلى جانب فرنسا فيه سوى بلجيكا؛ وانتهى إلى عكس المقصود منه إذ أثار في ألمانيا روح السخط والمقاومة، وفقدت فرنسا من جرائه كثيراً من العطف، وظهرت فيه بمظهر التحامل والتحرش؛ وفقد بوانكاريه أيضاً كثيراً من ثقة مواطنيه وتقديرهم؛ وظهر ذلك جلياً في انتخابات سنة 1924 حيث فاز فيها خصومه ومعارضوه واضطر إلى الاستقالة؛ وتتابعت من بعده عدة وزارات ضعيفة كانت تسحقها الأزمة المالية وأزمة الفرنك بنوع خاص. ولما تفاقم خطب الفرنك وكادت فرنسا تنكب بكارثة مالية شنيعة دعي الرجل القوي (بونكاريه) إلى الحكم مرة أخرى في يوليه سنة 1926، فلبى الدعوى؛ واستطاعت وزارته بما اتخذت من التدابير السريعة القوية أن تجتنب الكارثة وأن ترد إلى الفرنك ثباته، وأستمر بوانكاريه في الرياسة إلى سنة 1929، ثم استقال لأسباب صحية، وتفرغ إلى كتابة مذكراته التي بدأ بإخراجها قبل ذلك بأعوام تحت عنوان (في خدمة فرنسا) وفيها يبسط مراحل حياته السياسية، وما اضطلع به من الأزمات السياسية قبل الحرب وفي أثنائها، وما بذله من جهود لإحراز النصر. وكان بوانكاريه أثناء اعتزاله الحكم يكتب في الصحف فصولاً سياسية قوية، واشتهرت منها بالأخص سلسلة مقالات يكتبها تحت عنوان (الوعاء المتكسر)، وفيها يندد دائماً بسياسة الضعف نحو ألمانيا؛ وكما أن بوانكاريه كان يعرب في سياسته عن عميق تعصبه القومي، فكذلك تطبع كتاباته مثل هذه النزعة القومية العميقة، وهو ينحو في ذلك نحو مواطنه الكاتب اللوريني الأشهر موريس باريس الذي أشتهر بعنف حملاته على ألمانيا، وتحريضه على سحق العنصر الجرماني؛ ولبوانكاريه آثار أدبية وتاريخية أخرى، وله في المحاماة مواقف مشهورة، وقد وصل أثناء العمل بها إلى أرفع ما يطمح إليه محام، وأنتخب نقيباً للمحامين، ورفع بذلك إلى صف أعلام الفصاحة القضائية، كما رفع من قبل إلى ذروة المجد السياسي.
وقد لبثت السياسة الفرنسية مشربة بروح الأثرة والقومية العميقة، الذي عمل لإذكائه رجال مثل فوش وبوانكاريه وكليمنصو؛ ثم تطورت منذ سنة 1926، أي منذ اشتد ساعد الاشتراكيين والاشتراكيين الراديكاليين، وقويت الدعوة إلى السلام والتضامن الدولي، وتولى ارستيد بريان توجيه السياسة الخارجية الفرنسية، ولاح مدى حين أن التفاهم ممكن بين أعداء الأمس، وأن سلام العالم يمكن تحقيقه بالمواثيق والمعاهدات الصريحة، ولكن بريان توفى بعد أن ازور نجمه؛ ثم قامت الاشتراكية الوطنية في ألمانيا، وعادت موجة التطرف الهتلري توجه النذير إلى فرنسا؛ فعادت فرنسا إلى سياستها القومية المتطرفة، وظهر بوانكاريه لمواطنيه مرة أخرى بأنه في دعوته إلى هذه السياسة، أبعد نظراً من الوجهة العملية، من أولئك الذين ينشدون السلام بالتفاهم والحسنى.
وقد كان لوي بارتو من تلاميذ هذه المدرسة السياسية المغرقة في القومية، وكان مثل صديقه وزميله بوانكاريه يؤمن بسياسة القوة والتحالف العسكري. وكان مولده في بيارن من أعمال فرنسا الجنوبية سنة 1862، ودرس الحقوق أيضاً ثم انتظم في سلك المحاماة، تلك المهنة الخلابة التي يتخرج فيها معظم الساسة الفرنسيين. ودخل بارتو مجلس النواب لأول مرة في سنة 1889، ولم يلبث أن ظهر بقوة منطقه وبيانه. ودخل الوزارة لأول مرة سنة 1894، إلى جانب بوانكاريه وهو يومئذ في الثانية والثلاثين من عمره. وكانت يومئذ بدعة أن يتولى الوزارة فتيان أحداث مثل بارتو وبوانكاريه. ولكن النبوغ المتفتح كان يسود كل اعتبار آخر؛ واستمر بارتو بين النيابة والمحاماة، مدى حين. وتولى الوزارة بعد ذلك مراراً، في وزارة الأشغال والداخلية. ثم وزارة الحقانية منذ سنة 1909 في وزارة بريان، وأستمر في هذا المنصب أربعة أعوام. وفي سنة 1913 استدعي بارتو لرئاسة الوزارة، فاستمر مضطلعاً بأعبائها إلى ما قبيل الحرب الكبرى؛ واستطاع في هذه الفترة أن يحمل البرلمان على إصدار قانون الخدمة العسكرية الجديد الذي يمدها إلى ثلاثة أعوام؛ ثم تولى وزارة الأشغال مرة أخرى في سنة 1917، ثم وزارة الحقانية في وزارة بوانكاريه الثانية (سنة 1924). وعني بارتو بدرس حركة النقابات وأصدر عنها كتاباً جامعاً بعنوان العمل النقابي ' في عالم الأدب ظهوراً قوياً، واشتهر أسلوبه التحليلي؛ وكتب تراحم نقدية بديعة لميرابو خطيب الثورة الفرنسية ولامارتين وغيرهما وهي من أقيم كتب الترجمة لفرنسية، وكتب كتاباً عن غرام فكتور هوجو ' وهو من أرق ما كتب عن هذا الشاعر؛ وكتب رسالة عن فاجنر؛ وكتب غير ذلك من الكتب والرسائل مما يضيق المقام بذكره؛ وأنتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية منذ سنة 1924؛ وكان محاضراً ومحدثاً ساحراً، أشتهر بغزير ثقافته وقوة عارضته وتدفق بيانه.
ولما نشيت الحرب الكبرى دفع بارتو بابنه الوحيد إلى صفوف المدافع عن الوطن، فقتل في المعارك الأولى، وأصاب فؤاد الوالد الكسير جرح لم يندمل قط.
وغادر بارتو مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ في سنة 1922 واستمر يخوض المعركة السياسية؛ ولكنه كان من فريق الساسة الهادئين الذين لا يظهرون كثيراً على مسرح المعارك الصاخبة، ثم تولى وزارة الخارجية منذ فبراير الماضي، وكانت منذ سنة 1927 وقفاً على ارستيد بريان حتى توفي سنة 1932؛ وتولاها من بعده بول بونكور. وكانت وفاة بريان نذيراً بتطور سياسة فرنسا الخارجية، وعودها إلى الخضوع لروح الأثرة والوطنية المغرقة؛ فلما تولاها بارتو كانت نظريات فوش وبوانكاريه قد غلبت في توجيهها مرة أخرى؛ وبارتو من أبناء هذه المدرسة كما قدمن. وجاء عنف الحركة الهتلرية في ألمانيا نذيراً جديداً لفرنسا بوجوب التحوط ومضاعفة الأهبات والمحالفات العسكرية. وقد أبدى بارتو في تنفيذ هذه السياسة نشاطاً وبراعة فائقين فطاف بالبلاد المحالفة لفرنسا مثل بولونيا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا ويوجوسلافيا ليحكم أواصر التحالف بينها وبين فرنسا، ولكي تحاط ألمانيا بسياج قوي من الأمم التي تقف وقت نشوب الحرب إلى جانب فرنسا. بيد أن أعظم ظفر استطاع بارتو أن يتوج به سياسته هو تقوية التفاهم الفرنسي الروسي واستئناف سياسة التحالف القديم بين روسيا وفرنسا، وإدخال روسيا في حظيرة عصبة الأمم وحظيرة الدول الغربية بعد أن لبثت بعيدة عنها زهاء ستة عشر عاما. وكانت هذه أول مرحلة في سياسة فرنسا الجديدة لتحقيق عزلة ألمانيا عن باقي الدول الأوربية؛ وكانت المرحلة الثانية هي توثيق أواصر التحالف بين يوجوسلافيا وفرنسا ثم حمل يوجوسلافيا على التقرب من إيطاليا، وأخيراً تحقيق التفاهم بين فرنسا وإيطاليا وتسوية المسائل المعلقة بيتهما وحملها بذلك على نبذ سياسة التفاهم مع ألمانيا بصورة نهائية. وكانت زيارة الملك اسكندر ملك يوجوسلافيا تحقيقاً لهذا البرنامج. ولكن وقعت فاجعة مرسيليا التي ذهب ضحيتها الملك اسكندر ومسيو بارتو؛ ولقيت السياسة الفرنسية بذلك صدمة قوية. بيد أنها صدمة مؤقتة، والظاهر أن فرنسا ستمضي في تنفيذ برنامجها السياسي، وأن مسيو لافال وزير الخارجية الجديد، سيستأنف العمل حيث وقف مسيو بارتو؛ وسيقوم مكانه بزيارة رومه، كما كان مقرراً من قبل. ولكن الموقف ما يزال غامضاً، ولا سيما إزاء وقوعه في يوجوسلافيا عقب وفاة الملك اسكندر من الحوادث والتطورات الخطيرة
تلك سيرة الرجلين اللذين فقدتهما فرنسا في أسبوع واحد. وقد فقدت فرنسا في الأعوام الثلاثة الأخيرة جل أقطاب زعمائها القدماء، مثل كليمنصو وفوش ودومير وبريان وبوانكاريه وبارتو؛ وطويت بذهابهم مرحلة أو مراحل من تاريخ فرنسا المعاصر، ولم يبق من أقطاب ساسة الجيل المنصرم سوى القلائل، مثل تاريدو الذي يمثل الكتلة القومية، وهريو الذي يمثل السياسة الاشتراكية. ولا ريب أن فرنسا ستشعر بفداحة هذه الخسارة خصوصاً في هذه الآونة العصيبة التي تقتضي كثيراً من العمل السياسي المستنير. بيد أن للسياسة الفرنسية تقاليد راسخة، وسوف يبرز إلى الميدان السياسي رهط من الساسة والزعماء الجدد ليملأوا ذلك الفراغ، وليقودوا الجمهورية الثالثة إلى نفس المثل والغايات التي عمل لها ساسة الجيل الراحل
محمد عبد الله العنان
المحامي