مجلة الرسالة/العدد 625/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
→ بقية حديث في فرنسا. . . | مجلة الرسالة - العدد 625 في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب [[مؤلف:|]] |
بحث في الصلاة ← |
بتاريخ: 25 - 06 - 1945 |
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي.
- 6 -
- ج 13 ص47:
ولما نشرتُ أفاويقَها ... طوى الناس ديباجة البحتريِّ
وجاء في الحاشية:
لعل الأفاويق جمع فواق، من فاق بنفسه فواقاً: إذا كانت على الخروج أو مات وهذا يناسبها نشرت، وكنت على وشك أن أجعلها أقاويلها جمع أقوال وتكون نشرت بمعنى أبرزت غير أني أبقيتها ونبهت على ما كنت أريده ليكون للقارئ الخيار.
قلت: أفاويفها. . . في المخصص: الفَوف الثوب الرقيق، وفي اللسان والتاج: الأفواف ضَرْب من عَصْب البرود، وفي الأساس: شعر كأنه أفواف. وحلة أفواف وبرد مفوّف، أصله من الفوف وهو نقط بياض في أظفار. الأحداث الواحدة فوفة. وقال أبو القاسم في مقدمة مقاماته: ولم يأتل فيما يعود على مقتبسيها بجليل النفع وعظيم الجدوى في بابي العلم والتقوى من انتقاء ألفاظها وإحكام أسجاعها وتفويف نسجها وإبداع نظمها. وقال صاحبها الزمخشري في الشرح: التفويف التوشيه وبرد مفوف فيه خطوط بيض، قال ابن دريد: المفوف الموشى فيه رقة، ويقال للوشى أفوف قال:
قد كذبتم ما لباسكم ... جيد الأفواف والحبره
بل لباس القين بزكم ... ولباس القين مشهره
وروى يا قوت في كتابة لأبي حيان من (مثالب الوزيرين): ثم ما ذنبي إذا قال لي (يعني الصاحب (: من أين لك هذا الكلام المفوف المشوف الذي تكتب به إلىَّ في الوقت بعد الوقت؟ فقلت: وكيف لا يكون كما وصف مولانا وأنا أقطف ثمار رسائله. . . وارد ساحل بحره. . . فيقول: كذبت وفجرت لا أم لك! ومن أين في كلامي الكدية. . . والتضرع والاسترحام؟ كلامي في السماء. . .
ولأبي هلال العسكري في مقطوعة:
وعلى الربا حلل وشاهن الحيا ... فمسهم ومزخرف ومفو وروي أبن حجة في (خزانته) لابن قاضي ميلة:
بعيشي، ألم أخبركما أنه فتى ... على لفظة برد الكلام المفوف؟
و (التفويف) من أنواع (البديع). . .
وبيت (الأفاويف) ختام قصيدة لعلي بن الحسن الباخَرزي صاحب (دمية القصر) في أبي القاسم على بن موسى نقيب الطالبيين بمرو، وقد جمع أفوافاً على أفاويف.
- ج 16 ص 196:
وقنّعني الزمات فلستُ آسٍ ... على فوت الثراء وأنت عندي
وجاء في الشرح: آس: حزين، وأصله آسيا لأنه خبر ليس، لكنه جره على توهم الباء لكثرة مجيئها في الخبر.
قلت: فلست آسى.
أسِىَ يأسَى أسىً فهو آس وأسيان وأسوان كما في اللسان. وفي حديث أبي بن كعب: والله ما عليهم آسى ولكن آسى على من أضلوا كما في النهاية.
- ج 15 ص 98:
ومن شعر أبي تراب (على بن نصر الكاتب):
حالي بحمد الله حال جيِّدَهْ ... لكنه منَ كل خبر عاطل
قلت: (حالي بحمد الله حال جيد) والحال يذكر وإن كان التأنيث أكثر.
- ج 8 ص 21: ورفع مناور العلم.
وجاء في الشرح: وجمعها (أي منارة) مناور لا تقلب الواو همزة لأنها أصيلة، والقلب إذا كانت زائدة، وكانت في الأصل (منائر).
قلت: الأصل صحيح. والقاعدة في هذا الجمع معلومة، وشذت منائر ومصائب. وقد ورد الجمعان في كلامهم ومعجماتهم. وكان ابن جني يقول: همزة مصائب من المصائب. . .
- ج 15 ص 91: كتب عبد الله بن المعتز إلى علي بن مهدي:
يا باخلاً بكتابه ورسوله ... أأردت تجعل في الفراق فراقاً
إن العهود تموت إن لم تحيها ... والنأي يحدث لفتى إخلاقا
فكتب إليه على بن مهدي: لا والذي أنت أسنى من أمجّده ... عندي وأوفاهم عهداً وميثاقاً
ما حلت عن خير ما قد كنت تعهده ... ولا تبدلت بعد النأي أخلاقاً
قلت: (والنأي يحدث للفتى أخلاقاً) بفتح الهمزة جمع خلق، وهو ما أراده ابن المعتز.
- ج 16 ص262: وكان (الحريري) غاية في الذكاء والفطنة والفصاحة والبلاغة وله تصانيف تشهد بفضله، وتقر بنبله، وكفاه شاهداً كتاب المقامات التي أبرّ بها على الأوائل، وأعجز الأواخر. وكان مع هذا الفضل قذراً في نفسه وصورته ولبسته وهيئته، قصراً ذميماً بخيلاً مبتلى بنتف لحيته.
قلت: دميماً لا ذميماً.
في الأساس: دممت ودممت دمامه، وهو دميم الخلق ذميم الخلق، وقد أدّمت فلانه وأذَّمت جاءت به كذلك.
وفي التاج: قال أبن الأعرابي: الديم بالدال في قده وبالذال في أخلاقه، وانشد:
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغضاً: إنه لدميم
إنما يعني به القبيح، ورواه ثعلب بالذال فرُد ذلك عليه.
قال الأنباري في (نزاهة الألباء): كان الحريري دميم الخلق، فيُحكي أن رجلاً قصده ليقرأ عليه، فاستدل على مسجده الذي يقرأ فيه، فلما أراد الدخول رأى شخصاً دميم الخلق، فاحتقره، وقال: لعله ليس هو، فرجع ثم قال في نفسه لعله يكون هذا، ثم استبعد أن يكون هو، والشيخ يلحظه، فلما تكرر ذلك منه، تفرس الشيخ منه ذلك، فلما كان في المرة الأخيرة قال له: أرحلْ، فأنا من تطلب؛ أكبر من قرد محنّك. . .
والقصة التي فيها البيتان الرائيان - وقد رواها ابن خلكان - مشهورة.
- ج 10 ص 190:
فأنت أمرؤ لو رمت نقل متالع ... ورضوى ذرتها من سلُطاك نواسف
قلت: (متالع) بضم الميم كما ضبط القاموس وغيره، وهو جبل في البادية في بلاد طئ. والبيت لأبي العلاء صاعد البغدادي في أبي عامر المنصور.
- ج 11 ص 80: توفي القاضي السجزي (الخليل بن أحمد ابن محمد) بسمرقند وهو قاض بها سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. وقال أبو بكر الخوارزمي يرثيه: ولما رأينا الناس حيرى لهِدّة ... بدت بأساس الدين بعد تأطد
أفضنا دموعاً بالدماء مشوبة ... وقلنا: لقد مات الخليل بن احمد!
قلت: بعد توطد، وتوطد الشيء تثبت، ولم ترد (تأطد) في كلام، ولما اضطر الوزن أبا تمام إلى أن يقول في بيت له (تأطدت) وهي (اتطدت) ضجّ اللغويون، ونقد الناقدون. وأبو بكر عن الهمز والخطأ في بيته في مندوحة.
- ج 16 ص 99: كتب الفتح بن خاقان إلى الجاحظ كتاباً يقول في فصل منه: إن أمير المؤمنين يَجِدُّ بك، ويهش عند ذكرك، ولولا عظمتك في نفسه لعلمك ومعرفتك لحال بينك وبين بعدك عن مجلسه، ولغصبك رأيك وتدبيرك فيما أنت مشغول به ومتوفر عليه، وقد كان ألقى إلى من هذا عنوانه، فزدتك في نفسه زيادة كف بها عن تجشيمك؛ فاعرف لي هذه الحال. . .
قلت. يَجِدُ بك من وجد يجد لا من يجد. ووجد به:
أحبه واغتبط به كما في النهاية. ولأبي العباس الزراري:
لي صديق قد صيغ من سوء عهد ... ورماني الزمان فيه بصد
كان وجدي به فصار عليه ... وظريف زوال وجد بوجد
وجدي به: حبي إياه، ووجدي عليه غضبي عليه. ولهذا الفعل مصادر ومعان كثيرة تذكرها المعجمات.
- ج 16 ص 163: وهذا كعب بن مالك الأنصاري عتب على امرأته فضربها حتى حال بنوها بينهما فقال:
لولا بنوها حولها لخبطتها ... إلى أن تُداني الموت غير مذمم
ولكنهم حالوا بمعنى دونها ... فلا تعدميهم بين ناه ومقسم
فمالت وفيها حائش من عبيطها ... كحاشية البرد اليماني المسهّم
وجاء في الشرح: الحائش: أصلا جماعة النخل، ولا واحد له.
(قلت): جائش - بالجيم - أي فائض، سائل.
و (قلت): أكرم من الشعر المتقدم شعر القائل:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم ... فشلت يميني حين اضرب زينا