مجلة الرسالة/العدد 653/من وراء حجاب
→ ضربات معول | مجلة الرسالة - العدد 653 من وراء حجاب [[مؤلف:|]] |
التيارات الفكرية العالمية والأزهر ← |
بتاريخ: 07 - 01 - 1946 |
للأستاذ محمود محمد شاكر
أخي الأستاذ الزيات:
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد، فقد أكرمتني ودعوتني لكتابة مقالتي لعدد الهجرة من الرسالة، فجعلتُ أماطل الساعات كعادتي حتى تضطرّني إلى مأزق أجد عنده مفراً من حمل القلم، والانكباب على الورق، وترك الزمن يعدو عليَّ وأنا قارٌّ في مكان لا يتغير وزمان لا يتحول. فلما قارب الوقت وأزفت الساعة، فزعت إلى ذلك الكتاب القديم الذي طال عهد (الرسالة) به، وهو (مذكرات عمر بن أبي ربيعة)، حملت الكتاب حريصاً عليه، ووضعته على المكتب بين يدي، وترفقت بصفحاته وأنا أقلبه كما يقلب العاشق المهجور تاريخاً مضى من آلام قلبه. ووقعت على ورقة حائلة اللون قد تخرّمها البِلى، وإذا فيها هذه الأبيات الثلاثة، لم ينل منها شيء، لا تزال ظاهرة السواد بينة المقاطع:
(فصروف الدهر في أطْباقه ... خِلْفَةٌ فيها ارتفاع وانحدارُ
بينما الناس على عليائها ... إذ هوَوْا في هوَّة منها فغاروا
إنما نعمة قوم مُتْعة ... وحياة المرء ثوب مستعارُ).
لم أدرِ لِمَ نقل (عمر بن أبي ربيعة) هذه الأبيات في مذكراته، فإنها قائمة وحدها ليس قبلها ولا بعدها شيء يدل على ما أراد من ذكرها، فجعلت أدوار الأوراق لعلي أبلغ مبلغاً من توُّهم خبرها الذي سيقت من أجله، وجعل معناها يداور قلبي ويساوره حتى كفَّت يدي عن الحركة، وسكن بصري على مكانها، وأحسست كأن القدر قد نام في ظلالها كالمارد الثمل طرحه طغيان السكر حيث استقر، وأطاف بنفسي جو من السكون والرهبة والجلال، وأخذت أستغرق في تأمل هذه الحياة المتكررة المتطاولة الدائبة، منذ عهد أبينا الشيخ آدم رحمه الله إلى يوم الناس هذا. فآنست فترة تأخذني، ثم نعسة تنعشاني، وسبحت في غمرة طويلة لذيذة لا عهد لي بمثلها منذ عَقَلتُ.
وإذا أنا أفضي من غمرتي إلى ميدان فسيح أخضر الجوانب متراحب الأرجاء، وإذا مسجد بعيد يستقبلني كأحسن ما رأيت من مسجد بناءً وبهاءً، قد تباعدت أركانه وتسامت في جو السماء مآذنه، ويبرق بابه ويتلألأ شعاع الشمس عليه. فقصدت قصده، ولم أكد أدنو حتى رأيت جموعاً غفيرة من الخلق يستقبلون الباب خارجين، في ثياب بيض وعمائم بيض كأنها غمائم تزجّيه الرياح. فوقفت وسألت أول من لقيت: ما الذي جمع الناس؟ قال: إنه الشيخ أيها الفتى. قلت: فمن الشيخ يرحمك الله؟ قال: غريب والله، إنه الشيخ أبو جعفر الطبري إمام أهل السُنّة، وشيخ المفسرين، وعمدة المحدثين، وثقة المؤرخين، ردّ الله غربتك يا فتى. قلت له: جزاك الله خيراً ورضى عنك وأرضاك، أتراني أدركه الساعة؟ قال: هو رهين هذا المسجد لا يبرحه، فادخل تلقه.
ولم أزل أحتال للدخول وأمواج الناس تتقاذفني عن الباب حتى كدت أيأس من لقاء الشيخ، وظننت أني لو بقيت دهراً لم تنقطع هذه الأمواج المتدفقة من باب المسجد. وظللت أزاحم حتى بلغ مني الجهد، وانتهيت إلى صحن المسجد وقد انفضّ جمع الناس، ولم يبقِ فيه غيري. وجعلت أسير وأتلفت وأنظر في مقصورة بعد مقصورة، حتى رأيت بصيصاً من ضوء في مقصورة بعيدة، فلما وافيتها، وكانت الشمس قد آذنت بغروب، رأيت مسرجة معلقة وحجرة واسعة، وآلافاً مؤلفة من الكتب قد غطت الجدران. فاستأذنت ثم سلمت فلم أسمع مجيباً، فدخلت، وإذا في جانب منها شيخ ضافي اللحية أبيضها جميل الوجه، قد اتكأ وأخذته سنة من نوم، وقد مالت عمامته عن جبين يلمع كأنه سُنَّة مصقولة من ذهب، وبين يديه كتب وأوراق مبعثرة أو مركومة ومحابر وأقلام.
سرقت الخطو حتى قمت بين يدي هذا الشيخ النائم، ثم جلست وجعلت أقدم ثم أحجم أريد أن أمسك شيئاً من ورقه لأقرأه، ثم عزمت فأخذت ما وقعت عليه يدي، فإذا هو تتمة تاريخ أبي جعفر الطبري الذي كان سماه (تاريخ الأمم والملوك)، وكان الجزء الذي فيه يبدأ من سنة خمس وستين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة (سنة 1365 هجرية الموافق لسنة 1946م)، فانطلقت أقرأ تاريخ هذا الزمن وما بعده. وعسير أن أنقل لك كلُّ ما قرأت، فسأختار لك منها نتفاً تغنى، كما كتبها الإمام أبو جعفر، وبعضها منقولة بتمامه، وبعضهما اختصرت منه حتى لا أطيل عليك. قال أبو جعفر:
(ثم دخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
فمن ذلك ما كان من إجماع المجلسين الأمريكيين على فتح أبواب فلسطين لشذّاذ المهاجرين من اليهود. وكتب إليَّ السُّدى، وهو مقيم هناك في أمريكا، أن موقف الرئيس ترومان الذي كان ادَّعاهُ من إيثار العقل على الهوى في هذا الأمر، إنما كان حيلة مخبوءة أراد بها أن يغرر بالبلاد العربية والإسلامية، ثم يفاجئها بحقيقته. وهو في ذلك إنما يعمل للظفر بمعونة اليهود في الانتخاب الآتي للرياسة. ولما كان هواه هو الذي يُصرّفه، فقد علم أنه طامع في الرياسة حريص عليها، وأن اليهود في أمريكا هم أهل المال، أي أهل السلطان، أي هم الأنصار الذي إذا خذلوه فقد ضاع. قال السدّي: وقد سمعت بعض أهل العقل والرأي في أمريكا يستنكرون ما كان منه ومن قرار مجلسيه، ويرون أن الديمقراطية اليوم قد صارت كلمة يراد بها التدليس على عقول البشر، ليبلغ بها القوي مأربه من الضعيف المغرور بهذه الرقية الساحرة التي يدندنون بها في الآذان. وقد أخبرني الثقة أن الرئيس ترومان قد أوحى إليه بعض بطانة السوء أن العرب والمسلمين قومٌ أهل غفلة، وأن دينهم يأمرهم بالصبر ويلح فيه، فهم لا يلبثون أن يستكينوا للأمر إذا وقع، ولا يجدون في أنفسهم قوة على تغييره أو الانتفاض عليه، وأن الزمن إذا تطاول عليهم في شيء ألفوه ولم ينكروه. فإذا دام دخول اليهود فلسطين، وبقى الأمر مسنداً إلى الدولة المنتدبة (وهي بريطانيا)، وانفسح لحمقى اليهود مجال الدعوى والعمل والتبجح، وألح على العرب دائماً إجماع الدنيا كلها (أي الديمقراطية) بأن الدولة اليهودية في فلسطين حقيقة ينبغي أن تكون وأن تتم كما أراد الله، فيومئذ يلقى العرب السَّلم، ولا يزالون مختلفين حتى ينشأ نشئهم على إلف شيء قد صبر عليه آباؤه، فلا يكون لأحد منهم أدنى همة في تغيير ما أراد الله أن يكون، مما صبر عليه آباؤهم وأسلافهم - وهم عند العرب والمسلمين - أهلُ القدوة.
وفي هذه السنة كتب إليَّ السُّدّي أيضاً يقول أنه لقي أحد كبار الدعاة من اليهود، وكان لا يعرفه، فحدثه عن أمر اليهود في فلسطين، فقال له الداعي اليهودي: لا تُرَع، فنحن لا بدّ منتهون إلى ما أردنا، رضى العرب أم أبوْا. وما ظنُّك بقوم كالعرب خير الحياة عندهم النساء، وقد قال نبيهم: (حُبِّبَ إليَّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلتْ قُرَّة عيني في الصلاة)، ولقد سلطنا عليهم بنات صهيون، وهن من تعلم جمالاً ورقة، وأبداناً تجري الحياة فيها كأنها نبع صافٍ يتفجر من صفاة شفافة كالبلَّور. وهن بنات صهيون دلال وفتنة، وعطر يساور القلوب فيسكرها ويذهلها ثم يغرقها في لذة يضن المرء بنفسه أن يصحو من خمارها أو نشوتها، منصرفاً عن أمر الدنيا كله لا عن الصلاة وحدها التي جعلت قرة لعين نبيهم. فهن في فلسطين، وهن في الشام، وهن في مصر والعراق وتونس والجزائر ومراكش، ولولا تلك البقعة العصية التي لا نزال نخشى بأسها على ضعفها وقلتها وفقرها - أعني الحجاز وما جاوره - لقلت لك: لقد قضينا على هذه العرب، وعلى هذا الدين الدخيل الذي سرق منا التوحيد وادّعاه لنفسه. . .
(ثم دخلت سنة ست وستين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
فمن ذلك ما كان من اجتماع ملوك العرب وأمرائهم ووزرائهم بعد الحج من السنة التي قبلها، اجتمعوا من مدينة رسول الله ﷺ، وقرَّ قرارهم على أن يعلنوا للناس جميعاً وينذرهم بما رأوا وبما أجمعوا عليه:
الأول: أن ميثاق الأطلسي ومواثيق الدول الكبرى كلها تغرير بالضعفاء وتلاعب بعقولهم.
الثاني: أن فلسطين ستجاهد، ومن ورائها بلاد العرب والمسلمين جميعاً تظاهرها بالمال والولد.
الثالث: أن الفتك والغدر والاغتيال ليس من شيمة العرب ولا من دين المسلمين، وأن حوادث الاغتيال الشنيعة المنكرة التي اقترفها اليهود ينبغي أن تقابل بالصدق والصراحة لا بالغيلة والغدر.
الرابع: أن الأمم العربية والإسلامية تعلم أن ليس لديها اليوم من السلاح ما يكفي لقتال الأمم المعتدية التي تظاهر اليهود بالمال والسلاح، ولكنها ستقف كلها على بكرة أبيها صفاً واحداً تقاتل بما تصل إليه يدها من مقاطعة ومنابذة وكبرياء. وأنها تفعل ذلك ما استطاعت، ولكنها لن تظلم يهودياً ولا نصرانياً ولا أحداً من أهل الأديان، ولن تضطهد بريئاً ولا لاجئاً، وأنها لن تقنع بشيء بعد اليوم إلا بجلاء المعتدين والمستعمرين من بلادها، وجلاء اليهود عن أرض فلسطين، ومن شاء أن يبقى فيها من يهود، فله ما لنا وعليه ما علينا.
الخامس: أن الأمم العربية والإسلامية قد عزمت على أن تبدأ منذ هذا اليوم في انتخاب مجلس عام تمثّل فيه جميعاً، وهذا المجلس هو الذي سيضع الدستور العام للدول العربية والإسلامية، حتى إذا تمَّ وحّدت هذه الدول سياستها الداخلية والخارجية، وصارت يداً واحدة في العمل، لتقاوم بذلك اتحاد الأمم الديمقراطية الغربية، التي لم تزل تريد أن تجعل الشرق سوقاً وأهله عبيداً.
(ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
ففيها أراد اليهود في بعض البلاد العربية أن يظاهروا إخوانهم في فلسطين، فأجمعوا على جعل يوم السبت كله منذ الصباح يوم عطلة فأغلقوا دكاكينهم، ورفعوا عليها أعلام لدولة الصهيونية المجترئة، واجتمعوا في بِيَعهم وجمعوا مالاً كثيراً بلغ العشرين مليوناً من الجنيهات لمساعدة المصانع التي كادت تغلق أبوابها من جرَّاء المقاطعة التامة التي أحسنت الأمم العربية توجيهها وتدبيرها.
ومما كان من ذلك في هذه السنة اجتماع المؤتمر العام لنساء العرب في دمشق، وقد قرّرن أن تعود المرأة إلى بيتها عاملة على إنشاء جيل من البنين والبنات لم تفسده الشهوة التي استبدت بالناس في تقليد ذلك الفجور القبيح الذي عملت اليهود على نشره في بلادهنّ من زينةٍ وتبرجٍ ورقص وتحلُّل من أخلاق السلف، وذلك لكثرة ما وقع من حوادث هدمت بيوتاً عزيزة وأسراً كريمة، وأفضت إلى ضروب من المآسي لم يطق أحد عليها صبراً.
وفيها أيضاً أجمعت الصحف العربية والهندية والإسلامية والتركية والفارسية مقاطعة الإعلان اليهودي. وكل صحيفة تخالف هذا الإجماعُ يمحى أسمها وأسم رئيس تحريرها ومحرّريها من سجل نقابة الصحافة، ولا تفسح لأحد منهم فرصة حتى يعمل في صحيفة أخرى بعد هذه المخالفة.
(ثم دخلت سنة سبعين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث
اشتعلت نيران الحروب في الشرق كله، واجتمع رؤساء الدول العربية والإسلامية في مكة المكرمة ووحّدُوا قيادة الجيوش العربية، ولكن لم يلبث سفير بريطانيا في مصر وسفير أمريكا أن أرسلا برقية إلى المجتمعين في مكة يطلبون وقف الحركات الحربية التي سموها (ثورة)، ورغبوا إلى ملوك العرب ووزرائهم أن يتمهّلوا حتى يصدر تصريح مشترك من الدولتين الكبيرتين، على شريطة أن تمتنع البلاد العربية من متابعة السياسة الروسية التي تتظاهر بمؤازرة العرب والمسلمين.
وبعد أيام صدر هذا التصريح، وهو ينص على أن للعرب ما أرادوا من وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وعلى العرب أن يتولوا بأنفسهم مفاوضة يهود فلسطين على السياسة التي يريدونها، وأن بريطانيا وأمريكا، لن تتدخَّلا في الخلاف الناشب بين الفريقين، وأن الدولتين الكبيرتين ستمنعان كلُّ مساعدة ترسل من بلادهما إلى فلسطين. من مال أو سلاح. . .
(ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
تمَّ استخدام الذَّرة وانفلاقها في كلُّ شيء، وحدث في زراعة البلاد انقلاب عظيم، إذ أصبح من اليسير استنبات نبات الصيف في الشتاء، ونبات الشتاء في الصيف. وقد بدأ ملوك العرب أعظم عمل في التاريخ، وهو استخدام أسلوب جديد يحوّل الرمال العاقرة إلى أرض خصب وافرة الزَّرع، وقد نفَّذ هذا في جزء كبير من صحراء جزيرة العرب. أما في مصر والسودان، فقد تمَّ توزيعُ ماء النيل وضبطه حتى لا يضيع من مائه إلا أقل قدر، وبذلك أتيح لمصر أن تُنشئ ثلاثة فروع جديدة شقَّتها في الصحراء الشرقية حتى أفضت إلى بحر القلزم (البحر الأحمر)، وصار ما بينها أرضاً مريعة ذات خصب. وبذلك سيتاح لمصر أن يبلغ عدد سكانها أربعين مليوناً من الأنفس في أقل من عشرين سنة.
ومما كان من ذلك نهضة عامة في سياسة البلاد العربية، جعلت الرأي العام العالمي يناصر القضية العربية مناصرة تامة في أكثر بقاع الأرض. . .
(ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
كثرت حوادث الاغتيال والفتك في كثير من البلاد العربية والأجنبية، وقُتل من العرب وأنصار العرب من سائر الأمم خلق كثير، واستفحل الشرّ استفحالاً عظيماً، حتى ثارت الصحف الإنجليزية والأمريكية وطالبت حكوماتها بإعلان قرار واحد بأن الرأي العام والسياسة العامة في سبيل السلام تقتضي أن تُبذل النصرة الكاملة للعرب وللقضية العربية، وأن تتعاون الدول على ردَّ العدوان الصهيوني الذي صار طغياناً شديداً في جميع بلاد الأرض، وأنه ينبغي على الدول جميعاً أن تضحي في سبيل ذلك بكثير من المصالح المالية، وهي قيود اليهودية التي جعلت كلُّ الأمم ترسف في أغلالها. . .
(ثم دخلت سنة ثمانين وثلاثمائة بعد الألف)
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
كتب إلى السُّدي يقول: إن أمريكا قد قررت إجلاء اليهود من أرضها كلها، وأن تستصفى أموالهم، ولا يبقى فيها إلا علماء اليهود وحدهم إن شاءوا. ومن المنتظر أن تفعل بريطانيا وسواها من الدول مثل ما فعلت أمريكا.
وفيها ثار العمال اليهود في فلسطين على أصحاب المصانع اليهودية، وذلك من جرّاء بوار أكثر التجارة اليهودية التي نهكتها المقاطعة العامة في بلاد العرب والمسلمين، ولقلة الأجور، ولكن الحكومة اليهودية ضبطت الأمر وبذلت الأموال، وجنَّدت جيوشاً عظيمة العدد والعدد. وحدثت أحداث عظيمة في أكثر بقاع الأرض. حتى وقع التنابذ بين الدول الكبيرة التي لا يزال لليهود فيها سلطان عظيم.
وأخوف ما يُخاف أن تقع في هذه السنة حرب عالمية تستخدم فيها جميع الأسلحة الجديدة التي يخشى أن تكون على العالم دماراً وخراباً.
واستيقظ الشيخ من غفوته، ونظر إليَّ نظرة المتعجب، وقال من أنت؟ وما تفعل؟ فانتبهت فزعاً، وإذا أنا أقرأ في تفسير الشيخ أبي جعفر الطبري تفسير قوله تعالى: (وقالتِ اليهودُ يدُ الله مغلولةٌ غُلَّتُ أيديهمْ ولُعنوُا بما قالوا، بلْ يداهُ مبسُوطتان يُنفقُ كيف يشاءُ، وليزيدنَّ كثيراً منهم ما أُنزل إليكَ طُغياناً وكفراً، وألقيْنا بينهمُ العداوةَ والبغضاءَ إلى يوم القيامةِ كلما أوقُدوا ناراً للحربِ أطفأها اللهُ، ويسعون في الأرضِ فساداً واللهُ لا يُحبُّ المفْسِدِين).
محمود محمد شاكر