مجلة الرسالة/العدد 579/تحية المعري
→ السراب. . .! | مجلة الرسالة - العدد 579 تحية المعري [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 07 - 08 - 1944 |
(ألقيت في مهرجانه الألفي الذي أقيم في حيفا)
للآنسة فدوى عبد الفتاح طوقان
سلام عليك حبيس الظلام ... حليف العذاب، طريد القدرْ
على قلبك المبتلى بالشقاءِ ... على روحك المضطرب المستعرْ
سلام عليك سلام الندى ... إذا صافح الزهر غبَّ السحر
أمنطلقاً من قيود التراب ... على حين يرسف فيها البشر
ومتخذاً عزلة المحبسيْن ... صفياً يقيه أذاةً وشر
ويا من حييت بروح تأبى ... على ربقة الجسد المنتصر
أجزْ برزخاً قام ما بيننا ... وبينك وارفع كشيف السُّتُر
ومن عالم الغيب أشرف علينا ... وبينْ لنا كنهه المستتر
وقل كيف بتَّ وراء الزمان ... وهل طبت نفساً بذاك المقر
أما زلت تسعى وراء اليقين ... فينأى به عنك عقل عسر
ظللت مدى العمر في أسره ... وما قاد يوماً إلى مستقر
فكم حيرتك خبايا الغيوب ... وأورثك الشكُّ سودَ الفكر
لقد فلسفتك حياة ألحت ... عليك بآلامها - والغير
حياة تمرُّ على جانبيها ... فهذا يُسيُّء وهذا يَسُرّ
طوت عنك وجه بشاشاتها ... وأولتك وجهاً لها مكفهر
فأقفر قلبك وهو الخصيبُ ... وعاف الرَّفاة وعاف الأشَرْ
عذرتك، ما أنصفتك الحياة ... فكيف يطيب لديها العمر
وكيف يروق، ولا نفسَ تهفو ... فتحنو عليك بقلب أبرْ
ويا باعث النور يهدي البصائر ... ما ذاق نعمةَ نور البصر
تملَّ من السرمديَّ البقاءِ ... ضياَء الأُلوهية المنتشر
ضياء يفيض الرضى والأمان ... على من يحط رحال السفر
هنالك لا محنة تبتليك ... ولا أنت تشقى بخط عث ويا سيرة تملأ الخافقيْن ... فتعنو لديها كبار السير
حياة الفتى حلم ينقضي ... وما العمر إلا خلود الأثر
(نابلس)
فدوى عبد الفتاح طوقان