الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 647/نور العروبة

مجلة الرسالة/العدد 647/نور العروبة

بتاريخ: 26 - 11 - 1945


للأستاذ إدورد حنا سعد

(مهداة إلى مجلس جامعة الدول العربية بمناسبة انعقاد دورته

الثانية بالقاهرة ابتداء من يوم الأربعاء 31 أكتوبر سنة

1945)

على الأفق مجد مشرق ونشيد ... وفجر أمانٍ ما لهن حدود

بحث الرعاة الصِّيد نحو صيائه ... خطاهم وتحدوا القافلات وفود

مطالعُ أمجادٍ وحلم تحققت ... رؤاه، وسِفرٌ في الحياة جديد

فيا شمس، تيهي بالضياء، ففي الربى ... دعاء، وفي أرض الكنانة عيد

تعودين من حيث ابتدأت منيرة ... ويبزغ فينا مجدنا ويعود

مضى الأمس إن نحمده فهو قد انقضى ... بعيدا وان ندممه فهو بعيد

مضى الأمس لم يورث ولا إرث في العلا ... مِلاكُ المعالي عدة وعديد

بداية دنيا المرء إدراكه لها ... وأول عزم المرء يوم يريد

فيا أيها الحشد الذي طافت المنى ... عليه وأصغى في الخلود شهيد

رنا الشرق خفاق القلوب ورأرأت ... حواضر ريا بالسرور وبيد

يراقبكم طلق الأسرة حامد ... وينظركم شزر العيون حسود

مني قد غدت حقا فما أعذب المنى ... يغرد محياها ويورق عود

مخايلها الغراء أضحت شمائلا ... ترود بها الأنوار حيث ترود

وقد وحدتنا في الشجون وفي المنى ... جراح حملناها معاً، وقيود

وكم ريش من سهم فأمسك جنبه ... قريبٌ إليه واستُفِز بعيد

وإن مكان الجرح في الجسم واحد ... فسيان صدر موجع ووريد

على كل أرضٍ قام حلف وعصبةٌ ... تنافح عن شان لها وتذود

وقد كان مدحاً أن يقال وحيد ... فأصبح ذماً أن يقال وحيد

وما حسنٌ أن يغفل الشرق أمره ... ويصحو بنو الدنيا ونحن رقود إذ نام راعى الضأن عنها تيقظت ... ذئاب قيام في الربى وقعود

وفي الشرق من نور الاخوة شعلة ... تذوب لهوليها ظُبى وحديد

فمن رام بغيا سار في الأرز راسخ ... وغامت غيومٌ في الكنانة سود

وثار عُرام الرافدين وأطلقت ... بنجد شبالٌ مرة وأسود

وباتت ورود الشرق جمراً مضرجاً ... وجُنّتْ طباق الأرض وهي نميد

ومن رام سلما أطلع التيه واحة ... وضاء له حال ورف نضيد

فلسطين منا حبة القلب لم تزل ... نبادئها أطماعهم وتعود

أقول - لمن أعنيه - اختر فإننا ... جحيم تلظى أو ندى وورود

تطامن موج البحر هو وأقبلت ... رخاء رياح رفهة وسعود

رمينا لها صدر الشراع وقد دنا ... إلى الركب شط بالوفاق سعيد

تضيء بفاروق دواجي سبيلنا ... ويدنو قصي في المنى وفريد

ومن نعم الدنيا مليك ممجد ... نماه إلى الدنيا عطارف صيد

أقالوا عثار الشرق قدما ووجهوا ... إلى الهدى ركب العرب وهو شريد

وشادوا لنا أساً فأعلى جداره ... وللمجد منهم مبدئ ومعيد

إدوار حنا سعد