الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 68/في الأدب الدرامي

مجلة الرسالة/العدد 68/في الأدب الدرامي

بتاريخ: 22 - 10 - 1934

11 - الرواية المسرحية في التاريخ والفن

بقلم احمد حسن الزيات

تحليل موجز لأشهر ملاهي موليير

(البخيل '

موضوعها وصف البخيل، وأهم أشخاصها أرباجون البخيل أبو كليانت وإيليز وعاشق مريان، وكليانت بن أرباجون وحبيب مريان، وإيليز بنت أرباجون وحبيبة فالير بن أنْسِلم، ومريان بنت أنسلم وحبيبة كليانت ومحبوبة أرباجون، وأنسلم أحد الأغنياء وأبو فالير ومريان، ومترجاك طباخ البخيل وسائقه، وفرسين امرأة محتالة، ولافيش خادم كليانت، وسيمون سمسار. وقد وقعت حوادثها في بيت أرباجون بباريس.

الفصل الأول: (كنز أرباجون ومشروع زواجه)

يتنكر فالير حبيب إيليز، ويقيمه البخيل وكيلاً على بيته، فيعلن إلى ابنته غرامه، ويشكو إليها بثه، فتعده بالزواج. ويدخل كليانت فيفضي إلى أخته بحبه لفتاة فقيرة شريفة تدعى مريان. ويشكو إليها عجزه عن مساعدتها لبخل أبيه، فهو يبحث عن مرابٍ يقترض منه ما يصلح به حالها. ثم يدخل أرباجون البخيل وهو يشاجر خادمه (لافيش) في عنف ويتهمه بالسرقة، فيقرره ويعزره ويبحث في جيبه ومطاوي ثوبه ثم يطرده، وهو لا يتحرج أن يعامل ولديه معاملة العدو، ويتهمهما بالتبذير. وحينما يريد الولدان أن ينبئاه بمشروع زواجيهما يفاجئهما هو بأنه عقد العزم على الزواج من مريان، وأنه فكر في مستقبل ولديه فخطب لكليانت أرملة غنية، ولإيليز أنسلم المثرى، لأنه قبل أن يتزوج منها من غير مهر تسوقه إليه. ثم هو لا يقبل جدلاً ولا يريد مشورة. ويدخل فالير فيتخذونه في الموضوع حكماً.

الفصل الثاني: (ربا أرباجون) يريد كليانت أن يقترض خمسة

عشر ألف فرنك فيجدها له السمسار سيمون بشروط فادحة وربح خمسة وعشرين في المائة. ويقبض منها كليانت اثني

عشر ألف فرنك عيناً، ثم يأخذ بباقيها مجموعة من الأثاث

البالي. على أن أغرب ما في المسألة أن السمسار يطلب هذا

القرض من أرباجون، فيقف الابن أمام الأب موقفاً غريباً

يتبادلان فيه ألفاظ التقريع على بخل أحدهما وتبذير الآخر، فلا

يخرجهما من هذا الموقف الحرج إلا دخول (فرسين) المحتالة

تعلن إلى أرباجون أن أم مريان قبلت أن تزوجه من ابنتها،

وهي تطلب منه مقداراً من المال يسيراً تستعين به على كسب

قضية لها في المحكمة، فيبادر إلى الخروج قائلاً: آه! إن أحد

الناس يدعوني. . .

الفصل الثالث: (إعداد المأدبة) دعا أرباجون أنسلم وابنته

مريان إلى العشاء. فهو يوزع العمل على خدمه: فيأمر كلود

أن تنظف البيت، ويحذرها أن تحك الأثاث بقوة مخافة أن

يبلى، ويخصص (براندافوان) (والامرلوش) للشراب،

وينهاهما أن يقدماه إلا إلى من به ظمأ شديد، ويوكل إيليز

بملاحظة المائدة، ويأمر الطاهي جاك أن يهيئ الطعام بثمن

زهيد. ولكن المترجاك يؤدي عمل الطاهي وعمل الحوذي معاً، فهو باعتباره الأول يطلب مالاً كثيراً، فيغضب أرباجون

ويرشده إلى صنع المآكل التي تصد النفس وتميت الشهوة،

ويرفض باعتباره الثاني أن يشد الخيل إلى العربة، لأن الجوع

قد أضناها والتعب قد أنهكها، ويلوم سيده على شحه القبيح

فينهال عليه البخيل ضرباً بهرواته.

الفصل الرابع: (سرقة الكنز) يعثر الخادم (لافيش) على كنز

سيده البخيل مدفوناً في الحديقة فيأتي به إلى كليانت. ويحاول

الابن أن يحول بين الأب وبين زواجه من مريان، فيرميها

عنده بالخلاعة والجفاء والغباوة، ويرتاب الأب في نصيحة

ابنه، فيتظاهر بأنه يريد أن يزوجه منها حتى يحمله على

الإقرار بحبه إياها؛ فتثور ثائرة البخيل، ويلوح له بالعصا،

ويحاول أن يصده عن حبها فيأبى كليانت فيخرجه الأب من

ميراثه ويلعنه، ثم يفتقد الكنز فلا يجده، فينسى مشروعاته

الجميلة، ويصيح بملء صوته: يا لي من اللص!! يا لي من

القاتل! يا لي من السفاك!. ثم يفزع إلى القضاء يريد أن يشنق

كل الناس، حتى إذا لم يجد كنزه شنق نفسه. وهذا الموقف من

أبدع مواقف الرواية.

الفصل الخامس: (وجود الكنز): يحضر رجال الشرطة

فيسألون (الأسطا جاك) فيتهم الوكيل فالير. ويدخل الوكيل

فيشهر به أرباجون ويقول له: أريد أن تخبرني عن المكان

الذي خطفتها منه، فيظن فالير أنه يكلمه عن إيليز فيجيبه: إني

لم أخطفها، ولا تزال عندك في منزلك. ويستمر هذا الخطأ

بينهما طويلاً، ثم ينتهي بأن يبوح فالير بحبه إيليز، ويدخل

حينئذ أنسلم فيعرف ابنه فالير وابنته مريان، وقد فقدهما منذ

ست عشرة سنة. ثم يقترح أن يتزوج فالير من إيليز وكليانت

من مريان، فيقبل البخيل على شرط أن يردوا إليه كنزه، وألا

يغرم صداقاً إلى ولديه، وأن يفصلوا له ثوباً جديداً يوم

الزفاف. وتنتهي الملهاة بقول أرباجون: ولنذهب لنرى كنزي

العزيز! هذه الملهاة متقنة محكمة، فحركة العمل فيها سريعة

قوية، والأخلاق تبدو ظاهرة جلية، والحوار طبيعي حي يملك

الذهن ويسترعي الأسماع. ولكنهم يأخذون عليها أن الموضوع

محزن وان الحل ضعيف.

(النساء العالمات

موضوعها تحذلق النساء وتركهن تدبير البيت، واشتغالهن بالفلسفة والحساب والفلك. وأهم أشخاصها: كريزال وزوجته فيلامنت، وابنتاه ارماند وهنرييت، وأخوه أريست وأخته بيليز وخادمته مارتين، ثم كليتاندر حبيب هنرييت وتريسوتين أحد الأذكياء، فاديوس أحد العلماء. وقد وقعت حوادثها في منزل كريزال بباريس.

الفصل الأول:

هنرييت ترغب في الزواج من كليتاندر، ولكن أختها أرماند المتحذلقة تنصح لها أن ترفض هذا الزواج وتعكف على دراسة العلم فإن ذلك أخلق بالمرأة اللبقة الذكية، وتضرب لها المثل بأمها وخمولها في الأندية والمجامع لجهلها، فتتهمها هنرييت بالغيرة وتناقشها في الموضوع بحضرة كليتاندر، فيفصل في هذه المسألة بتصريحه أن الدكاترة من النساء لا يلائمن ذوقه، وأنه يفضل أن تكون المرأة مستنيرة فاهمة، لا متشدقة عالمة. هو إذن يختار هنرييت، ولكنه لا يجرؤ على مكاشفة أمها فيلامنت بحبه، لأنها مولعة بالمدعي تريسوتين، وهو يحتقره لادعائه وحذلقته. وتدخل بيليز فيستميلها إليه ويصارحها بأمره، فتظن أن هذا الحب لها لا لغيرها.

الفصل الثاني:

يأخذ على نفسه أريست أخو كريزال أن يخطب هنرييت لكليتاندر، فهو يقول لأخيه: إن كليتاندر فقير من المال ولكنه غني بالفضيلة. فيجيبه كريزال إلى طلبه، ثم يذهب إلى زوجته يقنعها به، وفي تلك الساعة تطرد فيلامنت خادمتها مارتين، لا لأنها كسرت وعاء أو سرقت إناء، ولكن لأنها أهانت النحو والقواعد. ويضعف كريزال أمام امرأته فيقر هذا الطرد، ولكنه يسخط كل السخط على حمق النساء العالمات، ويختصر شكواه في هذا البيت الجميل:

إنني أعيش بالحساء الجيد ... لا بالإنشاء البليغ!

فإذا ما كلمها في زواج هنرييت من كليتاندر تأبى الأباء كله، وتعلن إليه أنها ستزوجها من الشاعر الأديب تريسوتين. ويحرض أريست أخاه على المقاومة حتى يرفع عن كاهله نير هذا الظلم الفادح.

الفصل الثالث:

يقرأ تريسوتين للعالمات فيلامنت وأرمان وبيليز موشحاً وأهجية من نظم الأميرة (أوراني) فيملك عليهن حواسهن وأنفاسهن، إلا هنرييت فتظل فارغة البال من كل ذلك. لم يكتب هؤلاء المتحذلقات شيئاً، ولكنهن يردن أن يتعمقن في العلوم، وينشئن أكاديمية لهن كأكاديمية الرجال. ويقبل المتفيهق فاديوس فيصفه ترسوتين للنسوة بأنه أعلم الفرنسيين باللغة اليونانية، وأبرع الأدباء في صناعتي النظم والنثر. ويبادله المتحذلقات صنوف التحية وضروب التعظيم، ثم ينتقد فاديوس موشح الأميرة (أوراني)، دون أن يعلم أنه من نظم تريسوتين، فيتخاصم الرجلان ويتسابان بأفحش السباب. ويخرج فاديوس محنقاً يتحدى خصمه بقوله: (إني أدعوك لمساجلتي في النظم والنثر واللاتينية واليونانية). وتعزي فيلامنت صديقها تريسوتين عن هذه الفضيحة بأن تقدم إليه ابنتها هنرييت لتكون له زوجة، ويصر كريزال على أن يزوج ابنته من كليتاندر.

الفصل الرابع:

تتلهب فيلامنت من الغيظ، فتقسم أن تقطع زوجها عن عزمه، وتنفذ إرادتها على هنرييت، ويلقى إليهما تلك الساعة كتاب من فاديوس يتهم فيه تريسوتين بالنفاق والطمع في ثروة هنرييت، فلا يضعضع ذلك من عزم فيلامنت فتبعث في طلب المأذون (المسجل)؛ ولكن كريزال يصمم على رأيه فلا يتقهقر.

الفصل الخامس:

تسخر هنرييت من تريسوتين، وتريده على أن يرفض زواجها، وأبوها يرغى ويزبد موغر الصدر على أمها، ويقول إني أريد أن أعلمها كيف تعيش، ولقد أرجعت مارتين إلى الخدمة على الرغم منها. وتدخل حينئذ فيلامنت وفي أثرها المأذون وتريسوتين، ويصل الأمر في العقد إلى تسمية الزوج فتقول الأم: تريسوتين. ويقول الأب: كليتاندر. فتغضب فيلامنت وتنتصر الخادم مارتين لسيدها فلا تزداد السيدة إلا عتواً وإصراراً ويوشك كريزال أن يسلم الأمر إلى امرأته لولا أن يدخل أخوه أريست، فيخبرهم بالكذب أن أسرتهم قد أفلست لخسرانها قضية كبيرة. فلم يكد يسمع تريسوتين النبأ حتى يدير لهم ظهره ويخرج فيظهر نفاقه وأثرته، وينتهي الأمر بانتصار كريزال وتحقيق أمل كليتاندر.

يتبع (الزيات)