الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 474/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 474/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 474
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 03 - 08 - 1942


توثيق العلاقات الثقافية بين مصر والعراق

أقر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة مشروع وزارة المعارف بتأليف مكتب لتوثيق العلاقات الثقافية بين مصر والعراق. وفيما يلي مذكرة معالي الأستاذ الوزير ننشرها لقيمتها التاريخية

(بتاريخ 30 أكتوبر سنة 1941 عرض وزير المعارف السابق على مجلس الوزراء فكرة الدعوة إلى عقد مؤتمر تعليمي للبلاد العربية؛ وقرر مجلس الوزراء تأجيل البت في هذا الأمر إلى أن تقدم إليه وزارة المعارف الموضوعات التي سيتناولها المؤتمر ومبلغ ما يحتاج إليه عقده من اعتمادات

وقدمت وزارة المعارف بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1941 بياناً إلى مجلس الوزراء بما طلب من الموضوعات التي سيتناولها المؤتمر ومبلغ الاعتماد الذي سيحتاج إليه، فوافق مجلس الوزراء على عقد هذا المؤتمر في الخريف المقبل

ولما تألفت الوزارة القائمة، أعيد درس هذا الموضوع، وتبين أن وزارة المعارف لم تستشر لجنة المؤتمرات ولا وزارة الخارجية في عقد هذا المؤتمر؛ وقد انتهزت وزارة المعارف فرصة وجود مندوبين من وزارة المعارف العراقية في القاهرة في الشتاء الماضي لحضور مؤتمر تدريس العلوم، وهما الدكتور فاضل جمالي مدير التعليم العام بالعراق، والدكتور متي عقراوي مدير دار المعلمين العليا ببغداد، فتحدثت إليهما في موضوع عقد المؤتمر، وفي موضوع أهم منه، وهو تنظيم التعاون الثقافي بين مصر والعراق.

وانتهت هذه المحادثات الأولية إلى ضرورة إنشاء مكتب مشترك بين وزارة المعارف المصرية ووزارة المعارف العراقية، لتنظيم شئون التعاون الثقافي بين البلدين والإشراف عليها

واقترح أن يؤلف هذا المكتب من ممثلين لوزارتي المعارف في مصر وفي العراق، وأن يكون للبلاد العربية الحق في أن تشترك فيه إن أرادت، وأن يعقد المكتب اجتماعات دورية منظمة في كل عام لتبادل الرأي في الأغراض الثقافية والتعليمية التي تحدد؛ على أن يكون من بين المسائل التي يدرسها ويرفع من شأنها اقتراحاته إلى الحكومتين المصرية والعراقية الموضوعات الآتيان:

(أ) وضع الأسس لمعاهدة ثقافية بين مصر والعراق، على أن يكون لغيرهما من البلاد العربية الانضمام إليها

(ب) الدعوة إلى مؤتمرات ثقافية تمثل فيها البلاد العربية.

وفي الواقع أن بين مصر والعراق تعاوناً مستمراً. فالحكومة العراقية تطلب إلينا الأستاذة والمعلمين في كل عام، كما تطلب إلينا معونات أخرى تتصل بالكتب والأدوات الدراسية

ونحن نفعل ما نستطيع لإجابة الحكومة العراقية إلى ما تريد في حدود ظروفنا الخاصة. ولكن هذه الأمور تجري على غير نظام ثابت واضح، وتعمل فيها المصادفات أكثر من أي شيء آخر؛ والوسيلة العملية لتنظيم الصلات الثقافية القائمة بين البلدين وتوثيقها هي إنشاء هذا المكتب الدائم الذي يتولى هذه الشئون.

مشاكل التموين في الزمن القديم

تستفحل مشاكل التموين في أوقات الأزمات والحروب، حتى ليستعصي حلها على كثير من الدول ما لم تصطنع لها من وسائل الدقة وحسن التنظيم وكفاية التوزيع ما يستغرق أكبر مجهود ويقتضي أوفر عناية.

وقد يخيل إلى بعضنا أن توزيع المؤن والأقوات على مقتضى البطاقات وشبهها، من الأنظمة التي توصل إليها الغربيون قبلنا فنقلناها عنهم. ولكن الواقع يثبت غير ذلك؛ إذ قد عرفت حكومة الشرق الإسلامية هذه الوسائل منذ عهد بعيد؛ وقد التُجئ إليها حين أشتد القحط وشحت الأقوات في بلاد الهند، وقت زيارة الرحالة ابن بطوطة لهذه الأصقاع في النصف الأول من القرن الرابع عشر الميلادي، على عهد السلطان أبي المجاهد محمد شاه صاحب دلهي وابن السلطان غياث الدين تُغْلُق شاه. . .

وقد ذكر ابن بطوطة أن ثمن المنَّ من القمح بلغ حينئذ ستة دنانير - والمن وزن يبلغ رطلين - فأمر السلطان بإعطاء جميع أهل دلهي نفقة ستة أشهر من المخازن؛ قال: (فكانت القضاء والكتاب والأمراء يطوفون بالأزقة والحارات، ويكتبون الناس ويعطون كل أحد نفقة ستة أشهر، بحساب رطل ونصف من أرطال المغرب في اليوم لكل واحد. . .) وقد كان الرطل المغربي يعادل رطلاً وربعاً من الوزن المصري ثم لما اشتدت الضائقة وبلغت المجاعة من الناس، وزع السلطان مساكين بلده على الأمراء والقضاة ليتولوا إطعامهم. قال ابن بطوطة - وكان يتولى قضاء دلهي: (فكان عندي منهم خمسمائة نفس. فعمَّرت لهم سقائف في داري وأسكنتهم بها، وكنت أعطيهم نفقة خمسة أيام فخمسة أيام)

ولعل أشبه شيء بالمطاعم الشعبية عندنا اليوم، وأقومه بمثل خدمتها، ما أشار إليه الرحالة ابن بطوطة بقوله: (وكنت في تلك المدة أطعم الناس الطعام الذي أصنعه بمقبرة السلطان قطب الدين على ما يُذكر، فكان الناس ينتعشون بذلك والله تعالى ينفع بالقصد فيه. . .)

وقد كان السلطان أوقف ثلاثين قرية على الإطعام فوق هذه المقبرة، وجعل تدبيرها بيد ابن بطوطة على أن يكون له العُشر من فائدتها كما هو المتبع عندهم

(جرجا)

محمود عزت عرفة

عادة وعوائد

قرأت الجملة الآتية من مقال الدكتور زكي مبارك بالعدد 472 من (الرسالة):

(يغتني (أي المطران) من العوائد وهي جمع عادة كما تجمع حاجة على حوائج، ولك أن تجعل مفردها عائدة إن تناسيت العرف وهو من أهم الأسندة اللغوية. . .) اهـ

هذه عبارتك الصرفية يا سيدي الدكتور ليس فيها ما يدنيها من مقال (الحديث ذو شجون) من قريب أو بعيد إلا أن أردت أن تجمع إلى ما تقدمه لإخواننا الأقباط الأكرمين من ضوء رأيك في انتخاب المطران ما يغير نوع الحديث تنبيهاً للفكر كما تقدم بعض أصناف الطعام تنبيهاً للمعدة، أو أن نجمع إلى ما تسوقه للأمة من تحقيق مسألة تاريخية طرفة صرفية يأبى إعظامك للغة وتكريمك أهلها إلا أن تتحفهم بها. غير أنه استبهم عليك الجمع وما قسته به وما حكمت على العرف لأنه من أهم الأسندة اللغوية. واستبهم عليَّ كل ذلك لأني أقرب منك عهداً بتعلم لغة العرب ولأقل تنقيباً في كتبها؛ فما وصل إليه معلومي أن كلمة (عادة) لا تجمع على عوائد، وأن صيغة فواعل ينحصر اطرادها في ثمانية أنواع أو سبعة على الخلاف ليس منها ما أوردته وقد اختلف في نوع من أنواعها (فاعِل) بكسر العين وصفاً للمذكر غير العاقل، فقيل بشذوذه وقيل بغلطه وقيل بصحته، وما عدا ذلك شاذ إجماعاً؛ وقد حصروا الشاذ فلم يكن منه عوائد جمعاً لعادة، فهو منكور قياساً، ولم يسمع شذوذاً حتى جنبت ذكره المعاجم. وقد استساغ ابن منظور أن يورد في بحره الزاخر (لسان العرب) بعد ما ذكر ما ورد من جموعها كلمة عيد جمعاً لعادة، ونسبها إلى صاحبها تأكيداً لاستضعافها وعدم رضايته عنها؛ ولم يذكر عوائد جمعاً لعادة، وإن أورد الشرتوني في معجمه (اقرب الموارد) بعد أن أورد ما سمع من جموعها: العوائد جمعاً لعادة. غير أنه أردفه بقوله وكأنه جمع عائدة. ثم التبس عليَّ قياسك عوائد على حوائج، لأنه قياس ينبو عما قرأنا في كتب أصول النحو، ولم اسمع من أمثال سيدي الدكتور - حفظه الله - من جعل الشاذ مقيساً عليه لمخالفته الإجماع؛ لأن القياس - ومن شروطه ألا يقاس على الشاذ - هو حمل غير المنقول على المنقول، وليست كلمة الحوائج المقيس عليها منقول لنبوها عن القاعدة ولكنها مسموعة، على أنه مطعون في صحتها جمعاً لحاجة قال الدماميني:

(سمع في هذا المفرد حائجة فيجوز أن يكون حوائج جمعاً لها واستغنى عن جمع حاجة) اهـ

وقد أنكر (حقي) في فروقه وابن خالوبه في كتابه (ليس في كلام العرب) جمع الحوائج على حاجة؛ وكذا الحريري في (درة الغواص)، واستشهد بخير ما يستشهد به لصدق دعواه، وإن أظهر الشهاب الخفاجي في شرحه على الدرة جنوحاً عن رأي الحريري، ولكنه سار في غير مسار

(بثينة)

الفدائية أيضاً

طلبت من الدكتور الفاضل محمد حسني ولاية بعد أن ذكر (الفدائية) في مقاله (الشخصية الهستيرية) أن يتفضل فيبين لنا المبادئ التي كانت تعمل من أجلها جماعة الفدائيين، وهل كانت هذه المبادئ من السمو - كما ذكر الدكتور الفاضل - بحيث يضحي الفدائي نفسه في سبيل كل غاية تفيد الإنسانية، أم أن الدكتور الفاضل أراد بذكرهم في مثاله مجرد التشبيه فقط، باسترخاصهم النفس في سيبل غاياتهم فلم أصل برد الدكتور الفاضل لغرضي الذي عنيته، فقد خرج الدكتور الفاضل عن اتجاه السؤال، وأخذ في تفنيد نظريات علمية مسلم بها، كالعقد النفسية والتضحية للغاية الخ. . .

فإلى الدكتور الفاضل، وإلى جمهرة الباحثين من الكتاب والأدباء أرجو أن يتفضل أحدهم بالكتابة عن جماعة الفدائيين ومبادئهم، خصوصاً وقد كثر في هذه الأيام ذكرهم فكثيراً ما أسمع من يقول - هذا شخص فدائي - وكأن يقال في الصحف - وسيقوم جيش الفدائيون بكيت وزيت - فهل هذا مجرد التشبيه فقط، أم لتماثل مبادئ هؤلاء وهؤلاء

مصطفى عبد المجيد جابر

جلال الدين بن مكرم وأبياته في الإسكندرية

سأل الأستاذ مصطفى الشهابي بعدد الرسالة رقم 473 عن النص العربي لأبيات ترجمها (فورستر) إلى الإنجليزية في كتابه عن الإسكندرية. والأبيات مذكورة في الخطط المقريزية (ج1 ص262) وهذا نصها:

نزيلُ سَكندرية ليس يُقويَ ... بغير الماء أو نعت السواري

ويُتحف حين يُكرم بالهواء ال ... ملاتن والإشارة للمنار

وذكر البحر والأمواج فيه ... ووصف مراكب الروم الكبار

فلا يطمْع نزيلهمُ بخُبزٍ ... فما فيها لذاك الحرف قاري

وقد نسب المقريزي هذه الأبيات إلى جلال الدين مكرم ابن أبي الحسن بن أحمد الخزرجي ملك الحفاظ. وهذا الاسم يتفق تماماً مع أسم ابن منظور صاحب لسان العرب، إلا أن كنيته (جمال الدين) لا (جلال الدين)، وأغلب الظن أن ذلك عن سهو من المقريزي أو من ناسخ الكتاب. وقد أخطأ المترجم في كتابه (مكرم) والحقيقة أنها بتشديد الراء المفتوحة، وهي بغير شكل في كتاب المقريزي

عبد القادر حسن القط

هما لأبي تمام

تساءل الأستاذ موسى حقي عن صاحب البيتين الذين نسبهما صاحب عيون الأخبار إلى دعبل مع أنهما منسوبات إلى أبي تمام في ديوانه وهما:

إن أولي البرايا أن تواسيه ... عند السرور لمن آساك في الحزن

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن

ثم تساءل عن صحة البيت الأول

أما البيتان فهما لأبي تمام ونسبتهما إلى غيره وهم، وهما من قصيدة طويلة في مدح أبي الحسن على بن اسحق لما تولى دمشق؛ وقد ذكرها كلها الشيخ يوسف البديعي قاضي الموصل المتوفى سنة 1073هـ ـ في كتابه (هبة الأيام فيما يتعلق بابي تمام) وقال عن هذين البيتين ما نصه: (والبيتان الأخيران من هذه القصيدة نسبهما بعض المؤرخين لإبراهيم بن العباس الصولي وهو وهم، ويدل على أنهما لأبي تمام ما قاله أبو بكر الخوارزمي من رسالة كتبها كاتب خوارزم شاه، ثم ذكر نص كتاب أبي بكر الخوارزمي وفيه البيتان منسوبان إلى أبي تمام (هبة الأيام ص 125 - 126)

وذكرهما ابن عبد ربه في العقد ونسبهما إلى أبي تمام أيضاً (ج2 ص40) ط العريان

وأما صحة البيت الأول منهما فهو كما جاء في هبة الأيام والديوان مطبوع حديثاً:

أولى البرية حقاً أن تواسيه ... عند السرور الذي آساك في الحزن

وفي الديوان (تراعيه) بدل (تواسيه)

ورواية العقد في البيت الأول هي:

وإن أولي الموالي أن تواسيه ... عند السرور لمن واساك في الحزن

برهان الدين الداغستاني