مجلة الرسالة/العدد 683/البريد الأدبي
→ عينان. . . | مجلة الرسالة - العدد 683 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 05 - 08 - 1946 |
حول (كتب وشخصيات):
لم يسمع الأستاذ أحمد فؤاد الأهواني نصيحتي، فيؤجل قراءة كتابي
الجديد حتى يعود من مصيفه، وهو المسئول إذن عن إضاعة وقت
المصيف في القراءة. فكتاب البحر الخالد وصفحاته المتجددة خير بلا
شك من جميع (الكتب) ومن جميع (الشخصيات)!
هل أشكره لأنه كلف نفسه ذلك العناء، وضيع على نفسه ما هو خير؟ أم أشكر للروح الطيبة التي تناول بها كتابي!
فلأبق ذلك كله الآن، لأنبه إلى فقرة جاءت في ثنايا كلماته الودود:
(ليس في (قنديل أم هاشم) ذلك التحليل العميق للنفس البشرية، حتى إذا نقلت القصة إلى لغة أجنبية نالت الإعجاب. ويبدو أن صداقة الأستاذ سيد قطب للمؤلف هي التي دفعته إلى تشجيعه. ومن آيات هذه الصداقة إنه يقول: أوه! يحيى حقي! أين كانت كل هذه الغيبة الطويلة؟ فيما هذا الاختفاء العجيب)
بيننا اختلاف لا شك فيه على تقدير أقصوصة (قنديل أم هاشم) ولكن الأستاذ يذكر إنه قرأها منذ أمد بعيد. وأنا قد قرأتها وقرأتها وقرأتها. فلعله يرجع إذن مرة أخرى إليها فقد يعدل رأيه.
وهناك حقيقة يجب أن اذكرها هنا. إنني لا أعرف يحيى حقي. لم القه مرة واحدة في حياتي، وأنا أود أن أراه لأعنفه أقسى التعنيف على سكوته. إنني صديق لقنديل أم هاشم لا ليحيى حقي!
ولست اقرر هذه الحقيقة لأهرب من تبعة ثنائي عليه. فلو كان صديقي ما تغير حكمي. وفي من كتبت عنهم أصدقاء ومعارف، وآخرون لا اعرفهم، ولم ألقهم في حياتي. وكلهم كتبت عنهم بروح واحدة، لأن النقد الفني يجب أن يكون موكلا بالعمل النفي.
وحتى العقاد نفسه وصلتي بشخصه معروفة، وصلتي بأدبه أوثق مرات من صلتي بشخصه - ولو فهم الكثيرون غير هذا - كتبت عنه في كل مرة بالعقيدة الفنية التي اعتقدها. وق يبدو فيما كتبته أخيراً عن (العقاد الشاعر) في (كتب وشخصيات) إنني اختلف معه في بعض الاحيان، على تعريف الشعر وتذوقه، وعلى النظر إلى العاطفة وأطوارها.
ولكنه اختلاف الرأي والاحساس، الذي لابد أن يقع بين شخصية وشخصية، متى تبلورت الشخصيتان، وظهرت معلمها كاملة، ولو كانتا شخصيتي التلميذ والأستاذ.
أقرر هذه الحقيقة لأنها تنفعنا في عالم النقد، كما تنفعنا في عالم الأخلاق. وللأستاذ الأهواني شكري مرة أخرى، إن أتاح لي فرصة هذه الكلمات.
سيد قطب