الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 647/هذا العالم المتغير

مجلة الرسالة/العدد 647/هذا العالم المتغير

مجلة الرسالة - العدد 647
هذا العالم المتغير
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 26 - 11 - 1945


سمدوا الأرض تضاعفوا الإنتاج الحيواني

للأستاذ فوزي الشتوي

الحيوان وغذاؤه:

(لا تعلفوا الماشية بل تعلفوا الأرض). بهذا رد العلماء الأمريكيون والمهتمون بزيادة الإنتاج الحيواني من لحم ولبن وما يتفرع منهما. فلم تكن الثروة الحيوانية وتوفير أغذيتها من معضلات الشرق وحده بل امتدت إلى كل بلاد العالم. وظلت بضع سنوات مشكلة علماء الحيوان وموضوع بحثهم حتى حلت عن ايسر طريق فأزالت ما كان يهدد الصحة العامة من علل.

والفلاح عندما يدرك أن الحشيش والبرسيم وحدهما ليسا من الأغذية الكافية لبقرته فيلجأ إلى علفها بالفول برغم ارتفاع ثمنه. ومع ذلك فلدينا نقص ملحوظ، فكثير من الأبقار لا تلد ولا تنتج ذرية كالمعتاد.

ودرس العلماء ظواهر هذا الصنف وعزوه إلى سوء التغذية ومن ثم اقبلوه على أنواع الغذاء المختلفة، فجربوه كسب القطن والفول وشتى أنواع الأغذية الحيوانية، ولكن واحداً منها لم يوصلهم إلى هدفهم المنشود وزيادة وزن الحيوانات بما يتناسب وما تستهلك من طعام حتى تعادل النفقات الثمار.

الطبيعة أنسب:

وانتقلت التجارب إلى مرحلتها الكيماوية أيضاً فأضيفت مواد الحديد والمنجانيز والكالسيوم إلى أغذية الحيوانات فلم تؤد إلى نتيجة سارة. واحتفظت الماشية بنحافتها وسوء تغذيتها. واستمرت التجارب وقتاً طويلاً تقلب فيه العلماء بين شتى أنواع الأغذية الغالية والرخيصة فلاحظوا أن شهية الحيوان أقوى ما تكون إلى رعى الحشيش وليس إلى وسائلهم الصناعية. وأخيراً لجأ العلماء إلى تغذية قطعانهم بمركبات الفوسفور. والعظم كما تعرف من أغنى المواد بها فلوحظ تحسن ظاهر اكتسبت فيه الماشية لحما وتحسنا في إنتاجها وزيادة ذريتها.

وعندئذ عرف الباحثون انهم وضعوا أصابعهم على مفتاح حل معضلتهم وبقى عليهم أن يجدوا الطريقة المثلى لتطبيقه فأي نسب الفسفور لجدى؟ وكيف يطعم بها الحيوان بأرخص ثمن؟

وأسفرت التجارب الطويلة عن اكتشاف الحل المرغوب وهو: (سمدوا الأرض بمواد فسفورية)، وانطلقت على أثره الصيحة التي صدرنا بها المقال وهي أن: (اعلفوا الأرض ولا تعلفوا الماشية).

تسميد الأرض بالفسفور:

أما كيف وصل العلماء إلى هذا المبدأ، فانهم قسموا ماشيتهم إلى خمسة قطعان يتراوح عددها بين 40 و 57 بقرة اقتصرت تغذية القطيع الأول منها على الغذاء العادي.

وترك القطيع الثاني ليرعى حقلا نثرت على حشيش مساحيق العظام والملح ليكون مقبول لطعام من الماشية. وأضيف أحد محاصيل الفسفور إلى المياه التي يشربها القطيع الثالث. فخلط طعامه من كسب بذرة القطن بالفسفور.

وكان القطيع الخامس هو بيت القصيد، فترك يرعى في حقل سمدت أرضه بالفسفور قبل زرع حشيش بمعدل 77 رطلا للفدان الواحد وكان ما يخص كل رأس من الماشية من أرض المرعى اقل من المعدل المعتاد.

ولوحظ عند بدء التجربة أن يكون وزن جميع القطعان متساويا بمتوسط 700 رطل للرأس الواحد. وبعد سنة من بدء التجربة ارتفع وزن كل بقرة من الماشية التي كانت ترعى الحشيش الذي سمدت أرضه إلى 1036 رطلا بزيادة 84 رطلا عن معدل الزيادة في الأبقار الأخرى.

وكانت أقل القطعان في تربية اللحم القطيع الذي عاش على وسائل التغذية العادية. وكان القطيع التالي هو الذي أضيف إلى غذاءه مساحيق العظم.

60 % زيادة

وثمنه حقيقة أثبتتها تجارب العلماء فان الأبقار التي تغذت بحشيش الأرض المسمدة ولدت من كل منها وتضاعف عددها ولم تمضي شهور حتى وجد أن كل مائة رطل زادت في هذا القطيع لمعدل 60 % ما بين لحم زاد في الماشية الأصلية وما بين مواليد جديدة أفادها المرعى المسند بمحلول الفسفور.

وكانت كل أبقار هذا القطيع في صحة جيدة بخلاف مثيلاتها في القطعان الأخرى التي كانت عرضة لشتى أنواع الأمراض واقتصت من علماء الحيوان وأطباءه جهد العلاج ونفقات الدواء

والسماد الفسفوري معروف في كل مكان ورخيص القيمة بمعرفة كثير من علماءنا ولكنهم لا يجرؤن على تجربته لا لأنهم يجهلون بل لأن عقولهم جفت في الروتين الحكومي عن أي تفكير في أوقات الشدة. ومن واجبهم كاحصائيين أن يبحثوا لحل المشاكل ولكن هذا النجاح لن يأتي وهم جلوس إلى مكاتبهم.

إن العلم يتقدم بخطوات واسعة لحل جميع المعضلات الاقتصادية والتجارية وعن طريقه لم ينخفض مستوى التغذية ولم تتعقد الأمور في أسوا مراحل الحرب لأن علماءهم كانوا ساهرين على تعقب المشاكل وحلها.

فإن آثر علماؤنا البقاء في غرفهم المزركشة فلا يعلم إلا الله إلى أي مركز ينكمش موقفنا الاقتصادي والتجاري

التليفون الآلي للعالم كله:

تستطيع بعد سنوات قلائل أن تدعو صديقك في الإسكندرية أو أسوان إلى حديث تليفوني بغير تدخل السنترال بل بإدارة قرص التليفون كما تفعل حينما تتحدث إلى جارك.

والطريقة المتبعة الآن هي الاتصال بالمركز الرئيسي الذي يخلى لك الطريق ويوصلك بمن تريد في أي بلدة أخرى. ولا تستطيع الاتصال به بغير هذه الطريقة وذلك لسببين: أولهما قرص التلفزيون الذي يعجز عن احتمال الآلاف الأرقام لآلاف البلدان. والثانية عملية التحويلات الكهربائية وما فيها من تعقيد فني كبير.

وقد توصلت إحدى الشركات إلى استنباط طريقة تجعل بها هذا القرص الصغير يشمل ملايين الأرقام كما تيسر لها أيضاً اكتشاف وسيلة رخيصة أقل تعقيداً لنمر التحويلات الكهربائية وسهولة تنقلها بين الأرقام وفي المسافات المترامية، ويتنبأ مهندسوها بأنه لن يمضي زمن طويل حتى تصقل الطريقة فتستطيع أن تخابر نيويورك ولندن وربما طوكيو بمجرد إدارة القرص.

فوزي الشتوي