مجلة الرسالة/العدد 601/مؤامرة تخيب
→ ثورة الإسلام | مجلة الرسالة - العدد 601 مؤامرة تخيب [[مؤلف:|]] |
العقل في القران والحديث ← |
بتاريخ: 08 - 01 - 1945 |
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
الأشخاص: أبو جهل. أبو سفيان. الشيطان. أمية بن خلف. جماعة من قريش
المكان: وتربص قرب دار النبي عليه السلام
الزمان: ليلة مظلمة من ليالي محرم. . .
أبو جهل:
هذا الفتى ضلَّ عن دُنيا أبوته ... وراح ينُشر في آبائه دِينا
إني لأخشى عليكم من تخُّبطه ... مسَّا ويحسبُه هدياً وتبيينا
قالوا أمين، فقلنا ما أمانته؟ ... ما كان حتى على الأصنام مأمونا
لا كان من هاشم فينا حكومُته ... إن صار هذا الفتى مستحكما فينا
أبو سفيان:
أيا بني هاشم لم تكف إمْرتكم ... ولا سدانتكم للبيت والغلبُ
حتى يجيء نبُّي بين أظُهركم ... دَعْوى ولكنها يا هاشمٌ كذب
رجل من بني أمية:
إن السدانة فيكم ... عَادتْ فَصارت نُبوهْ
بئس النُبوة ممن ... لم يَرْعَ حق الأبوة
أبو جهل:
لا كنتُ يوماً من بني مَخْزوم ... السائدينَ الناسَ بالُحلوم
والبالغين المجد في الصميمٍ ... إن لم يكن محمدٌ غريمي
الشيطان يهمس:
هذا مجالُ الدس والتفريق ... بين الصديق الُحر والصديقٍ
لا كنت من نارٍ ومن حريقِ ... إن لم أسِرْ فيهم على طريقي
ثم يجهر فيهم:
هذا الفتى يهَذي بكل وساوسٍ ... ويُذيعها ما بينكم قُرآنا
أن كان ربُّكم يخصُّ بفضله ... لمَ لمْ يخصَّ بفضله عدنانا؟ أبو سفيان:
دَعُوا عدنان والماضينَ فالميتُ لا يحيا
أمَا في البَّفر الأحيا ... ء من يَستقبلُ الوحْيا؟
أبو جهل مخاطباً أبا سفيان:
لعلك أولىْ به من فتىً ... أقامَ على الفَقر يَرْعَى الغنمْ!
الشيطان مقهقها:
ومن عجبٍ أنه مُدع ... بإعْدَادِه كيف يَرْعَى الأمم
أبو سفيان:
نحن لسنا في حاجة لرعايةْ ... ما لهذا الفَتَى يزيدُ غَواية
قد دعوناهُ للهداية لكن ... ليس في مثله تصحُّ الهدايةْ
إذا سئمتم من فتًى ... فأسْلموه للرَّدى!!
كيف يَبيتُ قائماً ... في حيكُم وما اهتدى؟
الشيطان:
إني أرى صحابةً ... من حوله وَعَددا
فإن تركتم أمره ال ... يومَ فقد يَعْلو غدا
ناشدتكم أصنامَكْم ... أن تُعْملوا فيه المدى
وأن تُريحوا العصر م ... نه والمدَى والأبدا. . .
أبو جهل:
ما كنتَ شيطان إلا ... رَجْعَ نفسي والصدى
لم تَعْدُ ما في الرغ ... بة وُقيتَ الهدى. . .!!
قصدتُ بالأمس الفتى ... وكان يغشي المسجدا
أردت فَضْخَ رأسِه ... بحجر. . . فما بدا. . .
أمية:
لعله قد سحر ال ... عينين منكَ واليَدا!
عجيبةٌ تُخْطئ كف ... اك الفتى محمدا وليس أقوى منك كف ... اً أو أشد عضدا
أبو جهل:
أنا في الضرب لا أخيب ولكن ... خانني ساعدي غَداة قصدتُه
عجباً فأنني بفَحل من النو ... ق ولو كان لَهْذَماً ما فُته
حجر في يدي تيبَّس لما ... كدتُ أهوى عليه حتى قذْفُتْه
إن يكن أمس قد تولى فهذِى ... لحظات الرَّدى وذلك وقْتُهْ
أبو سفيان:
فلنتربصْ للفتى ... وهو على وساَدِه
حيث الظلام في رُبي الح ... يَّ وفي وهاده
فلا يرانا أحد ... يا قوم من آحاده
فنستريحَ من تحد ... يه ومن جهاده
أمية:
الليل أرخى على الدنيا ذوائَبه ... وفيه للبطش أوطارٌ وآراب
لعل جبريلَ يحميه إذا هبطت ... عليه منا بجنح الليل أسرابُ!
هَبناً رأيناهُ في المحرابُ مستوياً ... فهل يكفُّ أذانا عنه محرابُ؟
أبو سفيان ينظر من ثقب إلى مخدع النبي:
أراه في البُردة الخضراء مضطجعاً ... وسوف نَصُبْغها بالدم حمراء
إذا الصباح تجلى عن تآمُرِنا ... فسوف يحمل أخباراً وأنباء!
أبو جهل:
أقضَّ هذا الفتى بالأمس مضَجْعَنا ... فليس نذْهَبُ فيه اليوم آراء
ألم يسخفْ لنا دُنيا مورثةً ... وأمةً ودياناتٍ وآباء. . .
إني لأعْجبُ من أحوال صاحبكم ... أجاء يهدمُنا أم جاء بَّناء!؟
قريشي لزميله:
انظر إلى رأسي تجدْ تُراباً!!
رميلة: أواهماً أراكَ أم مُرتاباً؟!
زميل آخر:
أرَى أمامَ نَاظري ضَبَابا ... يعقدُ دَون رُؤيتي حجابا!
زميل رابع:
ليس ضباباً ما أرى. . . وإنما ... كأنما أصيب لَحْظي بالعمى
فلا أرى المضيء إلا مُظلما. . .
أبو سفيان:
أواهمون كلكم؟ ... لعل جنا مسكم
ما الرأي يا أبا الحكم ... فأنتَ خيرُ محتكَمْ. . .
أبو جهل متطلعاً إلى مخدع النبي:
محمدُ لما يزل هاًهنا ... قرير الوسادة في مَضْجَعِه
ينام ولم يدر أن قُريشا ... تهيئ للبت في مصرعه. . .
واحد منهم يقول:
محمدُ قد فَّر من بيننا ... وما كانْ لحَظِيَ بالكاذبِ
محمدُ أفلت من كفنا ... فيا حسرة الأمل الذاهب!
آخر يقول:
وما كان في مَضْجع الهاربِ ... نزيلٌ سوى علي ابن أبي طالب. . .
محمد عبد الغني حسن