الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 654/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 654/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 654
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 14 - 01 - 1946


عزها. . .

أقول - ومن أصعب الأشياء توضيح الواضح - أن الشاعر شبه خفقان قلبه الوجاب بارتجاف القطاة المسكينة وقد عزها الشرك (أي غلبها وقهرها) شبه حالة قلبه بحالتها (وقت مغلبة الشرك إياها) فاضطرابها الشديد هذا وتلك المجاذبة إنما هما من تلك الغلبة لا من الغر ولا من الجر؛ فما ارتعشت حين غرت وما كان ذلك الاضطراب العظيم لما جرت، ولكن تتابع اضطرابها حين استمكن الشرك منها وغلبها وقهرها ورامت الإفلات منه. وإنه لينادى على أن اللفظة (عز) لا غيرها هو ما جاء بعدها: (فباتت تجاذبه وقد علق أو غلق الجناح) ولو لم يكن هذا الحرف المروى ما كان أبو العباس أعلن في (كاملة) تلك الشهادة: (قد قال الشعراء قبله وبعده فلم يبلغوا هذا المقدار) وبلفظة يقوى ويسمو بيت وبلفظة يهوى. ورحم الله قائل الشعر ورواته، أبا تمام، وأبا العباس، وأبا الفرج وغيرهم، وشارحيه أبا زكرياء التبريزي وأبا علي المرصفي وغيرهما ممن لم تصل إلينا شروحهم. ورحم مخالف من شعر، ومن روى، ومن شرح الأديب العبقري (الرافعي)، وهم العبقريين يشذون ويخالفون، وحيهل بخلافهم وشذوذهم! ويا طول حزن العربية ومجلتها على حجة الأدب وأديب العربية حقا (مصطفى صادق الرافعي)، ومد الله في عمر الأديب العالم الباحث الأستاذ الشيخ محمود أبو ريه المصري المسلم الكريم المفضل.

السهمي

إلى الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرزاق:

الآن، وقد سكنت تلك العجاجة واستنارت الشبهة بعد ذلك للناس وصرح الحق عن محضة - يحق لكل من ينشد الإصلاح أن يتوجه إلى جليل مقامك ليفضي إليه بما يريد.

تعلم - يا سيدي الجليل - أن الأزهر ظل قروناً معتسفاً في طريقه، مكبلاً بجموده، قائما على طريق أبعدته عن أداء ما عليه؛ فهو في الدين لم يكشف بعد عن جليل أسراره لينشرها، ولم يبين عقائده الصحيحة التي جاء بها، ولم يستطيع أن يثبت أن أحكامه الصائبة تساير نظام الاجتماع في كل زمان ومكان. وفى الدنيا لم يشارك سائر الجامعات العلمية في جميع أرجاء الأرض بقليل أو كثير فيما يتخذ من أسباب ونظم لإصلاح العمران. ولقد نهض أستاذك الإمام محمد عبده رحمه الله منذ أكثر من نصف قرن ليعمل على إصلاحه، ويجعل له مقاماً يعلو به فاصطلحت عليه قوتان تعارضانه وتصدان عن سبيله، أولاهما من كان بيدهم الأمر يومئذ، والأخرى المعوقون من الشيوخ الذين تراهم في كل زمان لا يعملون صالحاً، ولا يقبلون إصلاحاً، فقضى رحمه الله ولما يقض ما كان يحبه ويصبو إليه.

وجاء الإمام المراغي فكان كل ما رأيناه في عهده أن تحرك الأزهر (في مكانه) ولم يستطع الشيخ رحمه الله على كثير ما سعى أن يزحزحه أو يخطو به، - واليوم - يلقى أمر هذا المعهد العظيم على عاتقك والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ينظرون إلى ما سيكون شأنه في عهدك، ويرقبون تحقيق ما يأملونه على يدك. وإنك اليوم للمرجو والمسئول بين يدي الله وأمام العالم الإسلامي عن إصلاح هذا المعهد وتقويم ما اعوج منه، فامض في هذا السبيل بقوة وعزم، واحشد لما تتخذ من ذرائع وما تبتغى من أسباب صادق العزم. ولا تن في ذلك فقد توافرت فيك - ولك - كل أسباب الإصلاح وعوامل النجاح. فأنت في نفسك من الفضل والعلم والكفاية بأعلى مناط العقد، وأمامك الفاروق يأخذ بيدك في الإصلاح إلى أقصى حد، ووراءك الصفوة المختارة من طلاب الأزهر وشيوخه - والأمة جميعا معهم - يؤيدونك في كل قصد، حتى يبلغ الأزهر مكانته اللائقة به بين جامعات الأمم، ويفاخر بحق بأنه كان أول جامعة شقت حجب الجهالة بين العرب والعجم.

أيها الأستاذ الجليل: لقد انشرحت صدور المسلمين جميعا بتوليك مقاليد أمور الأزهر وتمنوا أن يكون الله قد استجاب فيك دعوة أستاذك الإمام التي دعا بها قبل موته حيث قال:

فبارك على الإسلام وارزقه مرشدا ... رشيدا يضيء النهج والليل قاتم

يماثلني نطقاً وعلماً وحكمة ... ويشبه متن السيف والسيف صارم

فحقق أيها الإمام المصلح رجاء المسلمين فيك، وانهض بما كان أستاذك سينهض به من قبل والله معينك وكافيك.

محمود أبو ريه

حول كلمة (تاجيك) قرأت فيما أنا متصفح للرسالة الغراء مقالة: (العرب) للدكتور جواد علي فرأيتها بحثاً طيباً، وتحقيقاً شاملا، يشكر عليها الدكتور شكراً جزيلا.

وانتهت بي القراءة إلى فقرة من فقرات البحث يشرح فيها الدكتور لفظة وما طرأ عليها من تغير وتطور وكيف أطلقت على العرب إلى أن قال:

(ونقل الفرس هذه الكلمة بصورة محرفة تحريفاً يلائم لغتهم فقالوا (تاجيك) وو في العهد الأخير) مستنداً إلى مصدر.

وعلى أي حال نحن واجدون ههنا مجالا للتحقيق فنقول:

يطلق الفرس هذه الألفاظ الثلاثة (تَاْجِيْكْ) و (تَاوكْ) و (تِاويْ) على المغول الذين غزوا إيران فبغداد في القرن السابع الهجري، ويطلقونها أيضاً على بعض القبائل الشمالية في إيران فيقولون: (تُرْكِ تاجِيْكْ). وأما العرب فيعرفون عند الفرس بهذي اللفظة (تِاْزِي) ومعناها حرفياً (صحراوي) إذ أن لفظة (تَاْزْ) تعنى في اللغة الفارسية الأرض القفرة الخالية. ولما اشتهر العرب بأنهم قوم (صحراويون) أطلق عليهم الفرس هذه اللفظة بعد أن أضافوا إليها ياء النسبة فقالوا (تِاْزِي) فالمصدر الذي استند عليه الدكتور خاطئ بناءً على هذا البتة.

(نجف)

ح. م. ع