مجلة الرسالة/العدد 641/البريد الأدبي
→ الحكاية الازلية | مجلة الرسالة - العدد 641 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 15 - 10 - 1945 |
رأي عظيم في (دفاع عن البلاغة):
(أرسل إلينا حجة الفقهاء وعمدة القضاة الأستاذ عبد العزيز فهمي باشا رأيه في (دفاع عن البلاغة) نسجله شاكرين في (الرسالة) إجلالا لتنويهه واعتزازاً بتوجيهه):
تفضلت فأهديت إلي كتابك القيم (دفاع عن البلاغة) فقرات نصفه في مجلس واحد، ثم قرأت نصفه الآخر في صباح اليوم التالي، وخرجت من قراءة هذا الكتاب الممتع بأن دراسته لا تصلح للمبتدئين ولا لأنصاف المتعلمين، لأنه مقارنة قوية لبلاغة العربية ببلاغات اليونانية وللاتينية والفرنسية وغيرها؛ ودراسة هذه المقارنة إنما تصلح للمتخصصين في علوم العربية، ويسرني أن أسمع يوما أن إدارتي جامعتينا قد قررتا تدريس هذا الكتاب لطلاب التخصص في اللغة العربية؛ فإنهم بالمقارنة بين ما قاله علماؤنا وبين ما قاله العلماء الأجانب قديما وحديثا يستطيعون أن يحددوا مركز علمائنا السامي بين رجال البلاغة في كل بلد، وأنت سيد العارفين بأن هذه المقارنة تفتق الأذهان وتوسع الآفاق؛ وهي خطوة لابد منها لشرقنا حتى يستطيع الناقص أن يتم، والتام أن يكمل، والكامل أن يكون على بينة من كماله.
وكتابك هذا باكورة خير ظهر معها كتاب آخر أطلعني بعضهم عليه وهو كتاب (التصوير الفني في القرآن) للأستاذ سيد فطب الذي ينم عن تحرر في العقل لم يتفق أن سمعنا بمثله من قبل. وكتابك وكتابه كوكبان يضيئان الأفق لمن يتلهف مثلي على الرؤية في وضح النهار.
عبد العزيز فهمي
التاريخ القومي في المدرسة الابتدائية
وزعت وزارة المعارف جدول الدراسة في المدارس الابتدائية هذا العام على أساس ست وثلاثين حصة بدلاً من تسع وثلاثين.
ولا يعنينا أمر هذا العدد في ذاته، ولكن الذي يعنينا أمره كثيراً هو أن الوزارة قد حذفت - فيما حذفت - حصة التاريخ الوحيدة التي كان يتلقاها تلاميذ السنة الثانية في كل أسبوع.
وقد كان موضوع هذه الحصة قصصاً عن حياة قدماء المصريين وبعض الفراعنة المشهورين مثل بناة الأهرام وامنحعت وحتشبسوت. . . الخ.
وكانت هذه القصص على ضآلتها وتفككها هي الخيط الوحيد الذي يربط التلاميذ بتاريخهم القومي العظيم، والصورة الوحيدة التي تعرض عليهم من عصر كان أزهى العصور في تاريخ العالم كله يوماً من الأيام.
فاليوم تريد وزارة المعارف أن تقطع هذا الخيط الضئيل وتطمس تلك الصورة الباهتة: وكان واجبها يقتضي أن تقوي كل ما يربط التلميذ بقوميته وأن تؤكده توكيداً وتلح على التلاميذ في استيعابه بأن تخلق له الفرص خلقاً في كل درس وفي كل مناسبة؛ لا أن تلغي الفرصة الوحيدة التي كانت متاحة للتلاميذ.
وقد كان للوزارة مندوحة عن إلغاء هذه الحصة فلديها وفر من حصص اللغة الإنجليزية التي ألغتها مشكورة لتوفر على التلاميذ الجهد وتتيح لهم الفرصة ليتعرفوا على لغتهم القومية وكيانهم القومي!
أجل! ما كان أجدر رجال التعليم أن يستغلوا بعض هذه الحصص الزائدة في تقوية الروابط التي تربط التلاميذ بوطنهم وقوميتهم وتنمية البذرة التي تنشئ في المستقبل جيلا معتزا بوطنه حريصا على وجوده.
وبدل أن تحول اثنتان من هذه الحصص الزائدة إلى (قصص) عام لا هدف له، كان الأولى أن تكون هاتان الحصتان أو إحداهما على الأقل قصصاً قومياً يهدف إلى غاية وطنية نبيلة. وخاصة حين نعلم أن الوزارة تنوي - في النظام الجديد - أن تجعل السنة الثانية الابتدائية نهاية لمرحلة تعليمية. فلا يجوز أن تنهي تلك المرحلة دون أن يعرف التلميذ فيها شيئا عن أحد المقومات الضرورية لشخصيته.
ولا أحسب أن حذف هذه الحصة أمر مقصود لذاته وإنما هي ضربة من ضربات (المقص) جاءت على غير هدى!
ولكني أرجو وزارة المعارف أن توازن جداولها على حساب أي شيء إلا الكيان القومي للتلاميذ.
محمد القطب بين الأستاذين قطب وخلاف:
نشرت مجلة (الرسالة) الغراء في أعدادها السابقة مناقشات علمية طيبة في موضوع على جانب كبير من الخطورة والإجلال، هو موضوع إعجاز القرآن بين الأستاذين الفاضلين خلاف وقطب
- وكنت متتبعاً باهتمام بالغ ما كتب الأستاذان، غير أني لحظت أموراً فيما كتبا. ذلك أن كلا منها قرر حقاً لا مراء فيه سوف أنبه إليه والعجب أن كليهما أخذ على صاحبه ذلك الحق ومارى فيه، دون مبرر لذلك إلا شدة الحرص على الرأي الفردي من غير نظر أو اعتبار لرأي الآخر؛ وهذا إسراف منهما.
1 - الأستاذ سيد قطب يقرر في كتابه أن (التصوير الفني) جانب كبير اعتمد عليه القرآن الكريم فيما ساق من وجوه الاستدلال في بيان أن ديكتاتورية الأولين من الشعوب الغابرة - لم يكن نصيبها إلا الانهيار، فهذا القصص البارع في معرض العظة والاعتبار بمن غبر من الأمم، وهذا الحوار التمثيلي الذي دار بين الحضر وموسى في سورة الكهف، والذي ساقه الله بين موسى وفرعون في سورة الشعراء؛ كل أولئك تصوير فني بارع معجز لأمراء البيان في جميع العصور الغابرة (ماضية أو آتية)؛ وإذن فهذا وجه آخر من وجوه إعجاز القرآن دون ريب، يضاف هذا الوجه الذي زاده الأستاذ سيد إلى وجوه الإعجاز الأخرى التي دونها العلماء - وهذا سداد في الرأي وتوفيق نهنئه عليه.
أنكر الأستاذ خلاف أن يكون التصوير الفني وجهاً غالباً من وجوه الإعجاز - واحتج لذلك بقوله لأنه (أي الربط بين التصوير وسر الإعجاز) يفسر إعجاز القرآن بأمور في مستوى الصنعة البشرية). فالتصوير الفني في نظر الأستاذ خلاف سبيل مألوفة للأدباء من البشر، وأسلوب من أساليبهم من الممكن أن يسلكوه وهنا كما يقول الأستاذ الخطر كل الخطر، ثم راح الأستاذ خلاف يؤيد إنكاره بكلمة للأستاذ العقاد رداً على الأديب الفذ المرحوم الرافعي قال (وإنما الأساس فيها المعجزة، والحكمة الأولى أنها تخرق النواميس المعروفة)
والأستاذ خلاف في هذا الإنكار مسرف، مجانب للحق والصواب - فليس ثمت خطورة كما يقول بل الأمر الذي أدرك منه خطورة، وهو كون التصوير الفني طريقاً مألوفة للبشر - والفصحاء العرب وأبنائهم أن يستخدموه في مستوى رفيع فيه الوحدة والتناظر) أقول هذا الأمر الذي خشيه هو الشرط الأساسي في الإعجاز - وذلك أن القرآن نفسه جاء من جنس كلام العرب. ومن لغتهم وعلى طرق من القول صرفها لهم، وطائفة من الأمثال ضربها فيهم، ومن المقطوع به البتة أنهم كانوا يعلمون هذه الطرائق التي سار فيها القرآن لغة ومعنى وأسلوباً وخيالا ولو من طريق الإجمال - أو قل على حد تعبير المناطقة إنهم كانوا يعلمون هذا بالقوة، ولكنهم لا يعلمون، هذا بالفعل، ولعل هذا ما جعل النظام يرى أن العرب أو الناس صرفوا عن الإتيان بمثله ومن هذا يبين ويضح أن القرآن في إعجازه البشر وتحديه سلك طرائق مألوفة معهودة لهم. وهذا ضروري حتى يكون التحدي، وحتى يكون الإعجاز، إذ لا معنى في أن أتحداك أو أعجزك في لغة أو شيء ما لا تعرفه، بل يجب أن يكون موضوع التحدي والإعجاز مألوفاً معروفاً لك حتى يتم معنى الإعجاز والتحدي؛ وإذن فلا ضير ولا خطر أن يكون التصوير الفني في مستوى الصنعة البشرية ثم هو بعد وجه من وجوه الإعجاز على هذا النحو المبتدع الذي نحاة القرآن - بل هو غاية في الإعجاز وحماداه.
أقول وإذا كان التحدي من طريق ممكنة معهودة للمخاطبين كان أدخل، وأمعن، وأبلغ في باب الإعجاز.
وإذا كانت المعجزة يجب أن تخرق النواميس الطبيعية، وأن تشذ عن السنن المطردة في حوادث الكون كما يذكر الأستاذ العقاد - فهذا المعنى موجود ملحوظ في الأمور التي يتحدى للأعجاز كهذا الذي نحن بسبيله - فالشذوذ هنا والخرق لناموس الطبيعة أنهم عجزوا من حيث لا ينبغي أن يعجزوا.
2 - يرى القارئ الفاضل مما تقدم أنني انتصرت للأستاذ قطب - وأعود الآن فأنتصر للأستاذ خلاف في البيان الذي سلكه في الآيات الكريمة: (أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون. . . الخ آيات سورة الأنبياء التي جاءت في هذا المعرض فإن الأستاذ الفاضل نهج في تحليلها نهجاً لم يسبقه إليه أحد من المفسرين. ذلك أنه حلل الآيات إلى مقاطع وجمل محدودة - كل مقطع فيه استدلال خاص - قد استوفت فيه الآيات أنواع الاستدلالات المنطقية والوجدانية - ولم تترك مؤثراً يؤثر في الفعل والعاطفة إلا تناولته، لو كان هؤلاء يعقلون. ومن الإسراف والشطط ألا يقر الأستاذ قطب هذا التفسير العلمي الحديث، فما لا ريب فيه أن القرآن سلك في طرائق الاستدلال صوراً من المنطق فطرية سهلة تتناسب والعقلية العربية يومئذ.
(الإسكندرية)
أحمد الامبابي
مدرس بالليسيه فرانسيه
اليهود والعرب:
تطالعنا الصحف كل يوم بما يقوم به اليهود من أعمال العنف لجعل فلسطين وطناً قومياً لهم، وقد وصلوا في ذلك إلى حد لا يقره تاريخهم الذليل، ولعل من أعجب ما قرأت في هذا الشأن ما نشرته بعض الصحف من أن عدداً كبيراً من اليهود اجتمعوا في جنوب إيطاليا، وهم مصممون على دخول فلسطين
وقد لفتت هذه الجملة الأخيرة نظري، ورجعت بفكري إلى عهد بعيد يوم ضاعت جهود النبي الكريم موسى بن عراد سدى في حمل بني إسرائيل على دخول الأرض المقدسة
ذكرت ما قصه علينا القرآن الكريم في هذا الشأن، وما سجله عليهم من الخزي والضعف والجبن، وكيف أنهم خافوا من سكانها الجبابرة وقطعوا على أنفسهم عهداً مؤكداً أنهم لن يدخلوها ما داموا فيها: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم، إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين، يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين. قالوا: يا موسى، إن فيها قوماً جبارين، وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فإن يخرجوا منها، فإنا داخلون. قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما: ادخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه فإنكم غالبون، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين؛ قالوا: يا موسى، إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ههنا قاعدون). وكتب الله عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله
ثم ذكرت مواقف البطولة التي وقفها أجدادنا العرب مع النبي محمد ﷺ، فآزروه ونصروه وما وهنوا في موقف من المواقف وما ضعفوا وما استكانوا، وكيف أنهم وهبوا لدعوته أنفسهم فكانوا يقولون له: والله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك؛ ولا نقول لك كما قال بنوا إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ههنا قاعدون. ولكننا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا، إننا معكما مقاتلون!
ذكرت هذا وذكرت ذاك، فأيقنت أن الفوز للعرب، وأن اليهود سيجبنون كما جبن آباؤهم من قبل، فإن دماء الآباء لا تزال تجري في عروق الأبناء. . .!
علي محمد حسن
مدرس بالمعهد الأزهري
حول شعر حافظ الضائع
قرأت بالعدد الماضي كلمة للأديب عبد القادر محمود عن شعر حافظ الضائع، التي أثبتها في الرسالة صوناً لها من الضياع، ولكن هذه الأبيات السبعة، نشرها الأستاذ حسين المهدي الغنام ضمن مقالات له عن حافظ إبراهيم، في جريدة كوكب الشرق، وهذه الأبيات بالذات نشرت في أحد أعداد شهر يونيو سنة 1933، مع قصيدة أخرى طويلة من نفس البحر والروى.
والقصيدة الثانية، والأبيات السبعة التي ذكرها الأديب عبد القادر، موجودتان كذلك في كتاب الأستاذ الغنام عن حافظ إبراهيم في الصفحات 55 - 57. وهذا الكتاب صدر بالإسكندرية سنة 1935.
فهذه الأبيات وإن لم تجمع في ديوان حافظ، لم تضع. وقد نشر الأستاذ حسين غنام في كتابه كثيراً من شعر حافظ لا تجده في جزئي ديوانه.
عوض الله فوزي اسكندر
من السيدة وداد سكاكيني إلى الأستاذ وديع فلسطين:
حضرة الأديب الفاضل:
بعد التحية. تلقيت (مسرحيتك) القيمة بسرور وإعجاب، وقرأتها متملية بدقة تعبيرك وبراعة ترجمتك، وقلت: هذا أول قطرك فكيف بغيثك؟ أرجو أن يكون لك في دنيا الأدب منزلة تليق بنبوغك، فإن فتى بيني أدبه كما تبني خليق بالمجد والإكبار.
وتقبل تهنئتي الخالصة بباكورة آثارك مقرونة بتحيتي وشكري وإعجابي.
المخلصة
وداد سكاكيني
تصويب:
إني برغم جزعي من (التطبيع). ورجائي كلما بعثت بمقالة مقابلتها على الأصل، حتى كاد ذلك الرجاء يكون روسماً (كليشيه) دائما، فقد وقع في مقالتي (الموسيقي العاشق) في العدد (639) من الرسالة، هنات، هذا تصويبها، وإن تكن هينات:
ص ع س خطأ صواب
57 1 2 2 رحبته رحبة
58 1 1 5 تعلم تعليم
1 19 أهدابها - لونها أهدابهما - لونهما
59 1 1 12 لا أحب الذكرى لا أحب أن أهيج الذكرى
2 1 غبتّ غبتُ
أما الذين ذهبوا يسألون عن (ش) بك هذا، ويفتشون عن داره. . . هل حسبوني أكتب تاريخاً؟ إنما هي قصة. . .
علي الطنطاوي