مجلة الرسالة/العدد 494/خزانة الرؤوس
→ من القصص الإسلامي | مجلة الرسالة - العدد 494 خزانة الرؤوس [[مؤلف:|]] |
المصريون المحدثون ← |
بتاريخ: 21 - 12 - 1942 |
5 - خزانة الرؤوس
في دار الخلافة العباسية ببغداد
للأستاذ ميخائيل عواد
(ج) رأس صالح بن مدرك، رأس جمبش بن ذبال، رأس غلام
لصالح بن مدرك
لا تخلوا أخبار الحاج في كل سنة من أحداث خطيرة تلم بهم يتعمدها قطاع الطرق والفساق ومن خرج على الدولة يومذاك؛ فتسلب أموالهم، ويقتل اكثرهم، ويتيه بعضهم في بطن الصحراء فيهلك من العطش والجوع والحر. ولا يسلم منهم إلا نفر قليل
فمن تلك الأحداث ما وقع في سنة 286هـ، والخليفة يومذاك المعتضد. ذكر المسعودي أن في هذه السنة (ظفر أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي بصالح بن مدرك الطائي بناحية فيد مكراً في ذهابهم إلى مكة، وقد كانت الأعراب جمعت لأبي الأغر ليستنقذوا صالحاً من يديه، فواقعهم فقتل رئيسهم جحيش ابن ذيال وجماعة معه واخذ رأسه، فلما علم صالح بن مدرك بقتل جحيش بن ذيال يئس من الخلاص من يد أبي الأغر؛ فلما نزل المنزل المعروف بمنزل القرشي أتاهم غلام بطعام فاستلب منه سكيناً وقتل نفسه، فاخذ أبو الأغر رأسه وأظهره بالمدينة فتباشر الحاج. وكان لأبي الأغر في رجوعه وقعة عظيمة اجتمع هو وتحرير وغيرهما من أمراء قوافل الحاج من الأعراب؛ وكانت الأعراب قد اجتمعت وتحشدت من طي وأحلافها، فكانت رجالتها نحواً من ثلاثة آلاف راجل، والخيل نحو من ذلك، فكانت الحرب بينهم ثلاثاً وذلك بين معدن القرشي والحاجر، ثم انهزمت الأعراب وسلم الناس. وكان ممن تولى بابي الأغر الحيلة على صالح بن مدرك سعيد بن عبد الأعلى، ودخل أبو الأغر مدينة السلام وقدامه رأس صالح وجحيش، ورأس غلام لصالح اسود، وأربعة أسارى وهم بنو عم صالح بن مدرك. فخلع السلطان في ذلك اليوم علي أبي الأغر وطوقه بطوق من ذهب، ونصبت الرؤوس على الجسر من الجانب الغربي، وادخل الاسارى المطبق)
(د) رأس ابن الرضا: وابن الرضا هذا، هو محسن بن جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد، ظهر (في أعمال دمشق في سنة ثلاثمائة، وكانت له مع أبي العباس أحمد بن كيغلغ وقعة، فقتل صبراً، وقيل قتل في المعركة وحمل رأسه إلى مدينة السلام، فنصب على الجسر الجديد بالجانب الغربي)
5 - تعليق الرؤوس بازاء دار الخلافة العباسية ببغداد:
(ا) رأس بزبه
روى خبره ابن الجوزي في حوادث سنة 542هـ قائلا: (. . . وورد الخبر أن بزبه راسل سحنة اصبهان فاستماله ورحل إليها ومعه محمد شاه. وكان السلطان مسعود مقيماً بهمذان وعساكره قليلة؛ فأرسل إلى عساكر اذربيجان فتأخروا عنه، فسار بزبه من اصبهان سيراً يمهل فيه، فلما قاربها وصلت عساكر أذربيجان إلى السلطان، وكان بزبه قد جاء جريدة في خمسة آلاف فارس، فضرب على عسكر السلطان فكسر الميمنة والميسرة، وكان مسعود قد تأخر عن المصاف في ألف فارس، وكان عسكره عشرة آلاف، فاشتغل عسكر بزبه بالنهب والقتل، فجاء مسعود فحمل عليهم، فالتقى هو وبزبه، فكبت الفرس ببزبه فوقع، فجيء به إلى مسعود فقطع نصفين، وجيء برأسه فعلق بازاء دار الخلافة. . .)
6 - تعليق الرؤوس فوق باب النوبي
(ا) رأس ابن سنكا:
من الأخبار الواردة إلى بغداد في شعبان من سنة 569هـ: (أن ابن أخي شملة التركماني ويعرف بابي سنكا قد استحدث قلعة في ولاية باذرايا بقرب من قلعة الماهكي، ليتخذها ذريعة إلى الإغارة على البلاد، ونقل إليها الميرة؛ فبعث السلطان إليه الجيوش فالتقوا، فحمل بنفسه عليهم، فطحن الميمنة، فتقدم قيماز العميدي إلى الأمراء فحثهم على خوض الماء، وكان قد فتح البثوق يحتج بها، فخاض قيماز ومعه جماعة فغرقوا ثم اقتتلوا، واسر ابن سنكا، ثم قتل وجيء برأسه فعلق بباب النوبة (كذا والصواب: النوبي). . .)
(ب) رأس طغرلبك السلجوقي هو السلطان طغرلبك شاه بن أرسلان شاه بن طغر شاه ابن محمد بن ملكشاه بن ألب ارسلان بن داود بن ميكائيل ابن سلجوق السلجوقي آخر ملوك السلجوقية بالعراق كان سفاكاً للدماء وقد هابته الملوك. قتل وزيره رضي الدين الغزنوي وفخر الدين العلوي رئيس همذان. وكان مصرعه في سنة 590هـ قال ابن كثير في حوادث هذه السنة: (وفيها ملك السلطان خوارزم شاه تكش - ويقال له ابن الاصباعي - بلاد الري وغيرها؛ واصطلح مع السلطان طغرلبك السلجوقي، وكان قد تسلم بلاد الري وسائر مملكة أخيه سلطان شاه وخزائنه، وعظم شانه. ثم التقى هو والسلطان طغرلبك في شهر ربيع الأول من هذه السنة، فقتل السلطان طغرلبك، وارسل رأسه إلى الخليفة فعلق على باب النوبة (كذا والصواب: النوبي) عدة أيام. . .)
7 - نصب الرؤوس على باب العامة
(ا) رأس هرون بن غريب الخال، رؤوس جماعة من قواده
وهرون هذا هو ابن خال المقتدر بالله. كان ذا شان كبير في أيام المقتدر والقاهر، ولما بلغه خلع القاهر وتقليد الراضي الخلافة؛ وكان يقيم بالدينور - وهي قصبة أعمال ماه الكوفة - متقلداً أعمال المعاون بها، وبمسبذان ومهرجا نقذق وحلوان؛ رأى أنه أحق بالدولة من غيره لقرابته من الراضي، فغلظ ذلك على ابن مقلة الوزير، وعلى محمد بن ياقوت صاحب الشرطة، وعلى الحجرية والساجية والمؤنسية، فسار إلى بغداد حتى وافى خانقين فخاطبوا بأجمعهم الراضي؛ فقال: أنا كاره له فامنعوه من دخول الحضرة وحاربوه إن أحوج إلى ذلك
وهكذا اشتعلت الحرب بين هؤلاء، وبين هرون وأصحابه حتى كان فيها هلاكه. قال مسكويه في رواية مقتله: (ولم تزل الحرب غليظة إلى أن قارب انتصاف النهار، وركب هرون بن غريب مبادران وسار متفرداً عن أصحابه على شاطئ نهر بين يريد قنطرته لما بلغه أن ابن ياقوت قد عبر القنطرة، وقدر أنه يقتله أو يأسره، فتقطر به فرسه فسقط منه في ساقية، فلحقه يمن غلامه فضربه حتى أثخنه بالطبرزينات، ثم سل سيقه ليذبحه فقال له هرون: يا عبد السوء أنت تفعل هذا وتتولى بيدك قتلي أي شيء أذنبت به إليك؟ فقال له: نعم أنا افعل بك هذا وحز رأسه ورفعه وكبر فتبدد رجال هرون. . . وسار محمد بن ياقوت إلى موضع جثة هرون فأمر بحملها إلى مضربه فحملت وأمر بتكفينه ودفنه. ودخل بغداد وبين يديه رأس هرون وعدة من قواده فأمر الراضي بنصب الرؤوس على باب العامة)
8 - نصب الرؤوس على أسوار السجون ببغداد
(ا) رأس أبى يزيد خالد بن محمد الشعراني
ذكر قصته الطريفة عريب بن سعد القرطبي في مدار كلامه على أخبار بني العباس في سنة 304هـ، فقال: (وفي المحرم من هذه السنة ورد كتاب صاحب البريد بكرمان يذكر أن خالد بن محمد الشعراني المعروف بابي يزيد؛ وكان علي بن عيسى الوزير ولاه الخراج بكرمان وسجستان، خالف علي السلطان، ودعي أميراً وجمع الناس إلى نفسه. . . فكتب المقتدر إلى بدر الحمامي في إنفاذ جيش إليه ومعاجلته، فوجه إليه بدر قائداً من قواده يعرف بدرك، وكتب بدر قبل إنفاذ الجيش إلى أبى يزيد الشعراني يرغبه في الطاعة، ويتضمن له العافية مع الإنهاض في المنزلة وخوفه وبال المعصية فجاوبه أبو يزيد: والله ما اخافك، لاني فتحت المصحف فبدر إلي منه قول الله عز وجل (لا تخاف دركا ولا تخشى) ومع ذلك ففي طالعي كوكب بياني لابد أن يبلغني غاية ما أريد. فانفذ بدر الجيش إليه، وحوصر حتى اخذ أسيراً فقيلت فيه أشعار منها:
يَابَا يَزيد قاتل البُهتان ... لا تَغترر بالكوكب البَيْباني
واعلم بأن القتل غاية جاهلٍ ... باع الهدى بالغي والعصيانِ
قد كنت بالسلطان عَالي رتبةٍ ... من ذا الذي أغراك بالسلطانِ
ثم آتى الخبر بأن أبا يزيد هذا مات في طريقه، فحمل رأسه إلى مدينة السلام، ونصب على سور السجن الجديد)
(ب) رؤوس ثلاثة رجال من أصحاب الحلاج:
بعد مقتل الحلاج تفرق أصحابه أيدي سبا: فمنهم من ذهب إلى خراسان، ومنهم من بقي في العراق متوارياً عن الأنظار، بينا رجال الشرطة وأصحاب الأخبار لا يألون جهداً في البحث عنهم. فمن أخبارهم في سنة 312هـ أن نازوك، وكان يومذاك صاحب الشرطة (جلس في مجلس الشرطة ببغداد، فاحضر له ثلاثة نفر من أصحاب الحلاج، وهم حيدرة والشعراني، وابن منصور. فطالبهم بالرجوع عن مذهب الحلاج فأبوا؛ فضرب أعناقهم ثم صلبهم في الجانب الشرقي من بغداد، ووضع رؤوسهم على سور السجن في الجانب الغربي
(يتبع)
ميخائيل عواد