مجلة الرسالة/العدد 625/نموذج من الشعر المرسل الحر!
→ الجمال الفني والعقيدة الدينية في القرآن الكريم | مجلة الرسالة - العدد 625 نموذج من الشعر المرسل الحر! [[مؤلف:|]] |
السودان يعزي الشام ← |
بتاريخ: 25 - 06 - 1945 |
للأستاذ على أحمد باكثير
عجباً كيف لم تعصفْ بالدُّنَى زلزلهْ؟
كيف لم تهو فوق الورى شُهُب مُرسلهْ؟
يا لها مهزلة!
يا لها سوَءةً مُخجلة!
مثلت دورها أمة تدعى ضلة أنها من كبار الدول
سلمت للمغيرين أوطانها لتوارى في سوريا وفي لبنان الخجل!
أمة ولت من وجه العدو فرارا
من ضرته الأولى انهارت ككثيب الرمل انهيارا!
خاست بمواثيق أحلافها الباسلين
الذين توافوا إلى أرضها منجدين
ثم خرت ساجدة تحت أقدام أعدائها المعتدين
نشرت صحف الدنيا يوماً هذا النبأ التالي:
احتلت جنود فرنسا البواسل (سردينيا)
قالت الدُنيا: يا بطولتها! يا شجاعتها!
رجعت لفرنسا حميها وتقاليدها العسكرية
فإذا صوت قد علا لا يسمعهُ إلا المنصفون:
يا أيتها الدنيا هل تدرين أنك مخدوعة؟
اسألي قبل أن تُجبي: من هم هؤلاء الجنود البواسل؟
أي شعب أنجبهم؟
إن لم تعلمي فاعلمي أنهم ليسو من فرنسا!
إنهم من أبناء (المغرب) الأكرمين
إنهم من نسل العُرب الميامين!
وروت صُحف الدنيا يوماً هذا النبأ التالي: أبلت في (بئر حكيم) جنود فرنسا بلاء كبيرا
صدت (النازي) فارتد كسيراً حسيرا
قالت الدُنيا: يا بطولتها! يا شجاعتهم!
عادت لفرنسا حميتها وتقاليدها العسكرية
فعلا صوت لا يسمعهُ إلا المنصفون:
يا أيتها الدُنيا هل تدرين أنك مخدوعة؟
اسألي قبل أن تُعجبي من هم هؤلاء الجنود البواسل؟
أي شعب أنجبهم؟
إن لم تعلمي فأعلمي أنهم ليسو من فرنسا!
إنهم من أبناء (الشام) الأكرمين
إنهم من نسل العُرْب الميامين!
يا فرنسا يا مهد الثورة الكبرى!
يا ناشرة الحرية في الدنيا!
يا من ركعت تحت أقدام المعتدين
وتخلت لأعدائها عن أحلافها الباسلين
وتخرج أبناؤها إشفاقاً على باريس عروس السين
فرأوا أن يرفوها غير ممسوسة لغزاتهم الفاتحين؟
ما نفع الكرامة في الدنيا إن زالت تلك الفنون الغرائب؟
إنهم ليسو بالغلاظ طباعاً كأبناء عاصمة الإنجليز
الذين استماتوا عنها دفاعاً فأضحت أطلالاً وخرائب!
يا فرنسا يا مهد الثورة الكبرى!
يا ناشرة الحرية في الدنيا!
أي حق على قومنا تدعين؟
وبأي جميل علينا تمنين؟
أبما راج في سوقنا من لسان به ترطنين؟ وثقافة سؤ أذلتك في العالمين!
فأذهبي وتوليْ بها عنا!
قد تبرأنا منها فلتُعِلن براءتها منا!
إنا لا نقبل من أحد عدواناً ومَنَّا!
اذهبي عنا بثقافتك الخانعة!
إن في الدنيا غيرها لثقافات حُرة واسعة!
ويلها! أأرادت فرض ثقافتها بالسلاح؟
فلنحطم ثقافتها والسلاح معاً!
ويلها! أأرادت فرض مصالحها بالسلاح
فلنحطم مصالحها والسلاح معا!
يا لسخرية الأيام!
أتهددنا دولة في عهد السلام
بالسلاح الذي لم نقاتل به الأعداء
بل ألقت به في الثرى ساعة الهيجاء
لتصول به وتجول على من أحس لها بالرثاء
وأباح لها في محنتها من معونته ما تشاء؟!
فاشهدي يا أيتها الدنيا هذه الدولة الباغية!
ليت شعري أقاتلت الدنيا طاغية
ليقوم على إثره طاغية؟
اشهدوا يا من وقعوا ميثاق النور على بحر الظلمات
أننا قد وفينا بالميثاق
إذ قمنا نصون كرامتنا ونصون السلام
لسنا من ينقضون العهود!
أو من يؤثرون على حريتهم شيئاً في الوجود!
لن نسلم (باريسنا) للعدو لنحفظها من أذاه! بل ندمر (لندنننا) باسلين ليبقى لنا حقنا في الحياة!
فاسمعي أنت يا باريس!
واشهدي أنت يا لندن!